استئناف تصدير النفط من موانئ السدرة وراس لانوف في ليبيا
مع استمرار أزمة القيادة التي تهدد قطاع النفط
بعد توقف دام 3 أيام، استأنف ميناءا السدرة وراس لانوف الليبيان عمليات تحميل النفط وتصديره اليوم الجمعة، بعد أن هدأت الاحتجاجات المطالبة برحيل رئيس مجلس إدارة مؤسسة النفط مصطفى صنع الله.
يأتي ذلك في الوقت الذي لا تزال فيه الصادرات متوقفة في ميناء الحريقة، إذ يمنع عدد من الأشخاص عمليات التحميل، وهو ما يهدّد بعرقلة أشهر من الاستقرار في إنتاج ليبيا وصادراتها، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ.
استئناف التصدير
قالت شركة التحليلات فورتيكسا إنه ليس من الواضح ما إذا كان المتظاهرون قد تفرّقوا بالكامل من المحطتين، لكن الناقلة كريتي باستيون تحمّل حمولتها في راس لانوف.
وأضافت أن ناقلة "سويز ماكس يانيس بي" التي كانت تنتظر تحميل النفط الخام في محطة السدرة، لا تزال بالقرب من المحطة، بعد أن أوقف المعتصمون تحمليها بالنفط بعد أن بدأت تحميل 400 ألف برميل من الخام، الأربعاء الماضي، حسبما ذكرت منصة آرغوس ميديا.
احتجاجات موانئ النفط
كانت عمليات التحميل قد توقفت بسبب المظاهرات في مرسى الحريقة شرق ليبيا الأسبوع الجاري.
وأشارت مصادر إلى أن مطالب الاحتجاجات متنوعة، فالمتظاهرون في ميناء السدرة يطالبون بإقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، فيما طالب المحتجون في مرسى الحريقة بفرص عمل.
وتُعدّ محطة السدرة، أكبر ميناء للنفط في ليبيا، التي تعالج 300 ألف برميل من الخام يوميًا.
ولم تعلن المؤسسة الوطنية للنفط قوة قاهرة على صادرات الخام من أي من الموانئ الثلاثة، إذ غالبًا ما تكون الاضطرابات الميدانية والموانئ قصيرة الأجل، ويُعد قطاع النفط العمود الفقري للاقتصاد الوطني الليبي الذي يجعله عرضة للاحتجاجات.
أزمة قطاع النفط
على الرغم من بدء التحميل فإن إنتاج النفط الليبي يواجه خطر التراجع مرة أخرى، بسبب الصراع السياسي على قيادة قطاع النفط، وهو ما يهدد بإنهاء فترة من الاستقرار النسبي.
وأوقف المتظاهرون -بعضهم يطالب بإقالة صنع الله، والبعض الآخر يطالب بوظائف- صادرات النفط من 3 محطات رئيسة: السدرة وحريقة وراس لانوف في شرق البلاد.
كما هدّد آخرون بوقف الإنتاج في مناطق أخرى، بما في ذلك حقل الشرارة، أكبر حقول النفط في البلاد.
وفي 8 سبتمبر/أيلول الجاري، قال مسؤول ليبي إن الاضطرابات تخاطر بخفض الإنتاج بمقدار 800 ألف برميل يوميًا، إلا أنه بعد يومين فقط من التوقف تحسّن الوضع إلى حد ما، مع استئناف التحميل في السدر وراس لانوف بعد حل الخلافات مع المحتجين.
وتأتي المواجهة بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط التي تتداول فوق حاجز الـ70 دولارًا للبرميل، وهو ما قد يحرم البلاد التي تعتمد على النفط بشكل أساسي من عائدات كبيرة.
صراع القيادة
تعود أزمة صراع القيادة في قطاع النفط الليبي إلى شهر مارس/آذار الماضي، حسبما ذكر تقرير لوكالة بلومبرغ، عندما شرعت الحكومة في طرابلس في إعادة وزارة النفط، وتعيين محمد عون وزيرًا للنفط، الذي كان تأثيره ضيعفًا على القطاع خلال المدة الماضية، مقابل سيطرة رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله على منشآت الإنتاج والتصدير الكبيرة في ليبيا، وإدارته قطاع الطاقة بشكل فعّال.
