خسارة جديدة لترمب.. حكم قضائي بوقف عمليات التنقيب في يوتا
مناطق الوقود الأحفوري تطلق 43 مليار طن من ملوّثات الهواء في أميركا
أوقف قاضٍ فيدرالي تنفيذ خطّة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتأجير أكثر من 60 ألف فدّان من الأراضي الفدرالية لبدء التنقيب في حوض وينتاه بشمال ولاية يوتا. وتسيطر الحكومة الفدرالية على مساحات شاسعة في الغرب الأميركي وألاسكا تتجاوز مساحات دول، وهي أراضٍ تعدّ ملكية عامّة تتصرّف فيها الحكومة الفدرالية.
واستند الحكم، الصادر الخميس الماضي، إلى أن مكتب إدارة الأراضي التابع لوزارة الداخلية الأميركية، انتهك القانون برفضه النظر في بدائل تأجير قطع الأراضي البالغ عددها 59 قطعة.
وعَدَّ تايلور ماكينون، أحد كبار النشطاء في مركز التنوّع البيولوجي، الحكم بمثابة "ردع قوي لحملة ترمب الجنونية والكارثية نحو إطلاق أعمال التكسير عبر أراضي الملكية العامّة، الأمر الذي من شأنه أن يدمّر المناخ والحياة البرّية"، وفقًا لما أورده الموقع الإلكتروني للمركز.
ومن المتوقّع أن تفرض إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن حظرًا على الصفقات الجديدة لتأجير مصادر الوقود الأحفوري، ولم يكن ذلك ليحصل قريبًا لو استمرّت إدارة "ترمب" في إجرائها.
وكان "بايدن" قد تعهّد بحظر تأجير مواقع تنقيب النفط والغاز في الأراضي والمسطّحات المائية الفيدرالية العامّة بمجرد تولّيه منصبه، في 20 يناير/كانون الثاني.
إساءة استخدام للسلطة
قالت المحامية المشاركة في مؤسّسة "إيرث جاستيس" القانونية "كيتلين ميلر"، التي دافعت عن القضية: "رفضت المحكمة محاولة مكتب إدارة الأراضي إساءة استخدام سلطته التي مارسها برفضه النظر في بدائل معقولة لهذا الإجراء".
وأضافت: "هذه ضربة مدوّية أخرى لخطوات تأجير الأراضي والمصادر (الأحفورية)، دون النظر في عواقب ذلك".
وتمثّل مؤسّسة "إيرث جاستيس" كلًّا من منظّمة "روكي ماونتن وايلد" للحياة البرّية، وجمعية "الحفاظ على المتنزّهات الوطنية" و"مركز التنوّع البيولوجي" و"منظّمة حرّاس الحياة البرّية" في الدعوى المرفوعة ضدّ مكتب إدارة الأراضي.
وفي سبتمبر/أيلول 2018، رفعت المجموعات البيئية دعوى قضائية ضدّ المكتب لتأجيره أكثر من 115 ألف فدّان من أراضي الملكية العامّة غرب كولورادو وشمال يوتا، لاستخراج النفط والغاز دون ضمان حماية بيئية كافية.
وأوردت الدعوى أن عقود التأجير، في ديسمبر/كانون الأوّل 2017 ويونيو/حزيران 2018، انتهكت القوانين البيئية الفيدرالية بإخفاقها في تقييم بدائل خطّة تأجير أراضي التنقيب، التي من شأنها تقليل التأثيرات السلبية في أراضي الملكية العامّة.
وتشمل المنطقة المؤجّرة في يوتا أرضًا بالقرب من النصب التذكاري الوطني للديناصورات، حيث يأتي أكثر من 300 ألف زائر سنويًا للاستمتاع بالمناظر الطبيعة والمساحات الجمالية الشاسعة.
وقال المدير المساعد لمنطقة جنوب غرب الولايات المتحدة بجمعية الحفاظ على المتنزهات الوطنية، "كوري ماكنولتي": "إن إجراء تغييرات في هذا الموقع المحيط بنصب الديناصورات الوطني لصالح أعمال النفط والغاز من شأنه أن يؤدّي إلى تدهور جودة الهواء المحلّي، سواء داخل المتنزّه أو المناطق السكنية المجاورة".
وأضاف أن التغييرات التي تبنّتها إدارة "ترمب" تسهم أيضًا في تعريض طبيعة المتنزه للخطر، سواء رؤية السماء الساحرة في الليل، أو المناظر الطبيعية الاستثنائية.
