حوار - بوب ماكنالي: ارتفاع أسعار النفط لن يستمر.. وأتوقع صفقة بين أميركا وإيران قريبًا
الخفض السعودي من أبرز أسباب زيادة أسعار الخام مؤخرًا
دينا قدري
- منتجو أوبك+ مطالبون بضبط النفس لمنع حدوث انخفاض في أسعار النفط
- هناك إرادة سياسية قوية في واشنطن وطهران للعودة إلى الاتفاق النووي
- أسواق النفط تتميز بأسعار مرتفعة غير مستدامة.. وتعافي الطلب في النصف الثاني من 2021
- القوانين الجديدة تحدّ من زيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة
- خصخصة صناعة النفط في فنزويلا تجتذب روسيا والصين وربما إيران وتركيا
- توقعات بارتفاع الإنتاج الإيراني بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا بنهاية 2021
يرى رئيس شركة رابيدان إنرجي لاستشارات الطاقة، بوب ماكنالي، أن ارتفاع أسعار النفط مؤخرًا يرجع إلى تفاؤل المستثمرين بشأن التعافي الاقتصادي بعد ظهور لقاحات فيروس كورونا، والخفض السعودي الطوعي بنحو مليون برميل يوميًا، لمدة شهرين، معتبرًا أن هذا الارتفاع لن يستمر.
وأضاف في حوار مع منصّة "الطاقة"، أن هناك ارتباطًا كبيرًا بين سعر صرف الدولار وأسعار النفط حاليًا، متوقعًا انخفاض صادرات الخام الأميركية، هذا العام.. وإلى نصّ الحوار:
تجاوز سعر خام برنت الآن 60 دولارًا للبرميل.. هل كان ذلك متوقعًا؟
الارتفاع الأخير والسريع لبرنت فوق 60 دولارًا لم يكن متوقعًا من قبل معظم المشاركين في السوق، أواخر العام الماضي.. الأمور لم تكن واضحة قبل ظهور لقاحات فيروس كورونا، والخفض السعودي المفاجئ بمعدل مليون برميل يوميًا، وفوز جو بايدن والديمقراطيين، الذي عزز التوقعات بتحفيز مالي قوي للولايات المتحدة.
وهل هذا المستوى مستدام؟.. ولماذا؟
لا أعتقد أن سعر خام برنت فوق 60 دولارًا هو أمر مستدام على المدى القريب، فأسواق النفط تتميز في الوقت الحالي بأسعار مرتفعة غير مستدامة.. نتوقع أن يبدأ تعافي الطلب المرتبط بطرح اللقاحات في النصف الثاني من عام 2021، لكن التفاؤل اليوم يعكس سوق الغد، وليس أساسيات السوق كما هي في أرض الواقع.
وستعيد أساسيات السوق في نهاية الأمر تأكيد نفسها، على الرغم من أن محرّكات الاقتصاد الكلّي والأسواق المالية السائدة يبدو أنها تظل في المقدّمة، في الوقت الحالي.
في رأيك.. ما هي الأسباب الرئيسة للارتفاع الأخير في أسعار النفط؟
يرجع الارتفاع الأخير في أسعار خام برنت بشكل أساس إلى تفاؤل المستثمرين بشأن التعافي الاقتصادي بسبب اللقاحات التي أُعلِنَ عنها أواخر العام الماضي، مدعومًا بالتحفيز النقدي والمالي الكبير الذي أثار بعض مخاوف التضخم.
ومع ذلك، فإن قرار السعودية المفاجئ بخفض إضافي طوعي لإنتاج النفط بمقدار مليون برميل يوميًا في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار، فاجأ السوق وزاد من ارتفاع أسعار برنت.
ونتيجة لجائحة فيروس كورونا ومفاجآت الاقتصاد الكلّي والسعودية، اتّجه مستثمرو التجزئة والمضاربون نحو النفط والسلع الأخرى، واشتروا العقود الآجلة في الطرف الأمامي منها.
وفي الوقت نفسه، استجاب بعض منتجي النفط من خلال التحوّط في الطرف الخلفي لمنحنى العقود الآجلة، ما يسهم في منحنى مائل للأسفل أو متراجع، الأمر الذي شجّع بدوره على سحب المخزون، فالأسعار المستقبلية مرتفعة على المدى القريب، ثم تنخفض لاحقًا، فلا يمكن شراء النفط بسعر مرتفع لبيعه فيما بعد بسعر أقلّ.
