آسيا تهيمن على قدرات إعادة تغييز الغاز المسال 2024
في توقّعات لمؤسّسة "غلوبال داتا"
حازم العمدة
- آسيا ستساهم بنحو 69% من قدرات إعادة التغويز
- أوروبا تحتل المرتبة الثانية بنسبة 10% ثم الشرق الأوسط بنسبة 9%
- Tangshan II الصينية ستصبح أكبر محطة بسعة 584 مليار قدم مكعبة
- ويلهيلمسهافن فلوتينغ وبرونسبوتل الألمانيتان ستصبحان أكبر محطتين في أوروبا بقدرة 635 مليار قدم مكعبة
- (الزور الكويتية) و(البحرين العائمة) أكبر مشروعات الشرق الأوسط بقدرة إجمالية 1447 مليار قدم مكعبة
بحلول عام 2024، ستسهم آسيا بنحو 69% من قدرات إعادة التغييز (إعادة الغاز الطبيعي المسال إلى الحالة الغازيّة)، لتحتلّ المرتبة الأولى عالميًا، وتهيمن على هذه القدرات، حسبما أفادت توقّعات لشركة (غلوبال داتا)، وهي شركة بيانات وتحليلات معنيّة بالطاقة.
وعملية إعادة التحويل حيويّة ومهمّة جدًّا في صناعة الغاز الطبيعي، فعند وصول الغاز إلى جهة الاستيراد، يجري نقل الغاز الطبيعي المسال عبر الساحل، وإعادة تغييزه، من خلال إعادة تسخين الغاز الطبيعي المسال، حتّى يعود إلى حالته الغازيّة. وترتبط محطّات إعادة التغييز بمرافق التخزين وخطوط الأنابيب، وبعدها يصبح الغاز معدًّا للتوزيع، كونها الطاقة المفضّلة في مجال العمل والاستخدامات المنزلية في الأسواق الكبرى حول العالم، لاسيّما آسيا.
وتحت عنوان (توقّعات القدرات العالمية والإنفاق الرأسمالي على محطّات إعادة تغويز الغاز الطبيعي المسال في الفترة من 2020 حتّى 2024- الصين في الصدارة)، توقّع تقرير غلوبال داتا أن تشهد آسيا إضافات لقدرة إعادة التغييز يبلغ إجماليها 11.1 تريليون قدم مكعّبة، بحلول عام 2024. وتشمل هذه الإضافات المشاريع المخطّطة التي حصلت على الموافقات اللازمة لتطوير ما يقرب من 7.9 تريليون قدم مكعّبة.
وقال حسيب أحمد -محلّل النفط والغاز في غلوبال داتا-: "من المتوقّع أن تشهد آسيا بدء العمليات من 53 محطّة تغييز جديدة بحلول عام 2024، من بينها 39 محطّة وضعت خططًا لها بالفعل، والباقي (14 محطّة ) جرى الإعلان عنها. ستصبح Tangshan II الصينية أكبر محطّة إعادة تغييز بسعة 584 مليار قدم مكعّبة، بحلول عام 2024، تليها Son My II بسعة 450 مليار قدم مكعّبة".
في السياق ذاته، توقّعت غلوبال داتا أن تصبح أوروبّا ثاني أكبر مساهم في الإضافات العالمية لقدرات إعادة التغويز بنسبة 10٪، بحلول عام 2024. ومن المتوقّع أن تشهد المنطقة بدء عمليات سبعة مشروعات مخطّطة، وثلاثة مشروعات معلنة.
وأضافت الشركة، إن ويلهيلمسهافن فلوتينغ وبرونسبوتل الألمانيتين ستصبحان من أكبر محطّتين لإعادة التغويز بحلول 2024، بقدرة 353 مليار قدم مكعّبة، و 282 مليار قدم مكعّبة، على التوالي، مشيرةً إلى أن El Musel الإسبانية ستكون ثالث أكبر محطّة، بسعة إجمالية تبلغ 247 مليار قدم مكعّبة، خلال فترة التوقّعات.
أمّا منطقة الشرق الأوسط، فسوف تحتلّ المرتبة الثالثة عالميًا، حيث ستسهم بنسبة 9٪ -تقريبًا- من إضافات قدرات إعادة التغييز، وفقًا لتوقّعات غلوبال داتا.
ستشهد المنطقة انطلاق مشروعين مخطّط لهما، بقدرة إجمالية تبلغ 1447 مليار قدم مكعّبة، أكبرهما ستكون محطّة (الزور) الكويتية، بسعة 1155 مليار قدم مكعّبة، ثمّ تأتي بعد ذلك (البحرين العائمة)، بقدرة 292 مليار قدم مكعّبة، بحلول 2024.
