التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الغازتقارير الكهرباءتقارير النفطسلايدر الرئيسيةطاقة متجددةغازكهرباءنفط

فوز بايدن.. 4 محاور ترسم خارطة التأثير في أسواق الطاقة

تشكيل مجلس الشيوخ عامل حاسم في تسارع سياسات الرئيس الديمقراطي

ترجمة وتحرير: كريم الدسوقي

اقرأ في هذا المقال

  • خطة بايدن تتضمن استثمار 2 تريليون دولار في الطاقة المتجددة
  • كريس ميدجلي: التأثير القريب لفوز بايدن في إمدادات النفط والغاز الأميركية سيكون "محدودًا"
  • ستاندرد آند بورز: إدارة بايدن ستستخدم صلاحياتها لتنفيذ سياسات مناخية أكثر طموحًا
  • توقعات بتخفيف حدة الخطاب الأميركي تجاه فنزويلا وإيران

ماذا يعني فوز جو بايدن بانتخابات الرئاسة، لأسواق الطاقة؟.. أصبح هذا السؤال الشغل الشاغل لمراقبي شؤون الطاقة في الولايات المتّحدة وحول العالم، خلال الساعات الماضية، بعدما أعلنت وسائل إعلام أميركية تحقيق المرشّح الديمقراطي لعدد الأصوات المطلوب بالمجمع الانتخابي.

وتدور أغلب مناقشات الإجابة، حول 3 قضايا أساسية، هي: مستوى التأثير المتوقّع لفوز بايدن على الأسواق، ومدى تسارعه، في ظلّ إجماع على أن سيّد البيت الأبيض الجديد سيتبنّى سياسات باتّجاه تعزيز مكانة الطاقة المتجدّدة، وفرض مزيد من القيود على صناعة النفط، استنادًا إلى ما سبق أن أعلنه بايدن عبر حملاته الانتخابية.

وترسم 4 محاور أساسية، خارطة محدّدات مستوى تأثير فوز بايدن، هي: موقفه من التنقيب النفطي، وسياساته البيئية للحدّ من الاحتباس الحراري، ومدى ترجيح اتّجاهه لخفض التوتّر التجاري مع الصين، ورفع العقوبات عن إيران وفنزويلا، إضافة إلى مستقبل علاقته بأعضاء تجمّع الدول المصدّرة للنفط وحلفائها (أوبك+).

بينما يمثّل تشكيل مجلس الشيوخ الأميركي بعد الانتخابات، المحدّد الأبرز في قدرة بايدن على الوصول إلى أبعد مدى ممكن في مستوى تأثير سياساته بمجال الطاقة، في محورين على الأقلّ للخارطة، ومدى تسارع هذا التأثير، بحسب محلّلين، اطّلعت منصّة "الطاقة" على تقديراتهم.

التنقيب والتكسير المائي

رغم أن بايدن أعلن أنّه لن يتبنّى حظرًا شاملًا للتكسير المائي في الولايات المتّحدة، إلّا أنّه دعا إلى حظر عمليات التنقيب الجديدة في الأراضي الفيدرالية، وتخفيض الانبعاثات جذريًا، بحلول عام 2050، ما من شأنه الحدّ من صناعة النفط.

فبحلول عام 2035، سيكون إنتاج النفط والغاز البحري في الولايات المتّحدة أقلّ بنحو 30%، إذا ما جرى تطبيق تعهّد بايدن، كما ستمثّل قراراته المتوقّعة بشأن القيود البيئية على تراخيص مشروعات البُنية التحتيّة، عقبات جديدة أمام مطوّري أنابيب النفط والغاز ومنشآت التصدير، حسب ترجيح نائب رئيس مؤسّسة وود ماكنزي الاستشارية المعنيّة بالطاقة، إيد كروكس.

ويعرّض ذلك إنتاجًا يوميًا بنحو 1.6 مليون برميل نفط، و3.7 مليار قدم مكعّبة من الغاز، للخطر، بحلول عام 2025، إذا سمحت إدارة بايدن بمتابعة تراخيص التنقيب الحاليّة، واستمرار الحفر بالآبار غير المكتملة، حسب تقدير أوردته مؤسّسة ستاندرد آند بورز الاستشارية المعنيّة بالطاقة.

