ميانمار.. قطاع النفط يدفع ضريبة عدم الاستقرار السياسي
سالي إسماعيل
تضرر قطاع النفط في ميانمار بشدة من عدم الاستقرار السياسي في البلاد، وسط استمرار الاحتجاجات واسعة النطاق.
وكانت ميانمار قد شهدت استيلاء الجيش على السلطة يوم 1 فبراير/شباط الماضي، وسط احتجاجات دامية أدّت لمقتل 150 شخصًا، وإدانة المجتمع الدولي للانقلاب العسكري.
تداعيات عودة الحكم العسكري
بحسب تقرير حديث صادر عن مجموعة استشارات الطاقة الدولية، فاكتس غلوبال إنرجي، فإن تلك الاضطرابات واسعة النطاق أثّرت بشدة بالأعمال التجارية في البلاد، بما في ذلك مشغّلو محطات النفط.
كما إن الاحتجاجات المستمرة تسببت في عرقلة التدفقات اللوجستية، وخنق الموانئ، حيث تراجعت واردات النفط إلى محطة ميناء غرين آسيا ومحطة ميات ميتار مون بأكثر من 60%.
وفي الوقت نفسه، أوقفت شركة بوما إنرجي السنغافورية -التي تدير أكبر محطة لاستيراد المنتجات النفطية في ميانمار- عملياتها منذ منتصف فبراير/شباط الماضي، لأسباب تتعلق بالسلامة والأمان.
وبحسب موقع تتبع السفن "فورتكسا"، انخفضت شحنات المنتجات النفطية الواردة إلى ميانمار بنحو 70% فيما يقلّ عن شهرين تقريبًا، من يناير/كانون الثاني وحتى النصف الأول من مارس/آذار الجاري.
وكان زيت الغاز (وقود الديزل الذي يُستخدم في الغالب للآلات) يمثّل النسبة الأكبر من الانخفاض، يليه البنزين (الذي تستخدمه المركبات).
وفي حين تأتي واردات ميانمار في الأغلب من سنغافورة وماليزيا، هناك بعض الشحنات التي تأتي كذلك من الصين وإندونيسيا واليابان.
توقعات مخيبة للطموحات
من المحتمل أن تستمر المشكلات الخاصة بالائتمان في إعاقة الأنشطة التجارية في ميانمار، بسبب عقوبات التمويل التي فرضتها الولايات المتحدة على البلاد بعد عودة الحكم العسكري.
ويعني ذلك أن الواردات النفطية لميانمار سوف تشهد آفاق إيجابية محدودة على المدى القريب.
خلفية تاريخية
عندما كانت ميانمار تحت الحكم العسكري في الفترة من 1962 وحتى عام 2011، فإن التطور الذي شهدته البلاد كان يحدث بوتيرة بطيئة للغاية.
وفي الفترة من عام 2000 وحتى عام 2011، ارتفع الطلب على المنتجات النفطية في الدولة بنحو 7 ألأف برميل يوميًا.
وفي واقع الأمر، ازدهرت البلاد في عصر الديمقراطية، وتحديدًا عندما تولّت الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية (الحزب الحاكم في ميانمار) السلطة في عام 2012.
وخلال الفترة من 2012 وحتى عام 2019 (قبل تفشّي وباء كورونا)، نما الطلب على المنتجات النفطية في ميانمار بمقدار 25 ألف برميل يوميًا.
ماذا عن المستقبل؟
بناءً على الخلفية التاريخية السابقة، فمن المتوقع أن يشهد الطلب على النفط في ظل الحكم العسكري انكماشًا أو ركودًا في الفترة بين عامي 2021 وحتى عام 2024.
وتجدر الإشارة إلى أن الطلب على وقود الديزل يُعدّ مؤشرًا لرصد الأداء الاقتصادي للدولة، وفي العادة يمثّل نحو 60% من إجمالي الطلب على النفط.
وفي دلالة على تدهور الأوضاع الاقتصادية في ميانمار، فإن مؤشّر مديري المشتريات للبلاد -والذي يُعبّر عن النشاط الاقتصادي- سجل مستوى قياسيًا منخفضًا عند 27.7 نقطة في شهر فبراير/شباط الماضي، مقارنة مع 47.8 نقطة المسجلة في يناير/كانون الثاني السابق له.
ومع احتمالات استمرار تعثّر الاقتصاد على المدى القصير، فإن الطلب على وقود الديزل سيشهد ضعفًا بنحو 20% في السنوات القيلية المقبلة، مقارنة مع مستويات عام 2019.
وبالمثل، بسبب الاحتجاجات المستمرة وأعمال العنف في الشوارع، سيقلّ الطلب على البنزين بنحو 15% على المدى القريب، مقارنة مع مستويات عام 2019.
وتتوقع فاكتس غلوبال إنرجي، أن تتغلب ميانمار على الاضطرابات السياسية الحالية حتى مع استمرار السيطرة العسكرية.
ومن شأن ذلك أن يسهم في تعافي الطلب على المنتجات النفطية، بدايةً من عام 2023 فصاعدًا.
دولة نامية
مع حقيقة أن ميانمار دولة نامية، فإن هذا يعني أن هناك مساحة للنمو على المدى الطويل، وسط توقعات بدعم الطلب على وقود الديزل نتيجة لتطورات البنية التحتية المحتملة.
وعلاوة على ذلك، سيتلقى الطلب على البنزين دعمًا على المدى الطويل مع تزايد عدد سكان ميانمار وزيادة ملكية السيارات.
وكل ما سبق يكشف عن نتيجة واحدة، وهي أن إجمالي الطلب على النفط في ميانمار سيعود فقط إلى مستويات عام 2019، في وقت ما من عام 2030.
ومن المرجح أن يشهد إجمالي الطلب على النفط في ميانمار وتيرة نمو سنوية قدرها 2.5% خلال الفترة بين عامي 2023 و2030، بحسب توقعات فاكتس غلوبال إنرجي.
واردات النفط
مع محدودية المعروض من مصافي التكرير، ينبغي أن تتعافى واردات ميانمار من المنتجات النفطية تدريجيًا إلى 60 ألف برميل يوميًا (مستويات عام 2019) بحلول عام 2030.
ومن المفترض أن يؤدي المزيد من التقدم الفعلي في تطوير البنية التحتية والأنشطة الصناعية المتزايدة لارتفاع إجمالي واردات ميانمار لنحو 90 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2040.
اقرأ أيضًا..
- انقلاب ميانمار.. تراجع حادّ في واردات البنزين والديزل بعد تصاعد الاضطرابات
- انقلاب ميانمار.. ضغوط على الأمم المتحدة لفرض عقوبات على شركة النفط والغاز