(ريلاينس) الهندية تنضم لتجارة "النفط مقابل الديزل" مع فنزويلا
هل تحيي الخطوة المشاركة الهندية في تجارة النفط الفنزويلي؟
- بريلاينس: أبرمنا الصفقة مع مكتب مراقبة الأصول الأميركي لأسباب إنسانية
- كاراكاس في حاجة ماسة للديزل لتوليد الطاقة وإنقاذ النظام الصحي
- ترمب يسعى لضرب العلاقات الإيرانية الفنزويلية بمقايضات النفط
- تراجع إنتاج النفط الفنزويلي للشهر السادس على التوالي
حازم العمدة
بموجب ترتيب مقايضة تسمح به العقوبات الأميركية ضمنياً، تقوم شركة (ريلاينس) الهندية حالياً بتحميل خام النفط الفنزويلي مقابل تزويدها بالديزل (المازوت) الحيوي للنقل وتوليد الطاقة في فنزويلا.
تحمل ناقلة النفط العملاقة (كومودور) -التي ترفع علم ليبيريا حاليًا- الخام الفنزويلي في محطة خوسيه التابعة لشركة النفط الفنزويلية (بتروليوس دي فنزويلا) المملوكة للدولة على الساحل الشرقي لفنزويلا.
وكانت شركة (إن جي إم إنرجي) المشغلة للناقلة ومقرها اليونان، قد قالت في يونيو/حزيران إنها حولت (كومودور) بعيدًا عن فنزويلا بعد تنفيذ سياسة صارمة لتجنب البلاد ما لم تأذن لها واشنطن صراحة بالعمل هناك. وجاء ذلك عقب استهداف إحدى ناقلاتها بعقوبات أميركية.
ومن غير الواضح متى ستقوم ريلاينس بشحن الديزل (المازوت) إلى فنزويلا لإتمام عملية التبادل، وما إذا كان التحميل الحالي يشير إلى إحياء المشاركة الهندية في تجارة النفط الفنزويلي.
مباركة أميركية
وقال مسؤول تنفيذي كبير في ريلاينس لوكالة (أرغوس) العالمية المعنية بالطاقة، إن هذه المشاركة ستعتمد على تطور سياسة الحكومة الأميركية، مؤكداً إبرام الصفقة لأسباب إنسانية مع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، الذي يدير العقوبات.
في البداية ركزت العقوبات الأميركية على وقف واردات النفط الأمريكية من فنزويلا، والتي فرضت لأول مرة في يناير/كانون الثاني 2019. واتسعت الدائرة بعدها لتشمل الناقلات ومالكي السفن الأجنبية التي نقلت البنزين الإيراني إلى فنزويلا. والبنزين هو وقود المحركات الأساسي المستخدم في فنزويلا.
وفي مارس/آذار، عانت فنزويلا من انقطاع في المحروقات بسبب أزمة سيولة حالت دون استيراد الوقود من الخارج. وعرفت البلاد أزمة محروقات لم تُحل إلا بوصول خمس ناقلات نفط إيرانية محملة 1,5 مليون برميل.
ويهدف استثناء الديزل من العقوبات الأميركية إلى تسهيل توزيع الغذاء والنشاط الزراعي وتوليد الطاقة للسكان. كما أن الأمور تفاقمت في ظل انتشار فيروس كورونا لأن هناك حاجة ماسة للديزل لتشغيل المولدات التي تزود المستشفيات الفنزويلية بالطاقة.
يشار إلى أن (ريلاينس) كانت تعتمد على إمدادات ثابتة من خام ميري الفنزويلي لنظام التكرير الهندي الخاص بها، لكنها تراجعت أواخر عام 2019 تحت ضغط الولايات المتحدة.
وفي يونيو/حزيران 2019، كانت (ريلاينس) تستورد 303 آلاف برميل من الخام الفنزويلي يوميا، وفقًا لبيانات الجمارك الهندية. واستمر الخام الفنزويلي في التدفق إلى الهند عبر (روسنفت) الروسية إلى مجمع نايارا للتكرير قبل فرض عقوبات عليها في وقت سابق من هذا العام.
كما تقوم شركة (ريبسول) الإسبانية و(إيني) الإيطالية بتزويد فنزويلا بالديزل مقابل إنتاج الهيدروكربونات في فنزويلا. وخلال الأسبوع الماضي، سلمت الناقلة (جيما) -التي ترفع علم مالطا- فنزويلا شحنة ديزل منخفض الكبريت قادمة من إيطاليا.
ضربة لإيران
تجري مقايضات النفط الخام مقابل الديزل على خلفية زيادة تركيز الولايات المتحدة على التعاون الإيراني مع كاراكاس. وتقول إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنها عازمة على تعطيل هذه العلاقات التي تعدها مصدرا جديدا لعدم الاستقرار في نصف الكرة الغربي.
لكن خيارات إدارة ترمب محدودة لمنع فنزويلا من استخدام احتياطياتها من الذهب لشراء الوقود من إيران، بعد أن فرضت -بالفعل- عقوبات تستهدف -تقريبًا- كل جهة حكومية وشركة طاقة في كلا البلدين، خاصة أن فنزويلا تنتج الذهب محليا.
