موقف بايدن من النفط.. واقع مؤلم أم تصحيح مسار؟
انتقادات وهجوم على تصريحات المرشّح الديمقراطي للرئاسة الأميركية
محمد فرج
- حملة المرشّح الديمقراطي: بايدن يريد فقط إنهاء الدعم الفيدرالي لصناعة النفط والغاز
- بايدن يرى ضرورة استبدال النفط بالطاقة الشمسية أو غيرها من الطاقة النظيفة
- تحظى خطّة بايدن بتأييد ثلثي الناخبين وفقًا لاستطلاع أجرته "نيويورك تايمز"
يواجه المرشّح الديمقراطي للرئاسة الأميركية، جو بايدن، انتقادات وهجومًا لاذعًا، بعد تصريحاته الصادمة خلال المناظرة الرئاسية، يوم الخميس الماضي، بالتخلّص التدريجي من صناعة النفط، وهو ما دفع الديمقراطيّين من تكساس إلى مونتانا للتأكيد على دعمهم لصناعات الوقود الأحفوري والعاملين، وذلك في تغريدات متعدّدة عبر تويتر.
ورغم أن بايدن أوضح للصحفيّين بعد المناظرة الرئاسية، أنّه كان يشير إلى خطّة لوقف دعم الوقود الأحفوري، ولن يفقد العمّال وظائفهم، وسيجري توفير فرص عمل، إلّا أن حملة الرئيس الحالي، دونالد ترمب، استغلّت تلك التصريحات، وروّجت لإعلان جديد، يوم الجمعة، قال: "إن الآلاف من وظائف الحفر معرّضة للخطر في ولاية بنسلفانيا".
ممّا لاشكّ فيه أن تصريحات جو بايدن بالتخلّص التدريجي من صناعة النفط، في مناظرة يوم الخميس، يخلق مشكلة للمرشّحين الديمقراطيّين في الولايات ذات الميول الحمراء (تعني ذات توجّه محافظ في المزاج والسياسات العامّة)، ومقاطعات مجلس النوّاب المتأرجحة، لأنّه يمنح الجمهوريّين فرصة لربطهم بالجناح اليساري لحزبهم.
اعتراضات كبيرة
حاولت المتحدّثة باسم حملة بايدن "كيت بيدينغفيلد"، التوضيح بأن المرشّح الديمقراطي يريد فقط إنهاء الدعم الفيدرالي لصناعة النفط والغاز، وليس القضاء عليه بالكامل.
ومع ذلك، قالت عضو مجلس النوّاب، كندرا هورن، إنّها لا تتّفق مع تعليقات بايدن الأوّلية.
وكتبت هورن عبر تويتر بعد نحو نصف ساعة من تصريحات بايدن: "نحن بحاجة إلى نهج الطاقة، من بين ما سبق أن يكون صديقًا للمستهلكين، وقيم الاستقلال في مجال الطاقة، ويحمي الوظائف في أوكلاهوما".
كما أعطت غرفة التجارة -وهي جماعة الضغط التجارية القويّة التي تتّخذ من واشنطن العاصمة مقرًّا لها- تأييدها لـ"هورن"، ما فجّر مفاجأة وإدانة من قبل الجمهوريّين.
من جانبه، قال رئيس غرفة ولاية أوكلاهوما تشاد وارينغتون، رسالة، خلال شهر أغسطس/آب: "إنّني أتساءل.. كيف يمكن للغرفة الأميركية أن تؤيّد مرشّحًا صوت باستمرار ضدّ أكبر صناعة في أوكلاهوما، يعمل فيها أكثر من 90 ألف عامل في جميع أنحاء الولاية؟".
وعلى ما يبدو أن "وارينغتون" كان يتوقّع ما سيحدث في صناعة النفط.
وغرّد المرشّح لمجلس الشيوخ الأميركي الحاكم ستيف بولوك، أوّل أمس الجمعة: "سأقف دائمًا في وجه حزبي عندما يكون بعيدًا عن أسلوب حياتنا في مونتانا".
