دعوة لفرض قيود على انبعاثات الكربون بين الأثرياء
أغنى 1% حول العالم يتسبّبون في غالبية تلوّث المناخ
مكرم فلتس
دعت منظّمة أوكسفام، الحكومات حول العالم إلى زيادة الضرائب على الأثرياء، وحظر رحلاتهم المتكرّرة، بعد أن كشفت أن أغنى 1% في العالم مسؤولون عن أكثر من ضعف انبعاثات الكربون التي ينتجها نصف سكّان العالم الأكثر فقرًا.
وأدّى تغيّر المناخ إلى حدوث أعاصير مميتة في الهند وبنغلاديش، وأسراب ضخمة من الجراد دمّرت محاصيل في أفريقيا، وموجات حرّ غير مسبوقة، وحرائق غابات في جميع أنحاء أستراليا والولايات المتّحدة.
قالت أوكسفام، مع ارتفاع درجة حرارة الأرض درجة مئوية واحدة، "لا يوجد أحد محصّن.. ولكن الأشخاص الأكثر فقرًا وتهميشًا هم الأكثر تضرّرًا".
ولذلك دعت أوكسفام، في تقرير نشرته اليوم الإثنين، قبيل انعقاد الجمعية العامّة للأمم المتّحدة، إلى "فرض قيود على انبعاثات الكربون بين الأثرياء، وإلى مزيد من الاستثمار في البُنية التحتيّة العامّة، وإعادة هيكلة الاقتصاد، من أجل مزيد من العدالة المناخية".
- 13 شركة طيران تؤكّد التزامها بتحييد انبعاثاتها الكربونية بحلول 2050
- أوروبّا تخطّط لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050
أشارت المنظّمة إلى أن الانبعاثات الكربونية تضاعفت في جميع أنحاء العالم، خلال الفترة بين عامي 1990 و2015، وهي الفترة التي ركّز التقرير بياناته عليها، ليكتشف أن أغنى 10% في العالم - 630 مليون شخص- مسؤولون عن أكثر من نصف (52 %) انبعاثات الكربون خلال تلك الفترة.
وأضاف التقرير أن أغنى 1% -63 مليون شخص- كانوا مسؤولين عن 15% من الانبعاثات العالمية، خلال تلك الفترة. وقالت أوكسفام، إن نصف سكّان العالم الأكثر فقرًا كانوا مسؤولين عن 7% فقط من الانبعاثات، في نفس الفترة. وفي ألمانيا ، كان أغنى 10%، أو 8.3 مليون شخص، مسؤولين عن 26% من انبعاثات الكربون في البلاد.
قال تيم جور، رئيس سياسة المناخ في منظّمة أوكسفام، ومؤلّف التقرير: "إن الاستهلاك المفرط لأقلّية غنيّة يؤجّج أزمة المناخ، لكن المجتمعات الفقيرة والشباب هم من يدفعون الثمن. هذا التفاوت الشديد في انبعاث الكربون هو نتيجة مباشرة لسعي الحكومات، عقودًا طويلة، لتحقيق نموّ اقتصادي غير متكافئ بشكل كبير، وكثيف الكربون".
زيادة انبعاثات غاز الميثان
زادت الانبعاثات العالمية لغاز الميثان، المسبّب لمفعول الدفيئة، والأقوى من ثاني أكسيد الكربون، بنسبة 9%، بين العامين 2006 و2017، وكان مصدرها الرئيس قطاعا الطاقة والزراعة.
ووفق دراسة أجراها أكثر من 100 باحث دولي، بإشراف "مشروع الكربون العالمي"، فإن 40% من هذه الانبعاثات مصدرها طبيعي (خصوصًا المتأتّية من المناطق الرطبة)، و60% منها مصدرها الأنشطة البشريّة.
