بتدخّله في بتروبراس.. رئيس البرازيل يسدّد لكمة قوية للاستثمار
سهم الشركة يخسر 21%
حازم العمدة
لم يكن الرئيس البرازيلي، جايير بولسونارو، يدرك أن تدخّله في شركة بتروبراس لتهدئة احتجاجات نقابات عمّال الشحن على ضريبة الديزل، سيزيد في المقابل من قلق ومخاوف المستثمرين من تدخّل السياسة في الاقتصاد، ويهوي بأسهم الشركات، لاسيما بتروبراس، في وقت عصيب على الاقتصاد العالمي بأسره، وليس البرازيل وحدها.
تحرّك بولسونارو لاستبدال الرئيس التنفيذي لشركة بتروبراس الحكومية، روبرتو كاستيلو برانكو، بجنرال عسكري، لاحتواء غضب النقابات واستيائها إزاء برانكو المسؤول الرئيس عن الأزمة من وجهة نظرها، في إجراء أثار دهشة المحللين.
في أول تعاملات أسواق المال الأسبوعية، الإثنين، تراجعت الأسهم في البرازيل بنسبة 5% بشكل عامّ، مع هبوط أسهم بتروبراس وحدها أكثر من خمس قيمتها بنحو 21%.
ضريبة الديزل
بأوامر من بولسونارو، علّقت الحكومة البرازيلية قبل أيام الضريبة الفيدرالية على الديزل، لمدة شهرين، استجابة لضغوط نقابات النقل بالشاحنات، في أحدث مؤشر على استعدادها لتعديل شروط تسعير الوقود رغم تراجع الإيرادات والعواقب المحتملة على استثمارات الطاقة.
بيد أن تدخّل بولسونار بهذا القرار، وقرار آخر بتغيير قيادة الشركة، كان سلاحًا ذا حدّين، لاسيما أن أسهم بتروبراس شهدت تراجعًا كبيرًا، العام الماضي، جراء جائحة كورونا، بلغ 39.3%.
تصنيف بتروبراس
خفض المحلل في بنك "جي بي مورغان" الأميركي رودولفو أنجيلي تقييمه لسهم بتروبراس من Neutral إلى Underweight، وخفض سعره المستهدف من 17 دولارًا إلى 9 دولارات.
ويعتمد عدد من المؤسسات المالية على تصنيف من ثلاث فئات، هي: OVERWEIGHT ، و Neutral، و Underweight.
ويعني التصنيف الأول OVERWEIGHT (زيادة المراكز) أن السعر المستهدف للسهم يزيد بنسبة تصل إلى حدود 15% أعلى من السعر الحالي للسهم، ويُتوقع أن يصل سعر السهم للمستوى المستهدف خلال فترة من 6 – 12 شهرًا، مثلًا ( الأفق الزمني).
والتصنيف الثاني هو Neutral (المحافظة على المراكز)، ويعني توقّع أن يستقر سعر السهم بين نسبة معينة دون أو أعلى سعر السهم الحالي، خلال فترة الأفق الزمني ( 6- 12 شهرًا) مثلًا. وأحيانًا يُطلق عليه (محايد).
أمّا التصنيف الثالث فهو UNDERWEIGHT (تخفيض المراكز)، ويعني أن السعر المستهدف دون السعر الحالي للسهم بنسبة معينة في حدود 5%- 10%، ويتوقع ان يصل سعر السهم إلى المستوى المستهدف، خلال فترة الأفق الزمني.
الشكوك تتزايد
في هذا السياق، قال أنجيلي: "تثير التغييرات الشكوك حول المتغيرات الرئيسة، مثل ميزانيات الإنفاق الرأسمالي، وضبط رأس المال، وإدارة المحافظ (مبيعات الأصول، بما في ذلك المصافي) وغيرها".
المخاوف دفعت أيضًا "بنك أو أميركا" إلى تخفيض تصنيف الأسهم من محايد إلى أداء ضعيف، مع سعر مستهدف يبلغ 11 دولارًا.
وخفض "سكوتيا بنك" الكندي تصنيفه للأسهم، مع سعر مستهدف يبلغ 14 دولارًا.
ليس هذا فحسب، بل خفضت مصارف مثل "برادسكو بي بي آي"، و"بي تي جي باكتشوال"، و"كريدي سويس"، و"ناو سيكيوريتيز"، و"سانتاندير"، و"إكس بي إنفتسمنتوس" تصنيفها للشركة، بعد أن قرر بولسونارو، تعيين الجنرال العسكري السابق يواكيم سيلفا إي لونا رئيسًا لشركة بتروبراس.
