قفزة ضخمة متوقّعة بقدرات تكرير النفط في الشرق الأوسط
الكويت تضيف 615 ألف برميل يوميًا من مصفاة الزور الجديدة
ترجمة وتحرير: كريم الدسوقي
- توسعات مصافي التكرير تمهد الطريق لقفزة الصادرات
- إجمالي الطاقة الإنتاجية للمنطقة سيصل إلى 1.8 مليون برميل يوميا بحلول عام 2025
- معظم مصافي المنطقة تمتلكها شركات النفط الوطنية سواء بشكل كامل أو جزئي
- أوروبا إحدى أسواق تصدير وقود الطائرات الرئيسية من دول الشرق الأوسط
- تراجع استيراد الديزل ووقود الطائرات يمثل عنصر ضغط على أرباح التكرير وتشغيل المصافي
"صادرات المنتجات النفطية ستحقّق قفزة ضخمة، بدءًا من 2021 فصاعدًا، بفضل قدرات التكرير الجديدة"، هكذا أفاد كبير محلّلي الشرق الأوسط بوكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني "زو واي وانغ"، رغم انخفاض الطلب المحلّي نتيجة الانتقال إلى أنواع الوقود الأنظف.
وأوضح وانغ، أن قفزة الصادرات المتوقّعة ترتبط بتشغيل المصافي الكبرى في الموعد المحدد لها بدول المنطقة، خاصّةً السعودية، والإمارات، والبحرين، والعراق، والكويت، وعمان، تزامنًا مع ضعف تعافي الطلب المحلّي.
وقال: إن "دول المنطقة -التي تتمتّع باحتياطيات خام ضخمة ورخيصة- تمضي قُدمًا في توسّعات مصافي التكرير، ما يمهّد الطريق لتحقيق قفزة في الصادرات"، وفقًا لما أورده الموقع الرسمي لوكالة التصنيف الائتماني.
طاقة إنتاجية كبيرة
يدفع النموّ بقدرة التكرير في الدول الـ 6، إجمالي الطاقة الإنتاجية لمصافي الشرق الأوسط إلى نحو 1.8 مليون برميل يوميًا، بحلول عام 2025، وفق التحليل ذاته.
ومن اللافت أن معظم مصافي المنطقة تمتلكها شركات النفط الوطنية، سواء بشكل كامل أو جزئي، وهي شركات لديها إمكان الوصول إلى النفط الخام الرخيص.
وبحسب وانغ، فإن صادرات زيت الوقود من السعودية والكويت سترتفع، ابتداءً من العام المقبل، بينما تحتدم المنافسة على المبيعات في أوروبّا وأفريقيا بين الشرق الأوسط ودول الاتّحاد السوفيتي سابقًا، من جانب، وبين أوروبّا وآسيا، من جانب آخر.
المصافي الجديدة
من المتوقّع ارتفاع قدرات التكرير في المنطقة بمقدار 2.7 مليون برميل يوميًا، بحلول عام 2030، وبنحو 3.2 مليون برميل يوميًا، بحلول عام 2040، حسبما أوردت الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها عن توقّعات الطاقة العالمية.
وفي هذا الإطار، يستعدّ العراق لإضافة 70 ألف برميل يوميًا عبر مشروع جاهز للتنفيذ في البصرة، العام المقبل، بينما ستضيف الكويت 615 ألف برميل يوميًا في مصفاة الزور الجديدة، وستفتتح شركة أرامكو السعودية مصفاة جازان الجديدة بطاقة إنتاجية تبلغ 400 ألف برميل يوميًا، وفقًا لشركة استشارات الطاقة (إف جي إي).
وتعدّ زيادة قدرة التكرير في الشرق الأوسط الأكبر في أيّ منطقة بالعالم، وهي ضرورة ملحّة لبعض بلدان المنطقة، خاصّةً العراق الذي لا يزال يستورد المنتجات النفطية المكرّرة بكمّ كبير نسبيًا، بينما تتقلّص القدرة ذاتها في أميركا الشمالية واليابان وكوريا وروسيا، حسبما أكّد وانغ.
كانت الزيادة المرجوّة بالطلب على النفط الخام في الشرق الأوسط بمثابة دعم قوي لرفع طاقة المصافي الإنتاجية، إذ كان من المتوقّع ارتفاع الطلب في المنطقة بنسبة 13%، هذا العقد، لكن تباطأ لعدّة سنوات، نتيجة زيادة عدد القطاعات التي تتحوّل إلى توظيف الوقود النظيف والطاقة المتجدّدة، إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا.
وعادةً ما تكون المصافي النفطية في المنطقة مجهّزة لمعالجة نواتج التقطير المتوسّط، ذات هوامش الربح المرتفعة، مثل وقود الطائرات، وهو الأكثر تضرّرًا من جائحة كورونا بين أنواع وقود النقل.
-
نُعَام ريدان تكتب لـ”الطاقة”: القطيعة مع سياسات الماضي مفتاح تطوير قطاع التكرير العراقي
-
طاقة التكرير الأميركية قد لا تتعافى كاملة من تداعيات كورونا
وتعدّ أوروبّا واحدة من أسواق تصدير وقود الطائرات الرئيسة لدول الشرق الأوسط، غير أن العديد من مصافي هذه الدول تكبّدت خسائر، خاصّةً في الربع الثالث من العام الجاري.
يرى العضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط في شركة فاكتس غلوبال إنرجي الاستشارية للنفط، إيمان ناصري، أن "انخفاض الطلب في أوروبّا على الفائض من وقود الطائرات القادم من المنطقة، إلى جانب فجوات التراجع الضعيفة للغاية في وقود الطائرات والديزل بشكل عامّ، تمثل عنصر ضغط على أرباح التكرير وتشغيل المصافي".
وأضاف أن أيّ مصفاة جديدة في السعودية أو الإمارات ستخصَّص للتصدير، بينما يأمل العراق في توسيع طاقته التكريرية لخفض احتياجاته المتزايدة من استيراد وقود النقل.
وفي السياق ذاته، قال ناصري: "لا نجد أيّ حيثيات واقعية لهامش الربح تدعم إنشاء مصافٍ جديدة، ما لم تكن هناك عوامل استثنائية قد تخلق للمشروعات جدوى اقتصادية، أو أن تدفع متطلبات السوق المحلّية نجاح المشروعات (المموّلة من الحكومة) إلى الأمام".
وأضاف أن المعدّلات الحاليّة لاستخدام منتجات النفط المكرّرة في الشرق الأوسط منخفضة عند متوسّط 80% إلى 81%، رغم أنّها (في طريقها) للتعافي من مستوى تراجع قياسي بلغ 75%، في أبريل/نيسان ومايو/أيّار الماضيين.
ويتراوح متوسّط معدّل استخدام منتجات تكرير النفط في المنطقة عادةً بين 90% و 96%، بحسب العضو المنتدب في شركة (فاكتس غلوبال إنرجي).
ولفت ناصري إلى أن الأرقام الخاصّة بمنتجات التكرير تعود إلى حالة سوق النفط بشكل عامّ، خاصّةً أسواق نواتج التقطير المتوسّطة، التي تشهد فائضًا في المعروض على مستوى العالم.
ومع تراجع الطلب على نواتج التقطير المتوسّطة، سيتعيّن على زيت الوقود والنفتا دعم اقتصاديات المصافي، حسبما أوردت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري، الصادر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ويمثّل مستوى تعقيد التكرير مسألة محورية في أوروبّا تحديدًا، حيث تكون عوائد نواتج التقطير المتوسّطة أعلى 1.5 مرّة من نواتج التقطير الخفيفة، ولذا تراجعت هوامش الربح هناك لأدنى مستوى لها، على مدى السنوات العشر الماضية، وسجّلت العديد من مصافي التكرير خسائر، بينما تميل أرباح التكرير في آسيا والولايات المتّحدة نحو كلّ من نواتج التقطير الخفيفة أو المتوسّطة.
ووفقًا لتقرير صدر عن منظّمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، في أوائل أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي، فإن معدّلات استخدام منتجات التكرير في الشرق الأوسط تراجعت، منذ أغسطس/آب 2018.
ومع انتعاش الطلب على النفط في المنطقة، يتّجه وضع مصافي التكرير في الشرق الأوسط إلى الأفضل، ما يدفعها لزيادة الإنتاج، العام المقبل.
ومن المتوقّع أن تكون أفريقيا -التي تمثّل أكبر منطقة نموّ للنفط، إلى جانب الهند- وجهة تصدير رئيسة للمنتجات المكرّرة في الشرق الأوسط، إذ تستورد دول القارّة الديزل والبنزين وزيت الوقود من دول المنطقة، ومن المرجّح أن تنمو تدفّقات المنتجات المصدّرة بمعدّل منتظم.
-
مصر تراجع مشروعات التكرير الجديدة بسبب كورونا
-
كورونا يهدّد آمال مصافي النفط في التحوّل لإنتاج الوقود المتجدّد