الحياد الكربوني.. من يدفع تكلفة تحقيقه في البرازيل؟
برازيليا تطلب 10 مليارات دولار سنويًا من المجتمع الدولي حتى 2050
حياة حسين
- البرازيل تتفاوض مع أميركا لدعم البيئة لديها
- الولايات المتحدة تشترط بذل البرازيل مجهودًا لتحصل على دعمها
- ترمب وعد بولسونارو بمساعدته في حماية الأمازون
- قطع غابات الأمازون زاد لأعلى مستوى في 12 عامًا خلال 2020
- توتال الفرنسية تقول، إن الجميع سيدفع تكلفة تحوّل الطاقة
بدت تكلفة تحقيق الحياد الكربوني بصفة عامة، وفي البرازيل خاصة، كمن تفرّق دمها بين القبائل، كما تقول العرب، فكل الأطراف متفقة على الهدف، لكن جميعهم مختلفون على مصدر التمويل.
ففي الوقت الذي تطالب فيه البرازيل المجتمع الدولي بدعمها بمليارات الدولارات، وتتفاوض مع أميركا لتعزيز جهودها لتحقيق الحياد الكربوني، تردّ عليها الولايات المتحدة بأنها يجب أن تبذل جهودًا بهذا الشأن لتُثبت جدّيتها.
بينما يرى أهمّ طرف في المعادلة، وهم منتجو النفط وأصحاب استثمارات في برازيليا، أنه على حكومات الدول أن تحدد التكلفة، وحصة كل طرف فيها لتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
رئة العالم
أكد وزير البيئة البرازيلي، ريكاردو ساليس، في تصريحات لوكالة رويترز يوم الجمعة، أنه يدرك أهمية غابات الأمازون لكل سكان الكرة الأرضية، وليس بلاده فقط، كونها تُعدّ رئة العالم.
وقال، إن بلاده طلبت من المجتمع الدولي توفير 10 مليارات دولار سنويا، لتتمكن من تحقيق هدف الحياد الكربوني في عام 2050 بدلًا من 2060 في الخطة الحالية.
وطالما طالب ساليس المجتمع الدولي بدعم بلاده في خفض انبعاثات الكربون، مرجعًا تلك الانبعاثات بشكل رئيس إلى قطع الغابات.
وتأتي المطالبات البرازيلية بمليارات لتحقيق الحياد الكربوني، في وقت تتفاوض فيه مع الولايات المتحدة للحصول على تمويل يعزز مجهوداتها لمقاومة قطع غابات الأمازون المطيرة.
ورغم أن ساليس لا يتوقع إتمام تلك الصفقة في يوم قمة الأرض الذي تستضيفه الولايات المتحدة في 22 أبريل/نيسان الجاري، فقد أكد استمرار المفاوضات.
وكانت وكالة رويترز قد أشارت يوم الخميس إلى وصول المفاوضات بين البلدين إلى طريق مسدود، إذ تطلب أميركا بذل البرازيل مجهودًا في هذه المسألة، يثبت جدّيتها، قبل أن تفتح واشنطن خزائنها لها.
دعم ترمب
يُذكر أن الرئيس البرازيلي الحالي جايير بولسونارو، كان يحظى بدعم نظيره الأميركي السابق دونالد ترمب.
وأشار في تصريحات صحفية سابقة إلى أن ترمب كان قد عرض عليه مساعدته في حماية الأمازون ووضع سياسة بيئية مشتركة، تحفظ سيادة بلاده.
وقال ساليس: "إننا نفهم منطقية موقفهم، ونرغب منهم بعض التفّهم للمجهودات التي قمنا بها بالفعل.. الحقيقة أننا أعدنا الحفاظ على معظم غابات البرازيل، ما يعني أنها لم تعد مصدرًا لانبعاثات الكربون".
غير أن بيانات حكومية، تُظهر ارتفاعًا متواصلًا لقطع غابات الأمازون في الجزء البرازيلي -وهو الأكبر بين 8 دول تمتد فيها- في عهد بولسونارو، وزادت تلك العمليات لأعلى مستوى لها في 12 عامًا، في 2020.
