زحف أجنبي على صناعة الطاقة الجديدة في اليابان
تخفيف طوكيو للقيود يشجع الشركات الأوروبية والصينية على المنافسة
حياة حسين
تواجه الشركات اليابانية خطر خسارة المزيد من أنشطة الطاقة المتجددة لصالح منافسيها في السوق المحلية؛ بسبب امتلاك الشركات الأوروبية والصينية خبرات كبيرة، تستطيع بيعها بتكلفة منخفضة في القطاع.
وكانت اليابان قد قامت بتخفيف القيود على الشركات الأجنبية في قطاع الطاقة؛ لتتمكن من تنفيذ خطة تستهدف الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، بحسب تقرير لموقع نيكاي آسيا.
وعلى سبيل المثال، تعتزم سيمينز غاميسا للطاقة الجديدة، التي تستحوذ على الحصة الأكبر من توربينات إنتاج الطاقة من الرياح عالمياً، إقامة مكتب لها في اليابان؛ ما يساعدها على الفوز بمشروعات في البلاد السنوات القليلة المقبلة، بحسب مديرها التنفيذي نيلز ستينبيرغ.
وأضاف أن الشركة لديها خطة لكسب مزيد من العقود في الدول الآسيوية. وفي إطار ذلك، تخطط لتنمية نشاطها في اليابان بالتوازي مع إقامة أول مصنع لها خارج أوروبا في تايوان. وتكفي الطاقة الإنتاجية للمصنع لتوفير مكونات بناء 100 توربين سنوياً، وفقا لستينبيرغ.
كما تبدأ شركة إيبيردرولا الإسبانية في إقامة محطات بحرية لإنتاج طاقة من الرياح، عبر شركة آكاسيا اليابانية للطاقة المتجددة، التي استحوذت عليها في سبتمبر/أيلول الماضي. وكانت آكاسيا قد أقامت محطات رياح ساحلية عديدة في اليابان.
وقال المدير التنفيذي لشركة إيبيردرولا، إن نمو سوق طاقة الرياح الساحلية اليابانية مايزال في مراحله الأولية.
وفي إطار التسابق على صناعة طاقة الرياح اليابانية، دشنت شركة إكينور النرويجية العملاقة مكتباً لها في البلاد عام 2018، تبعتها بخطوة مماثلة أورستيد الدانماركية، التي تعد من كبرى شركات إنتاج طاقة الرياح الساحلية في العالم.
وبينما تعد طاقة الرياح مصدراً لنحو 15% من الكهرباء في أوروبا، تقل عن 1% في اليابان، حيث تقل مساحات الأراضي اللازمة للإنتاج، لكن طوكيو تتميز بوجود فرص لتوليد الكهرباء من مزارع الرياح الساحلية خارج الحدود اليابانية.
اليابان تخفف القيود
قامت اليابان في شهر ابريل/نيسان من العام الماضي، بتخفيف قواعد العمل لمزارع الرياح الساحلية خارج الحدود، بالسماح لها بعمليات تشغيلية طويلة الأجل؛ ما شجع الشركات الأوروبية على دخول السوق.
ويقل معدل إنتاج الشركات اليابانية للطاقة من الرياح في السوق المحلية. وبحسب مؤسسة الرياح اليابانية، فقد وصلت حصتها السوقية العام الماضي إلى 29% مقابل 64.5% لمنافسيها من الشركات الأوروبية.
وفي الوقت الذي يتزايد فيه وجود الشركات الأوروبية في اليابان، يتوالى إعلان الشركات المحلية عن توقف نشاطها في تلك السوق، مثل شركة هيتاشي التي أوقفت إنتاج طواحين الرياح العام الماضي، وشركة الفولاذ التي تخارجت من إنتاج المكون الأساسي لمولدات الرياح.
وبلغت الطاقة الإنتاجية لطاقة الرياح في أوروبا العام الماضي نحو 22.1 غيغاواط، وهو ما يزيد بنحو 400 ضعف عن اليابان، وفقاً لجمعية صناعة طاقة الرياح الأوروبية.
وتستعين شركة ميتسوبيشي اليابانية للصناعات الثقيلة، وهي المصنع المحلي الوحيد في هذا القطاع، بمصادر خارجية لتصنيع طواحين رياح لصالح شركة فيستاس الدنماركية.
وعلى جانب آخر، تسيطر الشركات الصينية على صناعة إنتاج الطاقة الشمسية. وبدأت شركة جينكو سولار الصينية، التي تعد قائداً لإنتاج الألواح الشمسية عالمياً، بناء خط إنتاج يبدأ التشغيل العام المقبل، ويخصص إنتاجه للتصدير إلى اليابان.
وتعتزم جينكو توفير الألواح الشمسية للمباني السكنية، وهي السوق التي تستحوذ الشركات اليابانية على الحصة الأكبر فيها بنحو 70%.
زيادة الواردات من الألواح الشمسية
لأول مرة تتجاوز واردات اليابان من الألواح الشمسية ما وفرته الشركات المحلية العام المالي المنتهي في مارس/آذار الماضي، وفقاً لبيانات مؤسسة اليابان للطاقة الكهروضوئية.
ورغم أن الزحف الأوروبي والصيني يسهم في تنشيط السوق اليابانية، وتوفير وظائف خارج المدن الكبرى، إلا أنه يهدد بخروج أرباح تلك الشركات من طوكيو.
وتحتاج اليابان كي تتجنب ذلك إلى أن تقتدي بتايوان التي فرضت على المستثمرين الأجانب استخدام نسبة محددة من مكونات التوربينات من الإنتاج المحلي.
ويمكن لليابان دعم شركاتها المحلية بطريقة أو أخرى إذا كانت ترغب بأن يكون لها القيادة في مجال تكنولوجيا الطاقة الجديدة.
وبحسب تقرير منشور في بي بي سي، الشهر الماضي، دفعت خسائر كارثة فوكوشيما الجسيمة الحكومة اليابانية إلى البحث عن مصادر بديلة للطاقة النووية. إذ كانت اليابان تمتلك 54 مفاعلاً نووياً توفر ثلث احتياجاتها من الكهرباء. واليوم، تمتلك اليابان 33 مفاعلاً، مايزال 24 منها مغلقاً.
وتعد اليابان واحدة من الدول الأعلى استهلاكاً للطاقة في العالم، لكنها تولد 7.6% -فقط- من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة، أما النسبة الباقية، 87.4%، فتأتي من الوقود الأحفوري.
وتقول يوكو كوباياشي، مديرة المشروعات بشركة "ويند ديفلوبمنت"، إحدى أكبر مطوري مزارع الرياح باليابان، إن ثمة عوائق عديدة عرقلت استغلال طاقة الرياح في اليابان، أهمها الأعاصير. فقد تسبب إعصار هاغيبيس عام 2019، الذي كان واحداً من أقوى الأعاصير التي تضرب البر الرئيسي الياباني منذ عقود، في قطع الكهرباء عن 270 ألف منزل، وخلف خسائر تتجاوز 15 مليار دولار.
وتقول كوباياشي، إن شركتها حاولت إقامة مزارع الرياح في جزيرة كويوشو، التي تعد من أكثر المناطق تعرضا للأعاصير في اليابان، لكنها وجدت أن سرعة الرياح في بعض المناطق من كويوشو يستحيل معهما إقامة مزارع رياح.