التقاريردول النفط والغازرئيسيةسلايدر الرئيسيةعاجلموسوعة الطاقة

مشكلات الطاقة تزيد معاناة تونس.. والإنتاج النفطي يتراجع

احتياطيات الخام لدى البلاد تبلغ 0.4 مليار برميل فقط

وحدة الأبحاث - الطاقة

اقرأ في هذا المقال

  • يمثل الغاز الطبيعي والنفط 94% من مزيج الطاقة في البلاد
  • ارتفع عجز تونس في إنتاج الطاقة إلى 50% خلال 2019
  • يغطي الغاز الطبيعي المنتج محليًا نحو ثلث احتياجات البلاد فقط
  • تونس تخطط لرفع مساهمة الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء إلى 30% بحلول 2030

تعاني تونس منذ سنوات أزمات اقتصادية ازدادت سوءًا مع التداعيات السلبية التي فرضتها جائحة كورونا، وجاءت الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد لتكون بمثابة تعبير عن الوضع المتأزم في الدولة العربية.

وفي الوقت نفسه، فإن مشكلات الطاقة في الدولة -البالغة مساحتها نحو 164 كيلومترًا مربعًا- تزيد من معاناتها، وسط الإنتاج النفطي الآخذ في التراجع وانخفاض حجم الاحتياطيات لدى البلاد.

ودفع تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى بعض الاحتجاجات الشعبية، الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى تجميد اختصاصات المجلس النيابي ورفع الحصانة عن أعضاء البرلمان كافّة، وكذلك إعفاء رئيس الحكومة من منصبه، وإسناد المهمة إلى شخص جديد يتولى قيادة السلطة التنفيذية خلال مدة تطبيق تلك القرارات.

الأزمة الكبرى

يُعدّ قطاع الطاقة من أبرز القضايا التي تُشكل "صُداعًا" لاقتصاد تونس، إذ تعتمد الدولة على الاستيراد بشكل شبه كامل في توفير الوقود الذي تحتاجه، ما يمثّل ضغوطًا شديدة على موازنة البلاد، فضلاً عن مشكلات الاستيراد التي قد تطرأ في أي لحظة.

النفط في تونس

وبحسب البيانات الرسمية، تعتمد تونس بشكل كبير على الوقود الأحفوري، إذ يمثّل الغاز الطبيعي والنفط نحو 94% من مزيج الطاقة في البلاد، ما يُعدّ بمثابة تهديد كبير على أمن الطاقة، خصوصًا قطاع الكهرباء الذي يعتمد -بشدة- على الوقود المستخرج من الأرض.

وفضلًا عن ذلك، تشهد تونس في السنوات الأخيرة نزوح شركات الطاقة الأجنبية الكبرى، نتيجة الإحباط المتزايد، جراء البيئة التنظيمية والسياسية غير المستقرة في البلاد منذ ثورة 2011، ما أدّى إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير.

وفي العام الجاري، أعلنت شركتا رويال داتش شل الأنجلو هولندية، وإيني الإيطالية، خططهما لبيع عملياتهما في مجال النفط والغاز في تونس.

وبحسب البيانات المتاحة على الموقع الرسمي للشركة الإيطالية، فإن إيني -التي تعمل في تونس منذ عام 1961- أنتجت نحو 5.5 ألف برميل مكافئ يوميًا من النفط في البلاد عام 2019.

الاكتشاف والإنتاج

اكتُشف النفط في تونس عام 1964، وبدأ الإنتاج عام 1966، فيما تُقدّر احتياطيات النفط حاليًا بنحو 400 مليون برميل فقط، حسب ما أوردته شركة النفط البريطانية (بي بي).

وارتفع إنتاج النفط من متوسط قدره 16 ألفًا إلى 97 ألف برميل يوميًا في 1997، ثم تراجع بنحو 20 ألفًا في العام التالي، ليصبح إجمالي إمدادات البلاد من الخام 77.9 ألف برميل يوميًا.

وخلال عام 1977، بدأ الإنتاج النفطي رحلة الصعود مجددًا، إذ ارتفع إلى 90.7 ألف برميل يوميًا، قبل أن يصل إلى ذروة عام 1980 عند إمدادات تُقدّر بنحو 118.2 ألف برميل يوميًا.

وطوال الأعوام الـ13 التالية، تأرجح إنتاج النفط في تونس في نطاق أعلى من 100 ألف برميل يوميًا، لكنه أقل من الذروة المسجلة عام 1980، وفقًا لبيانات شركة (بي بي).

وتراجع الإنتاج النفطي تحت 100 ألف برميل يوميًا عام 1994، وذلك للمرة الأولى في 17 عامًا، ولم يصل إلى هذا الحاجز مجددًا حتى الآن إلا عام 2007 فقط عندما بلغت الإمدادات 104.2 ألف برميل يوميًا.

