الجزائر والمغرب.. هل تتأثر إمدادات الغاز إلى أوروبا بعد قطع العلاقات بين البلدين؟
الجزائر دشنت خط أنابيب مباشرًا مع إسبانيا بديلًا للخط العابر لأراضي المغرب
حياة حسين
أكدت صحف محلية في الجزائر، عزم الدولة الأفريقية عدم تجديد عقد نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا من خلال خط أنابيب يمر بجارتها المغرب، بعد خطوة قطع العلاقات الدبلوماسية أمس الثلاثاء، حسبما ذكر موقع "نيوز.إن 24" اليوم الأربعاء.
وأشارت الصحف المحلية إلى أن تدشين الجزائر لخط أنابيب غاز جديد -قبل أشهر- يربطها بشكل مباشر مع إسبانيا، وبطاقة تصديرية أكبر من الخط العابر للملكة، سيكون داعمًا رئيسًا للجزائر كي تتخذ تلك الخطوة.
كانت الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب -التي تطوّرت الثلاثاء، بإعلان الأولى قطع العلاقات مع الثاني- قد أثارت عديدًا من التساؤلات بشأن مصير خط أنابيب الغاز الطبيعي الذي ينقل غاز الجزائر إلى إسبانيا ومنها إلى باقي أوروبا عبر المغرب.
ورغم أن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة صرّح بأن قطع العلاقات مع المغرب لا يعني تضرر مواطني البلدين، فإن تصريحًا لمسؤولة مغربية كبيرة مطلعة هذا الأسبوع كشف عن مخاوف لدى الرباط بشأن إمكان تجديد عقد خط أنابيب الغاز الطبيعي، الذي ينتهي آخر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وقالت المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن أمينة بنخضرة، في تصريح لصحيفة "ماروك لوجور" التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية: "لقد أكدنا مرارًا شفهيًا وكتابيًا على مدار 3 سنوات رغبة المملكة في الحفاظ على الخط لتصدير الغاز".
وأرادت بنخضرة في تصريحها وضع حد للأنباء التي تردّدت منذ مدة، وتفيد بأن المغرب يرغب في عدم تجديد العقد الخاص بخط أنابيب الغاز الذي يربط الجزائر بإسبانيا منذ عام 1996.
إلا أن المخاوف لا تأتي الآن من رغبة المغرب في استمرار خط أنابيب الغاز من عدمه عبر أراضيه، لكن تأتي من جارته الأفريقية، التي قطعت العلاقات الدبلوماسية معه بعد سلسلة من التوترات السياسية الطويلة.
تصريحات كاذبة
نشرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية تقريرًا عقب تصريح المسؤولة المغربية، نقلًا عن "خبراء"، أكدت فيه "كذب" تلك التصريحات، حسب تعبيرها.
وأوضح الخبراء "أن الجزائر لم تقرر بعد تمديد العمل بأنبوب الغاز العابر لأراضي المملكة، عقب انتهاء مدة عقد استغلاله في أكتوبر/تشرين الأول المقبل".
وفي تقرير نشرته صحيفة "الشروق" الجزائرية المحلية في يونيو/حزيران الماضي، أوضحت أن المغرب يلوّح بملف الغاز لابتزاز الجزائر وإسبانيا، لكن سلطات البلاد سبقت أي مناورة محتملة من الرباط بتدشين خط غاز مباشر مع إسبانيا بديل للخط المار عبر الأراضي المغربية.
وأشارت "الشروق" إلى ما نقلته صحيفة ألموندو الإسبانية عن التحرك المغربي بالقول: إن "محمد السادس (ملك المغرب) أوقف مفاوضات تجديد خط الغاز مع إسبانيا الذي ينتهي هذا العام".
خط غاز مباشر
دشنت الجزائر في بداية مايو/أيار الماضي خط غاز مباشرًا مع إسبانيا بطول197 كيلومترًا مربعًا، وبتكلفة بلغت 32 مليار دينار (237 مليون دولار أميركي).
ويُعدّ هذا الخط الثاني بعد أنبوب الغاز "الذي أوقف المغرب التفاوض حول تجديده وهو الذي سينتهي العمل به خلال السنة الجارية"، حسب الصحيفة.