17.5 مليار دولار خسائر سوقية
من ثم، تراجعت أسهم بتروبراس في ساو باولو لتفقد نحو 96 مليار ريال (17.5 مليار دولار) من القيمة السوقية، في الجلستين الماضيتين، وانخفضت شهادات الإيداع الأميركية للشركة بنسبة 22% في نيويورك.
ويخشى المستثمرون من أن التعيين السريع لمدير تنفيذي قد يُمثّل تحولًّا سريعًا عن السياسات الصديقة للسوق، ومن المتوقع أن يتّسع الفارق بين قيمة شركة النفط ونظرائها العالميين، كما قد تؤجّل عمليات بيع مصافيها، ما سيعوق خططها لخفض المديونية، وفقًا للمحللين.
تعزيز شعبية الرئيس
يشار إلى أن خطوة بولسونارو جاءت بعد معركة كبيرة حول تكلفة الوقود، فقد هدّد سائقو الشاحنات بإضراب بسبب ارتفاع أسعار الديزل، وفقًا للتقارير التي تقول أيضًا، إن الرئيس البرازيلي يحاول تعزيز قاعدته السياسية اليمينية بعد انخفاض شعبيته.
وفي هذا السياق، يرى محللون في جي بي مورغان، أن زيادة التدخّل الحكومي يُنظر إليها على أنها سلبية بالنسبة للائتمان.
وجاء في مذكرة باربرا هالبرشتات: "قبل الأحداث الأخيرة، كانت بعض سندات بتروبراس من بين أفضل خياراتنا" في أميركا اللاتينية.
وخفضت هالبرشتات تصنيف خمسة سندات سيادية إلى تصنيف محايد، "حتى يكون لدينا المزيد من الوضوح بشأن المسار المستقبلي لإستراتيجية أعمال الشركة".
فرصة للشراء
بالرغم من أن تغيير الرئيس التنفيذي إجراء سلبي، كرّر بنك غولدمان ساكس توصيته بالشراء لسهم بتروبراس.
وقال المحلل برونو أموريم، إن سهم بتروبراس تخلّف عن شركات النفط الكبرى، هذا العام، ومن ثم، فهو فرصة جذابة. لكنه حذّر من أن المستثمرين بحاجة إلى الانتباه للمخاطر الإضافية للدراما السياسية الحالية.
وقال: "بينما أكد الرئيس بولسونارو أنه لا ينوي التدخّل في سياسة تسعير الوقود لشركة بتروبراس، فإن تعيين رئيس تنفيذي جديد وسط سلسلة من الزيادات في أسعار الوقود يجلب عدم اليقين لقضية الاستثمار".
أسئلة دون إجابات
من جانبه، يرى فيسينتي فالانغا من "برادسكو بي بي آي" أن التغيّر المفاجئ في الإدارة العليا يضيف مخاطر استثمارية.
وبحسب فالانغا، تظل بعض الأسئلة دون إجابات، مثل: كيف ستكون سياسة تسعير الديزل الجديدة؟، وهل ستُلغى الزيادات الأحدث في أسعار الوقود؟، وقد يكون هناك تأخير في أهداف الديون الكلّية وسط المخاوف من بيع المصافي.
وأشار إلى أن مؤسسته خفضت سهم بتروبراس إلى "ضعيف" من "محايد"، وقلّصت السعر المستهدف من 34 إلى 24 ريالًا.
استقلالية الشركة
على صعيد متصل، قال محلل في مؤسسة "إكس بي" غابرييل فرانشيسكو، إن تعيين سيلفا يؤثّر سلبًا فيما يتعلق بالحوكمة، ويزيد المخاطر على استقلالية الشركة.
وأكد أن هناك مخاطر تتعلّق بقدرة الشركة على مواصلة تعديل الأسعار تماشيًا مع الأسعار العالمية.
وهناك أيضًا العديد من أسباب الغموض، وينبغي أن يُتداول السهم بفارق سعر أعلى مقارنةً بالمتوسط التاريخي ومع شركات النقط العالمية، بحسب فرانشيسكو.
دفع ذلك الوضع "إكس بي" إلى تخفيض تصنيف السهم إلى "بيع" من "محايد"، وقلّص السعر من 32 ريالًا إلى 24.
اقرأ أيضًا..
- أسهم بتروبراس تقود بورصة البرازيل لتسجيل أكبر خسارة خلال عام
-
البرازيل تستجيب لضغوط النقابات وتوقف ضريبة الديزل
- مبادلة الإماراتية تشتري مصفاة نفط بـ 1.6 مليار دولار
-
بتروبراس تعلن كشفًا نفطيًا في حوض كامبوس البحري