يصنّف الميثان ثاني أكثر الغازات المسبّبة لمفعول الدفيئة، جراء الأنشطة البشريّة، بعد ثاني أكسيد الكربون، غير أن قدرته على التسخين الدفيئي أعلى بـ28 مرّة لكلّ كيلوغرام، مقارنةً مع ثاني أكسيد الكربون، على مدى 100 عام.
وقد سجّلت مستويات تركيزه في الغلاف الجوّي ارتفاعًا فاق الضعف، منذ الثورة الصناعية، وبات مسؤولًا عن 23% من الاحترار المناخي المتأتّي من الغازات المسبّبة لمفعول الدفيئة.
وتفوق هذه الزيادة -بكثير- الأهداف المحدّدة في اتّفاق باريس، سنة 2015، والقاضية بإبقاء الارتفاع العامّ للحرارة "دون مستوى درجتين مئويّتين، مقارنةً بالمستويات المسجّلة ما قبل الثورة الصناعية، مع مواصلة الخطوات المقامة لحصر ارتفاع معدّلات الحرارة بدرجة مئوية ونصف درجة".
ولبلوغ هذا الهدف، ينبغي تقليص انبعاثات الغازات المسبّبة لمفعول الدفيئة، بنسبة 7.6% سنويًا، وفق الأمم المتّحدة. ولتحقيق أهداف اتّفاق باريس، يجب عدم الاكتفاء بالحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بل تقليص انبعاثات الميثان أيضًا.
- الانبعاثات وحرق الغاز والحياد الكربوني.. إعادة هيكلة قطاع الطاقة العالمي
- دراسة أميركية: الطاقة المتجدّدة عدوّ البيئة
وخلال الفترة التي شملتها الدراسة، تتحمّل الزراعة -بحسب الباحثين- المسؤولية عن أكثريّة الانبعاثات المرتبطة بالأنشطة البشريّة لغاز الميثان، مع 30% مصدرها قطعان المواشي (التخمّر الهضمي والسماد)، و8 % من زراعة الأرز. وعلى صعيد مصادر الطاقة الأحفورية، يستحوذ التنقيب عن النفط والغاز على 22% من الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة ّ، واستخراج الفحم على 11%.
وتستحوذ إدارة النفايات الصلبة والسائلة على 18% من الانبعاثات، فيما تأتي 8% من حرائق الكتلة الحيويّة. ويرتبط باقي الانبعاثات بوسائل النقل والصناعة.
وعلى المستوى الإقليمي، تأتي أكثرية الانبعاثات من المناطق الاستوائية (64% من المجموع، خصوصًا بسبب وجود مناطق رطبة كثيرة). ومن المناطق التي تسجّل انبعاثات قويّة، أميركا الجنوبية وأفريقيا وجنوب شرق آسيا والصين. وتسجّل الانبعاثات ازديادًا في سائر مناطق العالم، باستثناء أوروبّا.
خطر أستراليا
خلص تقرير، نٌشر في يوليو/تموز الماضي، إلى أن أستراليا -التي تعدّ الأن أكبر مصدر في العالم للفحم والغاز- "تزيد من إسهامها في التغيّر المناخي العالمي".
جاء في تقرير تحوّل المناخ، الذي أصدرته جامعة نيو ساوث ويلز، إن صادرات أستراليا من الوقود الأحفوري ارتفعت بنسبة 4.4%، في الفترة ما بين 2018 و2019.
وذكر التقرير أنّه "خلال عام 2019، كانت الصادرات الأستراليّة من الوقود الأحفوري، أعلى بواقع 1.4 مرّة، مقارنةً بالانبعاثات المحلّية لألمانيا".
وقال كاتب التقرير، البروفسور جيرمي موس، إن الانبعاثات من الصادرات الأستراليّة، خلال عام 2018، بلغت 1.048 غيغاتون من معادل أكسيد الكربون، وهو المصطلح الذي يصف مستويات التلوّث من الغازات المختلفة. واستند التقرير إلى بيانات الانبعاثات الغازيّة التي أصدرها مكتب كبير الاقتصاديّين في أستراليا.