الطاقة النووية.. الحل المثالي لصانعي السياسات لمواجهة مخاطر أمن الطاقة
تعزز أمن الطاقة في مرحلة الانتقال إلى الحياد الكربوني
نوار صبح
- التدابير التنظيمية الحكيمة قادرة على إدارة مخاطر أمن الطاقة والتخفيف من حدتها
- التغير المناخي يمثّل الآن تهديدًا وجوديًا للنوع البشري
- الطاقة النووية أثبتت أنها تمثل الطريقة الأكثر موثوقية لتوليد الكهرباء النظيفة
- المملكة المتحدة تستورد نحو نصف احتياجاتها من الغاز
تعقد العديد من الحكومات آمالًا كبيرة على بناء محطات الطاقة النووية الجديدة، نظرًا إلى دورها في زيادة صمود شبكات الكهرباء، وتعزيز أمن الطاقة، والمساعدة في تقليل الاعتماد على واردات الطاقة.
وتوصّل تقرير جديد نشره معهد المراقبة النووية الجديدة (إن إن دبليو آي) -مؤخرًا- أن "مخاوف الترابط المفترض" في علاقة المضيف-البائع في قطاع الطاقة النووية لا أساس لها من الناحية التاريخية والعملية، حسبما أورد موقع "وورلد نيوكلير نيوز".
ويتمحور التقرير بعنوان: "أمن الطاقة في عصر طموحات الحياد الكربوني وقيمة نظام الطاقة النووية" حول قضية أمن الطاقة والمساهمات المهمة التي يمكن أن تقدمها الطاقة النووية، من أجل الحفاظ عليها وتعزيزها مع سعي أنظمة الطاقة لإزالة الكربون.
ويغطي التقرير -أيضًا- مسارات التحول المختلفة التي بدأت بها أنظمة الطاقة وصولًا إلى المرحلة النهائية منخفضة الكربون.
مخاطر متعلقة بمورّدي المواد النووية
ذكر التقرير أن المخاطر التي يتعرّض لها أمن الطاقة والناشئة عن مشاركة موردي المواد النووية غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في كل مرحلة من مراحل دورة حياة المحطة النووية، منذ مرحلة ما قبل البناء وحتى التشغيل إلى إيقافه "منخفضة الدرجة".
وأضاف أن التدابير التنظيمية الحكيمة قادرة على إدارة تلك المخاطر والتخفيف من حدتها.
وقال رئيس مجلس إدارة معهد المراقبة النووية الجديدة، تيم يو، إن التغير المناخي يمثل -الآن- تهديدًا وجوديًا للنوع البشري.
وطالب الحكومات في جميع أنحاء العالم بأن تضع جانبًا الاعتبارات الجيوسياسية، في الحال، وأن تتحد لنشر جميع التقنيات المتاحة منخفضة الكربون من أجل التغلب على هذا التحدي.
- كندا.. محطة بروس باور النووية تنفذ إجراءات أمان عالية
- وكالة الطاقة الذرية تفحص البرنامج النووي لـ"بيلاروسيا"
- وكالة الطاقة الذرية تُقيّم البنية التحتية للطاقة النووية في أوزبكستان
وأضاف أن الطاقة النووية أثبتت أنها تمثّل الطريقة الأكثر موثوقية لتوليد الكهرباء النظيفة على نطاق واسع، كما أن طبيعة الصناعة النووية تعني أن مصالح موردي المعدات ومطوري المحطات والعملاء متوافقة بشكل وثيق.
وأشار إلى أنه يمكن إدارة التكنولوجيا النووية المستوردة بسهولة أكبر، وبالتالي من المحتمل أن تكون المخاطر أقل من الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد.
تصنيف مخاطر الطاقة النووية
أكد كبير الباحثين في معهد المراقبة النووية الجديدة، تشارلز هارت، خلال حلقة نقاش عُقدت لإطلاق التقرير، أن الطاقة النووية تمثّل الحل المتاح حاليًا أمام صانعي السياسات لمواجهة مخاطر أمن الطاقة في أثناء تنفيذ خطط إزالة الكربون.
