انخفاض انبعاثات الكربون عالميًا في 2020 بأكبر وتيرة منذ الحرب العالمية الثانية
تراجعت 5.8% خلال عام الوباء
سالي إسماعيل
- الوباء والأزمة الاقتصادية يتركان بصمة إيجابية في مواجهة انبعاثات الكربون
- انخفاض الانبعاثات الكربونية خلال 2020 غير مسبوق على الإطلاق
- قطاع الكهرباء عالميًا يشهد تراجع انبعاثات الكربون بنحو 3.3% خلال 2020
- الصين تخالف الاتجاه في 2020 مسجلة زيادة في الانبعاثات الضارة بالبيئة
تراجعت انبعاثات الكربون العالمية بنحو 5.8%، خلال عام 2020، إذ تسبّب فيروس كورونا في تباطؤ النشاط الاقتصادي، لكن المستقبل يبدو قاتمًا للغاية.
وكشف تقرير وكالة الطاقة الدولية، الصادر اليوم الثلاثاء، أن الوباء والأزمة الناجمة عنه تركا آثارهما بقطاع الطاقة في جميع أنحاء العالم.
وفي واقع الأمر، حدّد الوباء اتجاهات الطاقة والانبعاثات الكربونية المصاحبة، خلال 2020، حيث تراجع استهلاك الوقود الأحفوري في معظم شهور العام الماضي بفعل الوباء، فيما كانت مصادر الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية محصّنة إلى حدّ كبير.
انخفاض الانبعاثات
مع انخفاض الطلب على الطاقة بنحو 4%، خلال عام 2020، فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية ذات الصلة بقطاع الطاقة انخفضت بنحو 5.8%، في الفترة نفسها، وفقًا لأحدث بيانات إحصائية في هذا الشأن.
وتعدّ وتيرة الهبوط السنوي تلك في انبعاثات الكربون هي الأكبر من حيث النسبة المئوية، منذ الحرب العالمية الثانية، كما يشير تقرير وكالة الطاقة.
وبشكل عامّ، فإن الانخفاض في الانبعاثات البالغ تقريبًا 2 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، غير مسبوق على الإطلاق.
وأوضحت الوكالة -التي تتخذ من باريس مقرًا لها- أن الطلب على الوقود الأحفوري -الذي يشمل الفحم والنفط والغاز الطبيعي- هو الأكثر تضررًا، في عام 2020.
تجدر الإشارة إلى أن الطلب على النفط انخفض بنحو 8.6%، خلال العام الماضي، وهو أكبر وتيرة هبوط سنوي على الإطلاق، كما شكّل أكثر من نصف الانخفاض في الانبعاثات العالمية.
وتراجعت الانبعاثات العالمية الناجمة عن النفط بما يزيد عن 1100 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، مقارنة مع إجمالي الانبعاثات المسجّلة في عام 2019، والبالغة 11.400 مليار طن.
وعلى النقيض، زاد الاعتماد على أنواع الوقود والتقنيات منخفضة الكربون -خاصةً الكهرباء المولدة عبر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح- بنسبة تتجاوز 1%، خلال العام الماضي، لتُشكّل أعلى حصة سنوية من مزيج الطاقة العالمي عند أكثر من 20%.
تسارع إزالة الكربون
شهد قطاع الكهرباء عالميًا، تراجع انبعاثات الكربون بنحو 3.3% (أو 450 مليون طن)، خلال عام 2020، وهو أكبر وتيرة هبوط على الإطلاق، في إشارة على تسارع إزالة الكربون من هذا القطاع.
وفي حين قلّل الوباء الطلب على الكهرباء، في العام الماضي، فإن تسريع اتجاه توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة كان أكبر مساهم في انخفاض الانبعاثات من هذا القطاع.
وفي هذا الصدد، ارتفعت حصة توليد الكهرباء عالميًا من مصادر الطاقة المتجددة من 27%، في عام 2019، لتصل إلى 29%، في عام 2020، وهي أكبر وتيرة زيادة سنوية على الإطلاق.
وعلى مدى السنوات الـ10 الماضية، كان لارتفاع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء تأثير متزايد على الانبعاثات من قطاع الكهرباء، مع تفادي انبعاثات الكربون الآخذة في الزيادة بمتوسط 10% سنويًا.
اختلاف الأداء
على المستوى الإقليمي، تركت الاستجابات المختلفة للوباء بصمتها على الانبعاثات الكربونية بطرق مختلفة.
وطبقًا للتقرير، شهدت الاقتصادات المتقدمة أكبر وتيرة انخفاض في الانبعاثات السنوية، خلال عام 2020، إذ بلغ متوسط الانخفاض 10% تقريبًا.
بينما تراجعت الانبعاثات الناجمة عن الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية بنحو 4%، في العام الماضي، مقارنة مع العام السابق له.
وبحسب التقرير، فإن الصين -أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الضارّة بالبيئة عالميًا- كانت الدولة الوحيدة التي شهدت زيادة في الانبعاثات الكربونية، خلال 2020، حيث ارتفعت بنحو 0.8%، أو 75 مليون طن عن مستويات عام 2019.
أمّا في الهند -ثالث أكبر مصدر للانبعاثات في العالم-، فإن الانبعاثات صعدت أعلى مستويات عام 2019، منذ سبتمبر/أيلول الماضي، مع زيادة النشاط الاقتصادي وتخفيف قيود الحركة.
من يقود التعافي؟
على الجانب الآخر، فإن النشاط الاقتصادي العالمي الآخذ في التعافي، منذ نهاية عام 2020، قد يدفع انبعاثات الكربون العالمية للصعود مجددًا.
وقادت الاقتصادات الكبرى تعافي الناتج المحلّي الإجمالي، خلال شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2020، حيث يسهم في زيادة الطلب على الطاقة.
وشهدت الصين -أول اقتصاد يخرج من الوباء ورفع القيود- زيادة بنسبة 7% في الانبعاثات الكربونية، في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، مقارنة مع الفترة نفسها قبل عام.
وفي ديسمبر/كانون الأول، اقتربت انبعاثات الولايات المتحدة من المستوى الذي شوهد في الشهر نفسه من عام 2019، حيث أدّى توسّع النشاط الاقتصادي إضافة لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي وظروف الطقس البارد لزيادة استخدام الفحم.
تحذير صارخ
في هذا الشأن، يقول مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، إن تعافي انبعاثات الكربون العالمية، منذ نهاية العام الماضي، يُعدّ بمثابة تحذير صارخ حول عدم القيام بما يكفي لتسريع تحوّلات الطاقة النظيفة في أنحاء العالم كافّة.
ويضيف: "إذا تأكدت التوقعات الحالية الخاصة بشأن حدوث تعافٍ للاقتصاد العالمي، هذا العام، وسط غياب تغييرات كبيرة في السياسة في أكبر اقتصادات العالم، فمن المرجح أن تزيد الانبعاثات العالمية، في عام 2021".
اقرأ أيضًا..
- 4 دروس مستفادة من أزمة الكهرباء في تكساس
- ماذا يعني تعافي قطاع الطيران للطلب على الوقود وانبعاثات الكربون؟
- صقيع تكساس.. هل يشهد إنتاج النفط الأميركي أكبر تراجع على الإطلاق؟
جهود طيبة ومعلومات ذات قيمة ومفيدة