وتزيد طاقة تصدير الخط الجديد عن العابر للأراضي المغربية بنحو 4 مليارات متر مكعب سنويًا، إذ تصل إلى 16 مليار متر مكعب.
ولم تتضح الرؤية بشأن خط الغاز الذي يمر عبر المغرب بعد، لكن في حال اتخاذ الجزائر قرارًا بعدم تجديد العقد، سيكون المغرب الخاسر الأكبر، إلى جانب إمكان تأثر إمدادات الغاز إلى أوروبا.
رسوم غير نقدية
يتلقى المغرب رسومًا غير نقدية في صورة حصة من الغاز المنقول تصل إلى 0.5 مليار متر مكعب من الغاز، وهي تغطي 50% من احتياجات استهلاك البلاد، وذلك مقابل السماح بمرور الغاز الجزائري عبر أراضيه، وفق موقع "المونيتور" الأميركي.
ويعني عدم تجديد العقد أن المغرب سيضطر إلى استيراد تلك الكميات من الغاز من مناطق أبعد وبتكلفة أكبر.
وتُعدّ الجزائر من كبار منتجي الغاز، وتُصدره إلى أوروبا عبر خط أنابيب، إضافة إلى أنها تنتج وتصدر الغاز المسال.
وسجل إنتاج الغاز الطبيعي 89.583 مليار متر مكعب بنهاية عام 2019، ارتفاعًا من 2.599 مليار متر مكعب في عام 1970، وفق وحدة أبحاث "الطاقة".
وتستهلك الجزائر نحو 46.831 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي محليًا فقط، في حين تبلغ الصادرات 42.497 مليار متر مكعب، وصدّرت 21.4 مليار متر مكعب للقارة العجوز بنهاية 2019، كما تُصدر الغاز الطبيعي إلى أفريقيا بنحو 5.2 مليار متر مكعب.
5 خطوط لتصدير الغاز
تمتلك الجزائر 5 خطوط أنابيب لتصدير الغاز الطبيعي للخارج، وهما: غالسي، وميدغاز، وخط أنابيب المغرب العربي وأوروبا، وخط الأنابيب عبر المتوسط، وخط أنابيب عبر الصحراء.
وتُعدّ الجزائر سادس أكبر مصدر للغاز الطبيعي المُسال في العالم؛ إذ بلغت صادراتها 16.6 مليار متر مكعب بنهاية عام 2019، مقابل 29.1 مليار متر مكعب في عام 2003.
وبلغت الصادرات إلى أوروبا نحو 15.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، إذ تُعدّ تركيا وإيطاليا وفرنسا أكبر المستوردين، و1.2 مليار متر مكعب إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث تُعد باكستان والهند أكبر المستوردين.
وفي منطقة الشرق الأوسط، تُعدّ الكويت الدولة الوحيدة التي تستورد الغاز المسال من الجزائر بنحو 0.1 مليار متر مكعب في فصل الصيف.
العلاقات بين الجزائر والمغرب
يُذكر أن المشكلات بين الجزائر والمغرب قديمة، لكن الجو المشحون الحالي "خلقه المغرب، بدايةً من تصريح القنصل المغربي العام الماضي، خلال لقاء مع أبناء جاليته الموجودين في الجزائر، بأنهم في بلد عدو"، حسب الأستاذ الجامعي الجزائري عمر هارون، في حوار مع وكالة سبوتنيك الروسية، أمس الإثنين.
وزاد التوتر مؤخرًا بسبب دعوة ممثل المملكة لدى الأمم المتحدة إلى استقلال منطقة القبائل (حركة استقلال منطقة القبائل التي تطالب بالاستقلال عن الجزائر)، مساندًا بهذا حركة مصنفة في الجزائر حركة إرهابية.
كما رفع موافقة المغرب للكيان الصهيوني على الانضمام إلى الاتحاد الأفريقي عضوًا مراقبًا من حدة الأزمة بين الجارتين الأفريقيتين.
اقرأ أيضًا..
- الجزائر.. ماذا تعرف عن أكبر دولة عضو في أوبك من حيث المساحة؟
- أوابك: 3 دول عربية تقود طفرة صادرات الغاز المسال
- المغرب يعول على اكتشافات حقل إنزكان في تأمين احتياجاته النفطية