وقال بريان هوك، المبعوث الخاص لشؤون إيران في وزارة الخارجية الأميركية، في حدث استضافه معهد هدسون، إن "إيران تحتاج إلى الذهب ومادورو بحاجة إلى الوقود.. ومع ذلك، فقد تمكنا من تعطيل تلك العمليات".
وأوضح هوك أن الإدارة تمكنت من "تعطيل" أربع ناقلات إيرانية من إجمالي تسع ناقلات كانت تنقل الوقود إلى فنزويلا مؤخرًا. وفرضت وزارة الخزانة الشهر الماضي عقوبات على قباطنة الناقلات الإيرانية الخمس التي سلمت مؤخرًا 1.5 مليون برميل من البنزين وألكيلات البنزين ( وهي مشتقات لمركب البنزين الحلقي) لفنزويلا.
في السياق ذاته، قال هوك "تم فرض عقوبات على جميع القادة؛ ولذا فإنهم سيواجهون مستقبلًا صعبًا للغاية اقتصاديًا لأنهم قالوا "نعم" لهذا العرض لنقل الوقود.. لقد جففنا الوسائل البحرية المتاحة لإيران لنقل هذه الشحنات".
شلل تام
وتعاني المنصات النفطية في فنزويلا شللاُ تاماً لعجزها عن بيع إنتاجها من الخام بسبب العقوبات الأميركية وانهيار القطاع النفطي خصوصاً، على ما تفيد شركة (بيكر هيوز).
وكانت الولايات المتّحدة قد فرضت عقوبات على ما لا يقلّ عن 50 ناقلة معروفة بنقل النفط الخام الفنزويلّي، أو تسليم البنزين إلى البلاد، ما أدّى إلى قطع صادرات النفط، التي هي شريان الحياة الأهمّ لتمويل نظام مادورو.
ونتج عن تشديد العقوبات الأميركية إلغاء مشترين أجانب الشحنات، وامتلأت خزّانات النفط؛ ما أجبر شركة النفط الفنزويلّية على إغلاق بعض آبار النفط.
وفي مايو/أيّار، كان لدى البلاد حفّار نفطي واحد قيد التشغيل، بعد أن كان هناك 25 حفّارًا في بداية العام. وانخفضت الشحنات إلى مستويات لم تشهدها منذ 73 عامًا.
ولم تشهد المنصات النفطية لاستخراج الخام أي نشاط خلال يونيو/حزيران في مقابل عمل 22 منها خلال الفترة نفسها من العام الماضي وأكثر من مائة العام 1998.
وتعتمد فنزويلا كثيرا على النفط، لكنها تشهد تراجعاً كبيراً جداً في حقولها النفطية، والآن لم تعد تجد من يشتري نفطها أو مكانا لتخزينه.
وتراجع إنتاج النفط الخام في فنزويلا، للشهر السادس على التوالي، في يونيو/حزيران، ما يعكس الوضع المزري لصناعة النفط في البلاد، الذي ازداد سوءًا مع تشديد العقوبات الأميركية التي تضرب الصادرات، وتراجع الطلب جراء تفشّي جائحة كوفيد-19.
ويعد ذلك سلسلة مستمرة للتراجع في إنتاج النفط الفنزويلي وهو مصدر ثروات كبيرة للبلاد لفترة طويلة، في مايو/أيار، إلى مستويات لم تسجل منذ قرابة الثمانين عاما؛ ما يفاقم من الأزمة الاقتصادية المخيفة التي يعانيها هذا البلد الأميركي الجنوبي.
54 ألف برميل يومياً
و بالاستناد إلى “مصادر ثانوية” تعد مرجعاً في هذا الإطار، أشارت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) في تقريرها الشهري الأخير إلى انخفاض إنتاج فنزويلا في مايو/أيار بـ 54 ألف برميل عما كان عليه إنتاجها في أبريل/نيسان ليتراجع المجموع إلى 570 ألف برميل يومياً.
ويندرج هذا التراجع الكبير في إطار تداعي القطاع النفطي الفنزويلي على مر السنوات في حين كان ينتج 3,2 ملايين برميل يومياً قبل 12 عاما.
وحتى عام 2018، كانت فنزويلا ترسل 500 ألف برميل من النفط الخام يومياً إلى الولايات المتحدة وتتلقى من هذا البلد 120 ألف برميل يومياً من النفط الخفيف و البنزين الطبيعي الضروري للتكرير. لكن إدارة الرئيس دونالد ترمب فرضت في أبريل/نيسان 2019 حظرا صارماً على النفط الفنزويلي.
وتشدد شركة (أس أند بي غلوبال بلاتس) من جهة أخرى على أن كراكاس اضطرت في الأسابيع الأخيرة إلى خفض إنتاج الخام بسبب "محدودية التخزين" و"النقص في النفط الخفيف" لتسييل النفط الثقيل جداً وجعله قابلاً للنقل.