نيجيريا.. أكبر منتج للنفط في أفريقيا يعاني ارتفاع سعر الخام
المواطنون يتضررون من ارتفاع أسعار البنزين
دينا قدري
- إنفاق أكثر من 26 مليار دولار على دعم النفط في 12 عامًا
- الخطط الرامية لإلغاء الدعم مهددة برد فعل عنيف من المواطنين
- نيجيريا حققت إيرادات بنحو 32. 6 مليار دولار من مبيعات النفط في 2018
- اتهامات بالفساد تواجه مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية
يؤثر ارتفاع أسعار النفط الخام بشكل سلبي على اقتصاد نيجيريا، وهو ما يدفع المواطن العادي ثمنه غاليًا، بحسب ما أكدته منصة "نيرامتريكس" النيجيرية.
وكانت الأيام القليلة الماضية صعبة على النيجيريين، حيث يعانون بشدة، في الوقت الذي تبتهج فيه الدول الأخرى المنتجة للنفط بارتفاع أسعار الوقود بعد أدنى مستوى لها على الإطلاق بسبب جائحة فيروس كورونا.
ومع ارتفاع أسعار النفط الخام عالميًا، فإن سعر البنزين في محطات الوقود في نيجيريا يرتفع بشكل فلكي، مع عدم وجود شبكة أمان.
وقبل أيام قليلة فقط، وصل البنزين إلى 212 نيرة (0.52 دولارًا أميركيًا)، حتى أن بعض محطات الوقود تبيع بأسعار أعلى.
أزمة التكرير
تضح مفارقة ارتفاع أسعار النفط الخام مع زيادة الأسعار في السوق العالمية، حيث تكسب في المنبع وتخسر في المصب، إذ يشعر المستهلكون بالتأثيرات القاسية، وذلك بسبب عدم القدرة على التكرير محليًا.
ومن المؤسف أن ترى الحكومة الفيدرالية أن مصفاة دانغوتي هي الحل السحري لمشكلاتها؛ نظرًا لأن مصفاة دانغوتي قادرة -فقط- على تكرير 650 ألف برميل يوميًا.
عدة تساؤلات يطرحها الشارع النيجيري حول ماذا يحدث لأكثر من نصف النفط الخام الذي تنتجه البلاد البالغ 1.74 مليون برميل؟ وما هي خطة التكرير محليًا خارج دانغوتي؟
دعم هائل
نيجيريا أكبر منتج للنفط الخام في أفريقيا، وتحتل المرتبة العاشرة بين أكبر احتياطيات النفط الخام في العالم، ومع ذلك، تستورد المنتجات النفطية المكررة، ويُقال إنها أنفقت ما لا يقل عن 10 تريليونات نيرة (أكثر من 26 مليار دولار أميركي) على دعم النفط في 12 عامًا.
كانت هناك محاولات لإلغاء دعم النفط، إلا أن هذه التحركات كانت غير ناجحة إلى حد كبير، وبلغت ذروتها في نهاية المطاف بإلغاء الدعم من قبل الرئيس محمد بخاري العام الماضي، وهي خطوة لم تدم طويلاً أيضًا.
وأخفى نظام الدعم لمدة طويلة المشاكل الحقيقة التي يعيشها الاقتصاد النيجيري، لذا فإن إلغاء الدعم المقترح قد يكون له تأثيرات كبيرة على المواطن العادي.
وبينما تكافح البلاد للتعافي من آثار جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد، يتعين عليها -أيضًا- التعامل مع رد الفعل العنيف الذي ستحصل عليه من إلغاء الدعم في هذا الوقت، فضلاً عن الخسائر التي ستلحق بشعبها الذي يعتمد بشكل أساسي على النفط في تأمين الموارد المالية اللازمة للبلاد.
ومع ذلك، لا يمكن الاستمرار في دعم الوقود الأحفوري، إذ إن الإجماع العالمي حوله هو أنه غير مستدام، وأن منظمات تمويل التنمية غير مستعدة لتمويل مثل هذه الاقتصادات.
