ألمانيا.. توقعات متشائمة حول توفير الكهرباء وخطة الحياد الكربوني
تحديات عديدة تهدد بفجوة بين العرض والطلب ترفع الأسعار بدءًا من 2023
حياة حسين
في توقعات متشائمة لمستقبل استقرار الكهرباء في ألمانيا، يرى بعضهم أن تحقيق هدف الحياد الكربوني وبطء إجراءات تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة، يهددان بأزمة في القطاع خلال السنوات المقبلة.
وتتخلص ألمانيا -أكبر اقتصاد أوروبي- من كل ترسانتها للطاقة غير النظيفة من الوقود الإحفوري، إضافة للمفاعلات النووية، التي يتوقف آخرها عن العمل العام المقبل، في إطار تنفيذ خطة الحياد الكربوني.
محطات الفحم الألمانية
حذّرت شركة مرفق الكهرباء الألمانية "آر دبليو إي" من أن محطات توليد الكهرباء بالفحم، ربما تغلق أبوابها قبل الموعد المستهدف، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ.
كما انتقدت شركة مرفق الكهرباء عدم تنفيذ مشروعات الطاقة الخضراء بالسرعة الكافية؛ لتتلاءم مع وتيرة التخلص من مشروعات الكهرباء الملوثة للبيئة، ونمو الطلب على الكهرباء.
وتوقعت الشركة زيادة كبيرة في الطلب على الكهرباء خلال العامين المقبلين، بعد بدء التعافي من آثار وباء كوفيد-19.
وفي خطوة أخيرة قبل انتهاء مهمتها بعد عدّة أشهر، حاولت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، إنقاذ سمعتها بصفتها مدافعة كبرى ومقدّمة للطاقة الخضراء على مدار عقدين، إذ أعلنت أن تلك الثورة بدأت تفقد زخمها مع زيادة الطلب.
وقال كبير الاقتصاديين في شركة مرفق الكهرباء، ألكسندر نولدن: "لا شك أن تأمين التزود بالكهرباء يجب أن يكون على قمة أولويات الحكومة المقبلة، واتخاذ موقف سياسي عاجل".
استدامة الطاقة
استطاعت ألمانيا لمدة طويلة أن تثبت للعالم أن الطاقة المتجددة تضمن بوجودها في مزيج الطاقة "الاستدامة"، لكن شركة "ستاتكرافت إس إف" النرويجية" لديها وجهة نظر أخرى حاليًا.
تقول الشركة، إن بناء محطة طاقة رياح في ألمانيا يستغرق وقتًا ضغف أميركا.
كما تواجه مشروعات الطاقة المتجددة تحديات أخرى، مثل عدم توفر المساحات الكافية، والقيود والمعايير البيئية، وبيروقراطية إجراءات الحصول على ترخيص.
وخير دليل على تلك المعوقات، تجربة رولاند ستشيرن، الذي يدير 19 مخبزًا في غرب ألمانيا.
حكاية ستشيرن
أراد ستشيرن أن يوفر في فاتورة الكهرباء، ويسهم في عملية تحوّل الطاقة، لذلك قرر أن يضيف مزيدًا من ألواح الطاقة الشمسية على أسقف أفرانه، وفوق سيارات التوصيل، لكن القواعد منعته.
وقال ستشيرن -الذي يستعد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية عن حزب الخضر-: "نحن لا نستطيع إضافة ألواح شمسية على سطح منزلنا حاليًا، فهي ممتلئة بها، ونريد استئجار أسطح جيراننا، لكن القوانين لا تسمح بذلك.. تحوّل الطاقة يتباطأ".
وتتضمن خطة ألمانيا لتحقيق الحياد الكربوني، خفض الانبعاثات بنسبة 65% بحلول 2030، والتخلص التدريجي من الفحم سيكتمل عام 2038.
كما يتطلب ذلك سدّ الفراغ الذي ستتركه تلك المحطات في سوق التزود بالكهرباء، عبر بناء محطات طاقة شمسية ورياح، تكفي أيضًا لتلبية الطلب المتنامي المتوقع على الطاقة.
توقعات بعيدة
رغم أن تلك التوقعات تبدو بعيدة نسبيًا بعد 2030، فإن بعض محللي الطاقة يتوقعون أن تكون الأزمة قريبة جدًا، وتبدأ في 2023، إذ ينخفض هامش الإمدادات عن ذروة الطلب بنسبة 3%، مقابل 26% قبل الوباء، أو ما يعادل 2 غيغاواط من العجز في الكهرباء المولدة.
وسيهبط توليد الكهرباء من الفحم بنسبة 70% في 2026، مقارنة بمستويات ما قبل كوفيد-19.
بينما يزيد الطلب إلى مستويات ما قبل الوباء العام المقبل، ثم يرتفع بنسبة 4% حتى نهاية العقد، ثم 25% بحلول 2040، وفق بلومبرغ لبحوث الطاقة.
ارتفاع الأسعار
ربما يؤدي تقلُّص إمدادات الكهرباء إلى ارتفاع الأسعار على الشركات والمواطنين، الذين يدفعون أكبر فاتورة استهلاك بين الدول الأوروبية، ويرجع السبب -جزئيًا- إلى تحوّل الطاقة.
وقد تضطر ألمانيا إلى اللجوء إلى جاراتها لاستيراد الكهرباء، لكنها تواجه احتمالات عدم توفرها، إذ تعيش شقيقاتها الأوروبيات في سيناريوهات متشابهة.
ورغم ذلك، قال المتحدث الرسمي للوكالة الاتحادية للشبكات "بنتزا"، وهي تابعة للحكومة، إن قرار وقف مشروعات توليد الكهرباء من الفحم والمفاعلات النووية اتُّخِذ بدقة، وبناءً على دراسات متواصلة.
اقرأ أيضًا..
- ألمانيا تحتاج 446 غيغاواط لتغطية احتياجاتها من الكهرباء النظيفة
- هل تستطيع ألمانيا تلبية كامل احتياجاتها من الطاقة المتجددة؟