دراسة: طاقة الشمس والرياح لن تكفي أوروبا لتحقيق الحياد الكربوني
مشروعاتها تحتاج إلى مساحات شاسعة من الأراضي
حياة حسين
خلصت دراسة أوروبية حديثة، إلى استحالة توليد الكهرباء من الشمس والرياح بشكل يكفي احتياجات القارّة، وتحقيق هدف الحياد الكربوني، بسبب احتياج مشروعات الطاقة الشمسية والرياح لمساحات شاسعة من الأراضي.
توصّلت الدراسة -التي نشر نتائجها موقع "وورلد نيكلير نيوز"- إلى أنه على دول الاتحاد الأوروبي الاعتماد على الطاقة النووية، وزيادة مشروعاتها، إذا كانت تخطط لحماية المناخ.
أجرى الدراسة –بشكل مستقلّ- المفوضية الأوروبية بالتعاون مع مجموعة "رينيو" التابعة للبرلمان، لتحديد ما إذا ألغت أوروبا الوقود الأحفوري، واستبدلت مصادر الطاقة الجديدة به، كالشمس والرياح والطاقة النووية، ستستطيع الوفاء بحاجة البلدان للطاقة من عدمه، وعملت الدراسة على تحليل ومقارنة تلك المصادر.
وأخذ عضوا البرلمان الأوروبي، الهولندي روب روس، والتشيكي أوندريه كنوت، زمام المبادرة لإطلاق الدراسة، وراجعها خبراء اقتصاد، من بينهم ويليام نوردهاوس، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد.
وركّزت الدراسة على 3 محاور رئيسة، أوّلها الطريق إلى الحياد الكربوني الأوروبي، بحلول عام 2050 –وفقًا لخطة الاتحاد- والمساحات التي تحتاجها مشروعات الطاقة الشمسية والرياح مقارنة بالطاقة النووية، إضافة إلى تكلفة كلٍّ منها.
هولندا والتشيك
اتّخذت الدراسة من دولتي هولندا التي تتمتع بشاطئ طويل يمتد على بحر الشمال، وجمهورية التشيك، التي لا تطلّ على أيّ بحار، مكانًا لإجراء التحليلات اللازمة.
واتضح عدم وجود مساحات من الأراضي في هولندا تكفي لتغطية الطلب على مشروع الطاقة من الشمس والرياح، رغم شواطئها الطويلة وكثرة هبوب الرياح الشديدة، "والوضع سيكون أسوأ في التشيك".
كما خلصت إلى أن الطاقة النووية أرخص من تلك المولّدة من الشمس والرياح، حتى مع تحسين كفاءة معدّاتها، بل ستظل الأقلّ تكلفة، حتى الوصول إلى الحياد الكربوني المفترض في 2050.
وجاء في الدراسة، أن "تفضيل ساسة الاتحاد الأوروبي لطاقة الشمس والرياح حاليًا، انعكس على التمويل الضخم لمشروعاتها، ما خفض من تكلفتها، لكنه أيضًا ساعد في زيادة تكلفة الطاقة النووية، وأثر سلبًا في نشرها في أوروبا".
وأضافت: "ميزات مثل المساحات المحدودة التي تحتاجها مشروعات الطاقة النووية، وأيضًا تكلفتها الأقلّ، ربما تدفع حكومات دول الاتحاد إلى إضافتها لمزيج الطاقة لديها لتحقيق الحياد الكربوني".
مساهمة محدودة لخفض درجة الحرارة
الأسوأ من ذلك، أن الدراسة وجدت أنه حتى إذا استطاعت أوروبا تحقيق الحياد الكربوني، في 2050، فإن مساهمتها في خفض درجة الحرارة عالميًا ستكون محدودة للغاية، وتوقّعت أن تتراوح بين 0.02 و0.06 درجة مئوية في 2050، وبين 0.05 و 0.15، في 2100.
لذلك نصحت الدراسة الاتحاد الأوروبي بتعديل سياسته بشأن مزيج الطاقة وتحقيق الحياد الكربوني، داعية إلى العمل بالتوازي على كل مصادر الطاقة الجديدة والنووية.
وعلّق عضو البرلمان روب روس على نتائج الدراسة، قائلًا: إن "الطاقة النووية متاحة دائمًا وأرخص، وتوفّر المساحات.. علاوة على ذلك، فإن مزيدًا من الدراسات في مجال الطاقة النووية يقدّم لنا فرصًا تصديرية أفضل".
بدوره، أوضح التشيكي أوندريه كنوت، أن "أوروبا تتسم بالعنصرية عند طرح خيار الطاقة النووية.. لقد حان الوقت لساسة أوروبا لوضع سياسات تحقّق الحياد التكنولوجي".
أوروبا والصفقة الخضراء
في إطار الحديث المتواصل عن تحوّل الطاقة، والاهتمام الأوروبي في هذا الشأن، خلال الفترة الحالية، أصدر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ومركز أبحاث بروغل البلجيكي، تقريرًا بشأن تداعيات الصفقة الخضراء التي أطلقها الاتحاد، في عام 2019، بهدف تحويله إلى اقتصاد مستدام.
وأوضح التقرير -حسب منصة إس آند بي غلوبال بلاتس- أن الاتحاد الأوروبي يتعين عليه إدارة التداعيات بعيدة المدى لعملية انتقال الطاقة المخطط لها على الدول الأوروبية، بالإضافة إلى بحث الآثار الأوسع نطاقًا أبعد من ذلك.
في نهاية 2019، أطلق الاتحاد الأوروبي ما يسمّى بـ"الصفقة الخضراء"، وكانت أوّل خطّة رسمية إقليمية شاملة بالعالم لتحقيق التنمية المستدامة.
وتمتدّ المرحلة الأولى من الخطّة لـ 10 سنوات، بكلفة مليار يورو سنويًا، لتمويل نشاطات وبرامج تؤدّي إلى تخفيض انبعاثات الكربون إلى النصف، بحلول 2030.
أمّا المرحلة الثانية، فتهدف إلى تحقيق اقتصاد خالٍ كليًا من الانبعاثات المسبّبة لتغيُّر المناخ، قبل منتصف القرن.
اقرأ أيضًا..
- ألمانيا تتوسع في إنشاء مزارع الرياح البرية لتحقيق الحياد الكربوني
- وكالة الطاقة الدولية تناشد قادة العالم التحوّل إلى الاقتصاد الأخضر
-
المفاعلات النووية.. 413 محطة تواجه تحدّيات التشغيل والتخلص الآمن من النفايات