بعضهم أشار إلى انخفاض المخزون بمثابة سبب لارتفاع أسعار النفط، إلّا أن هذا كان متوقعًا منا ومن قبل معظم المحللين، ولهذا فإن تلاشي الفائض لم يكن مفاجئًا، الأسباب غير المتوقعة لارتفاع الأسعار -كما أشرنا- كانت نابعة من تطورات الاقتصاد الكلّي والتطورات المالية، باستثناء الخفض المفاجئ للإنتاج السعودي.
هل سيلعب الدولار الأميركي دورًا في أسعار النفط حتى باقي العام؟.. وكيف سيتم ذلك؟
يركّز تجّار سوق النفط حاليًا بشكل كبير على الارتباط العكسي بين أسعار الخام وسعر صرف الدولار مقابل اليورو، على الرغم من أن هذه العلاقة العكسية أثبتت أنها متغيّرة بمرور الوقت.. حيث يكون الارتباط قويًا أحيانًا، وضعيفًا في أحيان أخرى.
حاليًا، هذه العلاقة العكسية قوية، وتعكس هيمنة الاقتصاد الكلّي والعوامل المالية في الأسواق المالية.. هذه العوامل تشمل ضخّ السيولة الضخمة جنبًا إلى جنب مع قيود الموارد الجانبية والتقييد الناتج عن الاستجابة لفيروس كورونا، ما يحفّز المستثمرين للمراهنة على التضخّم.
علاوة على ذلك، الحوافز المالية القوية في الولايات المتحدة، إلى جانب السياسة النقدية السهلة للغاية مقارنةً ببقية العالم، تُترجم إلى سعر صرف أضعف للدولار.. ويعزز كل من ضعف الدولار وقوة أسعار النفط بعضهما، ونظرًا لأن النفط الخام مقوّم بالعملة الأميركية، فإن انخفاض سعر الدولار يعزز الطلب على النفط خارج الولايات المتحدة.
من المرجح أن تستمر المحركات المالية، بما في ذلك انخفاض سعر صرف الدولار، في دعم أسعار النفط بقوة إلى أن تبدأ حالة عدم اليقين بشأن توقيت تعافي الطلب ومرونته والتحفيز المالي والنقدي الإضافي المعلق.. من المنطقي أن نتوقع أن يستمر سعر صرف الدولار في التأثير في أسواق النفط، خلال هذا العام.
بحسب توقعاتك.. ما هي افتراضات إنتاج ليبيا وإيران وفنزويلا وصادراتها في 2021-2022؟
على عكس الإجماع، نتوقع أن تتفق الولايات المتحدة وإيران في النصف الأول من هذا العام، بشأن صفقة ستُمكّن طهران من استئناف الإنتاج والصادرات بشكل كامل في النصف الثاني من العام، وتعمل إيران بالفعل على زيادة الإنتاج والصادرات، وتراهن على أن واشنطن ستتردّد في فرض العقوبات.
في الوقت الذي لا يزال فيه الطريق إلى الاتفاق النووي ممهدًا، نشعر بأن هناك إرادة سياسية قوية في واشنطن وطهران للعودة إلى الامتثال.. بايدن حريص على تخفيف التوترات النووية، وحتى المتشدّدون الإيرانيون حريصون على تخفيف العقوبات لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد.
سيرتفع الإنتاج الإيراني بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا بنهاية هذا العام، وسيظل عند نحو 3.8 مليون برميل يوميًا حتى عام 2022، بدلًا من مليوني برميل يوميًا في عام 2020.
وفي فنزويلا، يتضاعف الإنتاج هذا العام من 0.4 مليون برميل يوميًا حاليًا، إلى 0.8 مليون برميل يوميًا بحلول الربع الرابع من عام 2021، حيث نقدّر بنسبة احتمال 65% أن إدارة بايدن ستخفّف القيود على مقايضات النفط الخام بالديزل.
وستجتذب خصخصة صناعة النفط اهتمامًا كافيًا من روسيا والصين، وربما إيران وتركيا، لزيادة الإنتاج إلى مليون برميل يوميًا بحلول عام 2024.
وفي ليبيا، نتوقع أن يكون متوسط الإنتاج 0.9 مليون برميل يوميًا هذا العام، حيث يظل في نطاق شائك بين 0.6-1.2 مليون برميل يوميًا -أعلى بكثير من متوسط 350 ألف برميل يوميًا في عام 2020.
