أكبر مصارف كندا يصبح "صديقا" للبيئة
بوضع قيود على تمويل مشروعات الوقود الأحفوري
حازم العمدة
- البنك يرفض إقراض العملاء الذين يعتمدون على الفحم في أكثر من 60% من عائداتهم
- السياسة الجديدة ستنطبق على الاستثمارات الجديدة وليس المحفظة الاستثمارية الحالية
- متحدث باسم البنك: لن نمول مشروع تنقيب في محمية طبيعية بالقطب الشمالي "لأهميتها البيئية"
- وعي عالمي متزايد بالمخاطر البيئية لمصادر الطاقة التقليدية وخطوات جادة على طريق الطاقة النظيفة
في خطوة لتعزيز الجهود العالمية الرامية إلى التحوّل إلى طاقة منخفضة الكربون، أعلن أكبر مصارف كندا (آر بي سي)، قيودًا جديدة على الإقراض لبعض مشاريع تطوير الوقود الأحفوري، ليتحوّل بهذه السياسة إلى "صديق للبيئة".
قال (آر بي سي)، إنّه لن يوافق على تمويل أيّ مشروعات جديدة لتوليد الكهرباء باستخدام الفحم، أو مناجم الفحم الحراري أو مناجم الفحم التي تتطلّب إزالة قمم الجبال.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني لموقع (غلوبال نيوز) الإخباري الكندي، قال المتحدّث باسم المصرف، أندرو بلوك: "نحن ملتزمون بإيجاد طرق لتحقيق التوازن في التحوّل إلى اقتصاد منخفض الكربون، مع دعم الجهود لتلبية احتياجات الطاقة العالمية وعملائنا في مجال الطاقة".
ستطبَّق هذه السياسة على الاستثمارات الجديدة، وليس المحفظة الاستثمارية الحاليّة للمصرف.
- من الأمم المتّحدة.. الرئيس الصيني يدعو إلى “ثورة خضراء”
-
إنفوغرافيك.. الحياد الكربوني ومبادرة تقليل الاحتراق
في السياق ذاته، أوضح المصرف أنّه لن يقرض العملاء الجدد الذين يحصلون على أكثر من 60% من عائداتهم من الفحم الحراري، أو توليد الطاقة باستخدام الفحم.
وأضاف أنّه سيقرض العملاء الجدد الذين يحصلون على بعض الإيرادات من هذه الصناعات، إذا تمكّنوا من إثبات أنّهم يبتعدون عن الفحم، أو يحدّون من انبعاثات الغازات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري.
على صعيد متّصل، قال بلوك، إن تمويل التنقيب عن النفط في القطب الشمالي ينبغي أن يحصل على موافقة لجنة خاصّة، مشيرًا إلى أن المصرف لن يموّل أيّ نشاط للتنقيب في محميّة الحياة البرّية الوطنية في القطب الشمالي في ألاسكا، "نظرًا لأهميّتها البيئيّة والاجتماعية الخاصّة".
يُعتقد أن (آر بي سي) هو أوّل مصرف كندي ينضمّ إلى نظرائه الدوليّين في تبنّي سياسة تُعلي من شأن المعايير البيئيّة للطاقة، والتحوّل نحو الطاقة النظيفة.
ترحيب بيئي
من هذا المنطلق، أشادت جماعات حماية البيئة والسكّان الأصليون في كندا، بقرار المصرف عدم دعم الحفر في محميّة ألاسكا الحسّاسة.
قال كريس رايدر، الناشط في الجمعيّة الكندية للمتنزّهات والحياة البرّية، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "إن رفض تمويل التنقيب في القطب الشمالي هو الخيار الأخلاقي الصحيح، وقرار تجاري جيّد".
وأردف رايدر قائلًا: "هناك ضغوط الآن على بقيّة المصارف الكندية لتكثيف وإصدار سياساتها الخاصّة."
