لماذا قررت مصر تحويل 1.8 مليون سيارة للعمل بالغاز الطبيعي؟
برامج تمويلية بفائدة ميسرة لتحويل السيارات للعمل بالغاز
خاص-الطاقة
أحمد صقر
تعتزم الحكومة المصرية تحويل نحو 1.8 مليون مركبة تعمل بالوقود التقليدي (البنزين – والسولار) للعمل بالغاز الطبيعي، بتكلفة تبلغ 320 مليار جنيه (20 مليار دولار)، استغلالا لزيادة إنتاج الغاز المصري، بما يحقق وفراً اقتصادياً ومادياً، إلى جانب البعد البيئي من خلال تقليل الانبعاثات الضارة للوقود التقليدي.
وتتضمن الخطة تحويل 147 ألف مركبة تعمل بالبنزين للعمل بالغاز الطبيعي خلال 3 سنوات، بالتنسيق مع وزارة البترول بتكلفة 1,2 مليار جنيه، بالإضافة لإحلال 50 ألف سيارة تاكسي تعدى عمرها 20 عاماً على مدار عامين مخصص له 10 مليارات جنيه، وفقا لبيانات رسمية صادرة عن وزارة التجارة والصناعة المصرية.
وتشمل الخطة، 240 ألف سيارة ميكروباص تعمل بالسولار تبين وجود صعوبة في تحويلها للعمل بالغاز؛ الأمر الذي أدى إلى التفكير في إحلالها بشكل متكامل بسيارات جديدة تعمل بالغاز بنظم تمويل ميسرة لأصحابها، من خلال خطة يمتد زمنها إلى 4 سنوات. وبحسب البيانات فإنه تم حصر 1.3 مليون سيارة "ملاكي" ضمن خطة تحفيز الإحلال التدريجي للسيارات الخاصة والتي تعدى عمرها 20 عاماً.
إنتاج مصر من الغاز
في نهاية عام 2018 تحولت مصر من مستورد للغاز الطبيعي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الغاز الطبيعي إلى مختلف دول العالم. ويبلغ متوسط الإنتاج المصري من الغاز الطبيعي نحو 7.2 مليار قدم مكعب يوميا، وفقا لبيانات وزارة البترول المصرية التى قدرت متوسط استهلاك السوق المحلية من الغاز الطبيعي بنحو 6.5 مليار قدم مكعبة غاز يومياً.
برنامج قومي
"يعد برنامج تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي مشروعاً قومياً؛ حيث يمنع عمل كل المركبات والميكروباصات التي تعمل بالسولار، وأي مركبات تعمل بالبنزين ومتقادمة مثلما يحدث حالياً"، بحسب تصريحات لوزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع، التي أكدت أن البرنامج يسهم في ارتفاع مستوى معيشة المواطن، بالإضافة إلى أنه على المستوى القومي يخفض في مستوى العجز في الميزان التجاري.
تسهيلات للتحويل
وحول المزايا والحوافز الخاصة بهذه المبادرة، أكدت جامع أن ذلك يتم بالتنسيق مع وزارة المالية، حيث تتضمن المبادرة توفير مزايا ضريبية للمستهلك النهائيّ، بالإضافة إلى وجود برنامج تمويلي بفائدة ميسرة من خلال البنوك العاملة التابعة للبنك المركزي، وكذا جهاز تنمية المشروعات الصغيرة، إلى جانب التمتع بحوافز جمركية لمصنّعي المركبات، كنوع من التحفيز على الإنتاج، إضافة إلى توفير جزء من مقدم السيارة من مقابل "تخريد" السيارات المتقادمة.
وأوضحت أن هناك برامج تمويلية بفائدة ميسرة من خلال البنوك لتحويل السيارات للعمل بالغاز، وأن قيمة التحويل البالغة من 8 إلى 12 ألف جنيه سيتم تسديدها بالتقسيط بمبالغ زهيدة على فاتورة الغاز.
300 ألف سيارة محولة
وحتى نهاية يونيو 2020، تمكنت الشركات التابعة لوزارة البترول من تحويل 318 ألف سيارة ومركبة للعمل بالغاز الطبيعي، وذلك منذ منتصف التسعينيات، لكن أولى المبادرات الحكومية لتحويل السيارات بدأت منذ عام 2008.
وبحسب ما يقول المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، فإن مبادرة تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي ستحقق العديد من المزايا الاقتصادية والبيئية؛ فمن المتوقع أن تخفض فاتورة استيراد المنتجات البترولية.