معلومات فنّية
*الغاز الطبيعي المسال هو غاز طبيعي، جرى تبريده إلى 161 درجة مئوية تحت الصفر. ويتكوّن الغاز الطبيعي -بشكل أساس- من الميثان، ونسب قليلة من هيدروكربونات أخرى، مثل الإيثان والبروبان والبيوتان، كما يحتوي أيضًا على الماء وثاني أكسيد الكربون والنيتروجين والأكسجين وبعض مركّبات الكبريت. تجري إزالة معظم هذه المركّبات الإضافية، خلال عملية الإسالة، حيث يتكوّن الغاز المتبقّي -بشكل رئيس- من الميثان وكمّيات قليلة -فقط- من هيدروكربونات أخرى.
في حالة الغاز الطبيعي السائلة، يُقلَّص حجم الغاز الطبيعي المسال إلى ما يقارب 1/600 من حجمه، مقارنةً بحالته الغازيّة، وهذا يسهّل عملية تخزينه ونقله بأمان لجميع أركان الكرة الأرضية.
والغاز الطبيعي المسال، هو سائل عديم اللون والرائحة غير مسبّب للتآكل، وغير سامّ، ويجري تخزينه ونقله في ضغط جوّي يتوافق مع درجة غليانه. ممّا يعني أن درجة حرارته تبقى ثابتة، طالما جرت المحافظة عليه تحت ضغط ثابت.
ولأن الغاز الطبيعي عديم اللون والرائحة والطعم، يضاف إليه مركّب كيميائي، يطلق عليه مركابتن ( يشبه الكبريت في رائحته)، قبل عملية التوزيع، لإعطائة رائحة مميّزة غير محبّبة ( تشبه البيض الفاسد)، وذلك بمثابة عنصر أمان يُسمح التعرّف عليه في الهواء، في حالة حدوث تسرّب.
*الإسالة لسهولة النقل
بالنسبة للدول التي يُستخدم فيها الغاز في الأسواق المحلّية، يكون نقل الغاز خلال خطوط الأنابيب قابلًا للتطبيق فنّيًا واقتصاديًا، وهو الخيار المستخدم لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى الأسواق الأوروبّية، وكذلك نقل الغاز الكندي إلى أسواق الولايات المتّحدة الأميركية، وعند استحالة نقل الغاز خلال خطوط الأنابيب -كما هو الحال بالنسبة لبعض الدول-، حيث إن الأسواق الرئيسة على بعد آلاف الكيلومترات، تعدّ إسالة الغاز هو الحلّ الأمثل لنقل أكثر سهولة.
*الإنتاج في خطوط الإسالة
يتدفّق الغاز في خطوط الإسالة، لتحويله إلى غاز طبيعي مسال. وخطّ الإنتاج هو وحدة معالجة مستقلّة، ويضمّ المجمّع آليّات الضغط، وتوربينات (عنفات)، وأوعية وخطوط أنابيب متقاطعة، تسيل الغاز، وتحوّله إلى الغاز الطبيعي المسال. وخلال المرحلة الأولى من هذه العملية، يُنقّى الغاز من الشوائب، ومركّبات الكبريت و ثاني أكسيد الكربون والماء، على مراحل.
*فصل المنتجات الثانوية
وفيما بعد يُبَرَّد الغاز بوساطة البروبان وعملية التبريد المختلطة، و تُفصل الهيدروكربونات الثقيلة، وتجري تجزئته إلى غاز البترول المسال ومكثّفات المصنع، حيث يقوم المبادل الحراري الرئيس في كلّ خطّ إنتاجي، بتبريد الغاز إلى نحو 150 درجة تحت الصفر، وذلك باستخدام نظام التبريد المختلط، ويقوم بإسالته في هذه العملية.
*التخزين والشحن عند 162 درجة حرارة تحت الصفر
وفي النهاية، وعند انخفاض الحرارة، ووصولها إلى 162 درجة تحت الصفر، يُزال النيتروجين، ويجري ضخّ الغاز الطبيعي المسال في أحد صهاريج التخزين، ويصبح جاهزًا لتحميله على ناقلات، صُمِّمت خصوصًا لنقل الغاز الطبيعي المسال.
ولكلّ من الصهاريج جدار إسمنتي، تبلغ سماكته متر واحد، يحتوي على بطانة داخلية من الحديد المعزول تمامًا، للمحافظة على حرارة الغاز المسال 160درجة سيلزية تحت الصفر.
