تمديد خطّ "ترانس ماونتن" النفطي.. 3 مستجدّات تشكّك بجدوى المشروع الكندي
6 خطوط منافسة تكفي كندا حتّى عام 2040 بكلفة 12.6 مليار دولار
ترجمة وتحرير: كريم الدسوقي
"الحكومة الفيدرالية قد تحتاج إلى إعادة التفكير في التزامها به".. هكذا أعاد المركز الكندي للسياسات البديلة (CCPA) الجدل حول توسعة مشروع خطّ الأنابيب التابع لشركة "ترانس ماونتن" النفطي في كندا، مشكّكًا في جدواه الاقتصادية. وخطّ الأنابيب هذا سيمكّن كندا، ولأوّل مرّة، من تصدير نفطها إلى آسيا مباشرة من كندا، بدلًا من إرساله جنوبًا إلى الولايات المتّحدة.
وأورد تقرير أصدره المركز بعنوان "إعادة تقييم الحاجة لتمديد ترانس ماونتن"، أمس الخميس، أن 3 عوامل قد تفضي إلى نسف دراسة جدوى المشروع، وهي: خطوط أنابيب النفط المنافسة، والتغيّرات الطارئة في الطلب على الطاقة، والتحوّلات في الأسعار الدولية، وفقًا لما أورده موقع شبكة "سي بي سي" الإخبارية الكندية.
وأوضح المركز -ذو التوجّه اليساري- أن جائحة كورونا تسبّبت في انخفاض قصير الأجل في الطلب على النفط، مشيرًا إلى أن وكالة الطاقة الدولية لاحظت هذا التأثير، وراجعت توقّعاتها الخاصّة بشأن الطلب.
وخلص التقرير إلى أن التوسّعات الجارية بـ 5 خطوط أنابيب نفط قائمة، إضافة إلى الانتهاء من مشروع "الخطّ 3"، في عام 2021، سيتيح لكندا سعة خطوط أنابيب كافية حتّى عام 2040، دون الحاجة لتمديد مشروع "ترانس ماونتن".
119 مليار دولار
وكانت الحكومة الكندية قد روّجت لمزايا شراء خطّ أنابيب "ترانس ماونتن" من شركة "كيندر مورغان" الأميركية للبُنية التحتيّة، في العام الماضي، وعدّت خطط تمديده تحمل منافع عديدة لدافعي الضرائب، مشيرةً إلى توظيف أكثر من 2000 عامل، يُتوقّع ارتفاع أعدادهم إلى 5500، خلال ذروة أعمال التمديد.
كما أعلنت الحكومة، آنذاك، أن التوقّعات تشير إلى أن مشروع التمديد قبل اكتماله، وعلى مدى الـ 20 عامًا المقبلة، سيدرّ 46 مليار دولار للدولة، و 73 مليار دولار للمنتجين.
وتسبّب مشروع التمديد في انقسام بين المعارضين الكنديّين، الذين يشعرون بالقلق إزاء تسرّب النفط وتغيّر المناخ، والمؤيّدين الذين يرون أنّه بمثابة دفعة لقطاع الطاقة المتعثّر في كندا، بما يساعد في تمويل الاقتصاد لسنوات قادمة.
ويبلغ طول خطّ "ترانس ماونتن" 1150 كم، ويستهدف مشروع تمديده مضاعفة طاقته الإنتاجية من 300 ألف برميل يوميًا، إلى 890 ألف برميل يوميًا، ونقل النفط من مقاطعة "ألبرتا" المنتجة للنفط في كندا، إلى مقاطعة "بريتش كولومبيا".
وقبل وباء كورونا، قالت حكومة ألبرتا، إن بيع كندا للنفط دون بناء خطّ "ترانس ماونتن" يكلّف الاقتصاد الكندي نحو 16 مليار دولار سنويًا.
فعملية نقل النفط من ألبرتا إلى برتش كولومبيا على ساحل المحيط الهادئ، تزيد من حركة الناقلات على ساحل المحيط الهادئ من 5 إلى 34 ناقلة في الشهر.
ولذا، طالما كانت إحدى الحجج الرئيسة لتمديد "ترانس ماونتن" في كندا، هي الحاجة إلى الحصول على المزيد من النفط، للتمكّن من فتح أسواق جديدة خارج الولايات المتّحدة.
وفي هذا الإطار، تقول الحكومة الفيدرالية، إن ما لا يقلّ عن 500 ألف برميل يوميًا ستكون متاحة للتصدير إلى الأسواق العالمية (لاسيّما الآسيوية)، بمجرّد اكتمال المشروع.
آسيا والنفط الثقيل
لكن تقرير المركز الكندي للسياسات البديلة يلقي بظلال من الشكّ على هذه الحجّة، إذ أورد أن المنتجين الكنديّين قد يكونون أسوأ حالاً، لأن الأسواق الآسيوية تدفع أقلّ مقابل النفط الثقيل، مقارنةً بسعره في الولايات المتّحدة، وهو الخام الذي يمكن مقارنته بخام غرب كندا.