وبعد نحو عقد، وتحديدًا عام 2017، تراجع إنتاج تونس النفطي إلى 48.1 ألف برميل يوميًا، قبل أن يصعد إلى 51.7 ألفًا في العام التالي، ومن ثم عاود الهبوط خلال عامي 2019 و2020، ليتراجع إلى 42.4 و35.5 ألف برميل يوميًا على الترتيب.

الغاز الطبيعي في تونس

بالنسبة إلى إنتاج الغاز الطبيعي، سجّل 195 مليون متر مكعب مارس/آذار الماضي، لكنه وصل لأعلى مستوى له على الإطلاق عند 1.1 مليار متر مكعب ديسمبر/كانون الأول عام 2013.

الغاز في تونس

كما سجلت إمدادات الغاز الطبيعي أقل مستوى عند 55.5 مليون متر مكعب مايو/أيّار 2008، وفقًا للبيانات المتاحة عبر الموقع الرسمي لشركة الإحصاءات (سي إي آي سي أو CEIC).

تُجدر الإشارة إلى أن بيانات هيئة الإحصاءات التونسية بشأن قطاع الطاقة في البلاد مختلفة بشكل ملحوظ عن التقديرات المعلنة من شركة النفط البريطانية، كما أن بيانات الهيئة بحاجة إلى التحديث، إذ إن آخرها عام 2018.

الحقول الرئيسة

توجد في تونس حقول رئيسة منتجة للنفط، من بينها حقول البرمة وعشتارت وسيدي الكيلاني، كما يوجد العديد من الحقول الأخرى في حوض غدامس وخليج الحمامات وخليج قابس.

بينما تشمل حقول الغاز الطبيعي: حقل البرمة الذي يشهد إنتاج الغاز المصاحب، بالإضافة إلى حقلي مسكار البحري ونوارة، الذي بدأ الإنتاج العام الماضي.

وعلى جانب آخر، يوجد في تونس اثنان من التشكيلات الصخرية يقعان في الجزء الجنوبي من البلاد في حوض غدامس، وتشير التقديرات إلى احتوائهما على 23 تريليون قدم مكعبة من احتياطيات الغاز الصخري، و1.5 مليار برميل من احتياطيات النفط الصخري، وفق المنشور على موقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وحول ما يتعلق بالنقل، يوجد لدى الدولة نظام نقل عبر خطوط الأنابيب يربط معظم حقول النفط والغاز، كما تُعد محطة الصخيرة في قابس -التي تديرها شركة ترابسا- هي البنية التحتية الرئيسة لتصدير النفط، حيث تُخزن النفط القادم من معظم الحقول التونسية ولديها سعة تخزين تزيد على مليوني برميل.

بينما تمتلك الشركة التونسية للكهرباء والغاز خط أنابيب الغاز في حقل البرمة، الذي يربط الحقول في الجنوب بمدينة قابس الساحلية بسعة 1.2 مليون متر مكعب يوميًا.

العجز والأسعار

تعاني تونس عجزًا متزايدًا في موازنة الطاقة الخاصة بها منذ سنوات، وهو ما يعود إلى ارتفاع الاستهلاك جراء النمو السكاني مقابل انخفاض الإنتاج المحلي للنفط والغاز الطبيعي.

ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، ارتفع عجز إنتاج الطاقة لدى تونس إلى 50% في 2019، مقارنة بـ7% عام 2010، الأمر الذي دفع البلاد نحو استيراد المزيد من الوقود الأحفوري.

عامل يزود سيارة بالبنزين في محطة وقود بتونس - رفع الدعم عن الطاقة
عامل يزود سيارة بالبنزين في محطة وقود بالعاصمة التونسية

ودفع عجز موازنة تونس -الذي وصل إلى 11.5% نسبة للناتج المحلي الإجمالي عام 2020 مع غلاء ثمن الوقود المستورد- الحكومة إلى تحريك أسعار البنزين (رفعت أسعار الوقود أبريل/نيسان الماضي للمرة الثالثة هذا العام) في إطار سياسة تنتهجها للتخلص التدريجي من الدعم وفي مسعى لخفض العجز في الموازنة العامة.

وعلى جانب آخر، يستحوذ الغاز الطبيعي على الحصة الأكبر من مزيج الوقود المستخدم لتوليد الكهرباء بنسبة تصل إلى 97%، في الوقت الذي لم تبلغ فيه نسبة الطاقة المتجددة إلا 3% فقط، وهو ما وصفه تقرير آيرينا بأنه يحمل تبعات خطيرة على أمن الطاقة في تونس، إذ تعاني البلاد ركودًا في إنتاج الغاز محليًا خلال السنوات الأخيرة.

وبحسب موقع وزارة الطاقة التونسية، يغطّي الغاز الطبيعي المنتج محليًا نحو ثلث الاحتياجات المحلية فقط، والباقي يأتي من الجزائر.

ورغم تأكيد تونس عدم تضمن موازنة العام الجاري أيّ توجه نحو رفع أسعار الكهرباء، كشف مسؤولون عن وجود خطط للزيادة، نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالميًا وتخطيها حاجز 70 دولارًا للبرميل.

