حتى لو ارتفعت أسعار النفط.. "بي بي" البريطانية تستعد لبيع الأصول العالقة
من المتوقع أن تخرج الشركة من أذربيجان وعُمان والإمارات والعراق
أحمد صقر
تستعد شركة النفط البريطانية بريتش بيتروليوم (BP)، لبيع جزء كبير من أصولها النفطية والغازية حتى إذا انتعشت أسعار النفط الخام مرة أخرى من الانهيار الذي أصابها جراء أزمة كورونا.
يأتي ذلك في ظل توجه شركة الطاقة العملاقة، التي تتخذ من لندن مقراً لها، لضخ المزيد من الاستثمارات بقطاع الطاقة المتجددة، وفقا لما نقلته "رويترز" عن ثلاثة مصادر مطلعة.
وفي مطلع الشهر الجاري، قالت الشركة في بيان إنها تخطط لخفض إنتاج النفط والغاز وضخ مليارات الدولارات في الطاقة النظيفة.
قرار بيع أصول الشركة بسبب أسعار النفط
وبحسب المصادر، ناقش مسؤولو الشركة استراتيجية بيع أصول النفط والغاز في اجتماع للمسؤولين التنفيذيين عُقد خلال شهر يوليو/تموز الماضي، بعد فترة وجيزة من خفض الشركة توقعاتها لأسعار النفط على المدى الطويل إلى 55 دولارًا للبرميل؛ ما يعني أن أصولها البالغة 17.5 مليار دولار لم تعد مجدية اقتصاديًا.
وأكدت المصادر عزم الشركة بيع أصول النفط والغاز، إذ قالت المصادر الثلاثة: "حتى إذا قفزت أسعار النفط الخام إلى مستوى 65 - 70 دولارًا للبرميل، فمن غير المرجح أن تعيد "بي بي" إدراج تلك الأصول ضمن خططها الاستكشافية، بل ستستغل تحسن أوضاع السوق لبيعها".
وتعني خطة "بي بي" الجديدة للتخارج، والتي لم يتم الإعلان عنها من قبل، أنه لن يكون هناك طريق للعودة للشركة البريطانية فور بيعها أصول النفط والغاز التي توصف بأنها عالقة.
ولم ترد "بي بي" على طلبات للتعليق.
خطط التخارج تتماشى مع قرار خفض الإنتاج
تلقي الاستراتيجية الجديدة للشركة مزيدًا من الضوء -أيضًا- على خطة الرئيس التنفيذي برنارد لوني لخفض إنتاج بريتيش بتروليوم من النفط والغاز بنسبة 40%، أو ما لا يقل عن مليون برميل يوميًا بحلول 2030، بالتزامن مع خطط العملاق البريطاني للتوسع في الاستثمار بقطاع الطاقة المتجددة.
وكانت الشركة قالت في بيان مطلع هذا الشهر، إنها تخطط لزيادة بـ 10 أضعاف في الاستثمارات السنوية منخفضة الكربون لتبلغ 5 مليارات دولار بحلول العام 2030، بينما تحاول الوفاء بوعدها لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول العام 2050.
وقالت "بي بي" إن "العقد المقبل هو حاسم بالنسبة للعالم في مكافحة تغير المناخ، وقيادة التغيير الضروري في أنظمة الطاقة العالمية سيتطلب عمل الجميع".
وقال مصدر في الشركة: "المسألة حساب بسيط للتراجع الطبيعي في الإنتاج والتخارج المزمع"، موضحاَ كيف أصبحت "بي بي" أول شركة نفط كبيرة تتعهد بخفض كبير على إنتاجها من الخام.
ضغوط صناعة النفط
في الوقت الذي يضغط فيه نشطاء المناخ والمستثمرون والبنوك والحكومات على صناعة النفط لتقليل الانبعاثات، فإن شركات النفط الأوروبية غيرت مسارها وتعهدت بالاستثمار بشكل أكبر في مصادر الطاقة المتجددة، لكن الشركات الأميركية تواجه ضغوطاً حكومية أقل ولم يقدموا تعهدات مماثلة بشأن المصادر المتجددة.
