مجموعة من المصارف تطلق مبادرة لتسريع التخلص من محطات الفحم
وسط مساعٍ عالمية لوضع حلول عاجلة لأزمة المناخ
تواجه العديد من المصارف ضغوطًا كبيرة من أجل وقف تمويل مشروعات الوقود الأحفوري، ضمن مساعي العديد من دول العالم للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.
وتعدّ محطات الكهرباء العاملة بالفحم من أكبر التحديات التي تواجه العديد من الدول، نظرًا لانخفاض تكلفة إنتاج الكهرباء منها، إلّا أنها تعدّ المصدر الرئيس للانبعاثات، لذلك تسعى مجموعة الـ20 والدول الأوروبية إلى وضع خطط عاجلة للتحول إلى الطاقة النظيفة.
وبالتوازي من الجهود العالمية، تضع شركات مالية، من بينها شركة التأمين البريطانية برودنشال ومصرف "إتش إس بي سي" وشركة "بلاك روك"- أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم-، خططًا لتسريع إغلاق محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم في آسيا من أجل خفض أكبر مصدر لانبعاثات الكربون.
تسريع التخلص من محطات الفحم
كشفت الشركات المالية عن مبادرة جديدة من شأنها تسريع خطط التخلص من محطات الفحم، عبر الشراء، ومن ثم وضع جداول زمنية معنية لإغلاقها، حسبما ذكرت وكالة رويترز، اليوم الثلاثاء.
وقالت المصادر، إن الاقتراح الجديد -الذي يقوده مصرف التنمية الآسيوي- يقدّم نموذجًا عمليًا محتملًا، إذ أطلقت هذه الشركات محادثات واعدة مع الحكومات الآسيوية والمصارف المتعددة الأطراف.
تخطط المجموعة لإنشاء شراكات بين القطاعين العام والخاص لشراء المحطات وإيقاف تشغيلها في غضون 15 عامًا، وهو ما يعدّ خطة زمنية سريعة مقارنةً بخطط العديد من الحكومات الآسيوية.
تعتمد الخطة على منح عمال محطات الكهرباء العاملة بالفحم وقتًا للتقاعد أو العثور على وظائف جديدة، والسماح للبلدان بالتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
تأتي المبادرة الجديدة بعد أن تعثرت مباحثات وزراء مجموعة الـ20، الأسبوع الماضي، في الاتفاق على خطة زمنية للتخلص من المحطات العاملة بالفحم، أو إيجاد صيغة توافقية للبناء عليها في مؤتمر المناخ المقرر عقده في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في غلاسكو.
معالجة تغيّر المناخ
قال نائب رئيس مصرف التنمية الآسيوي أحمد سعيد: "لدى القطاع الخاص أفكار عظيمة حول كيفية معالجة تغيّر المناخ، ونحن نعمل على سدّ الفجوة بينه وبين الجهات الفاعلة في القطاع الرسمي".
وتأتي المبادرة في الوقت الذي تتراجع فيه المصارف التجارية والإنمائية، تحت ضغط من كبار المستثمرين، عن تمويل محطات جديدة لتوليد الكهرباء من الفحم من أجل تلبية الأهداف المناخية.
وقال سعيد، إن أول عملية شراء بموجب الخطة المقترحة، والتي ستتألف من مزيج من الأسهم والديون والتمويل الميسر، يمكن أن تأتي في أقرب وقت خلال العام المقبل.
تمثّل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم نحو 20% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، مما يجعلها أكبر ملوّث.
تستلزم الآلية المقترحة زيادة التمويل المختلط منخفض التكلفة للشركات الجديدة التي ستُنشَأ من أجل شراء محطات الكهرباء العاملة بالفحم، مع العمل على زيادة الحوافز المتجددة لهذه الشركات.
الطلب على الفحم
يمثّل إيجاد طريقة للدول النامية في آسيا، التي تمتلك أحدث أسطول من محطات توليد الكهرباء من الفحم في العالم وأكثر من ذلك قيد الإنشاء، لتحقيق أقصى استفادة من المليارات التي أُنفِقَت والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، تحديًا كبيرًا.
تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع الطلب العالمي على الفحم بنسبة 4.5% في عام 2021 ، وتشكّل آسيا 80% من هذا النمو.
وفي الوقت نفسه ، تدعو اللجنة الدولية المعنية بتغيّر المناخ إلى خفض الكهرباء التي تعمل بالفحم من 38% إلى 9% من التوليد العالمي بحلول عام 2030، وإلى 0.6% بحلول عام 2050.