تدمير صناعة أم تصحيح مسار
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي جاء خلف بايدن في استطلاعات الرأي الوطنية، اتّهم منافسه في المناظرة الرئاسية الأخيرة، يوم الخميس، بالتخطيط لتدمير صناعة النفط، ما دفع نائب الرئيس السابق للردّ بأنّه يعتقد أنّه يجب على البلاد، في نهاية المطاف، استبدال النفط بالطاقة الشمسية، والرياح، وغيرها من أشكال الطاقة غير الملوّثة.
وأضاف بايدن: "سأنتقل من صناعة النفط.. نعم"، وعلى الفور أكّد ترمب أن ذلك سوف يدمّر صناعة النفط، موجّهًا حديثة لعدد من الولايات لتذكّر هذه الكلمات "تكساس" و"بنسلفانيا" و"أوكلاهوما".
وغرّدت النائبة الديمقراطية سوشيتل توريس سمال: "أنا لا أتّفق مع تصريح بايدن.. ولا ينبغي للبلاد تدمير صناعة النفط".
وأضافت أنّها مستعدّة للانفصال عن حزبها بشأن هذه القضيّة، وهو شعور ردّده بولوك، الذي سعى لفترة وجيزة لترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، والنائبة الأميركية كندرا هورن، من أوكلاهوما.
وقالت النائبة الأميركية ليزي فليتشر، وهي ديمقراطية ترشّح نفسها لإعادة انتخابها في هيوستن، عاصمة صناعة النفط الأميركية في بيان: "تعليقات بايدن تفشل في معالجة احتياجاتنا من الطاقة والتخطيط لمستقبلنا".
ويقول بايدن، إن خطّته البالغة 2 تريليون دولار لمكافحة تغيّر المناخ، من خلال الاستثمار في الطاقة النظيفة، ستخلق ملايين الوظائف، وهو تناقض صارخ مع سياسات إدارة ترمب التي تعزّز تطوير الوقود الأحفوري، وتقلّل من خطر تغيّر المناخ.
شكوك حول موقف بايدن من الوقود الأحفوري
تحظى خطّة بايدن بتأييد ثلثي الناخبين، وفقًا لاستطلاع أجرته "نيويورك تايمز"، هذا الشهر، لكن في الولايات التي تعدّ فيها صناعة النفط جهة توظيف رئيسة، يشكّك العديد من الناخبين في الابتعاد عن الوقود الأحفوري.
وقالت المرشّحة الديمقراطية لمنصب نائب الرئيس، كامالا هاريس، إن ترمب يفسد تصريحات نائبها في الانتخابات بشكل مبالغ فيه.
قال الخبير الإستراتيجي الجمهوري ورئيس الأركان السابق، جون هولمز: "بايدن طرح ما هو أقلّ من خطّة اقتصادية يسارية بالكامل، ولم يضطرّ أبدًا للدفاع عنها على المسرح العامّ، حتّى يوم الخميس".
وأضاف أن تعليقات بايدن بشأن النفط يمكن أن يكون لها "تأثير عميق" في ولايات، مثل بنسلفانيا وتكساس وغيرها.
وتابع: "لطالما اعتقدت أن تذكير الشعب الأميركي بالسياسة الاقتصادية التي خرجت بها إدارة أوباما وبايدن هي رسالة إعادة انتخاب قويّة لدونالد ترمب".
ستمنح تصريحات بايدن الجمهوريّين فرصة لوضع الاقتصاد والتنظيم في دائرة الضوء، خلال الأيّام الـ 10 الأخيرة من الحملة، وهو أمر أرادوا القيام به منذ شهور.
بينما وصف المحلّل الإستراتيجي الديمقراطي ستيف جاردنغ، تعليقات بايدن، بأنّها "ارتباك صغير"، قائلًا: "أنت لا تريد بالضرورة أن تقول أيّ شيء يمكن أن يُساء فهمه".
وأوضح أن العديد من الأميركيّين يدركون أن الأمّة يجب أن تتخلّص من الوقود الأحفوري، "لقد كان نوعًا ما غير ضروري، على الرغم من أنّه لا يتعارض مع سياسة الطاقة الديمقراطية".