وفي مطلع الأسبوع، قال الرئيس التنفيذي برنارد لوني: "عندما نتفقد توقعات "بي بي" للأعوام القليلة المقبلة ونرى الإنتاج يتراجع 40% فمن الواضح أننا لم نعد نحتاج للتنقيب لتمويل نمو جديد، لن ندخل دولاً جديدة للقيام بأعمال استكشاف، لكننا سنواصل التنقيب عن النفط بالقرب من البنية التحتية القائمة لانخفاض تكلفتها، وتعزيز التدفق النقدي للشركة لتمويل انتقالها إلى طاقة أنظف".
من كندا إلى أنغولا
وحتى الأن لم تحدد الشركة -بعد- الأصول الأخرى التي تريد بيعها. لكن مصادر قالت لـ "رويترز" في وقت سابق إن "بي بي" حددت أصول ومشاريع الرمال النفطية في كندا، ومشروعات المياه العميقة قبالة سواحل أنغولا على أنها غير اقتصادية في ظل سيناريو أسعار النفط الجديد.
وتستهدف الشركة جمع 25 مليار دولار عن طريق بيع الأصول على مدى السنوات الخمس المقبلة بين عامي 2020 و 2025، منها حوالي 12 مليار دولار جُمعت بالفعل.
وقال أحد المصادر الثلاثة إن أهداف شركة بريتش بتروليوم لسحب الاستثمارات يمكن تجاوزها بسهولة إذا باعت معظم أصولها التي يُنظر إليها حاليًا على أنها عالقة.
وقال بارول تشوبرا، المحلل في ريستاد إنيرجي: "بالإضافة إلى أنغولا، فمن المتوقع أن تخرج الشركة البريطانية من أذربيجان وسلطنة عمان والإمارات والعراق".
وتستهدف شركات النفط الكبرى عمومًا عائدًا يتراوح بين 12% و 15%على استثماراتها في النفط. وقالت شركة "بي بي" إنها تهدف إلى عودة ما بين 8% إلى 12% لمصادر الطاقة المتجددة.
وقال بيراج بورخاتاريا من "أر بي سي كابيتال ماركتس": "يدفع المستثمرون من أجل انتقال أسرع، لكن الميزانيات العمومية الضعيفة تعني أن المحور يمثل تحديًا؛ ما يؤدي بالشركات إلى تفكيك الأعمال الأساسية من أجل تسهيل زيادة الإنفاق الرأسمالي".
وقال بورخاتاريا إنه يتوقع أن تبتعد شركة بريتيش بتروليوم عن 500 ألف برميل يوميًا من الإنتاج بينما تخسر كمية مماثلة من خلال التراجع الطبيعي في الإنتاج من حقول النفط.
خسائر قاسية
وقد أدت جائحة فيروس كورونا إلى إعاقة الطلب على النفط والغاز، وانخفض سعر خام برنت في أبريل/نيسان إلى أدنى مستوياته في 18 عاماً، ليبلغ ما دون الـ 20 دولاراً للبرميل. وقد تعافى منذ ذلك الحين ليبلغ 44 دولاراً للبرميل، لكنه لا يزال منخفضاً بنسبة 35% هذا العام.
كما أعلنت شركة "بي بي" عن خسارة قدرها 16.8 مليار دولار للربع الثاني، إذ خفضت قيمة بعض الأصول، بما في ذلك احتياطيات النفط والغاز غير المستغلة، بسبب انخفاض التوقعات لسعر النفط.
وخفضت الشركة توزيعات الأرباح بنسبة 50% إلى 5.25 دولار، وقالت إنها تخطط للحفاظ على عوائد ثابتة عند هذا المستوى في الفصول المقبلة، بينما تعد بإرجاع 60% من الفائض النقدي إلى المستثمرين عبر عمليات إعادة شراء الأسهم.