بعد صدمة كورونا.. 6 عوامل تتحكم في أسواق الطاقة خلال 2021
أبرزها سعر الخام والطلب وتشديد الرقابة على الإنتاج
سالي إسماعيل
شهدت أسواق الطاقة خلال عام 2020، انخفاضًا كبيرًا في الطلب بسبب وباء كورونا، الذي فرض على جميع دول العالم الإغلاق لتجنب زيادة الإضابات بالوباء.
وتوقع تقرير آفاق الطاقة 2021 الصادر عن مؤسسة الأبحاث الهولندية آي إن جي انتعاش الأسواق مجددًا هذا العام مع تعافي الاقتصاد العالمي.
وأشار التقرير إلى عدد من العوامل المؤئرة في اتجاهات أسواق الطاقة هذا العام، والتى تلعب دورًا كبيرًا في اتجاهات السوق، وفق التداعيات الناجمة عن وباء كورونا في العام الماضي.
أسواق النفط
من المتوقع استمرار تشديد الإمدادات النفطية في الأسواق خلال العام الجاري؛ ما يشير للمزيد من الارتفاع في أسعار الخام.
ورغم استمرارية حالة عدم اليقين خلال عام 2021 بشأن كوفيد-19، فإن توزيع اللقاحات المضادة للفيروس واستمرار خفض إنتاج النفط من جانب أوبك+، ما يعني أن الأسواق قد تستمر في تشديد الإمدادات طوال العام.
وكان عام 2020 قد شهد قيام تحالف أوبك+ باتخاذ إجراءات استثنائية في مسعى لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط.
وتسبب الوباء وما صاحبه من انخفاض غير مسبوق في الطلب على النفط خلال العام الماضي في عقد أعضاء أوبك+ اتفاقًا تاريخيًا لخفض إمدادات الخام، بلغ 9.7 مليون برميل يوميًا خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران قبل تخفيفه لاحقًا.
ومع تطور الأحداث، قررت المجموعة التي تضم أعضاء أوبك وحلفاء من خارج المنظمة تعديل اتفاق خفض الإنتاج ليصبح 7.2 مليون برميل يوميًا في يناير/كانون الثاني 2021 مع زيادة الإمدادات بنحو 75 ألف برميل يوميًا في الشهرين المقبلين.
ويعمل تحالف أوبك+ على تقييم ظروف السوق بشكل شهري، ما يسلط الضوء على التقلبات المتزايدة بشأن الأشهر القليلة الأولى من العام الجديد.
وكانت السعودية أعلنت في أعقاب الاجتماع الأخير لأوبك+ أنها ستخفض إنتاجها النفطي بنحو مليون برميل يوميًا في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار، بشكل طوعي.
ويعتقد البنك الهولندي أن التغييرات التي أدخلتها المجموعة على اتفاق خفض إنتاج النفط ستكون كافية لضمان عدم عودة الأسواق للفائض في الربع الأول من 2021.
أما بالنسبة لبقية عام 2021، فمن المتوقع أن تستمر الأسواق في السحب من المخزونات النفطية، وفقًا للمجموعة الهولندية، مع حقيقة أن الأمر سيتوقف على كيفية تطور كوفيد-19 طوال العام.
وفي الواقع، لم تكن أوبك+ الوحيدة التي استجابت لبيئة ضعف الأسعار في 2020، فقد خفض منتجو الخام الآخرون -من غير الأعضاء في هذا التحالف الذي يضم 23 دولة- إنتاجهم النفطي خلال النصف الأول من العام الماضي مع تراكم المخزونات وانخفاض الأسعار.
وفي الولايات المتحدة -على سبيل المثال- رغم تسارع نشاط الحفر في الأشهر الأخيرة، لكنه لا يزال أقل كثيرًا من مستوياته في فترة ما قبل كورونا، حيث يقف عدد منصات الحفر عند 267 منصة، وهو أقل بنحو 61% مقارنة مع المستويات المسجلة في منتصف مارس/آذار الماضي.
وتستبعد مؤسسة آي إن جي البحثية، عودة نمو الإنتاج الأميركي من الخام في أيّ وقت قريب، حيث يجب أن نشهد أولاً ارتفاع أسعار الخام قبل أن يرغب المنتجون في زيادة إنفاقهم، ومن ثم تحقيق زيادة كبيرة في نشاط الحفر.
وبالنسبة لعام 2021، من المتوقع أن يتراجع إنتاج النفط الأميركي بنحو 300 ألف برميل يوميًا على أساس سنوي، لتبلغ الإمدادات في المتوسط 11.1 مليون برميل يوميًا.
ويقارن ذلك مع تقديرات تشير لانخفاض إنتاج الولايات المتحدة من النفط بنحو 850 ألف برميل يوميًا خلال عام 2020 على أساس سنوي.
عدم اليقين بشأن الطلب
يكمن الخطر الأكبر للأسواق في آفاق الطلب على النفط، حيث إن هناك الكثير من حالات عدم اليقين بشأنه رغم التطورات الإيجابية للقاح، بالنظر إلى أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت حتى يصبح فاعلاً على نطاق واسع.
