دول النفط والغاز مهددة بخسارة تراكمية 4.8 تريليون دولار في 30 عامًا
نصف عوائد السعودية من النفط والغاز معرض للخطر بحلول عام 2050
أحمد شوقي
- عوائد الدول من ضرائب النفط والغاز لن تصل لمستوى تريليون دولار مجددًا
- انخفاض العوائد المحققة من الضرائب إلى 350 مليار دولار بحلول 2050
- الدول المنتجة للنفط والغاز بحاجة إلى تنويع اقتصاداتها لتفادي المخاطر
- نصف عائدات السعودية من النفط والغاز تصبح عرضة للخطر بحلول 2050
- انخفاض الطلب على النفط وأسعار الخام يهددان موازنات بعض الدول
لا شك أن إيرادات الدول المنتجة للنفط والغاز ستتعرض لصفعة قوية مع عملية تحوّل الطاقة، التي تفرضها أزمة تغيّر المناخ، وسط تحذيرات بمخاطر محتملة ما لم تسارع هذه البلدان لتنويع اقتصاداتها.
وسيؤدي مسار انتقال الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري إلى ذروة وشيكة للطلب العالمي على النفط، قبل انخفاضه بشكل حاد، ما يؤثّر بالتبعية على اقتصادات النفط والغاز.
وتحتاج الدول المعتمدة على النفط والغاز إلى تنويع مصادر دخلها لمواجهة المخاطر التي تواجه اقتصاداتها؛ نتيجة للتحوّل الكبير نحو الطاقة النظيفة، بحسب تقرير حديث لشركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي.
وتمثّل الاقتصادات المعتمدة على الوقود الأحفوري ما يقرب من ثُلث سكان العالم، كما أنّها مسؤولة عن خُمس انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
تراجع عوائد النفط والغاز
انخفض الدخل الحكومي العالمي المحقَّق من ضرائب النفط والغاز إلى أدنى مستوى في عدة سنوات خلال عام 2020، ليصل إلى 560 مليار دولار، مع تراجع الإنتاج والأسعار جرّاء تداعيات فيروس كورونا.
وفي الظروف الطبيعية، تتجاوز ضرائب النفط والغاز عادةً حاجز تريليون دولار، لكن من المتوقع أن يؤدّي تسارع التحوّل إلى الطاقة النظيفة إلى تراجع عائدات الدول من النفط والغاز عن هذا المستوى، بحسب التقرير.
وترى ريستاد إنرجي أن 2021 سيكون العام الأخير الذي تقترب فيه ضرائب النفط والغاز العالمية من علامة تريليون دولار، لتصل إلى 975 مليار دولار، بدعم ارتفاع أسعار النفط.
وبدايةً من العام المقبل، ستتراجع عوائد الدول من ضرائب النفط والغاز إلى مستوى 800 مليار دولار، قبل أن ترتفع فقط في أوائل العقد الثالث من هذا القرن إلى 900 مليار دولار.
وتضيف شركة الأبحاث في توقعاتها أن ضرائب النفط والغاز ستبدأ بعد ذلك رحلة الانخفاض المستمر إلى 580 مليار دولار في عام 2040، قبل أن تسجّل 350 مليار دولار بحلول منتصف القرن الحالي.
وبحسب التقرير، فإنه من المتوقع أن تفقد الدول المعتمدة على النفط والغاز 4.8 تريليون دولار من إيراداتها بشكل تراكمي بدايةً من الآن حتى عام 2050.
مخاطر في الأفق
مع تصاعد تحوّل الطاقة، لا بد أن تسعى دول النفط والغاز إلى تنويع اقتصاداتها للحفاظ على موازناتها، كما يقول رئيس قسم الأبحاث في ريستاد إنرجي، إسبين إيرلينجسن.
ويضيف إيرلينجسن أن التغييرات الهيكلية ستكون حاسمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصادات المعتمدة على النفط وتجنّب عدم الاستقرار الجيوسياسي مع تحوّل أنظمة الطاقة العالمية إلى مسار مستدام.
وكلما كان إدراك مخاطر تحوّل الطاقة على موازنة هذه الدول في وقت مبكر كان من الممكن معالجتها بشكل أفضل، وفقًا للتقرير.
نماذج عرضة للخطر
على سبيل المثال، ستكون نصف عوائد السعودية من النفط والغاز معرضة للخطر بحلول عام 2050؛ إذ شكّل الدخل الضريبي من هذه القطاع نحو 27% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد في عام 2019.
كما حصلت الجزائر والعراق والكويت وليبيا -وكلها تعتمد بشكل كبير على عائدات الضرائب من صناعة الاستكشاف والإنتاج- على 40% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 عبر العوائد المحققة من ضرائب النفط والغاز.
وفي الحقيقة، تُعدّ هذه الدول الأكثر تعرضًا لمخاطر تراجع الإيرادات نتيجة لتحوّل الطاقة، مع حقيقة أن نصف العوائد الحكومية من هذا القطاع في خطر، وفقًا للتقرير.
توقعات مقلقة
تُعدّ مخاطر الأسعار -التي تكمن وراء مخاطر الإيرادات- محركًا أساسيًا لتداعيات تحوّل الطاقة، مع حقيقة أنه من الضروري معرفة أسعار النفط التي يمكن توقّعها في كل من سيناريوهات الطلب الرئيسة مع إزالة الكربون.
وفي تقرير سابق لريستاد إنرجي، توقّعت تراجع الطلب على النفط إلى 35 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2050 أو أقلّ بنحو 70% عن مستويات الذروة، حال تمكّن العالم من الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى درجتين مئويتين بحلول منتصف القرن.
وأشار التقرير إلى أن متوسط سعر خام برنت سيبلغ 40 دولارًا للبرميل بحلول عام 2030، ثم سيواصل الانخفاض بعد ذلك.
وفي الإطار نفسه، ترى وكالة الطاقة أنه إذا حقّق العالم المسار الصحيح للوصول إلى الحياد الكربوني، فإن الطلب على النفط يجب أن ينخفض إلى 24 مليون برميل يوميًا في عام 2050.
ونتيجة لذلك ستنخفض أسعار النفط إلى 35 دولارًا للبرميل بحلول عام 2030، ثم تتراجع إلى 25 دولارًا للبرميل بحلول منتصف القرن، مقارنة مع مستوى 70 دولارًا للبرميل في الوقت الحالي.
ويعني انخفاض أسعار النفط أن موازنات الدول المنتجة للنفط -وكذلك الشركات- ستتعرض لضغوط إضافية، بحسب الوكالة.
ورغم ذلك ستكون هناك حاجة إلى الاستثمار في مشروعات الاستكشاف والإنتاج، لتلبية الطلب، إذ يجب أن يأتي 25% من الإنتاج من تطوير الحقول والآبار، و10% من الاكتشافات الجديدة في المدة من 2021 إلى 2050، حسب التقرير.
اقرأ أيضًا..
- العالم سيظل بحاجة لإمدادات النفط والغاز رغم تحول الطاقة (تقرير)
- وكالة الطاقة: تعهدات الحياد الكربوني غير كافية.. وخارطة طريق لتفادي الأزمة
- بوتيرة أسرع من المتوقع.. الطلب على النفط قد يصل لذروته بحلول 2026