لكن مثل هذا المستوى من التأثير مرتبط بقدرة الديمقراطيّين على إحكام سيطرتهم على مجلس الشيوخ الأميركي، وهو ما لا يرجّحه تحليل أورده موقع إنرجي إنتليجنس، مشيرًا إلى أن فرص حدوث ذلك تتضاءل، بعد أن خسر الحزب الديمقراطي سباقات انتخابية في ولايات ألاباما، وأيوا، وكارولينا الجنوبية.

لذا يرى مدير التحليلات العالمية في ستاندرد آند بورز، كريس ميدجلي، أن التأثير القريب لفوز بايدن بالانتخابات على إمدادات النفط والغاز الأميركية، سيكون "محدودًا إلى حدّ كبير"، إذ "توفّر تراخيص التنقيب الكبيرة، والآبار التي لم يكتمل حفرها، غطاء كافيًا في حالة حظر تصاريح الحفر الفيدرالية الجديدة"، حسب قوله.

موقف بايدن من قضيّة المناخ

يرى بايدن أن تغيّر المناخ يمثّل تهديدًا وجوديًا لكوكب الأرض، وأن الانتقال من الوقود الأحفوري يمكن أن يكون فرصة اقتصادية، إذا تحرّكت الولايات المتّحدة بسرعة كافية، لتصبح رائدة في تكنولوجيا الطاقة النظيفة، ولذا وعد بأهداف جريئة للحدّ من غازات الاحتباس الحراري، بما في ذلك إنتاج طاقة خالية من الكربون، بحلول عام 2035، وتحقيق الحياد الكربوني الكامل، بحلول عام 2050.

الحياد الكربوني هو أن يكون صافي الانبعاثات صفرًا، أو أن تقابل أيّ انبعاثات ناجمة عن حرق الوقود الأحفوري إجراءات بيئية، مثل زراعة الأشجار وغيرها.

ويشكّل قطاع النقل وإنتاج الكهرباء معًا نحو نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الولايات المتّحدة.

وإزاء ذلك، كان تعهّد بايدن بالعدول عن انسحاب الولايات المتّحدة من اتّفاق باريس للمناخ الذي تبنّاه الرئيس الحالي دونالد ترمب، في إطار سياسات إدارته المنحازة لإضعاف أهداف الحدّ من الانبعاثات، بما في ذلك تخفيف المعايير التي فرضتها وكالة حماية البيئة الأميركية لانبعاثات المركبات، وإلغاء خطّة الطاقة النظيفة للرئيس السابق، باراك أوباما.

وبموجب اتّفاق باريس، يجوز لأيّ دولة التقدّم بطلب لإعادة قبولها عضوًا، وهي عملية تستغرق 30 يومًا فقط، وتمثّل -لدى تبنّي بايدن لها- دفعًا لجهود مكافحة تغيّر المناخ العالمية، بما في ذلك المراحل التالية من مفاوضات الأمم المتّحدة التي ستركّز على زيادة الطموحات، بما يتجاوز المعايير الواردة باتّفاق باريس.

وتتضمّن خطّة بايدن، في هذا الصدد، استثمار نحو 2 تريليون دولار في الطاقة المتجدّدة، وترقيات الشبكة الكهربائية، إضافة إلى مبادرات نماذج المباني الخضراء ومصادر الطاقة النظيفة الأخرى، التي من شأنها أن تحلّ محلّ الوقود الأحفوري.

ستعمل إدارة بايدن بشكل أسرع، على الأرجح، لدعم الدول والشركات التي تسعى إلى تطوير مزارع الرياح البحريّة، وهي سياسة كبحتها إدارة ترمب

وفق تقدير مدير قسم الانبعاثات والطاقة النظيفة في "ستاندرد آند بورز"، جيف بيرمان، فإن إدارة بايدن ستستخدم صلاحياتها لتنفيذ سياسات مناخية أكثر طموحًا، بما في ذلك مبادرات لمعايير أكثر صرامة لاقتصاديات وقود المركبات.