كما أن هناك مخاطر حيال موجات جديدة من الوباء وما قد يصاحب ذلك من عمليات إغلاق، فضلاً عن أن السفر الدولي من المرجح أن يظل محدودًا للغاية.
وتشير توقعات آي إن جي، إلى أن التعافي القوي للطلب على النفط قد يحدث في النصف الثاني من عام 2021.
ورغم أن البنك الهولندي يستبعد العودة لمستويات ما قبل الوباء في العام الجاري، لكنه يفترض أن الطلب على الخام سينمو بنحو 6.7 مليون برميل يوميًا بعدما تراجع بنحو 10 ملايين برميل يوميًا في 2020.
كما يتوقع أنه قد يجب الانتظار حتى عام 2022 لوصول الطلب مجددًا للمستويات المسجلة قبل تفشي الوباء.
الخطر الإيراني
رغم أن الطلب يمثل الخطر الأكبر على أسواق الطاقة، لكن هناك عاملًا سلبيًا آخر يكمن في إيران، خاصةً بعد نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية.
ومن المرجح أن تنضم الولايات المتحدة مجددًا للاتفاق النووي الإيراني؛ ما يعني احتمالية إلغاء العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد.
ومن شأن هذا الإجراء أن يؤدي لعودة إمدادات من النفط تتراوح بين 1.5 إلى 2 مليون برميل يوميًا للأسواق.
أسعار الخام
تعتقد آي إن جي، أن تستمر أسواق النفط في السحب من المخزونات طوال عام 2021، مع استمرار الطلب في التعافي.
كما تتوقع أن يبلغ سعر خام برنت القياسي في المتوسط 55 دولارًا للبرميل في مجمل العام الجاري، مع حقيقة أنه سيسجل 48 دولارًا في الربع الأول، على أن يصل إلى 60 دولارًا بحلول الربع الأخير من 2021.
وبالنسبة لسعر خام غرب تكساس الوسيط، فمن المتوقع أن يبلغ في المتوسط 53 دولارًا للبرميل، على أن يكون 46 دولارًا في الربع الأول من العام، ويصل لنحو 58 دولارًا في الربع الرابع.
وتقوم هذه التوقعات على فرضية أن اللقاح من شأنه السماح للطلب بالاستمرار في التعافي، إضافة لبقاء اتفاق أوبك+ طوال عام 2021 بأكمله.
الغاز الطبيعي المسال
شهدت أسواق الغاز الطبيعي في العام الماضي تقلبات قوية، حيث تعرضت الأسعار في البداية لضغوط مع تضرر الطلب على الغاز، بالإضافة لزيادة سعة الغاز الطبيعي المسال.
وفي الواقع، تبين أن الغاز الطبيعي المسال هو السلعة الأفضل أداءً في عام 2020، كما سجل مستويات قياسية في بداية عام 2021، رغم أن الطلب تأثر سلبًا من تداعيات الوباء الناجمة عن عمليات الإغلاق، إضافة إلى ظروف الشتاء المعتدل.
لكن إلغاء شحنات الغاز الطبيعي المسال أسهم -بالتأكيد- في إعادة التوازن للأسواق الإقليمية، والتي كانت داعمة أكثر للأسعار في الأشهر الأخيرة.
ومن شأن ذلك -بالإضافة إلى توقعات الطقس الأكثر برودة من المعتاد- أن تدعم أسعار الغاز الطبيعي المسال بشكل جيد على المدى القريب.
ومن المتوقع أن تحصل أسواق الطاقة على دعم أفضل خلال عام 2021، لكن من غير المرجح أن نشهد تكرارًا لإلغاء الشحنات هذا العام.
ومع ذلك، من الواضح أن أزمة كورونا لا تزال تمثل خطرًا إذا رأينا المزيد من الموجات على مدار العام، بحسب البنك الهولندي آي إن جي.
طاقة الرياح والطاقة الشمسية
من المتوقع أن تشهد أسواق الطاقة المولدة من الرياح والشمس في أوروبا نموًا قويًا بنسبة 8% و13% في عام 2021 من حيث السعة، والتي تتطلب استثمارات بقيمة 60 مليار يورو (72.71 مليار دولار).
وعلى جانب المعروض، تستمر طاقة الرياح والطاقة الشمسية في الاستفادة من دعم السياسات لأنظمة الطاقة المحلية الخضراء.
أما على جانب الطلب، يتوقع بنك آي إن جي أن يزيد الطلب على الطاقة بنحو 3% في عام 2021، على الرغم من أن تمديد فترات الإغلاق والتأخير في توزيع اللقاحات من شأنه أن يؤدي لحالة من الركود.
ومن المتوقع أن تكتسب طاقة الرياح والطاقة الشمسية القدرة التنافسية من حيث التكلفة مقارنة مع الوقود الأحفوري والطاقة النووية في عام 2021، بحسب التقرير.
اقرأ أيضًا..
- بايدن والنفط.. شركات الطاقة الأميركية تواصل أنشطة الحفر
- كورونا والطاقة النظيفة.. خطط دولية للتعافي الأخضر في 2021