تحليل: ركوبك سيارة كهربائية لا يسهم في إنقاذ كوكب الأرض
رغم أن الحديث عن كل ما هو أخضر يلفت الانتباه حاليًا، ويجذب التمويلات دائمًا، ويدغدغ مشاعر العامة كثيرًا، خاصة فيما يخصّ مستقبلهم الذي يجب أن يكون بلون الشجر الناصع الخضرة، فإن الحديث تخطّى ذلك بكثير، ليصل إلى إنقاذ كوكب الأرض، ومدى إسهامك في ذلك، من خلال شراء سيارة كهربائية.
ويمكنك أن تتخيّل جلوسك في سيارتك الخضراء -دون انبعاثات كربونية- والطريق على جانبيها، وقد استعاد أنواعًا جديدة من الأشجار والورود التي أحييتها أنت من جديد، نتيجة ركوبك سيارة كهربائية، غير أن دراسات وتحليلات حديثة تشير إلى نتائج صادمة في هذا الصدد..
نتائج صادمة
أفاد تحليل اقتصادي، اليوم الثلاثاء، بأن السيارات الكهربائية ليست دائمًا نظيفة بيئيًا بالضرورة عن غيرها من السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي.
يقول المحلل بوحدة تحليلات وكالة رويترز بول لينيرت، من ديترويت، إن شراء سيارة كهربائية جديدة طراز "3" من شركة تيسلا الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية، يبدو جيدًا فيما يخصّ مميزاتها وراحة ركوبها، وأيضًا من أجل كوكب الأرض، لكنه توقّف فجأة، ليوضح الأتي:
- أنت بحاجة إلى قيادة 13500 ميل (21.725 كم) قبل أن تكون السيارة الكهربائية أقلّ ضررًا على البيئة من السيارات التي تعمل بالبنزين.
هذه هي نتيجة تحليل رويترز لبيانات من نموذج "أرغون" الذي يحسب الانبعاثات خلال عمر السيارة.
جرى تطوير هذا النموذج من قبل مختبر أرغون الوطني في شيكاغو، ويحتوي على آلاف المعايير، من نوع المعدن في بطارية السيارة الكهربائية إلى كمية الألمنيوم والبلاستيك في السيارة -يُمَوَّل مختبر أرغون الوطني من قبل وزارة الطاقة الأميركية وتديره جامعة شيكاغو-.
وهذه قضية تلفت الانتباه، حيث تعمل الحكومات في جميع أنحاء العالم على تعزيز وسائل النقل الصديقة للبيئة لتحقيق أهدافها المناخية.
إنتاج الكربون
يقول محلل أنظمة الطاقة الرائد في أرغون جارود كولي كيلي، إن إنتاج المركبات الكهربائية ينتج المزيد من الكربون مقارنة بمركبات محركات الاحتراق الداخلي، وذلك من خلال استخراج ومعالجة المعادن في بطاريات المركبات الكهربائية وإنتاج خلايا الطاقة.
ومع ذلك، فإن تقديرات حجم فجوة الكربون عند بيع السيارة لأول مرة، وأين ستظهر "نقطة التعادل" خلال عمر السيارة الكهربائية، يمكن أن تختلف اختلافًا كبيرًا، اعتمادًا على الافتراضات.
وفقًا لـ"كيلي"، تعتمد هذه المدة على عوامل، مثل حجم بطارية السيارة الكهربائية، والاقتصاد في استهلاك الوقود للسيارات التي تعمل بالبنزين، وطريقة توليد الكهرباء المستخدمة لشحن السيارة الكهربائية.
إجابات كثيرة والسؤال واحد
تزداد الإجابات يومًا بعد يوم لسؤال واحد، هو: هل يجب أن أشتري سيارة كهربائية من أجل تقليل الانبعاثات الكربونية وإسهامي في إنقاذ كوكب الأرض؟
توصلت رويترز إلى عدّة إجابات عن طريق توصيل مجموعة من المتغيرات في نموذج أرغون، الذي يضم أكثر من 43 ألف مستخدم، بدءًا من عام 2021.
قارن نموذج أرغون بين سيارة كهربائية وأخرى تعمل بالبنزين، أمّا الأولى فهي سيارة تيسلا طراز 3، يعمل في الولايات المتحدة، حيث تأتي 23% من الكهرباء من محطة طاقة تعمل بالفحم، وبطارية 54 كيلوواط/الساعة، وكاثود (قطب الدائرة الكهربائية) مصنوع من متغيرات مثل النيكل والكوبالت والألمنيوم.
والثانية التي تنافست معها سيارة تويوتا كورولا، تزن 2955 رطلاً وتعمل بالبنزين بكفاءة في استهلاك الوقود تبلغ 33 ميلاً للغالون الواحد، كان من المتوقع أن تقطع كلتا السيارتين 173151 ميلًا في حياتهما.
