ألكسندر إل كيلاند.. حكاية أخطر كارثة نفطية في تاريخ النرويج (فيديو)
راح ضحيتها 123 عاملًا قبل نحو 41 عامًا
نوار صبح
لا تخلو مهنة أو صناعة من المخاطر، التي نصل أحيانًا إلى إزهاق أرواح عدد من العاملين فيها، وصناعة النفط واحدة من الصناعات التي شهدت عددًا من الحوادث، بعضها بسيط، والبعض الآخر مروع، أودى بحياة العشرات.
منصات الحفر البحرية واحدة من أكثر الأماكن التي شهدت عددًا من الحوادث؛ وذلك لوجودها وسط البحار، وتأثرها -بشدة- بالأحوال المناخية، وكذلك لبعدها عن التدخل السريع في حالات الطوارئ.
حادث منصة الحفر ألكسندر إل كيلاند النرويجية، يعد واحدًا من أبشع الكوارث في تاريخ صناعة النفط، بعد أن راح ضحيته نحو 123 شخصًا من أصل 212 كانوا على متن المنصة.
بداية الحكاية
في شهر مارس/آذار عام 1976، بُنيت منصة الحفر ألكسندر إل كيلاند، في حوض فرنسي لبناء السفن، وسُلِّمت لشركة ستافنغردريلينغ النرويجية المالكة في شهر يوليو/تموز من العام نفسه.
ولم تستخدم المنصة، حينذاك، في أعمال الحفر، وإنما كمسكن عائم لعمال حقل النفط البحري المجاور.
وفي عام 1978، أضيفت للمنصة، المؤجَّرة لشركة فيليبس بتروليوم الأميركية، وحدات إقامة جديدة لتستوعب نحو 386 شخصًا، وفي عام 1980، استخدمت منصة الإنتاج إيدا2/7سي، المجاورة، منصة ألكسندر إل كيلاند لإسكان عمالها في حقل نفط إيكوفيسك النرويجي في بحر الشمال.
انقلاب منصة ألكسندر إل كيلاند
في وقت مبكر من مساء يوم 27 مارس/آذار 1980، حيث كان المطر الغزير والضباب الكثيف يسودان المكان، بلغ ارتفاع الأمواج العاتية، وقتذاك، نحو 12 مترًا، كما تجاوزت سرعة الرياح 74 كيلومترًا في الساعة.
وفي الساعة 6:30 مساء، بلغ عدد المقيمين على متن منصة ألكسندر إل كيلاند أكثر من 200 رجل، شعروا بارتجاف المنصة الناجم عن تصدّع حادّ تسبب في ميلانها بين 35 و40 درجة، في غضون ثوانِ معدودة، قبل أن تستقر.
وتسبب التصدع الحاد في تحطم 5 سلاسل تثبيت، من أصل 6، حيث حالت السلسلة المتبقية دون انقلاب المنصة.
واستمر الوضع على حاله لمدة 23 دقيقة، حتى انقطعت سلسلة التثبيت المتبقية في الساعة 6:53 مساء وانقلبت منصة الحفر ألكسندر إل كيلاند.
انطفأت الأنوار واندفع الناس إلى الخارج، وحال التزاحم الشديد والهلع والارتباك دون استخدام معدات الإنقاذ، ورغم إطلاق 4 قوارب نجاة، تمكن واحد منها فقط، من التحرر من سلاسل الإنزال؛ إذ لم يسمح جهاز الأمان بتحرير السلاسل حتى فك الضغط عنه.
وانطلق قارب نجاة خامس، مندفعًا، فانقلب رأسًا على عقب؛ إلى أن أصلحه ركابه وأنقذوا 19 رجلاً من الغرق، وجرى فك طوافتين من منصة كيلاند وإنقاذ 3 رجال.
