بعد كاليفورنيا.. الجفاف يهدد بغلق محطات الطاقة الكهرومائية في البرازيل
انخفاض مستوى المياه يهدد بشبح الظلام
هبة مصطفى
تُلقي أزمة الجفاف في عدة بلدان بظلالها على استهلاك الكهرباء، ونقص قدرة توليد الطاقة الكهرومائية المعتمدة على مخزون المياه في المحطات والسدود.
وتفاقمت الأزمة في الصين، والولايات المتحدة الأميركية التي أغلقت مؤخرًا محطة طاقة كهرومائية، إلا أن الوضع الأشد سوءًا كان في البرازيل، التي تعتمد على الطاقة الكهرومائية بأكثر من 60% من طاقتها.
وأطلق الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو جرس إنذار، حذّر خلاله من أن بلاده على وشك إغلاق محطات الطاقة الكهرومائية، بسبب الجفاف.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن بولسونارو دعوته البرازيليين إلى ترشيد استهلاك الكهرباء، لتجنب انقطاع التيار في محطات الطاقة الكهرومائية.
ترشيد استهلاك الكهرباء
دعا بولسونارو إلى ترشيد استهلاك الكهرباء في المنازل، خلال بث له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مساء الخميس الماضي.
ووجّه حديثه إلى البرازيليين في منازلهم، وطالبهم بإغلاق مصادر الضوء في المنازل، مؤكدًا أن ذلك يساعد في الحفاظ على الكهرباء والمياه.
وأضاف أن مستوى المياه يتراوح بين 10 و15% في غالبية محطات الطاقة الكهرومائية، مشيرًا إلى أن بعض تلك المحطات سيتوقف عن العمل إذا استمرت أزمة المياه بهذا الوضع.
شبح الجفاف يهدد بالإظلام
تدفع هذه الأزمة البرازيل إلى تقنين استهلاك الكهرباء، في حالة تفاقم موسم الجفاف، وامتداده لما بعد نوفمبر/تشرين الثاني.
وأجبر الجفاف الحكومة البرازيلية على اللجوء إلى مصادر أخرى لتوليد الكهرباء، وزيادة إنتاجها من مصادر ذات تكلفة عالية وكثيفة الكربون، مثل الغاز الطبيعي والديزل.
وزيادة إنتاج الكهرباء من تلك المصادر أدت بدورها إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى أكثر من 9%، ما يزيد احتمالية فرض البنك المركزي رفعًا إضافيًا لسعر الفائدة.
اللجوء إلى استيراد الكهرباء
تواجه البرازيل أسوأ موجة جفاف منذ عام 1930، أي ما يقارب من 100 عام، ما انعكس سلبًا على توليد الكهرباء، كونها تعتمد على الطاقة الكهرومائية في تلبية من 60 إلى 70% من احتياجاتها.
ورغم تميّز البرازيل بهطول الأمطار الغزيرة خلال 5 أشهر تقريبًا في السنة، من نوفمبر/تشرين الثاني حتى مارس/آذار، فإن موجة الجفاف كانت هي المسيطر هذا الموسم.
ويتسبّب الجفاف وندرة الأمطار في إحداث فجوة بين العرض والطلب على الكهرباء، ما يدفع الشركة المشغلة لقطاع الكهرباء في البرازيل "أوه إن إس" إلى استيراد كميات من الكهرباء من أوروغواي والأرجنتين، لتغطية العجز حتى انتهاء موسم الجفاف.
ويأتي هذا وسط توقعات للشركة بتقلص الفجوة من 3 آلاف و200 ميغاواط في أكتوبر/تشرين الأول، إلى 2107 ميغاواط في نوفمبر/تشرين الثاني، مع انتهاء موسم الجفاف وعودة موسم الأمطار.
وبدورها أكدت غرفة تجارة الطاقة الكهربائية في البرازيل، الشهر الماضي، أن استهلاك الكهرباء خلال يوليو/تموز سجّل مستويات قياسية، وعاد ليتجاوز المستويات التي بلغها قبل جائحة كورونا.
الجفاف يلتهم البلدان الصناعية
رغم اتجاه عدة دول لاتخاذ خطوات جادة للتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة ومكافحة التغير المناخي، واجهت بعض الدول موجات من الجفاف على مدار العامين الماضيين.
وتحذير الرئيس البرازيلي بإغلاق محطات الطاقة الكهرومائية لم يكن الأول من نوعه في العالم، فسبقه بداية الشهر الجاري إغلاق محطة في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية، إثر انخفاض مستوى المياه في بحيرة أوروفيل نتيجة الجفاف، للمرة الأولى منذ بناء السد عام 1967.
وامتلأ خزان البحيرة حينها بنسبة 24% فقط، منخفضًا إلى ما دون أدنى مستوى قياسي سُجّل في سبتمبر/أيلول 1977.
وصرحت حينها مديرة إدارة الموارد المائية في الولاية التي تمتلك سد أوروفيل كارلا نيميث، بأن هذه مجرد واحدة من العديد من الآثار غير المسبوقة التي تشهدها كاليفورنيا نتيجة الجفاف الناجم عن تغير المناخ.
وتُعدّ الطاقة الكهرومائية هي ثاني أكبر مصدر للكهرباء في كاليفورنا، إذ توفّر نحو 15% من الكهرباء سنويًا، وخلال الأشهر الـ4 الأولى من هذا العام، انخفض إنتاج الطاقة الكهرومائية في كاليفورنيا بنسبة 37%، مقارنةً بالمدة نفسها من العام الماضي، و71% مقارنة بعام 2019، وفقًا لوزارة الطاقة الأميركية.
ونالت الصين نصيبها من الجفاف في وقت مبكر، ما دفعها إلى خفض توليد الكهرباء بنسبة 30% خلال الأشهر الـ5 الأولى من عام 2020، ولا تزال تعاني نقصًا بنسبة 10% منذ بداية العام الجاري، وفق بيانات رسمية.
اقرأ أيضًا..
- موجات الجفاف تضع العالم بين مطرقة الاحتباس الحراري وسندان توليد كهرباء كافية
- للمرة الأولى.. إغلاق محطة الطاقة الكهرومائية في كاليفورنيا بسبب الجفاف
- البرازيل.. تعافي الطلب على الكهرباء يثير المخاوف وسط أزمة الجفاف