سيناريوهات وخطة قطر للسيطرة على سوق الغاز المسال
من خلال خفض الأسعار وزيادة الإنتاج
نوار صبح
- تسعى قطر، أكبر دولة مصدّرة للغاز الطبيعي في العالم، لزيادة صادراتها من الوقود بأكثر من 50%
- أنشأت قطر فريقًا تجاريًا للمنافسة في السوق الفورية الناشئة، والدخول إلى آسيا بقوة أكبر
- ستزيد قطر قدرتها الإنتاجية من 77 مليون طن إلى 126 مليونًا سنويًا، في عام 2027
- تبرز عقبات تحول دون وصول قطر إلى الهيمنة الكاملة على السوق، وأهمها رغبة المشترين بالتعامل مع مجموعة متنوعة من المورّدين
تسعى قطر -أكبر دولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم- لزيادة صادراتها من الوقود بأكثر من 50%، وسط احتدام المنافسة من جانب أستراليا والولايات المتحدة لاجتذاب المشترين، وخصوصًا في آسيا، التي يسجل الطلب على الغاز فيها نموًّا ملحوظًا.
وفي مسعى للحفاظ على مركز صدارتها وسحب البساط من تحت أقدام منافسيها، تمضي قطر قدمًا في تنفيذ مشروع بقيمة 29 مليار دولار لتوسعة حقل الشمال، بما يحول دون إنشاء مصانع جديدة في مناطق أخرى، كما أنشأت فريقًا تجاريًا للمنافسة في السوق الفورية الناشئة والدخول إلى آسيا بقوة أكبر.
وتعكس الإستراتيجية الجديدة نقلة نوعية ذكية تقوم بها الدوحة، التي كانت تعطي الأولوية للأسعار قبل حصتها في السوق، ودون زيادة تذكر في الإنتاج في السنوات الـ5 ماضية، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ.
وفي مارس/ آذار الماضي، أصدرت شركة قطر للبترول دعوة لتقديم عطاءات استئجار ناقلات الغاز الطبيعي المسال لمواكبة مشروعات حقل الشمال، التي ستزيد قدرتها الإنتاجية من 77 مليون طن إلى 126 مليون سنويًا، في عام 2027، ولشحن الكميات الجديدة من الغاز.
جدير بالذكر أن الغاز الطبيعي المسال لا يحظى بالاهتمام لدى بعض الحكومات، لأنها تكثّف جهودها لإبطاء تغيّر المناخ، رغم أنه كان يوصف، وإلى وقت قريب، بأنه جسر العبور الواصل من الفحم والنفط إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
أكبر مورِّد للغاز
قال رئيس وحدة التحليلات "إنرجي سكان"، لدى شركة "إنجي إس إيه" الفرنسية، جوليان هواراو، إن خطة التوسعة القطرية ضخمة للغاية، مما يطرح تساؤلات عن مدى الحاجة إلى خيارات إمداد إضافية.
وأضاف أن قطر لا تزال تحتل المرتبة الأولى، ولم تدانِها الولايات المتحدة من قبل، ولهذا اعتمدت إستراتيجية التوسع للحفاظ على مكانة الصدارة.
ووفقًا لنشرة بلومبرغ لتمويل الطاقة الجديدة، اقتربت الولايات المتحدة، للمرة الأولى، من تجاوز الصادرات الشهرية لقطر في أبريل/نيسان، بينما دنت أستراليا من صادرات قطر، في العام الماضي.
وتتوقع النشرة أن تسهم مشروعات ساحل الخليج في الولايات المتحدة من جعلها، ولقترة قصيرة، أكبر مورّد في العالم بحلول عام 2024، وستستعيد قطر المكانة في وقت لاحق من هذا العقد.
ويدعم مكانة قطر في السوق موقف الصين، إحدى أسواق الغاز الطبيعي المسال الأسرع نموًا، المتردد في استيراد المزيد من الولايات المتحدة أو أستراليا بسبب التوترات التجارية والجيوسياسية.
ومن العوامل الأساسية الداعمة لمركز قطر الريادي هو وفرة الغاز سهل الاستخراج، ومعظمه موجود في حقل الشمال، العملاق، الذي يمتد إلى إيران، مما يجعل تكاليف الإنتاج الأقلّ في العالم.
سندات التمويل المستقبلية
جرت العادة أن ترتبط عقود الغاز الطبيعي المسال بالنفط، وقالت شركة قطر للبترول، التي قد تبيع قريبًا ما يصل إلى 10 مليارات دولار من السندات لتمويل توسعة الغاز، إن المشروع سيُنفَّذ حتى عند بلوغ سعر برميل النفط 20 دولارًا، أي أقلّ بنسبة 70% من المستويات الحالية.
وفي الأشهر الأخيرة، باعت شركة قطر للبترول الغاز الطبيعي المسال بنحو 10% من أسعار خام برنت، بما في ذلك للصين وباكستان، مع أنها اعتادت أن تحدد المستوى عند 15%، حسبما أورد موقع وكالة بلومبرغ.
ويرى المتداولون في السوق أن هذه الإجراءات تتيح لقطر للبترول تحديد أسعار أقلّ مما يمكن للمصدّرين الآخرين عرضه.
وقال باحث أول في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، جوناثان ستيرن، إنه يتعذر منافسة التكاليف القطرية، لأنه يمكن للشركة أن تفعل ما يناسبها، وسيتعين على الجميع الاستجابة بالطريقة التي يستطيعون القيام بها.
وأضاف أن أرباح المنافسة ستتأثّر عندما تكون السوق في حالة فائض، وتكون الأسعار منخفضة.
تجدر الإشارة إلى أن المسؤولين التنفيذيين في قطر للبترول سافروا عبر آسيا خلال الأشهر القليلة الماضية لإبرام صفقات تصدير، وأثمرت جهودهم، في مارس/ آذار، إبرام عقد مدته 10 سنوات مع شركة سينوبك، ومقرّها بكين، جرى توقيعه بنسبة 10% - 10.19 % من سعر خام برنت.
موقف المنافسين
تبرز عقبات تحول دون وصول قطر إلى الهيمنة الكاملة على السوق، وأهمها رغبة المشترين بالتعامل مع مجموعة متنوعة من المورّدين.
ويقول محللو مجموعة سيتي غروب، إن مشروع يامال للغاز الطبيعي المسال في روسيا، ومحطة القطب الشمالي للغاز الطبيعي المسال 2 المزمع بقيادة شركة نوفاتيكش.م.ع، يعدّان من بين المشروعات التي ستظل قادرة على المنافسة مع زيادة صادرات قطر.
وقالت تشينير إنرجي، أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، إنها غير منزعجة من تحركات قطر، حيث تنجذب الشركات الأميركية إلى بعض المستوردين، الذين يقدّمون شروط تسليم أكثر مرونة وأسعارًا غير مرتبطة بالنفط، والتي ارتفعت بنسبة 30% تقريبًا هذا العام.
وقال المدير التجاري لتشينيير، أناتول فيجين، للمستثمرين هذا الشهر، "إننا لسنا خائفين، فنحن جزء من نوع من التنويع في هيكل التوريد والمقاولات جنبًا إلى جنب مع قطر للبترول وأصدقائنا في نوفاتيك."
ووفقًا لتحليل بلومبرغ لتمويل الطاقة الجديدة، تُعدّ المشروعات الأميركية من بين المشروعات التي من المرجح أن تواجه صعوبات، لأن ما لا يقلّ عن 10 من بينها 5 في تكساس و4 في لويزيانا، ربما لن تتمكّن من توفير التمويل الكافي لإكمالها.
وتمثّل تكاليف المواد الأولية جزءًا من المشكلة، حيث يتعين على الشركات الأميركية شراء الغاز بنحو 2.50 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو ما يزيد كثيرًا عن أسعار الاستخراج في قطر، البالغة 0.30 دولارًا أو أقلّ.
وقال وزير الطاقة، الرئيس التنفيذي لقطر للبترول، سعد الكعبي، في مقابلة مع بلومبرغ خلال فبراير/شباط، إن نقص الإمدادات الجديدة من دول أخرى سيفيد قطر، وإن المشروعات التوسعية تأتي في الوقت المناسب للغاية".
اقرأ أيضًا..
- قطر للبترول تستحوذ على أصول "قطر غاز 1"
- سينوبك الصينية تُرسي مناقصة توريد غاز لمدة 10 سنوات على قطر غاز
- قطرغاز تبرم عقدًا جديدًا مع سايبم لمشروع استدامة حقل الشمال
- قطر للبترول.. اتفاقية لتزويد الصين بمليوني طن سنويًا من الغاز الطبيعي