خطط التخلص من محطات الفحم
سوف تشتري الشركات الجديدة التي ستُنشَأ محطات الكهرباء العاملة بالفحم ، بتكلفة رأس مال أقلّ مما هو متاح للمحطات التجارية، مما يسمح لها بالعمل بهامش أوسع، ولكن لوقت أقلّ، من أجل توليد عوائد مماثلة.
وتعوّل الشركات على التدفق النقدي من أجل سداد الديون والوفاء بالالتزامات للمستثمرين، مع وضع خطط لبدء الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وتخزين الكهرباء.
النموذج مألوف بالفعل لمستثمري البنية التحتية الذين يعتمدون على التمويل المختلط فيما يسمّى بصفقات القطاعين العامّ والخاص ، المدعومة من المؤسسات التي تموّلها الحكومة.
في هذه الحالة، ستتحمّل مصارف التنمية أكبر قدر من المخاطرة من خلال الموافقة على تحمّل الخسارة الأولى بصفتها حاملة للديون الصغيرة، وكذلك قبول عائد أقلّ، وفقًا للاقتراح.
تحدّيات في طريق المبادرة
قال رئيس مجموعة القطاع العامّ في آسيا والمحيط الهادئ في سيتي والمشارك في المبادرة مايكل بولوس: "لجعل هذا قابلًا للتطبيق في أكثر من محطة واحدة أو اثنتين، عليك الحصول على مستثمرين من القطاع الخاص".
وأضاف: "هناك بعض المهتمين، لكنهم لن يفعلوا ذلك مجانًا، قد لا يحتاجون إلى عائد طبيعي بنسبة 10-12%، وقد يفعلون ذلك مقابل أقلّ، لكنهم لن يقبلوا 1 أو 2%، نحن نحاول اكتشاف طريقة ما لإنجاح هذا الأمر".
تشمل التفاصيل التي لم تنتهِ بعد طرقًا لتشجيع مالكي محطات الفحم على البيع، وما يجب فعله بالمحطات بعد إغلاقها، وأيّ متطلبات لإعادة التأهيل، والدور الذي يمكن أن تلعبه أرصدة الكربون.
تهدف الشركات المالية والمصارف إلى جذب التمويل والالتزامات الأخرى في كوب 26، عندما يُطلب من الحكومات الالتزام بأهداف انبعاثات أكثر طموحًا، وزيادة التمويل للبلدان الأكثر عرضة لتغيّر المناخ.
الخطط الأميركية
تضغط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن منذ عودتها إلى اتفاقية باريس للمناخ من أجل تخفيضات طموحة لانبعاثات الكربون.
وفي يوليو /تموز الماضي، أبلغت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين رؤساء مصارف التنمية الكبرى، بما في ذلك مصرف التنمية الآسيوي والبنك الدولي، بوضع خطط لتعبئة المزيد من رأس المال لمكافحة تغيّر المناخ ودعم خفض الانبعاثات.
وقال مسؤول بوزارة الخزانة، إن خطط مصرف التنمية الآسيوي للتخلص من محطات الفحم من بين المشروعات التي ترغب وزيرة الخزانة من المصارف متابعتها، إذ تعمل الإدارة الأميركية على تسريع تحوّلات الفحم لمعالجة أزمة المناخ.
خطوات آسيا
بجزء من اقتراح المجموعة، خصّص مصرف التنمية الآسيوي نحو 1.7 مليون دولار لدراسات الجدوى التي تغطي إندونيسيا والفلبين وفيتنام، لتقدير تكاليف الإغلاق المبكر، والأصول التي يمكن الحصول عليها، والمشاركة مع الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين.
وقال نائب رئيس مصرف التنمية الآسيوي: "نودّ القيام بأول عملية استحواذ (لمحطة فحم) في 2022.. والآلية يمكن توسيع نطاقها واستخدامها نموذجًا لمناطق أخرى إذا نجحت"، موضحًا أنه تجري بالفعل مناقشات حول تمديد العمل إلى دول أخرى في آسيا.
وذكر العديد من الخبراء والمحللين أن التخلص بنسبة 50% من قدرة أيّ بلد في وقت مبكر يتطلب من مليون دولار إلى 1.8 مليون دولار لكل ميغاواط.
وأشارت التقديرات إلى أن إندونيسيا ستحتاج إلى منشأة إجمالية تتراوح بين 16 و 29 مليار دولار تقريبًا، والفلبين نحو 5 - 9 مليارات دولار، وفيتنام نحو 9 - 17 مليار دولار.
اقرأ أيضًا..
- الصين.. محطات الفحم تساهم بـ53% من استهلاك الكهرباء في 2020
- محطات الفحم.. وزارة الطاقة الهندية تقترح تأجيل تطبيق معايير خفض التلوّث
- شبح إغلاق محطات الفحم يصطدم بطموح الصين لتحقيق الحياد الكربوني