الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى تتفوق في رحلة الحياد الكربوني (تقرير)
التزام كبير بخفض الانبعاثات واستبدال الوقود الأحفوري
دينا قدري
ركز تقرير "الحالة العالمية لمصادر الطاقة المتجددة في المدن" على الإجراءات التي تتخذها الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، لتعزيز مصادر الطاقة المتجددة من أجل تحقيق الحياد الكربوني، وفقًا لما نقلته منصة "إي إس أي أفريكا".
وأظهر تقرير 2021 -الذي تصدره شبكة سياسة الطاقة المتجددة للقرن الـ21 (آر إي إن 21)- أن عدد المدن التي فرضت حظرًا جزئيًا أو كليًا على استخدام الوقود الأحفوري قفز 5 أضعاف خلال عام 2020.
واعتمدت أكثر من 10 آلاف و500 مدينة على مستوى العالم أهدافًا لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والتزمت نحو 800 مدينة بالحياد الكربوني في 2020، ما يمثل ارتفاعًا حادًا من 100 مدينة في عام 2019.
أحد العوامل الحاسمة لنجاح إستراتيجيات المناخ في المدن يتمثل في استبدال الوقود الأحفوري على نحو سريع بالطاقة المتجددة في التدفئة والتبريد، فهذه القطاعات مسؤولة عن الحصة الأكبر من الانبعاثات العالمية، ويُعد من الأفضل معالجتها على المستوى المحلي.
مدن نموذجية
وضعت ما لا يقل عن 19 مدينة -من بينها كيب تاون في جنوب أفريقيا وكمبالا في أوغندا- أهدافًا للطاقة المتجددة، وهناك 34 مدينة لديها سياسات.
يسلط التقرير الضوء على إنجازات 5 مدن مختلفة للغاية ونموذجية: كيب تاون في جنوب أفريقيا، وداكار في السنغال، وكمبالا في أوغندا، وتسيفيي في توغو، وبلدية ياوندي الرابعة في الكاميرون، حيث أدت القيادة التقدمية إلى نتائج إيجابية لنشر الطاقة المتجددة.
كيب تاون
في عام 2017 دخلت كيب تاون في طعن قضائي مع الحكومة الوطنية لتمكينها من شراء الكهرباء من منتجي الطاقة المستقلين، وعدم الاكتفاء بشراء الطاقة التي تعمل بالفحم من شركة إسكوم للكهرباء المملوكة للدولة.
وبحلول عام 2019، كان لدى كيب تاون أعلى تركيز لأنظمة الطاقة الشمسية على الأسطح المسجلة على مستوى البلاد.
داكار
من جانبها، تلتزم داكار -التي تُعد موطنًا لـ50% من سكان المناطق الحضرية في السنغال- بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، في إطار برنامج قيادة المدن الـ40.
وتوضح خطة النقل بالمدينة 3 مشروعات طموحة للبنية التحتية -القطارات والحافلات والنقل البري- بهدف مشترك يتمثل في زيادة حصة الكهرباء وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري عبر وسائط النقل مع تقليل تلوث الهواء بحلول عام 2030.
كمبالا
أشار التقرير إلى أن وسائط النقل غير الفاعلة تهيمن على الطلب على الطاقة في كمبالا؛ ما يؤدي إلى زيادة الازدحام في المدينة.
ومكّن برنامج التنقل الذكي "سمارت" من إقامة شراكات ناجحة بين القطاعين العام والخاص؛ ما أدى في عام 2020 إلى استخدام أكثر من 200 دراجة نارية كهربائية جديدة ومُعدَّلة في وسائل النقل العام.
ويُعد صعود التنقل الكهربائي في كمبالا مثالاً على كيفية الاستفادة من هذه العلاقات لتعزيز أجندة الطاقة المتجددة على مستوى المدينة.
تسيفيي
نفذت تسيفيي برنامج طاقة بلدي مدته 3 سنوات لتعزيز الوصول إلى الطاقة المحلية والتنمية.