في حين إننا لا نتوقع عودة الاشتباكات العسكرية واسعة النطاق، أو فرض حصار نفطي مستدام، فإن المجلس الرئاسي المعين حديثًا لا يشمل الفصائل الرئيسة في شرق ليبيا، وفرص الانفجار الداخلي تتزايد.
حتى لو نجح رئيس الوزراء المكلف عبدالحميد دبيبة في الحفاظ على تماسك ليبيا، فإن الاحتفاظ بالنفط مقابل فدية هو تقليد عريق في ليبيا، حيث تتمتع العناصر المحلّية (الميليشيات والقبائل وعمال النفط والمتظاهرون وغيرهم) بسهولة الوصول إلى البُنية التحتية للنفط. من المرجح أن تُحلّ الاضطرابات خلال أيام أو أسابيع على أقصى تقدير.
بحسب توقعاتك.. ما هي افتراضات إنتاج النفط الأميركي وصادراته في 2021-2022؟
لا نتوقع أن ينمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بأكثر من 5% تقريبًا سنويًا، بسبب القوانين الجديدة وضعف الأسعار والتركيز على كفاءة رأس المال.. نتوقع أن يحافظ المنتجون على نمو بنسبة 5% تقريبًا خلال السنة في عامي 2021-2022.
سيرتفع إجمالي إنتاج السوائل في الولايات المتحدة بمقدار 0.1 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي في عام 2021، وبمقدار مليون برميل يوميًا في عام 2022. هذا يعني بلوغ الإنتاج 18.6 مليون برميل يوميًا و 19.7 مليون برميل يوميًا على التوالي.
لا نتوقع عودة صادرات الخام الأميركية إلى أعلى مستوياتها قبل جائحة فيروس كورونا على المدى المتوسط، وأن يصل متوسط 2021 إلى 2.8 مليون برميل يوميًا.
إن توقّف نمو الإنتاج في الولايات المتحدة هذا العام، ومستوى الفروق السعرية البسيط بين برنت وخام غرب تكساس، من شأنهما أن يحدّا من الزيادة في الصادرات هذا العام.
وستنخفض صادرات النفط الخام بنحو 380 ألف برميل يوميًا، من يناير/كانون الثاني حتى أبريل/نيسان 2021، قبل أن تنتعش تدريجيًا حتى 3 ملايين برميل يوميًا، بنهاية العام.
في رأيك.. هل ستستمر أوبك+ في التخفيضات المقررة حتى منتصف عام 2022 إذا واصلت أسعار النفط الارتفاع فوق المستويات الحالية؟
سيحسم منتجو تحالف أوبك+، من شهر لآخر، قرارات الإنتاج المستقبلية، في حين إنه من المرجح أن يستمرّوا في التعاون حتى عام 2022 وما بعده، إلّا أن هناك مخاطر كبيرة بأن المنتجين الذين لديهم طاقة إنتاجية فائضة سيزيدون إنتاجهم بمعدّل أسرع من المطلوب، ما يعني ظهور فوائض المخزون مرة أخرى في عامي 2022-2023.
لذلك، سيكون من الضروري أن يتحلّى منتجو تحالف أوبك+ بالمزيد من ضبط النفس لمنع حدوث انخفاض آخر في أسعار النفط على المدى المتوسط.
ومع ذلك، ستتحوّل التوقعات بعد عام 2024 إلى تفاؤل شديد، حيث إن الطلب الأسرع من المتوقع جنبًا إلى جنب مع النقص الحادّ في الاستثمار في جانب العرض، سوف يجتمعان لدفع مرحلة الازدهار التالية في أسعار النفط.
ما هي توقعاتك الحالية لمتوسط برنت وغرب تكساس لعامي 2021-2022؟
تتوقع شركة رابيدان إنرجي أن يصل سعر خام برنت إلى 54 دولارًا في عام 2021، و50 دولارًا في عام 2022، كما تتوقع أن يبلغ سعر خام غرب تكساس 52 دولارًا في عام 2021، و 48 دولارًا في عام 2022.
اقرأ أيضًا..
- حوار - جيوفاني ستوفينو: أسعار النفط تجاوزت التوقعات.. والخفض السعودي وراء توازن السوق
- هل يستمر ارتفاع أسعار النفط فوق 60 دولارًا؟.. أنس الحجي يجيب (فيديو)
- أسعار النفط .. تحذيرات من "نشوة ما بعد اللقاحات"