الهيدروجين الأزرق.. هل تلاعبت شركات النفط بأحلام دعاة تحول الطاقة؟
اتهامات بتقديم ادّعاءات كاذبة بشأن التكاليف للحصول على الإعانات
محمد فرج
- تمتلك بريطانيا جميع المكونات لتكون رائدة عالميًا في مجال الهيدروجين الأخضر
- تكلفة إنتاج الهيدروجين أغلى بكثير من إنتاج الوقود التقليدي، لذلك تقترح الحكومة إعانات
- من المتوقع أن ترتفع أسعار الكربون إلى 80 جنيهًا إسترلينيًا للطن
- شركات النفط تسعى للحصول على المليارات من الإعانات خلال السنوات الـ 25 المقبلة
أطلقت العديد من شركات النفط دراسات وتقارير بشأن تكاليف إنتاج الهيدروجين الأزرق من الوقود الأحفوري للحصول على المليارات من إعانات دافعي الضرائب، حسبما قال رئيس جمعية صناعة الهيدروجين المنتهية ولايته، كريس جاكسون.
وتمتلك بريطانيا جميع المكونات لتكون رائدة عالميًا في مجال الهيدروجين الأخضر -وهو تكنولوجيا أساسية لتحقيق الحياد الكربوني-، لكنها تحتاج فقط إلى الإرادة والدعم من الحكومة لتحقيق ذلك.
ويمكن إنتاج الهيدروجين بعدّة طرق مختلفة، وحاليًا تُنتَج الأغلبية العظمى من الهيدروجين باستخدام الوقود الأحفوري، إذ يُنتَج الهيدروجين البني من الفحم في عملية تُعرف باسم التغويز.
واستقال كريس جاكسون من منصب رئيس جمعية رائدة في صناعة الهيدروجين هذا الأسبوع، قبل صدور ورقة إستراتيجية حكومية تتضمن دعم "الهيدروجين الأزرق"، المشتق من الغاز الأحفوري، وينتج عنه انبعاثات كربونية، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.
وقال، إنه لم يعد بإمكانه قيادة اتحاد صناعي يضم شركات النفط التي تدعم مشروعات الهيدروجين الأزرق، لأن المخططات "غير مستدامة" و"لا معنى لها على الإطلاق"، حسب تعبيره.
انتقادات لإستراتيجية بريطانيا
يُستخدم أغلب الهيدروجين اليوم في جميع أنحاء العالم بالصناعات المختلفة، بما في ذلك تكرير النفط وإنتاج الأمونيا وإنتاج الميثانول وإنتاج الصلب، لكن بفضل التطورات الأخيرة في عمليات إنتاج وتخزين الهيدروجين الأخضر، أصبحت كثير من الدول مؤمنة بقدرته على إحداث الفرق.
وتعرضت إستراتيجية الحكومة البريطانية التي أُعلِنَت الأسبوع الماضي، لانتقادات من قبل مجموعات بيئية لاتّباعها نهجًا مزدوج المسار، وإعطاء وزن متساوٍ لكل من الهيدروجين الأزرق والهيدروجين الأخضر، على الرغم من أن الأخير ليس له تأثير سلبي في المناخ، لأنه يستخدم الطاقة المتجددة.
على النقيض من ذلك، يتكون الهيدروجين الأزرق من الغاز الطبيعي، والذي يجب استخراجه من حقول الغاز ثم تنقيته عن طريق إزالة ثاني أكسيد الكربون، والذي يجب تخزينه مرة أخرى تحت الأرض.
وتفشل العملية عادةً في التقاط من 10 إلى 15% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتي قد تتراكم مع زيادة الإنتاج.
والجدير بالذكر أن تكلفة إنتاج الهيدروجين أغلى بكثير من إنتاج الوقود التقليدي، لذلك تقترح الحكومة إعانات، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان.
إعانات لشركات النفط
أوضح جاكسون أنه جرى إخطار وزارة المالية البريطانية أن الهيدروجين الأزرق رخيص، وسيخرج ملايين الأطنان من انبعاثات الكربون من الاقتصاد.
وتابع: "إذا كانت الادّعاءات الكاذبة التي قدّمتها شركات النفط حول تكلفة الهيدروجين الأزرق صحيحة، فإن مشروعاتها ستحقق أرباحًا بحلول عام 2030، بعد البدء في عام 2027 أو 2028، لأنه من المتوقع أن ترتفع أسعار الكربون إلى 80 جنيهًا إسترلينيًا (108.98 دولارًا) للطن".
وأوضح أن شركات النفط تسعى للحصول على المليارات من الإعانات على مدى السنوات الـ 25 المقبلة، ويجب أن يخبروا الحكومة أنهم ليسوا بحاجة إليها.
وقال إن شركات الطاقة قدّمت الحجج لمشروعات هيدروجين أزرق بمليارات الجنيهات (الاسترلينية)، والتي أثبتت أنها تجتذب الوزراء الذين كانوا يحاولون إيجاد طرق لإظهار أنهم يفعلون شيئًا حقيقيًا لدعم الخطة الخضراء.
تطوير صناعة الهيدروجين
تتضمن مشروعات الهيدروجين الأزرق المستقبلية في بريطانيا خططًا لشركة بي بي لتطوير مصنع هيدروجين في تيسايد، ولشركة النفط الحكومية النرويجية، إكوينور، لبناء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين في العالم باستخدام تقنية التقاط الكربون وتخزينه بالقرب من هال.
واستقال جاكسون من جمعية الهيدروجين وخلايا الوقود في بريطانيا، قائلًا: إنه "لا يستطيع البقاء في منصب من الصعب أن يتخذ فيه موقفًا محايدًا"، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان.
وأضاف في تغريدة عبر موقع لينكد إن: "أعتقد أنني سأخون الأجيال القادمة من خلال التزام الصمت بشأن حقيقة أن الهيدروجين الأزرق هو في أحسن الأحوال وسيلة إلهاء باهظة الثمن، وفي أسوأ الأحوال بمثابة قفل لاستمرار استخدام الوقود الأحفوري الذي يضمن أننا سوف نفشل في تحقيق أهدافنا بإزالة الكربون".
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية، إن الاستثمار في كل من الهيدروجين الأخضر والأزرق سيسمح بوضع الأساس لاقتصاد الهيدروجين الذي خلق عشرات الآلاف من الوظائف وفتح استثمارات بمليارات الجنيهات.
وأضاف أن "تحقيق الحجم الذي تحتاجه سيكون أكثر صعوبة إذا استخدمنا الهيدروجين الأخضر فقط، لقد كنا دائمًا واضحين في أن القدرة على تحمّل التكاليف في صميم خططنا للوصول إلى تحقيق الحياد الكربوني، وإستراتيجية الهيدروجين الخاصة بنا شفافة تمامًا بشأن التكاليف المقدّرة لتقنيات الهيدروجين، والتي تستند جميعها إلى تحليل شامل".
اقرأ أيضًا..