*كيفية قياس الغاز
يستخدم القائمون على صناعة الغاز الطبيعي مقاييس عدّة لقياس الغاز، بناءً على أهدافهم، لقياس حجم الغاز الطبيعي المسال، أو لقياس محتوى الطاقة، أو لتحديد حالته غازيّة أم سائلة.
*سلسلة من المنتجات الثانوية
عند استخراج الغاز الطبيعي، يكون عبارة عن مزيج من عدد من المركّبات الطبيعية، والتي -عادةً- تكون بكمّيات قليلة جدًّا. وخلال عملية التسييل، تُفصَل المكوّنات الأخرى. ونتيجة للكمّ الهائل من الغاز، الذي يتمّ إنتاجه، أصبحت هذه المنتجات الثانوية ذات قيمة، حيث نقوم بمعالجتها، وشحنها إلى أسواق مختلفة، وتشمل غاز البترول المسال، والكبريت، والهيليوم.
كورونا وانكماش صناعة الغاز المسال
والحقيقة أن توقّعات غلوبال داتا بشأن قدرات إعادة التغويز عالميًا، تصدر في الوقت الذي تواجه فيه صناعة الغاز الطبيعي المسال عالميًا أوّل انكماش في الطلب الموسمي، منذ عام 2012، بانخفاض الطلب في صيف 2020، بنسبة 2.7٪ أو 3 ملايين طنّ سنويًا، وفق توقّعات صدرت مؤخّرًا عن مؤسّسة "وود ماكنزي" لأبحاث واستشارات الطاقة.
يأتي ذلك، بعدما أثّرت تدابير الإغلاق والتوقّعات الاقتصادية السلبية الناجمة عن جائحة الفيروس التاجي المستجدّ (كورونا) في البلدان الآسيوية المستوردة للغاز الطبيعي المسال، ما أدّى إلى تباطؤ نموّ الطلب على الغاز المسال للعام الثاني على التوالي.
وقال روبرت سيمز -مدير أبحاث وود ماكنزي-: "ستؤدّي جائحة كوفيد-19 (المرض الناجم عن كورونا) إلى انكماش عالمي في تسليم الغاز الطبيعي المسال، خلال صيف 2020، مقارنةً بالعام السابق، وهو ما سيكون أوّل انكماش موسمي منذ ثماني سنوات".
وأضاف سيمز: "يمكن أن يشهد موسم الشتاء المقبل (2020 – 2021) تحسّنًا طفيفًا بمقدار 5 ملايين طنّ في الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال، مقارنةً بموسم الشتاء السابق".
في السياق ذاته، أوضح سيمز أنّه "من المحتمل أيضًا أن تكون ديناميكيات التسعير بين الموسمين متشابهة.. وقد يكون هناك بعض المخاطر السلبية على الأسعار الآسيوية هذا الشتاء، إذا رفع المشترون بعض الكمّيات المؤجّلة من هذا الصيف." ومن ثمّ -قال سيمز-: "بشكل عامّ، من غير المتوقّع العودة إلى نموّ أقوى حتّى منتصف عام 2021".
اليابان
وشهدت اليابان -أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم- انخفاضًا في الطلب في الربع الأوّل من هذا العام، واستمرّت الواردات في الانخفاض حتّى أبريل/نيسان، مع استمرار تفشّي الفيروس التاجي.
وبالرغم من أنّها لم تنفّذ عمليات إغلاق واسعة النطاق، فإن إغلاق المدارس، وتدابير العزل والتباعد الاجتماعي الصارمة، والعمل من المنزل، والإغلاق الجزئي للنشاط الاقتصادي، قلّل الطلب على الغاز المسال في الربع الأوّل، وسيظلّ له تأثير حتّى الربع الثاني.
تفاقم التباطؤ في الطلب على الغاز المسال في الربع الأوّل، بسبب ارتفاع مستويات التخزين. ومثل عام 2019، دخلت اليابان عام 2020 بمستويات مخزون أعلى من المتوسّط، بسبب فصل الشتاء المعتدل الذي لم يشهد انخفاضًا شديدًا في درجات الحرارة وتقلّبات الطقس، بالرغم من أن المخزونات أصبحت الآن ضمن المعايير الموسمية.
ومن المتوقّع أن ينخفض طلب البلاد على الغاز الطبيعي المسال في الربع الثاني من العام، بنسبة 3٪ إلى 15.8 مليون طنّ مقارنةً بالربع الثاني من عام 2019، وفق تقديرات وود ماكنزي.
