عمره 70 عامًا.. قانون قديم تحتمي به شركات النفط من إجراءات حماية المناخ
حياة حسين
من المؤكد أن شركة رويال دوتش شل (البريطانية-الهولندية) لم تكن تعلم أن قانون "آي إس دي إس" الذي سنّته قبل أكثر من 70 عامًا، سيحميها مع باقي شركات النفط والغاز من موجة حماية المناخ التي تجتاح العالم.
في خمسينيات القرن الماضي، قام المصرفي، رئيس مجلس إدارة شركة رويال دوتش شل بصياغة قانون تسوية المنازعات بين المستثمر والدولة "آي إس دي إس"، لحماية استثمارات الشركات في الدول المستقلة حديثًا، خوفًا من قيام حكومات تلك الدول بالسيطرة على أصولها والمصادر الطبيعية لنشاطها، فيما يُعرف بالتأميم.
آلاف الاتفاقيات
لم يكد القانون يخرج إلى النور، حتى أصبح شائعًا، ووُضع في آلاف الاتفاقيات الاقتصادية بأنحاء العالم، حسبما ذكر تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
وبعد عقود، بدأت شركات النفط والغاز الاستعانة بهذا القانون لمواجهة موجة تشريعات تستهدف حماية المناخ؛ الأمر الذي يهدد مصالحها.
لذلك تسمح بعض المحاكم السرّية لشركات النفط والغاز بمقاضاة حكومات الدول عند اتخاذها قرارات تهدد أرباحها، وعلى رأسها مشروعات قوانين حماية البيئة.
ويُعدّ "آي إس دي إس" جزءًا من اتفاقية معاهدة ميثاق الطاقة، التي بلغ عدد الدول الموقعة عليها 53 دولة، ويحقّ لأيّ شركة أن تقاضي تلك الدول إذا تعرّضت لأيّ مشكلات فيها قد تؤثّر بأرباحها، ما يعني أن شركات النفط والغاز أو حتى الفحم تستطيع مقاضاتها إذا منعتها من البحث والاستكشاف والحفر.
إيطاليا مهددة
على سبيل المثال، قد تدفع حكومة إيطاليا ملايين الدولارات لشركة "روكهوبر إكسبلوراشن" البريطانية، بعد رفضها مواصلة الشركة الحفر للتنقيب على النفط بالقرب من شواطئها.
وكانت الشركة قد حصلت على رخصة للتنقيب والحفر على شاطئ إيطاليا على البحر الأدرياتيكي عام 2014، لكن بسبب المعارضة الشعبية من آلاف السكان للمشروع على مدار عامين، ونجاحها في الحصول على موافقة البرلمان لمنع الحفر على مساحة 12 ميلًا من الشاطئ، أقامت روكهوبر دعوى ضد حكومة روما.
وطالبت روكهوفر حكومة إيطاليا بتعويض قيمته 275 مليون دولار، تتوزع بين 29 مليون دولار، أنفقتها باستثمارات حتى الآن، والباقي أرباح مستقبلية مفترضة، بعد تشغيل المشروع.
وقالت الشركة، إن فريق المحاماة التابع لها أكد أنها ستحصل على كل سنت خسرته بسبب قرار إيطاليا، بموجب قانون "آي إس دي إس".
كما قاضت شركة "آر دبليو إي" الألمانية حكومة هولندا، مطالبةً بتعويض قيمته 1.4 مليار يورو (1.7 مليار دولار أميركي)، بسبب خطط أمستردام للتخلص من الفحم.
وقامت العديد من الشركات المدرجة في بورصة لندن بمقاضاة الحكومة البريطانية، مثل "أنغلو أميركان" و"جلينكور" اللتين تقاضيان الحكومة الكولومبية حاليًا بسبب منعهما من البحث عن الفحم لتأثيره السلبي في البيئة.
رفع التكلفة
الدعاوى التي رفعتها الشركات البريطانية وغيرها أثارت غضبًا عارمًا من تلك المحاكم السرية، التي قد تقوّض جهود المملكة المتحدة وباقي الدول لحماية المناخ واتّباع السياسات الخضراء.
وعلّقت كبيرة المستشارين في منظمة عدالة التجارة، روث بيرغان، قائلة: "إن الناس ترى تلك القضايا وكيف تضع قيودًا على سياساتها، وتكلفة إضافية ضخمة على إجراءات حماية المناخ بشكل يصعب تحمّلها".
وتخشى بيرغان من أن تؤثر تلك القضايا في بريطانيا، وتدفعها لتأجيل إجراءات حماية المناخ؛ كونها مستقبلة لأكبر استثمارات في قطاع النفط والغاز من الشركات الأجنبية، إذ تصل قيمة أصولها إلى 120 مليار جنيه إسترليني (168 مليار دولار أميركي).
ليس حلًا
قال المحامي المتخصص في قضايا "آي إس دي إس"، توبي لاندو، إن الحكومات تُدرك الأزمة، بدليل أن المتخصصين في تلك القضايا باتوا يتلقّون استشارات عديدة من حكومات مختلفة بهذا الشأن.
وترغب كل من فرنسا وإسبانيا بالانسحاب من اتفاقية معاهدة ميثاق الطاقة، لكن هذا لن يحميهما فيما يخص استثمارات الشركات الأجنبية بهما السابقة للانسحاب، حيث تشترط الاتفاقية الالتزام بالاتفاقية لمدة 20 عامًا لاحقة.
اقرأ أيضًا..
- سابقة فريدة.. محكمة هولندية تلزم شل بتسريع وتيرة خفض انبعاثاتها
- تطور جديد.. كيرن إنرجي تحجز على أصول الحكومة الهندية في باريس
-
نيجيريا.. مطالبات لإكسون موبيل بدفع 200 مليون دولار تعويضات التسرب النفطي