ووفقا لبيانات حكومية، فإن مصر استهلكت خلال عام 2019 نحو 76 مليون طن من الوقود (2. 30 مليون طن من المنتجات البترولية ونحو 7. 45 مليون طن من الغاز الطبيعي)، ولتغطية احتياجات الاستهلاك المحلى من المنتجات البترولية استوردت هيئة البترول المصرية نحو 7 .11 مليون طن من الوقود بقيمة 8 .6 مليار دولار.
وأشار النائب الأسبق لرئيس هيئة البترول، إلى أن الاكتشافات الغازية الضخمة التى حققتها مصر خلال السنوات الأخيرة مثل: حقل ظهر، ومشروع شمال الإسكندرية، وحقل أتول، وحقل نورس، مكنت مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الغاز، بالإضافة إلى البدء في مثل هذه المبادرات.
هل يمثل تحويل ما يقرب من مليونيّ سيارة للعمل بالغاز الطبيعي ضغطا على حجم الإنتاج المصري؟
يصل حجم استهلاك السيارات التي تم تحويلها سابقا (318 ألف سيارة) نحو 50 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي، وهو ما يعني أن إجمالي استهلاك الـمليونيّ سيارة سيصل إلى ما يتراوح بين 350 – 400 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز.
وبحسب بيانات صادرة من هيئة البترول فإن معدلات الاستهلاك الحالية للبنزين تتراوح ما بين 15-17 ألف طن يوميا.
ووفقا لما يقوله "يوسف"، فإن المبادرات الحكومية تركز على تقليل استهلاك البوتاجاز والبنزين والسولار الذى تستورد مصر منه كميات تقترب من 30% من احتياجات السوق المحلية، وذلك من خلال مشروع توصيل الغاز إلى المنازل، ومبادرة تحويل السيارات للعمل بالغاز.
البنية التحتية لتحويل السيارات
ووفرت وزارة البترول خلال السنوات الأخيرة نحو 190 محطة غاز على مستوى الجمهورية، لتحويل السيارات للعمل بالغاز، وهناك خطة لإنشاء 366 محطة أخرى بتكلفة 6.7 مليار جنيه (418 مليون دولار) وفقا لبيانات وزارة التجارة والصناعة.
وتعمل في مصر شركتان لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، هما: "غازتك" و"كارجاس"، وتمتلك شركة "غازتك" أكبر شبكة من محطات التموين بالغاز، والتي ارتفع عددها من 86 محطة فى عام 2014 إلى 100 محطة فى منتصف 2020.
وتستهدف الشركة إنشاء 135 محطة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة 2020 – 2024 وذلك في مختلف المدن والمحافظات والطرق الرئيسية والمجتمعات العمرانية الجديدة، لافتا إلى أنه من المستهدف تحويل 120 ألف سيارة خلال الفترة نفسها.
وفورات مالية
وقال المهندس عبد الفتاح فرحات، رئيس الشركة المصرية الدولية لتكنولوجيا الغاز (غازتك) التابعة لوزارة البترول، إن الغاز الطبيعي هو الوقود الأوفر لأصحاب السيارات؛ حيث يحقق استخدام الغاز الطبيعي للمواطن فى سيارته توفيراً كبيراً من فرق السعر بين البنزين والغاز الطبيعي يصل لحوالي 1200 جنيه شهرياً في حالة استخدام 10 لترات بنزين "92" يومياً، ويزيد التوفير كلما زاد معدل الاستهلاك اليومي للبنزين.
ويصل سعر المتر المكعب من الغاز الطبيعي إلى نحو 3.5 جنيه للمتر المكعب، بينما يبلغ سعر البنزين (80) 6.25 والبنزين (92) 7.50 جنيه.
لكن هل تلقى المبادرة ترحيبا من المواطنين؟
تشير أرقام تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي إلى تحويل 318 ألف سيارة في نحو 25 عاما، وهو ما يعني وجود تخوفات أو شكوك حول استخدام الغاز.
وبحسب متعاملين، فإن اسطوانة الغاز تشغل جزءًا كبيراً من مساحة السيارة، ومن ثم تنخفض المساحة المتاحة فيها، كما أنها تعد حملاً إضافياً على السيارة؛ حيث يصل وزن اسطوانة الغاز إلى 100 كجم عندما تكون مملوءة بالغاز، وذلك يشكل ضغطاً كبيراً على محرك السيارة؛ وبالتالي يقلل العمر الافتراضي للمحرك.
ويحذر العديد من الخبراء من استخدام الغاز الطبيعي؛ لتسببه في تآكل اسطوانات المحرك والصمامات؛ ويعود ذلك إلى ارتفاع نسبة الكبريت التي تنتج عن احتراق الغاز بالمقارنة مع البنزين والسولار، بالإضافة إلى انخفاض قدرة المحرك على السحب على عكس الوقود التقليدي.