الصين
ومع خروجها من موسم التدفئة في فصل الشتاء، تُحوّل الصين تركيزها إلى انتعاش الطلب الصناعي. وبالرغم من عدم تأكيد أيّ من إشعارات القوّة القاهرة رسميًا على عقود الغاز المسال، فإن الصين خفضت نموّ واردات خطّ الأنابيب في الربع الأوّل من عام 2020 إلى 1٪ فقط على أساس سنوي، مع انخفاض الواردات من أكبر مورّد -تركمانستان- بنسبة 12٪.
وعلاوة على بيئة الأسعار الفورية المنخفضة، والإلغاء المؤقّت لتعريفات استيراد الغاز الطبيعي المسال الأميركية، والانتعاش الصناعي، تمكّنت الصين من زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020.
في الصيف، تواجه الصين الآن مهمّة شاقّة تتمثّل في الانتعاش الاقتصادي. وفي حين أن ما تسمّى الجلسات العامّة السنوية للمجلس الشعبي الوطني في الصين، ذكرت أن بكين ستواصل تنفيذ خطّة Blue Sky Defense التي تهدف إلى الحدّ من التلوّث وانبعاثات الكربون الضارّة بالبيئة، فمن غير الواضح ما إذا كانت الحكومة ستحدّد أهدافًا لتحويل الفحم إلى غاز عام 2020، أم لا. وقد يؤدّي تراجع في هذا الإطار إلى تقليل الطلب على الغاز خلال موسم التدفئة.
وهناك مخاطر تواجه الطلب على طاقة الغاز في المدى القريب، حيث يواجه انتعاش الطلب على الطاقة حالة من عدم اليقين الكلّي، في الوقت الذي تجري فيه الموافقة على المزيد من محطّات الطاقة التي تعمل بالفحم. ونتيجة لذلك، من المتوقّع أن يرتفع استهلاك الصين من الغاز الطبيعي المسال في الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 12٪ إلى 15 مليون طنّ سنويًا، بحسب تقديرات وود ماكنزي.
الهند وأوروبّا
في السياق ذاته، شهد المحرّك الآخر لنموّ الطلب على الغاز الطبيعي المسال -الهند- زيادة في استهلاك الغاز الطبيعي المسال في الربع الأوّل من العام، عند مستويات قياسية بلغت 19٪ على أساس سنوي، مدفوعًا بانخفاض الأسعار الفورية.
وتتوقّع وود ماكنزي أن يتراجع ذلك المعدّل كثيرًا، لأن ثلاثة أشهر من الإغلاق تقلّل من استهلاك الغاز المسال بشكل كبير، ومن ثمّ، تتوقّع أن ينخفض الطلب على الغاز الطبيعي المسال في البلاد بنسبة 24٪ إلى 4 ملايين طنّ في الربع الثاني من العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كانت عمليات الإغلاق في جميع أنحاء أوروبّا صارمة بعض الشيء، مثل آسيا ، ولكن من المتوقّع أن يكون التأثير الكلّي على الطلب على الغاز أقلّ نسبيًا بسبب الحصّة الأصغر من الغاز المستخدم في القطاع الصناعي، فضلًا عن المرونة والقدرة على الانكماش فيما يتعلّق بحرق الغاز في قطاع الطاقة، وعدم تأثّر الطلب -إلى حدّ كبير- بالنسبة للاستخدام المنزلي.
وبالرغم من انخفاض إجمالي الطلب على الغاز في أوروبّا، مقارنة بالعام الماضي، فإن التخفيضات في الغاز المنتج محلّيًا، وواردات خطوط الأنابيب الروسيّة، خلقت مساحة أكبر لاستيعاب الغاز الطبيعي المسال.
ومع ذلك، فإن أكبر فرق أساسي مقارنةً بعام 2019، يتمثّل في مخزونات الغاز الضخمة في أوروبّا، والتي تصل حاليًا إلى مستويات قياسية موسمية، وستقلّل من قدرة القارّة على امتصاص الفائض العالمي للغاز الطبيعي المسال في الربع الثالث من عام 2020.
ومن هذا المنطلق، يقول سيمز: "بالرغم من توقّع السوق بالفعل، إلّا أن الأنباء التي تفيد بإلغاء أكثر من 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال الأميركية تحميل يونيو/حزيران، تعدّ أمرًا مهمًّا بالنسبة للسوق."
وفي هذا الإطار، تتوقّع وود ماكنزي أن يستمرّ تراجع إنتاج شركات الطاقة الأميركية لعدّة أشهر صيفية، حيث لا تزال الهوامش سلبية للعديد من الشركات، مشيرة إلى أن الأزمة قد تمتدّ إلى صيف 2021.