وأضاف أنه يجب الاعتراف بقيمة أمن الطاقة التي تُوفّر للنظام بأكمله من الطاقة النووية، وإدراك أن هذه القيمة ستكون عاملاً مهمًا لتحديد مدى وسرعة إزالة الكربون في نهاية المطاف.
وقال العضو المنتدب لمؤسسة "إي إم إي إيه غلوبال بوليتيكالريسيرتش" لدى شركة "تي إس لومبارد" الاستشارية للتنبؤ بالاقتصاد الكلي، كريستوفر غرانفيل، إنه ينبغي على صانعي السياسات أن يتحدوا ويتبنوا مجموعة من الإستراتيجيات التي توفّر السلع بتوليد الكهرباء منخفضة الكربون.
وقالت المديرة الإدارية لشركة "لوسيدكاتليست"، كريستي غوغان، إن التخطيط القائم على الحياد الكربوني لا ينبغي أن يكون تقنيًا بشكل مفرط، ويجب دراسة التكاليف التي يتحملها المستهلك، وتعطل إمدادات الكهرباء الموثوقة، وتأثيرات المناخ على توفير الطاقة النظيفة والموثوقة.
التناقض بين الطموحات ومزيج توليد الكهرباء
ألمح مدير السياسة والشؤون الخارجية في رابطة الصناعة النووية في المملكة المتحدة، لينكولن هيل، إلى التناقض بين طموح الحكومة الخالي من الكربون ومزيج الكهرباء الفعلي في البلاد، لا سيما بالنظر إلى التزامها بالتخلص التدريجي من الفحم واعتمادها المفرط على واردات الغاز.
وقال إن هذا المزيج كان مكوَّنًا من الغاز (36%) والطاقة النووية (18%) والرياح (15%) والطاقة الشمسية (13%) والواردات (13%) والكتلة الحيوية (8%) والطاقة الكهرومائية (1%) والفحم (1%)، في الشهر الماضي.
وأضاف أن المملكة المتحدة لديها مصدر واحد فقط موثوق ومنخفض الكربون، وهو بريطاني، هو الطاقة النووية، حسبما أورد موقع "وورلد نيوكلير نيوز".
وبيّن أن المملكة المتحدة تستورد نحو نصف احتياجاتها من الغاز، التي تمثّل نسبة عالية من انبعاثات الكربون مقارنة بالمولدات النووية وغيرها من المولدات الخالية من الكربون.
تكاليف توليد الكهرباء
قال لينكولن هيل إن توليد الكهرباء بالغاز يتجه إلى 1500 جنيه إسترليني (2084.60 دولارًا) ميغاواط/ساعة في سوق اليوم التالي، و4 آلاف جنيه إسترليني (5558.94 دولارًا) ميغاواط/ساعة في السوق الفورية.
وبيّن أن هذين الرقمين كانا قياسيين، ولكن هذا هو الاتجاه السائد لتزداد الأمور سوءًا.
وأضاف أن الغاز، على الرغم من أنه قوي مثل الطاقة النووية ولا يعتمد على الطقس، لا يُعدّ حلاً جيدًا لمستقبل آمن ومستقر وخالٍ من الكربون، من منظور أمن الطاقة.
وأشار زميل مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، روبرت إيكورد، إلى أن أزمة التغير المناخي العالمية تؤدي إلى تعمق الإدراك بضعف شبكات الكهرباء، وهو ما تجلّى في انقطاع التيار الكهربائي المستمر في تكساس في وقت مبكر من هذا العام.
وفي إشارة إلى تصنيف الاتحاد الأوروبي بشأن التمويل المستدام، قال إنه "مندهش من عدم وجود اعتراف كبير بقدرة الطاقة النووية على مساعدة الاتحاد على تحقيق أهدافه الخاصة بخفض الانبعاثات".
وقال إن هذه الحقيقة تتعارض مع الحاجة إلى التخلص التدريجي من الفحم، بينما تنظر بولندا وجمهورية التشيك والمجر ورومانيا وبلغاريا إلى الطاقة النووية بوصفها جزءًا مهمًا من مستقبلها وتساعدها في تقليل استخدامها الفحم.