وتابع: "يثلج صدورنا أن نرى مكتب إدارة الأراضي يخضع للمساءلة فيما يتعلّق بامتثاله للقانون - كما كان ينبغي أن يفعل منذ البداية".
انتصار للطبيعة والمناخ
قال مدير برنامج المناخ والطاقة بمنظّمة حرّاس الحياة البرّية، جيريمي نيكولز: "هذا انتصار للغابات والمعالم الأثرية في الغرب الأميركي، وانتصار آخر أكبر للمناخ والهواء النظيف".
لكن نيكولز استدرك بأن "الأهمّية الكبرى لهذا الإجراء تتمثّل في تصدّيه للمحاولات غير القانونية لإدارة ترمب لبيع إرثنا من أراضي الملكية العامّة لقطاع النفط والغاز"، حسب قوله.
وتعدّ أعمال النفط والغاز أكبر مصدر صنعه الانسان لتلوّث الهواء والمناخ في حوض وينتاه، ما أصاب هذه المنطقة الريفية البكر بتلوّث هواء مماثل لذلك الموجود في لوس أنجلوس ودنفر.
وتعرّض المستويات المرتفعة من تلوّث الأوزون صحّة الإنسان للخطر، إذ تؤدّي إلى الإصابة بنوبات الربو وأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة المبكّرة.
ويمثّل ذلك مصدر خطر كبير على الفئات السكّانية الضعيفة صحّيًا بشكل خاصّ، بما في ذلك الأطفال وكبار السنّ والأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفّسي.
كما يؤدّي تلوّث الهواء الناجم عن التنقيب عن النفط والغاز إلى ضبابية الرؤية، ويعوق نموّ الغطاء النباتي، ويضرّ بالأنظمة البيئية الحسّاسة.
ويتسبّب إنتاج الوقود الأحفوري عبر أراضي الملكية العامّة في ما يقرب من ربع حجم التلوّث بغازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة الأميركية.
وتقدّر المصادر العلمية الموثقة أن فرض حظر على عقود التأجير الفيدرالي لمناطق الوقود الأحفوري على الصعيد الوطني من شأنه أن يقلّل من انبعاثات الكربون بمقدار 280 مليون طن سنويًا.
وتحمل مناطق الوقود الأحفوري الفيدرالية، التي لم تؤجَّر لقطاع النفط، ما يصل إلى 450 مليار طن من الملوّثات المناخية المحتمل، بينما تحتوي تلك المؤجّرة بالفعل على ما يصل إلى 43 مليار طن.
وفي حال تطوير تلك المواقع المؤجّرة على الأراضي الفيدرالية، فإن التلوّث الناتج عن الوقود الأحفوري من شأنه أن يستنفد الميزانية التي تخصّصها الولايات المتحدة لخفض انبعاثات الكربون، بهدف البقاء دون ارتفاع درجة حرارة 1.5 درجة مئوية.
وتتيح القوانين الحاليّة لرؤساء الولايات المتحدة سلطة إنهاء العقود الجديدة لتأجير مواقع الوقود الأحفوري الفيدرالي.
وقد قدّمت المئات من المنظمات التماسات إلى الحكومة الفيدرالية لإنهاء أيّ تأجيرات جديدة لأعمال النفط والغاز.
حظر وايومنغ
كان قاضي المحكمة الجزئية الفيدرالية رودولف كونتريرز قد أصدر حكمًا، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بوقف تصاريح جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في أراضي الملكية العامّة بولاية وايومنغ.
ووجّه الحكم الصادر اللوم لإدارة ترمب لتحليلها "الغامض والمتسرّع" لتأثيرات أعمال التنقيب على تغيّر المناخ.
ورأى رودولف أن مكتب إدارة الأراضي أخفق في إجراء بحث دقيق بشأن تأثيرات تغيّر المناخ المترتبة على استخراج النفط والغاز، عبر ما يقرب من 1،295 كيلومترًا مربّعًا من الأراضي في وايومنغ.
القاضي ذاته كان قد منع أعمال التنقيب لأوّل مرّة، في عام 2019، وقال، إن القرار الذي قدّمه مكتب إدارة الأراضي بشأن التأثيرات المناخية "لا يأخذ في الاعتبار آثار تغيّر المناخ المترتبة على تأجير مواقع تنقيب النفط والغاز".
اقرأ أيضًا:
-
“شلمبرجير” تبيع أعمال التكسير الهيدروليكي في أميركا الشمالية
-
فوز بايدن.. 4 محاور ترسم خارطة التأثير في أسواق الطاقة
-
دعاوى قضائية لمنع عمليات التنقيب عن النفط في ألاسكا