الكهرباء الخضراء.. خطة نرويجية لخفض انبعاثات الكربون
تشغيل عشرات من حقول النفط والغاز البحرية بالكهرباء النظيفة
حياة حسين
تكشف مبادرة نرويجية لتشغيل عشرات من حقول النفط والغاز البحرية بالكهرباء الخضراء، عن قدرة بلدان وشركات على تحقيق التزاماتها بخفض انبعاثات الكربون، دون التأثير على تلك الصناعة أو مستوى الانبعاثات العالمية.
وتسعى النرويج لجعل أكثر الصناعات تلويثًا -وهي صناعة النفط- نظيفة بقدر الإمكان؛ من خلال خطة تبلغ تكلفتها مليارات الدولارات، حسبما ذكرت وكالة "بلومبرغ".
الكهرباء الخضراء
ترتكز الخطة على تحويل عشرات من حقول النفط والغاز البحرية للعمل بالكهرباء الكهرومائية الخضراء.
وتمكّن الخطة النرويج من الالتزام بحصتها في خفض انبعاثات الكربون العالمية، كما تعزز فرص صناعة النفط والغاز بالاستمرار في ضخ انبعاثاتها في الهواء لمدة عقود إضافية.
وعلى سبيل المثال، فإن حقل إكوينور النفطي جوهان سفيردرب -الذي بدأ التشغيل قبل عامين، ويعمل كاملا بالكهرباء- سينتج نحو 0.67 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل برميل مقابل متوسط عالمي من 18-19 كيلوغرامًا، ومن المتوقع أن يعمل الحقل على مدار 50 عامًا.
إلا أن معظم الانبعاثات الكربونية تنجم عن حرق الغاز والنفط، وليس عن استخراجهما، لذلك لن تقدّم مبادرة الدولة الإسكندنافية إلا القليل في مسار السيطرة على التلوث العالمي.
وتصدر النرويج انبعاثات الكربون من خلال النفط والغاز اللذين يُحرقان لتوليد الطاقة في البلدان المستوردة.
450 مليون طن ملوثات
وفقًا لحسابات وكالة بلومبرغ، فإن صادرات النرويج العام الماضي ستطلق نحو 450 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، التي تنجم عن حرقها، وهو ما يزيد بنحو 9 أضعاف ما أطلقته البلاد محليًا في 2019.
ويعني ذلك أن تنظيف صناعة النفط والغاز في الداخل بالكهرباء، يدعم النرويج في تصدير مليارات الأطنان من الانبعاثات الكربونية خلال العقود المقبلة.
كما تخطط النرويج لشراء سيارات كهربائية بعدد يفوق السيارات التي تعتمد على الوقود الأحفوري، ويمول تلك الخطة دافعو الضرائب.
ورغم ذلك تُعد النرويج مُصدّرًا كبيرًا للكربون، وقال رئيس إدارة موارد المياه والطاقة النرويجية، التي تنظم إمدادات الطاقة، كيجتيل لوند: "صناعة النفط أكبر مصدّر ملوث، وإذا أردت خفض انبعاثات الكربون في النرويج فليس عليك أكثر من كهربتها".
وأطلقت صناعة النفط والغاز النرويجية عام 2019 نحو 14 مليون طن من الغازات الدفيئة، تمثل 28% من إجمالي الانبعاثات في البلاد، وفقًا لإحصاءات حكومية.
ويستهدف قطاع النفط والغاز النرويجي خفض تلك الانبعاثات بنسبة 40% بحلول عام 2030، ما يضيف تكلفة على شركات القطاع.
وتأتي التكلفة المرتفعة من جانبين؛ أولهما زيادة سعر ترخيصات برنامج تجارة انبعاثات الكربون الأوروبي بنسبة 50% هذا العام.
والثاني من عزم النرويج، فرض عقوبات على المساهمين في زيادة الانبعاثات الكربونية من خلال فرض ضرائب إضافية عليهم.
خفض 40% من الانبعاثات
قال نائب رئيس إكوينور لقطاع حلول الطاقة الجديدة، هينيرييت آندروم: إن الشركة لن تستطيع تحقيق أهداف خفض انبعاثات الكربون إلى النسبة الملتزمة بها، وهي 40% في 2030 دون الربط مع شبكة الكهرباء".
وأضاف أن الفرصة الحقيقية لتحقيق الهدف لن تحدث دون أمرين لا ثالث لهما، إما كهربة الصناعة وإما خفض الإنتاج.
وتابع أن "المنطق يشير إلى أن السلطات النرويجية ستستخدم الكهرباء بوصفها أداة مهمة لتأمين دخل ووظائف طويلة الأجل".
وقال مستشار منظمة "زيرو" البيئية في أوسلو، ستيغ سكجولست: "حتى لو كانت معظم الانبعاثات من الاستهلاك، فلا تزال هناك ضرورة لخفض الانبعاثات من الإنتاج".
وأضاف أن حقول النفط النرويجية الحالية ستعمل لمدة 10 أو 15 عامًا مقبلة بالوتيرة نفسها تقريبًا، حتى إذا أُوقفت الاكتشافات الجديدة، ما يعني أن كهربتها نموذج للعمل البيئي لتحقيق مستهدفات 2030.
احتجاز الكربون وتخزينه
على جانب آخر، بدأت بعض الشركات اتباع سبيل مختلف في خفض انبعاثات الكربون في البلاد، وهو احتجاز الكربون المنبعث وتخزينه من عمليات حرق منتجاتها التي تبيعها.
وعلى سبيل المثال تستهدف شركة إكوينور -أكبر منتج نفط نرويجي- تحقيق حياد كربوني عام 2050 بهذه الطريقة.
ويُذكر أن الطلب على الكهرباء في النرويج ينمو بنسبة 25% تقريبًا، ويتزامن ذلك مع اتجاه البلاد للابتعاد عن مزارع الرياح البرية، وتوقعات بانخفاض هذا الفائض من الكهرباء الحالي.
اقرأ أيضًا..