وفي حين بدأت شركات النفط والغاز الأوروبّية، مثل شل وبريتش بتروليوم "بي بي" تنفيذ إستراتيجيات التحوّل العالمي نحو الطاقة النظيفة والمتجدّدة، ظلّ تركيز الشركات الأمريكية الكبرى، مثل إكسون موبيل وشيفرون، على أعمال الطاقة التقليدية، استنادًا إلى السياسة الحمائية التي انتهجتها إدارة ترمب، ما يعني أن شركات النفط الأميركية ستواجه زيادة في كلفة الإنتاج على الأرجح، بما قد يفضي إلى زيادة سعر الخام الأميركي.

لكن مثل هذه الزيادة قد تساعد في تلميع صورة الغاز بصفته موردًا نظيفًا للطاقة، خاصّة أن الولايات المتّحدة تسعى لتسويق الغاز الطبيعي المسال في أوروبّا وآسيا، حسب تقدير ميدجلي.

كما ستدفع زيادة كلفة إنتاج النفط الأميركي مبيعات السيّارات الكهربائية، التي يقدّرها الخبراء بنحو 4 ملايين مركبة، بحلول عام 2030، حال تطبيق سياسات بايدن، بزيادة نسبتها 60%، في حال استمرار قواعد إدارة ترمب.

غير أن تأثير ذلك على الطلب الأميركي على الوقود، خلال السنوات الـ10 المقبلة، سيكون ضئيلًا، إذ لا تمثّل 4 ملايين مركبة كهربائية سوى 1.5% من إجمالي 275 مليون مركبة يتوقعها كروكس على طرق الولايات المتّحدة، عام 2030.

كما إن تعهّد بايدن بتأسيس وكالة مشروعات أبحاث المناخ المتقدّمة داخل وزارة الطاقة الأميركية، لتسهيل التسويق التجاري السريع لتقنيات مثل الطاقة النووية المتقدّمة، لا يعدّ مؤثّرًا حاسمًا في الطلب الأميركي على الوقود، إذ لا تمثّل نسبة الكهرباء المولّدة من النفط في الولايات المتّحدة سوى 1% فقط.

المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية "جو بايدن" (يمين) ونظيره الجمهوري، الرئيس الحالي "دونالد ترامب"

وقود السيّارات إذن هو عامل الحسم في الطلب الأميركي على الوقود، ما دفع بايدن للتعهّد بأن تكون 100% من مبيعات سيّارات الركّاب الجديدة عبارة عن نماذج خالية من الانبعاثات، بموجب معايير جديدة صارمة، ودعم التحوّل نحو وقود الغاز الحيوي.

ومن شأن ذلك أن يمثّل خطرًا كبيرًا على الطلب في أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم، حسب تقدير "إنرجي إنتليجنس" التي رجّحت رفض مثل هذا التوجّه من قبل الأغلبية الجمهورية المتوقّعة بمجلس الشيوخ الأميركي، ما قد يدفع الرئيس المنتخب إلى عدم خوض المعركة في هذا التوقيت.

وهنا يشير بيرمان إلى أن "مجلس الشيوخ الأميركي ظلّ عبر التاريخ العقبة الرئيسة أمام تشريع شامل للمناخ، وتشير نتائج الانتخابات إلى أن هذه الديناميكية قد لا تتغيّر".

احتمال سيطرة الديمقراطيّين على مجلس الشيوخ

ثمّة سيناريو آخر إذا سيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ، إذ يشترط قانون ولاية جورجيا أن يحصل الفائز على 50% من الأصوات، على الأقلّ، فإذا فاز بالأغلبية دون الحصول على 50%، تُنَظَّم دورة ثانية من الانتخابات بين الفائزين الأوّل والثاني، وهذان المقعدان لم يُبتّ في أمرهما بانتظار الدورة الثانية من الانتخابات، في يناير/كانون الثاني المقبل.