وكانت غابات الأمازون، التي توفر 20% من أكسجين العالم، قد تعرضت لحرائق هائلة في عام 2019، أرجعها بولسونارو إلى الطقس الحار والجاف، قائلًا، إن الحرائق تحدث "كل عام"، وأنها في "السنوات الممطرة" أقلّ شدة، حسبما ذكرت "سي إن إن" حينها.
وأكد أن منطقة الأمازون، "تستحق الفرصة للتطور مع بقية البلاد"، على حدّ تعبيره، مشيرًا إلى أن المنطقة التي تضم 20 مليون برازيلي "لسنوات ينتظرون التنمية الاقتصادية التي تتناسب مع ثرواتهم هناك".
أين تذهب الـ 10 مليارات دولار؟
فصّل ساليس استخدامات الـ10 مليارات دولار التي يطالب بها المجتمع الدولي، قائلًا: إن مليار دولار ستُستخدم في وقف القطع غير القانوني للغابات.
وستمول 3 مليارات التعاقدات مع وكالات بيئة إضافية، و6 مليارات تُستَثمَر في تطوير مستدام لغابات الأمازون.
وبينما يرى ساليس أن توزيع صرف تلك الأموال بمثابة خطة واضحة المعالم لتحقيق الحياد الكربوني، يعتقد منتجو النفط -وهم أكثر من يتعرض للضغط في منظومة تحقيق هذا الهدف- أن حكومات الدول ليس لديها خطط بهذا الشأن.
ففي فبراير/شباط الماضي، قال الرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية للنفط والغاز، باتريك بويانيه: "إذا كنا نريد تحقيق الحياد الكربوني معًا ومع مجتمعاتنا.. الحكومات والسلطات طرف مهم جدًّا، لأنهم سيضعون بعض السياسات".
ودعا الحكومات إلى توضيح تكلفة التعهدات بتحقيق الحياد الكربوني، وأيضًا واضعي السياسات إلى جعل القدرة على تحمّل تكلفة تحوّل الطاقة واضحًا للجميع، حسبما ذكرت "سي إن بي سي".
توتال في البرازيل
تستثمر توتال في دول عديدة، منها البرازيل، وكانت قد أطلقت مع شركائها في أغسطس/آب الماضي، المرحلة الثالثة من تطوير مشروع النفط البحري (ميرو) في المياه العميقة قبالة سواحل البرازيل.
وقالت الشركة الفرنسية في بيان صحفي حينها، إن السفينة الطافية لتخزين وتفريغ الإنتاج (FSO) لميرو 3، ستبدأ التشغيل بحلول عام 2024.
وتمتلك شركة بتروبراس الحكومية البرازيلية 40% من مشروع حقل ليبرا، بينما تمتلك كلّ من شركتي "شل"، و"توتال" 20% لكل منها.
وتعهدت الشركة الفرنسية بتحقيق الحياد الكربوني في عملياتها الإنتاجية للمنتجات التي يستهلكها الأوروبيون بحلول عام 2050، أو ما يزيد قليلًا.
وكان الاتحاد الأوروبي قد رفع هدف تحقيق خفض الانبعاثات الكربونية إلى 55% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 1991، وذلك تمهيدًا لتحقيق الحياد الكربوني في 2050.
ويرى بوناييه أن الهدف الأوروبي طموح ومُكلف لكل شخص في القارّة.
وقال: "على الحكومات أن تتحمل المسئولية، وتوضح للمواطنين والمستهلكين أن كل فرد سيتحمّل تكلفة رحلة تحوّل الطاقة".
اقرأ أيضًا..
- اليابان تراهن على تصنيع الميثان لتحقيق الحياد الكربوني
-
صناديق التقاعد.. أرباح الوقود الأحفوري تجذب المستثمرين بعيدًا عن الطاقة النظيفة