وتتجاوز أسعار النفط بذلك تقديرات الموازنة العامة للبلاد بفارق كبير، إذ أعدت الحكومة التونسية موازنة 2021 على افتراض أن يبلغ سعر برميل النفط 45 دولارًا.

تعرفة الكهرباء في تونس

نقلت وكالة تونس أفريقيا للأنباء، عن مدير عام الكهرباء والانتقال الطاقي في وزارة الصناعة والطاقة والمناجم التونسية، بلحسن شيبوب، أن هناك توجهًا لإقرار تعديل على تعرفة الكهرباء في المدة المقبلة، لكن المسؤول التونسي لم يفصح عن موعد تعديل الأسعار.

أسعار الكهرباء - تونس
مدير عام الكهرباء والانتقال الطاقي بلحسن شيبوب

وقال شيبوب: "ندرس تعديل التعرفة في ظل ارتفاع أسعار المحروقات، بعد أن وصل سعر برميل النفط في الأسواق العالمية إلى مستوى أعلى 70 دولارًا، فيما اعتُمدت فرضية إعداد ميزانية تونس خلال 2021 على أساس 45 دولارًا للبرميل''، نقلاً عن الوكالة.

ويأتي ذلك وسط تحذير مدير عام الكهرباء من حدوث أيّ اضطرابات في توريد الكميات المطلوبة من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء.

يُشار إلى أن آخر تعديل في تعرفة الكهرباء والغاز في تونس جرى في يونيو/حزيران عام 2019، إذ رفعت الشركة التونسية للكهرباء والغاز تعرفة الاستهلاك بنسبة 10%.

الخروج من عنق الزجاجة

اعتماد تونس على الوقود المستورد يضعها أمام تهديد دائم -يرتقي إلى تهديد الأمن القومي للبلاد- مع احتمالية انقطاع الإمدادات حال عدم سداد الالتزامات المالية، ما يستلزم من الحكومة التعجيل لتنفيذ خطتها نحو التوجه إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة للخروج من عنق الزجاجة.

وتنفذ تونس إستراتيجية إدارة الطاقة مع تحديد هدف (30/30)، ما يعني خفض الطلب على الطاقة بنسبة 30%، ورفع إسهام الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء إلى 30% بحلول عام 2030، نقلًا عن موقع وزارة الطاقة والمناجم في تونس.

وتسعى البلاد لرفع القدرة الإجمالية المركبة للطاقة المتجددة إلى 1860 ميغاواط بحلول 2023، وإلى 3 آلاف و815 ميغاواط بحلول 2030، وهو ما يعادل على التوالي 5 و10 أمثال سعة الطاقة المتجددة المركبة عام 2017، بحسب ما نقلته آيرينا.

وتحتاج تونس إلى تدشين استثمارات كبرى في سبيل تحقيق هدف رفع الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لـ30%، ما دفع البلاد إلى إصدار قانون جديد يتعلق بإنتاج الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة، بهدف تمكين القطاع الخاص من لعب دور أكبر في تحقيق ذلك.

ورغم صدور هذا القانون الجديد منذ عام 2015، فإن القطاع الخاص واجه صعوبات حقيقية في فهم إجراءات الحصول على التصاريح اللازمة لمشروعات الطاقة المتجددة، وذلك نتيجة لكثرة الوزارات والمؤسسات المعنية بمشاريع الطاقة المتجددة، وفقًا لوكالة آيرينا.

ولمواجهة ذلك، أنشأت الحكومة التونسية مكتب دعم من قبل الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، بهدف مساعدة وإرشاد شركات القطاع الخاص.

ومع ذلك، من المتوقع أن تخفق تونس في تحقيق هدف الوصول إلى 30% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، إلا أن محاولات البلاد حتى الآن تمثّل شوطًا مهمًا.

الطاقة المتجددة

وتعوّل الحكومة التونسية -بحسب تصريحات لمدير الكهرباء في وزارة الطاقة- على الطاقة المتجددة لإنعاش الاقتصاد المتأزم منذ سنوات، عبر جذب استثمارات جديدة تساعد على التنمية الاقتصادية.

وقال "شيبوب" -في تصريحات لوكالة الأنباء التونسية- إن مشروعات الطاقة المتجددة ستجذب استثمارات بقيمة 400 مليون دولار سنويًا، ما يساعد على توفير وظائف جديدة، بالإضافة إلى رفع استقلالية تونس في الطاقة.

وطرحت الحكومة التونسية عدة مناقصات لتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، منها محطة طاقة الرياح بقوة 300 ميغاواط في جبل سيدي عبدالرحمان (ولاية نابل)، وأخرى في جبل طباقة (ولاية قبلي)، كما أبرمت الدولة اتفاقيات مبدئية مع عدد من المستثمرين المحتملين لمشروعات الطاقة المتجددة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق