إغلاق محطات توليد الكهرباء بالفحم يرفع الأسعار في أستراليا
بعد انفجار "كاليد".. الأستراليون يخشون تكرار أعطال محطات الفحم
نوار صبح
- ارتفعت أسعار الكهرباء بالجملة في كوينزلاند إلى 15 ألف دولار لكل ميغاواط/ ساعة، في حين يبلغ سعرها المعتاد نحو 50 دولارًا
- تعرضت المحطات القديمة للأعطال أكثر من 70 مرة خلال العام الماضي
- بعد انفجار محطة "كاليد" تعالت الأصوات القائلة، إنه يصعب الحصول على طاقة موثوقة وبأسعار معقولة دون توليد الكهرباء بالفحم
لا يعدو انفجار محطة توليد الكهرباء "كاليد"، يوم الثلاثاء الماضي، في ولاية كوينزلاند الأسترالية، سوى كونه حلقة في سلسلة المشكلات التي تشهدها محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم في أستراليا، في ظل إعادة تقييم الاعتبارات البيئية والاقتصادية.
وللوقوف على ما تمخضت عنه تلك الحادثة من أضرار شملت شتى القطاعات في أرجاء البلاد، استعرض الباحثان في معهد "بلوبرينت" الأسترالي، إيما بيل، ودانييل دي هوتمان، انعكاسات انفجار محطة كاليد، في مقال نشرته صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" اليومية الأسترالية.
حمل المقال عنوان: "انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع الأسعار: توقُّع حوادث جديدة لأسطول توليد الكهرباء بالفحم"، إذ يُستدَلّ منه على تجارب سابقة.
وانطلق المقال من فرضية مفادها أن أخذ الآثار الضارّة لتغيّر المناخ بالاعتبار، يستوجب الاستغناء عن تشغيل محطات توليد الكهرباء الأسترالية التي تعمل بالفحم، قريبًا.
ثم ينتقل الباحثان إلى استنتاج قائم على تلك الفرضية يبيّن أن إغلاق تلك المحطات يعني، بالضرورة، حرمان المنازل والمرافق الأسترالية من الكهرباء، كما حصل في الأسبوع الماضي.
تعليل حادثة محطة "كاليد" وتداعياتها
لم يقدّم الباحثان صورة واضحة ونهائية للحادثة، لكنهما أوردا تفسيرًا يقول، إن توصيلات خطوط النقل انفصلت، ممّا حال دون سدّ المولدات الباقية الفجوة التي خلّفها تعطّل محطة "كاليد".
ويستهل الباحثان مقالهما باستعراض نتائج انفجار محطة "كاليد" الذي حرم نحو 500 ألف منزل وشركة في جميع أنحاء ولايتيْ كوينزلاند، ونيو ساوث ويلز، من الكهرباء لعدّة ساعات.
وتسبّب الحريق الذي اندلع في محطة توليد الكهرباء "كاليد"، في أقلّ من 10 دقائق، بانقطاع 700 ميغاواط من التيار الكهربائي، ما يعادل نحو 100 ألف وحدة طاقة شمسية سطحية، في وسط كوينزلاند.
وخلال 30 دقيقة، أدّى توالي الانقطاعات في ولاية كوينزلاند إلى انخفاض توليد الكهرباء للنصف تقريبًا، كما تسبّب إخفاق أجهزة الضبط والتعديل في تصحيح المشكلة ومعالجتها إلى حصول حالة من الفوضى بسوق الكهرباء في الولاية.
وهكذا انقطع التيار الكهربائي عن المساكن والشركات في منتصف يوم العمل، كما لم تنجُ المستشفيات والمدارس وإشارات المرور من انقطاع التيار، حسبما نشرته صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" اليومية الأسترالية.
ومع أولى ساعات مساء يوم الثلاثاء الماضي، ارتفعت أسعار الكهرباء بالجملة في كوينزلاند إلى 15 ألف دولار لكل ميغاواط ساعة، في حين يبلغ سعرها المعتاد نحو 50 دولارًا، وارتفعت الأسعار في بعض مناطق "نيو ساوث ويلز" بالقيمة نفسها تقريبًا.
سلسلة مشكلات محطات الكهرباء العاملة بالفحم
تُعدّ كارثة محطة "كاليد" آخر الكوارث المتكررة التي تصيب محطات توليد الكهرباء بالفحم في أستراليا، فقد سبقتها حادثة محطة كهرباء "ليدل"، في ديسمبر/ كانون الأول، التي أدّى حريقها إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، وأثار قلقًا بشأن موثوقية الكهرباء في ولاية "نيو ساوث ويلز".
وتعرّضت المحطات القديمة بشكل مفاجئ للأعطال أكثر من 70 مرة، خلال العام الماضي.
ولا يزال سكان ولاية "فيكتوريا" يتذكرون هدم محطة "هازلوود"، إحدى محطات توليد الكهرباء بالفحم، في أستراليا، التي هُدِمَت جرّاء ضغوط للحدّ من الانبعاثات، ولكونها تصدر نحو 3% من غازات الاحتباس الحراري في البلاد.
وتشير إيما بيل ودانييل دي هوتمان في المقال، إلى أن وتيرة تكرار هذه المشكلات ستزداد نظرًا لاقتراب معظم محطات توليد الكهرباء بالفحم، في أستراليا، من نهاية عمرها التقني، ومن المتوقع إغلاق العديد منها في العقود القادمة.
وسيفاقم استخدام الأستراليين الزائد للكهرباء في فصل الصيف من الأضرار المتوقعة، كما حصل مع محطة "ليدل"، ويرى الباحثان أن حدوث الكارثة التالية مسألة وقت.
واقترح الباحثان وضع خطة لتسهيل تخلّي الشبكة عن محطات الفحم وإحلال محطات جديدة محلّها، من أجل تفادي ارتفاع الأسعار والحدّ من المخاوف المتعلقة بالموثوقية.
ذريعة الإبقاء على محطات الفحم
يعكس رأي وزير الطاقة وخفض الانبعاثات الأسترالي، أنغوس تايلور، قبل شهرين -الذي يرى أن الإسراع في إخراج محطة كهرباء "يالورن" من الشبكة ينطوي على مخاوف بشأن زيادة التكاليف والموثوقية- عدم قدرة صنّاع السياسة على تقبّل كبير للتحول لمصادر الطاقة المتجددة.
وبعد انفجار محطة "كاليد"، تعالت الأصوات القائلة، إنه يصعب الحصول على طاقة موثوقة وبأسعار معقولة دون توليد الكهرباء بالفحم، ويرى الباحثان أن الاستغناء عن محطات توليد الكهرباء بالفحم لن يؤثّر في موثوقية الشبكة، وأنه يجب التحقق من مواعيد إغلاق تلك المحطات، والشروع في بناء محطات بديلة تعمل بالطاقة المتجددة.
ويتطلب ذلك توسعة قدرة التوليد والتوزيع الجديدة اعتمادًا على البطاريات والطاقة الكهرومائية وبعض محطات الكهرباء العاملة بالغاز، إضافة إلى إنشاء خطوط نقل جديدة لنقل الطاقة المتجددة الموزّعة جغرافيًا.
واقترح الباحثان التخطيط بعناية لتطبيق المزيج التكنولوجي لتجنّب ارتفاع الأسعار ومخاوف الموثوقية، إضافة إلى الخفض التدريجي المنسّق لتوليد الكهرباء بالفحم، وإرساء قاعدة سوق محددة تراعي خفض الانبعاثات في إمدادات الكهرباء الجديدة.
ولم تبدِ الحكومة الفيدرالية قبولًا كبيرًا لاقتراحات باحثي معهد "بلوبرينت"، ولكنها أعلنت بدلًا من ذلك إنشاء محطة جديدة في "هانتر فالي" لتوليد الكهرباء بالغاز، ولا يعتقد الخبراء والمستثمرون والمنظمون أنها ضرورية.
ويقول الباحثان، إن هذه طريقة سريعة لتبديد أموال دافعي الضرائب، عدا عن إضرارها بثقة المستثمرين.
ويقول بعض المحللين، إن الحوادث التي حصلت في محطتيْ "ليدل" و"كاليد" تحفّز المستثمرين على البناء أملًا في الاستفادة من ارتفاع أسعار السوق.
اقرأ أيضًا..