بدائل متوافرة
من المثير للاهتمام أن نيجيريا لا تحتاج إلى الكثير لتحقيق التوازن بين هذه المصالح.
ستوفر نيجيريا البدائل بشكل كبير وتنتشل الناس من الفقر مع تحقيق طاقة مستدامة في الوقت نفسه، من خلال الاستفادة من مليارات النيرات المخصصة للدعم كل عام لتمويل الكهرباء منخفضة التكلفة والفاعلة واللامركزية، وتحسين طاقة الشبكة، وجعل غاز الطهي متاحًا بشكل أكبر، وتوسيع نطاق المركبات التي تعمل بالغاز.
بالإضافة إلى ذلك، في يناير/كانون الثاني من هذا العام، حقق أول مشروع ميثانول في البلاد قرار الاستثمار النهائي.
وتعد تقنية الميثانول وسيلة استثمارية قابلة للتطبيق، والتي يمكن استخدامها لتوسيع نطاق إنتاج وقود الميثانول، ومثل الصين وإيطاليا، يمكن للدولة أن تجعله وقودًا رئيسيًا.
البيع بأسعار أعلى
مع ذلك، فإن الدعم ليس السبب الرئيسي لمشكلات نيجيريا، حيث تُصدّر نيجيريا -حاليًا- ما لا يقل عن 1.5 مليون برميل يوميًا من النفط الخام.
ويُظهر البحث الذي أجرته مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية النيجيرية أنه في عام 2018 ربحت نيجيريا 32.6 مليار دولار أميركي من مبيعات النفط الخام، ومع أسعار الذروة الآن، من المتوقع أنها ستجني المزيد من الإيرادات.
وفي ظل عدم وجود مصافٍ عاملة، تواصل البلاد تصدير النفط الخام غير المكرر -الذي يتم بيعه مرة أخرى بعلاوة كمنتجات نفطية- مع الأخذ في الاعتبار جميع التكاليف المصاحبة للإنتاج والشحن وغرامات التأخير والأمن، فضلاً عن ربح المصدر.
يظهر تأثير ذلك في قيام المسوق النهائي ببيع المنتجات في نيجيريا بسعر التكلفة الزائد. وبالتالي، يتعين على المستخدم النهائي النيجيري العادي أن يدفع أسعارًا عالية للمنتجات، ما لم تدعمه الحكومة الفيدرالية، التي بدورها تستحوذ على حصة كبيرة من الميزانية؛ ما يحرم القطاعات الأخرى من تمويل التنمية ويزيد من حدة الفقر.
الدعم والفساد
الكثير من الأموال المخصصة للدعم لا تذهب إلى تكاليف الدعم، في عام 2011 أنفقت الدولة 2.6 تريليون نيرة (5.6 مليار دولار أميركي) على دعم الوقود، وهو مبلغ يزيد بنسبة 900% عن مبلغ 245 مليار نيرة (597 مليار دولار) المخصص لها في الميزانية.
الأسوأ من ذلك، هناك اتهامات موجهة لمؤسسة النفط الوطنية النيجيرية المملوكة للدولة بأنها بؤرة للفساد، ففي عام 2011 وجهت فرقة العمل الخاصة بإيرادات النفط -وهي فرقة عمل تحقيق اتحادية- اتهامًا لمؤسسة النفط الوطنية لعدم قدرتها على كشف حساب مليار دولار دفعته لها شركات النفط، وهذه مجرد واحدة من عدة لوائح اتهام للمؤسسة.
لسوء الحظ، فإن مجلس النواب يتجاهل مشروع قانون صناعة النفط، على الرغم من أنه يُعد الوثيقة الوحيدة التي يمكنها حل مؤسسة النفط الوطنية بشكل فاعل، وإنشاء شركة نفط حكومية أكثر شفافية مدفوعة بالسوق.
اقرأ أيضًا..
- نيجيريا تخصص 1.5 مليار دولار لتطوير مصفاة بورت هاركورت
- تسعير الغاز.. نيجيريا تعتزم إطلاق برنامج جديد لجذب الاستثمارات
- سرقة النفط.. نيجيريا تخسر 200 ألف برميل يوميًا