وفقًا لتحليل رويترز، يصل إنتاج سيارة كهربائية "صالون متوسطة الحجم" 47 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل ميل خلال عملية الاستخراج والإنتاج، مما ينتج أكثر من 8.1 مليون غرام بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى العميل الأول. وبالمقارنة، تنتج سيارة بنزين مماثلة 32 جرامًا لكل ميل، أو أكثر من 5.5 مليون جرام.
لكن إذا كانت سيارة تيسلا نفسها تعمل في النرويج، والتي تُنتج كل طاقتها الكهربائية تقريبًا من الطاقة الكهرومائية المتجددة، فإن نقطة التعادل ستكون بعد 8400 ميل فقط.
يُظهر تحليل البيانات التي أنشئت بوساطة رويترز، أن محطات الطاقة المخصصة لإعادة شحن السيارات الكهربائية تأتي من الفحم، إذ تصل إلى مستوى الكربون الذي تنتجه مثل سيارة تويوتا كورولا التي تعمل بالبنزين عند إنتاج معظم الطاقة في دول مثل الصين وبولندا، يجب أن تقود 78700 ميل، وفقًا لنموذج أرغون.
انبعاثات الكربون
يقول مدير مركز تقييم الأنظمة في قسم أنظمة الطاقة بمختبر أرغون الوطني مايكل وانغ، إن السيارات الكهربائية تنبعث منها نسبة أقلّ من الكربون عادةً على مدار عمر 12 عامًا.
وفقًا لتحليل رويترز، حتى في أسوأ السيناريوهات، إذ تُشحَن السيارة الكهربائية من محطة طاقة تعمل بالفحم فقط، يجري إنتاج 4.1 مليون غرام إضافي من الكربون سنويًا، وتُنتج سيارة تعمل بالبنزين المكافئة أكثر من 4.6 مليون غرام.
وتبدو النسبة متقاربة بين السيارتين، والفارق هو محطات الشحن، وكيفية اعتمادها على مصدر التوليد.
وتتشابه نتائج تحليل رويترز مع نتائج تقييم دورة حياة السيارات الأوروبية ومركبات الاحتراق الداخلي التي أجرتها مجموعة الأبحاث "أي أتش أس ماركيت".
يقول المدير العالمي للامتثال لنسب ثاني أكسيد الكربون في ماركيت، فيجاي سوبرامانيان، تختلف نقطة التعادل النموذجية لانبعاثات الكربون من بلد إلى آخر، ولكن قدره بعضها عند نحو 20 ألف ميل، وفقًا لمسح.
وقالت وكالة حماية البيئة الأميركية، إنها طوّرت برنامجًا عبر الإنترنت يسمح للمستهلكين في الولايات المتحدة بتقدير الانبعاثات من السيارات الكهربائية، بناءً على الوقود المستخدم لتوليد الكهرباء في المنطقة.
سيارة كهربائية نموذجية
قال الباحث في جامعة لييج داميان إرنست، إن السيارة الكهربائية النموذجية ستحتاج إلى السفر لمسافة 700 ألف كيلومتر قبل أن تنبعث منها كمية أقلّ من ثاني أكسيد الكربون، مقارنة بسيارة بنزين مماثلة. لكنه قام في وقت لاحق بمراجعة أرقامه نزولًا.
ويقدّر حاليًا أن نقطة التعادل يمكن أن تتراوح بين 67000 كم و 151000 كم. وقال إرنست، وفق رويترز، إنه لا يخطط لتغيير هذه النتائج.
استندت هذه النتائج إلى مجموعة من البيانات والافتراضات التي تختلف عن نموذج أرغون.
تستمر العديد من المجموعات الأخرى في القول، إن السيارات الكهربائية ليست دائمًا أنظف أو أكثر خضرة من سيارات الوقود الأحفوري.
يقول معهد النفط الأميركي في هذا الصدد، الذي يمثّل أكثر من 600 شركة في صناعة النفط، في موقعه: "على أساس دورة الحياة، تنتج محركات السيارات المختلفة انبعاثات مماثلة من غازات الاحتباس الحراري، وفقًا لدراسات متعددة".
اقرأ أيضًا..
- مفاجأة.. تقرير يوصي الجيش الأميركي بعدم الاعتماد على المركبات الكهربائية
- مبيعات السيارات الكهربائية ستصل إلى 14 مليونًا في 2025 (تقرير)
- مبيعات السيارات الكهربائية ترفع صادرات الصين من مواد البطاريات
- الإعانات المالية للمركبات الكهربائية.. هل تعزز كبح انبعاثات الكربون؟