في إطار هذا البرنامج، تهدف البلدية إلى تحقيق طموحات الاستدامة في 4 مجالات إستراتيجية: الاستخدام المستدام للكتلة الحيوية، ونشر الألواح الشمسية الكهروضوئية الموزعة على الأسطح، وزيادة اعتماد الدراجات النارية الكهربائية، والتحول النموذجي إلى وسائل النقل العام.
ياوندي
أطلقت بلدية ياوندي الـ4 مشروعًا تجريبيًا في عام 2019 لتحويل الأسر من غاز النفط المسال إلى الغاز الحيوي، وبالتالي تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ومهّد نجاح المشروع الطريق لبرامج مماثلة، بصفة خاصة برنامج إنرجي بلس الذي يسعى إلى بناء مصنع غاز حيوي على نطاق صناعي لتزويد البلدية وضواحيها بالكهرباء.
تحديات والتزامات
يحتوي التقرير على تركيز خاص على الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، حيث يوضح أنه على الرغم من العديد من التحديات، تتخذ حكومات المدن في جميع أنحاء المنطقة خطوات مهمة لدفع نشر مصادر الطاقة المتجددة.
ووفقًا للتقرير، زاد عدد سكان المناطق الحضرية في أفريقيا بأكثر من 16 ضعفًا بين عامي 1950-2018، من 33 مليون نسمة إلى 548 مليون، وكان هذا النمو الحضري السريع -ولا يزال- المحرك الرئيسي لارتفاع الطلب على الطاقة.
وتعترف المدن في جميع أنحاء الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى بشكل متزايد بالفرص المتعلقة باستخدام الطاقة المتجددة لتحسين الوصول إلى الطاقة، والحد من فقر الطاقة، فضلاً عن تعزيز مرونة وموثوقية أنظمة الطاقة الحالية.
وتقدم مصادر الطاقة المتجددة فوائد مشتركة مهمة للمدن الأفريقية جنوب الصحراء، مثل: الحد من تلوث الهواء، وتخفيف تغير المناخ، وخلق مناطق حضرية أكثر ملاءمة للعيش، وتمكين نوعية حياة أفضل من خلال زيادة الوصول إلى الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى تزويدها بإمكانية أكبر للحصول على خدمات الطاقة الحديثة.
ومع ذلك، تواجه الحكومات في المنطقة العديد من الحواجز أمام نشر مصادر الطاقة المتجددة.
وتشمل التحديات الرئيسية السياسة واللوائح، والشبكات والبنية التحتية غير المتطورة، وترتيبات الشراء غير المستقرة، والوصول إلى الأسواق المالية، واحتياجات البيانات والقدرات التقنية.
مبادرات وبرامج
انضمت العديد من المدن في المنطقة إلى مبادرات الطاقة النظيفة العالمية. على سبيل المثال: التزم الموقعون على ميثاق رؤساء البلديات في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى طواعيةً بتنفيذ إجراءات المناخ والطاقة في مجتمعاتهم.
كما أن برنامج تخطيط العمل المناخي لأفريقيا -الذي تقوده شبكة المدن الـ40- يجمع 11 مدينة عملاقة في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، تعهدت بأن تصبح خالية من الكربون بحلول عام 2050.
وعلى الرغم من أن سلطات المدن في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى قد يكون لها تأثير محدود على البنية التحتية والخدمات، إلا أنها تستطيع جميعًا اتخاذ إجراءات لتشجيع نشر الطاقة المتجددة المحلية.
إن تطوير مسارات منخفضة الكربون يتطلب تعاونًا متعددًا عبر مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة، بما في ذلك صانعي السياسات الوطنية.
اقرأ أيضًا..
- استثمارات الطاقة المتجددة تتجاوز الوقود الأحفوري بـ 3 أضعاف
- الطاقة المتجددة.. جنوب أفريقيا تجني ثمار زيادة المشروعات