وألقيت طوافتان تحملان 12 رجلاً من منصة الإنتاج إيدا، وأنقذوا 13 رجلًا، وجرى انتشال 7 رجال من البحر باستخدام قوارب الإمداد، وتمكن 7 آخرون من السباحة إلى منصة إيدا، كما لم تنجح السفينة الاحتياطية في إنقاذ أحد، فقد استغرقت الرحلة ساعة للوصول إلى مكان الحادث.
ولقي 123 شخصًا –غالبيتهم من مقاطعة روغالاند، غرب النرويج- من أصل 212 كانوا على متن منصة ألكسندر إل كيلاند، حتفهم، وبهذا، أصبحت أسوأ كارثة في تاريخ النرويج البحري منذ الحرب العالمية الثانية.
في مارس 1986، وفي مبادرة قادها المهندس البحري روجر أوستن، تم الكشف عن نصب تذكاري كبير في روغالاند، وهو يمثل حلقة مفقودة للدلالة على الأرواح المفقودة.
يقول أحد الناجين من الحادث، أودبيورن ليربريك، إن سترات وبدلات النجاة لم تكن متوافرة، ولم تنطلق قوارب النجاة كما ينبغي.
وأضاف أنه رأى زملاءه الهاربين مقطوعين إلى نصفين عندما انقطعت سلاسل المرساة، وانتهى بهم الأمر في الماء البارد.
وأشار إلى أن الطاقم على متن قارب الإمداد أنقذ حياته؛ وأنه يتحاشى -حتى اليوم- السباحة في البحر.
الأسباب المحتملة وراء الكارثة
في مارس/آذار 1981، كشف تقرير للجنة التحقيق العامة النرويجية أن المنصة انهارت وانقلبت نتيجة صدع إجهاد حدث في اللحام الزاوي السطحي الصغير، بطول 6 مليمترات، بالقرب من قطعة التثبيت، سداسية الشكل، المركبة على الدعامة الأنبوبية د6.
علاوة على ذلك، كشف التحقيق عن وجود تمزقات رقيقة في صفيحة الحافة، وشقوق في لحام الأخدود الأساسي؛ ما زاد أعباء الإجهاد بسبب ضعف صفيحة الحافة، وضعف اللحام، والضغوط الدورية التي تُعدّ شائعة في بحر الشمال.
لعبت هذه العوامل، مجتمعة، دورًا أساسيًا في انهيار منصة ألكسندر إل كيلاند، وعند تفحص الطلاء على جزء من السطح المكسور، أصبح من المحتمل أن يكون التشقق ناتج عن عيب مصنعي حصل في حوض دونكيرك لصناعة السفن، في فرنسا، حيث بُنيت الحفارة عام 1976.
وهكذا انهارت العناصر الهيكلية الرئيسية الأخرى، تِباعًا؛ ما أدى إلى زعزعة استقرار الهيكل بأكمله.
تبعات حادث منصة ألكسندر كيلاند
بعد الانهيار المأساوي لمنصة ألكسندر إل كيلاند، والخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات، ألزمت المديرية البحرية النرويجية الشركات المعنية بالتحقق من الاستقرار والقوة الهيكلية، ومعدات الإنقاذ لمنصات التنقيب عن النفط البحرية.
وفي الوقت نفسه، راجعت المنظمة البحرية الدولية قوانين وحدات الحفر البحرية المتنقلة؛ ما عزز معايير الاستقرار وخصائص الحركة والقدرة على المناورة، والأبواب المقاومة للماء، والقوة الهيكلية لمنصات التنقيب عن النفط.
كما حظيت عمليات الإخلاء والإنقاذ التي كشفت عن أوجه قصور واسعة النطاق بعناية واهتمام كبيرين.
من ناحيتها، أصدرت المنظمة البحرية الدولية مطلبًا بتزويد جميع قوارب النجاة على السفن التجارية بخطافات يمكن تحريرها حتى عندما تكون دون حمولة.
اقرأ أيضًا..
- شرطة إسكتلندا تستعين بمنصة نفط للتدريب على مواجهة الاحتجاجات
- منصات النفط في فنزويلا تعاني من شلل تام