- الانبعاثات وحرق الغاز والحياد الكربوني.. إعادة هيكلة قطاع الطاقة العالمي
-
13 شركة طيران تؤكّد التزامها بتحييد انبعاثاتها الكربونية بحلول 2050
-
حزب الخضر الأسترالي يدعو للتخلّص من الفحم والغاز بحلول 2030
ويشهد العالم حاليًّا وعيًا متناميًا بشأن المخاطر البيئيّة لمصادر الطاقة التقليدية، وتسعى حكومات وتكتّلات لوضع أهداف للوصول إلى الحياد الكربوني.
خطّة أوروبّية
وضع الاتّحاد الأوروبّي هدفًا أكثر طموحًا، لعام 2030، يتمثّل في خفض صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 60%، وفق وثيقة داخلية، اطّلعت عليها رويترز.
وعلى الرغم من المضيّ قُدمًا بالهدف الحالي المتضمّن خفض 40%، بحلول عام 2030، إلّا أن الاتّحاد الأوروبّي يأمل في تحديد هدف أكثر طموحًا على المدى القريب، من أجل الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وترسيخ مكانته بصفته زعيمًا عالميًا في الجهود الرامية إلى الحدّ من الكوارث.
ومصطلح محايدة الكربون ينشأ من فكرة تحقيق المساواة بين ما يضاف إلى الغلاف الجوّي من الكربون من نواتج استخدام الطاقة والعمليات الحيوية الطبيعية، كتنفّس الكائنات الحيّة وغيرها، وبين ما يجري استهلاكه من الكربون، كعمليات التركيب الضوئي لدى النبات.
والهدف هو المحافظة على عدم زيادة كمّية الكربون في الغلاف الجوّي. حيث يتّجه العالم إلى تلافي الكوارث البيئية، بسبب تغيّرات المناخ.
دعوة لـ"ثورة خضراء"
وقبل 10 أيام، دعا الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في خطاب أمام الجمعية العامّة للأمم المتحدة، إلى “ثورة خضراء” تعيد لكوكب الأرض الاستقرار البيئي المنشود.
وقال “بينغ”: إن بلاده ستسعى بكلّ قوّة للحدّ من غاز ثاني أكسيد الكربون، المصدر الرئيس لظاهرة الاحتباس الحراري، وتستهدف الوصول إلى الحياد الكربوني، بحلول عام 2060.
ويعدّ إعلان “بينغ” خلال الخطاب، خطوة مهمّة لأكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم.
وفي إشارة إلى اتّفاقية باريس للمناخ -التي ساعد هو والرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في صياغتها، عام 2015- أكّد “بينغ” أن بلاده سترفع أهدافها لخفض الانبعاثات “بسياسات وإجراءات قويّة”.
وأضاف: “نهدف إلى بلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل 2030، وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060”.
تحدٍّ كبير
ويمثّل هذا الهدف تحدّيًا كبيرًا لبكين، التي تعتمد بشكل كبير في إنتاج الكهرباء على الفحم، وهو أحد أكثر أنواع الوقود الأحفوري كثافة بالكربون.
وأطلقت الصين ما يعادل 10 مليارات طنّ من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوّي، عام 2018، وفقًا لمشروع الكربون العالمي الذي يتتبّع الانبعاثات في جميع أنحاء العالم. وكان هذا ما يقرب من ضعف الولايات المتّحدة، وثلاثة أضعاف الاتّحاد الأوروبّي.
والفحم هو أكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون من مصادر الطاقة.
وتعهّدت 29 دولة، قبل الصين، بتحقيق الحياد المناخي، في سنوات مختلفة، وفقًا لتحالف الحياد الكربوني.
بالإضافة إلى الصين، تمثّل الدول الـ30، التي لديها نوع من تعهّدات حيادية الكربون زهاء 43% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، من حرق الوقود الأحفوري.
يشار إلى أن أكبر الدول المسبّبة للتلوّث، غير المدرجة في القائمة، هي الولايات المتحدة، والهند، وروسيا، وإيران، والمملكة العربية السعودية، وإندونيسيا، وجنوب أفريقيا، وتركيا، والبرازيل، وأستراليا.