وأثارت محاولة الوزارة فرض سيطرة أكبر أزمة داخلية، وطالب عون الحكومة بإقالة صنع الله وتعديل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، قائلاً إن رئيس مجلس الإدارة انتهك السياسة بالسفر في رحلة عمل إلى الخارج دون موافقة مسبقة، وهو ما رفضه صنع الله، ما أدّى إلى طريق مسدود.
وعلى الرغم من الصراع على القيادة، تمكنت ليبيا من تثبيت إنتاج النفط فوق 1.2 مليون برميل يوميًا لمعظم هذا العام، أي 3 أضعاف المستوى المتوسط في عام 2020.
توسط الدبيبة
سعى رئيس الوزراء عبدالحميد دبيبة إلى التوسط بين الجانبين، والتقى هذا الأسبوع بكل من صنع الله وعون، ما أبقى فعليًا رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في منصبه وحث على "الحكمة" للحفاظ على استقرار القطاع.
ومع ذلك، أصدر وزير النفط بعد اجتماعه بيانًا قال فيه إن أمره بوقف عمل صنع الله لا يزال ساريًا، وبالنسبة إلى رئيس الوزراء، كان تعيين عون خطوة محسوبة تهدف إلى فرض مزيد من الضوابط على المؤسسة الوطنية للنفط، حسبما قال جليل حرشاوي، الزميل البارز في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود ومقرها سويسرا.
ويشير حرشاوي إلى أنه على مدى السنوات السبع الماضية، تراكم لدى صنع الله نفوذًا يتجاوز في بعض الأحيان صلاحياته بصفته رئيسًا للمؤسسة الوطنية للنفط.
نفوذ صنع الله
في أواخر العام الماضي، رفض صنع الله إيداع الأموال من مبيعات النفط الخام لدى البنك المركزي، مطالبًا بإظهار "شفافية واضحة" حول كيفية إنفاق الأموال.
ويحظى رئيس مؤسسة النفط بالاحترام دوليًا باعتباره الرجل الذي تمكن من الحفاظ على الطاقة الإنتاجية لليبيا عبر سنوات عديدة أغلق خلالها جماعات مسلحة مختلفة أو محتجون منشآت النفط بشكل دوري للضغط على مطالب سياسية أو اقتصادية، إذ أبقى المؤسسة الوطنية للنفط على الحياد إلى حد كبير، وسط الانقسامات السياسية والقبلية العميقة الموجودة في البلاد.
ومن جهة أخرى، قال مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث ليبي، أنس القماطي، إن "كثيرين داخل المؤسسة الوطنية للنفط يرون أن عون شخصية تخريبية استهلكتهم في أزمة سياسية وفنية وكسر عقودًا من الحياد".
وأوضح أن وزير النفط يتمتع أيضًا بنفوذ كبير، إلا أنه لا يملك السلطة السياسية لإزالة صنع الله، لكنه قادر على التنسيق مع الحلفاء في الشرق لاستخدام القوات القبلية من أجل إغلاق المحطات النفطية.
ويضيف القماطي: هناك تداخل إداري واضح بين الوزارة والمؤسسة الوطنية للنفط، وليس من الواضح كيف يمكن حل ذلك قبل 24 ديسمبر/كانون الأول -موعد إجراء الانتخابات-، عندما ينتهي تفويض الحكومة المؤقتة من الناحية الفنية.
ويهدّد تصاعد الاحتجاجات والصراعات وانقطاع صادرات النفط، التي توفر جميع الإيرادات الخارجية لليبيا تقريبًا، إلى عرقلة السلام النسبي في البلاد، وقد يكون مدمرًا لجهود إعادة بناء ليبيا، ومع ذلك، لا توجد طريقة واضحة لنزع فتيل الأزمة، حسبما ذكرت بلومبرغ.
اقرأ أيضًا..
- تحديث.. متظاهرون يستولون على غرفة التحكم بأكبر ميناء نفط في ليبيا
- صراع قيادات قطاع النفط في ليبيا يتفاقم (إنفوغرافيك)
- شبح القوة القاهرة يقترب.. إنتاج النفط في ليبيا قد يهبط إلى 750 ألف برميل يوميًا