واستنادًا إلى ظروف السوق وارتفاع تكاليف النقل، يشير التقرير إلى أن المنتجين (الكنديّين) قد يخسرون (وفق الظروف الحاليّة) ما بين 4 إلى 6 دولارات للبرميل الواحد.
لكن إحدى المنظّمات، التي تروّج للاستخدام المستدام للموارد النفطية، لا تزال ترى قيمة في تمديد "ترانس ماونتن"، وهو ما عبّر عنه رئيس مجلس البترول العالمي "ريتشارد ماسون"، قائلًا: "كندا ليس لديها ضمان بأن خطوط الأنابيب التي يذكرها التقرير سترى النور على الإطلاق"، مشدّدًا على أن "مشروع تمديد ترانس ماونتن يمنح كندا المزيد من النفوذ في السوق".
وأقرّ "ماسون" بأن الذهاب (بالنفط الكندي) إلى آسيا (عبر مشروع التمديد)، من المحتمل أن ينتهي إلى الحصول على أموال أقلّ من الوصول به إلى الولايات المتّحدة، "لكن حقيقة أن لديك الخيار تساعد في التأكّد من أن المصافي الأميركية ستدفع كامل القيمة" حسب قوله، مضيفًا: "عندما لا يكون لديك خيار، فأنت تحت رحمة عملائك".
كما أقرّ "ماسون" بأن ارتفاع تكاليف خطّ الأنابيب الناتج عن التأخير (جراء جائحة كورونا)، والاستغراق في الإجراءات القضائية (جراء المعارضة السياسية له)، يعني أن عائداته ستكون أقلّ ممّا كان متوقّعا له، لكن هذا لم يبدّل اهتمام شركات صناعة النفط بتمديد "ترانس ماونتن".
وأعلنت "ترانس ماونتن"، في يونيو/حزيران الماضي، أن شركات الشحن وقّعت بالفعل عقودًا لخطّ الأنابيب الجديد (مشروع التمديد)، ولديها التزامات بنحو 80% من طاقتها.
كما أشارت الرابطة الكندية لمنتجي البترول، في بيان أصدرته أمس الخميس، إلى فرص الوصول إلى أسواق جديدة في ظلّ تشغيل الخطّ الجديد.
وقال مدير العلاقات الإعلامية في الرابطة "غاي أفريل": "في ظلّ وجود طرق نقل مختصرة نسبيًا، تربط كندا بأسواق صاعدة مهمّة للنفط الثقيل في الصين والهند، مقارنةً بشركات الإنتاج الأخرى، بالإضافة إلى توفّر إمدادات مستقرّة من إنتاج الموارد، تتمتّع كندا بفرصة فريدة تمكّنها من إحكام قبضتها على حصّتنا من السوق العالمية، وتنميتها".
حماة البيئة والسكّان الأصليون
عند الانتهاء من إنشاء مشروع "ترانس ماونتن"، سيقترن خطّ الأنابيب الجديد بخط ألبرتا الحالي، الذي يتّجه إلى بريتش كولومبيا، بكلفة 12.6 مليار دولار، تضاف إليها 4.5 مليار دولار أنفقتها الحكومة (الكندية) على شراء الخطّ من "كيندر مورغان"، حسب تقدير الشركة الكندية، في فبراير/شباط الماضي. ومن المتوقّع أن تنطلق الخدمة بالمشروع في نهاية عام 2022.
وبعد استكمال مشروع التمديد، سيطلق خطّ الأنابيب 400 ألف طنّ من الانبعاثات المباشرة لغازات الاحتباس الحراري سنويًا، وهو رقم تنظر إليه كندا بعين الاعتبار، وتضمّه إلى قائمة أهدافها المتعلّقة بالحدّ من الانبعاثات.
ولذا يلقى المشروع معارضة من بعض السياسيّين ودعاة حماية البيئة وبعض مجموعات سكّان كندا الأصليّين، إلى حدّ دفع مجموعة زيورخ للتأمين (أكبر شركة تأمين في سويسرا) لتقرّر عدم تجديد غطائه التأميني، في يوليو/تمّوز الماضي، حسبما نقلت وكالة رويترز عن متحدّثة باسم المشروع.
لكن المتحدّثة ذاتها، أكّدت أن "ترانس ماونتن" لديها التأمين اللازم لعملياتها الحاليّة ومشروع التمديد المقرّر، مشيرةً إلى أن الشركة تملك قدرة مناسبة في السوق، لتلبية احتياجات التأمين المطلوبة، ولتجديد غطائها".
-
“زيورخ للتأمين” ترفع الغطاء عن خط أنابيب نفط “ترانس ماونتن” الكندي
-
اكتشافات نفطية جديدة في كندا
-
كندا تبحث عن بديل للنفط والغاز يضمن استقرار الميزان التجاري