وإذا فاز الديمقراطيّون بالمقعدين، فسيحقّقون تعادلًا مع عدد الجمهوريّين في مجلس الشيوخ (50 إلى 50)، وإذا تعادلت الأصوات بالمجلس في أيّ قرار أو قانون، فإن المرجّح هو نائب الرئيس، بما يعني سيطرة ديمقراطيّة كاملة على البيوت الثلاثة (البيت الأبيض والكونغرس بغرفتيه)، وهو أسوأ وضع محتمل لصناعة النفط، حسب تقدير الخبير الدولي، مستشار تحرير منصّة الطاقة، أنس الحجي.

الصين وفنزويلا وإيران

تمثّل علاقات الولايات المتّحدة مع الصين من جانب، وفنزويلا وإيران من جانب آخر، أحد محاور التأثير الأساسية في أسواق الطاقة المستقبلية، إذ خفضت العقوبات الأميركية في عهد ترمب من إمدادات النفط الفنزويلّي والإيراني بمقدار 3 ملايين برميل يوميًا، لكنّها خفضت بالمقابل من صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى الصين.

ومن المرجّح أن يخفّف البيت الأبيض في ولاية بايدن، من خطاب ترمب المتشدّد تجاه الصين، وأن يدفع تعاون واشنطن وبكين في مجالات مثل مكافحة تغيّر المناخ، حسب تقدير "إنرجي إنتليجنس".

وقد يخفّف بايدن من العقوبات على فنزويلا وإيران، ويدعم العودة للمفاوضات بشأن برنامج طهران النووي، على الأرجح، لكن ذلك لن يؤدّي إلى تحوّل سريع لقبضة ترمب الثقيلة، حسب التقدير ذاته.

ضمانات غائبة

يرى "كروكس"، أن المفاوضات حول صفقة تجديد محتملة للاتّفاق النووي مع إيران، لن ترى النور حتّى يونيو/حزيران 2021 على أقرب تقدير، أي بعد الانتخابات الإيرانية، مشيرًا إلى أن الضمانات غائبة لتوصّل إدارة بايدن إلى اتّفاق مع إيران، حتّى بعد هذه المدّة.

غير أن اتّجاه بايدن لاستئناف التواصل الدبلوماسي مع إيران وفنزويلا، قد يعني عودة نهائية لإنتاج كلّ منهما، العام المقبل، حسب تقدير (ستاندرد آند بورز)، وإذا بدأت الولايات المتّحدة في رفع العقوبات عن البلدين، فقد يعقد ذلك مفاوضات منظّمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك) حول خفض الإنتاج مستقبلًا.

التدخّل في إنتاج أوبك+

بإضافة أن الديمقراطيّين سبق أن أعلنوا، خلال السنوات الـ4 الماضية، خططًا متشدّدة ضدّ العديد من الدول التي تمثّل نقاطًا ساخنة في تجمّع منظّمة الدول المصدّرة للنفط وحلفائها (أوبك+)، خاصّةً روسيا والسعودية، يمكن قراءة تأثير فوز بايدن بالانتخابات على معروض النفط من دول التجمّع، ولكن بشكل غير مباشر.

فمن المرجّح أن يبتعد بايدن عن نهج التدخّل في شؤون أوبك، الذي انتهجه ترمب نيابة عن منتجي النفط الأميركيّين، خاصّةً أنّه يفتقر إلى العلاقة الحميمة التي طوّرها ترمب مع قادة البلدين.

ولأن السعودية تمثّل أكبر صوت في أوبك، فإن بايدن قد لا يتدخّل عن كثب، وبشكل مباشر، في سياسة الإنتاج الخاصّة بالمجموعة -كما فعل ترمب- بل سيعتمد القنوات الدبلوماسية الهادئة، على الأرجح، بحسب تحليل أوردته رويترز.

ورغم أن هدف كلّ من بايدن وترمب بشأن أسعار النفط المحلّية هو أن تكون معتدلة، إلّا إنّهما يختلفان في مقياس هذا الاعتدال، إذ يراه ترمب نقطة تعادل بين "انخفاض يكفي المستهلكين، وارتفاع يحمي منتجي النفط الصخري"، بينما يراه بايدن نقطة تعادل أخرى بين "انخفاض يكفي المستهلكين، وارتفاع يضمن تنافسية بدائل الطاقة النظيفة".

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق