عجز الكهرباء يعيد لبنان إلى عصور الظلام
اللبنانيون يتّجهون للشموع ومصابيح الكيروسين والتخلّص من الطعام الزائد
حازم العمدة
- شوارع مضاءة فقط بالإعلانات التجارية وأخرى تغرق في ظلام دامس
- توقف محطات تشغيل المحمول وخدمات الاتصالات في بعض المناطق
- مستشفيات خاصة تعلن تقليل عدد العمليات واقتصارها على الطارئة توفيرا للطاقة
- مواطنون ينامون في الشرفات وعلى الأرض للتغلب على قيظ الصيف وسط انقطاع الكهرباء
- الفنانة اللبنانية أروى: فيروس كورونا أهون علينا من انقطاع الكهرباء
- انقطاعات الكهرباء تصل في أجزاء من البلاد إلى 20 ساعة يوميا
- مؤسسة كهرباء لبنان تخفض الطاقة وعمل المولدات منذ أواخر يونيو بسبب نقص الوقود
مواطنون يشترون الشموع بكمّيات كبيرة.. وآخرون يتّجهون إلى مصابيح الكيروسين التقليدية، ويضطرّون للتخلّص من الطعام الفاسد، أو الزائد عن حاجتهم، حتّى لا يفسد.. مستشفيات خاصّة تعلن تقليل عدد العمليات، واقتصارها على الطارئة منها فقط.. شوارع مضاءة فقط بالإعلانات التجارية، وأخرى تغرق في ظلام دامس.. ومع ارتفاع معدّلات الرطوبة في الصيف، يضطرّ الكثيرون للنوم في الشرفات، أو على الأرض الباردة.
يجسّد هذا المشهد المأساوي حال اللبنانيين مع الانقطاع المطوّل والمتكرّر للكهرباء، الذي أغرق البلاد في ظلام دامس، هذا الأسبوع، وزاد من قتامة الوضع، في دولة تعاني -بالفعل- أزمة اقتصادية متفاقمة. لدرجة أن الفنّانة والمذيعة اللبنانية أروى بثّت مقطع فيديو، قالت فيه، إن حالتها النفسية سيّئة، "لا بسبب فيروس كورونا الذي يقضّ مضاجع شعوب العالم، إنّما لانقطاع الكهرباء".
تقول أروى: "تخيّلوا أنّنا وصلنا إلى مرحلة عدم وجود كهرباء، وأن كهرباء الدولة لا تأتي إلّا ساعة واحدة فى اليوم، بالرغم أن بعض المواطنين يعملون بالمولّدات الكهربائية، وكانوا يتقاسمون التيّار مع كهرباء الدولة، بمعدّل 6 ساعات للمولّد، و6 للدولة، لكنّها أصبحت ساعة واحدة للكهرباء في اليوم، وأصبحنا لا نعرف النوم ليلًا، بسبب الحرّ وارتفاع درجة الحرارة".
وتخفض مؤسّسة كهرباء لبنان الحكومية الطاقة وعمل المولّدات، منذ أواخر يونيو/ حزيران، بسبب انخفاض إمدادات الوقود، وسط انعدام اليقين حول موعد الشحنة المقبلة.
ومطلع يوليو/ تمّوز الجاري، أبلغ مجلس الإدارة، وزير الطاقة ريمون غجر، بأنّه قد يستحيل على المؤسّسة الحفاظ على استمرارية المرفق العامّ لإنتاج ونقل وتوزيع التيّار الكهربائي إلى المشتركين.
وقرّر مجلس الإدارة إبلاغ وزير الطاقة بأن الأوضاع في البلاد، والمشكلات، باتت تزيد من الصعوبات الملقاة على عاتق المؤسّسة، وتُثقل كاهلها.
واردات الوقود
يمرّ لبنان بعدّة أزمات ماليّة واقتصادية، تفاقمت في الشهور الأخيرة، بسبب قيود الإغلاق وفيروس كورونا المستجدّ. وشهدت الأزمة الماليّة انهيار العملة المحلّية، التي فقدت أكثر من 80% من قيمتها، ونقصًا حادًّا في الدولار، ما أثّر -بشكل كبير- على قدرة لبنان على استيراد السلع الأساسية، لاسيّما الوقود.
الشركة لا تستطيع توفير أكثر من ثلثي الطلب الصيفي على الكهرباء
واردات الوقود مدعومة، لكن ندرة العملة الأجنبية تزيد من صعوبة تأمين الموارد، ووعد مسؤولو الحكومة مرارًا بشحنات وقود جديدة.
لكن السكّان في أجزاء من لبنان، أبلغوا عن نحو 20 ساعة من انقطاع الكهرباء، منذ الأسبوع الماضي. وكانت بعض الشوارع الرئيسة مضاءة، فقط بالإعلانات التجارية، بينما غرقت شوارع أخرى في ظلام دامس. وشوهدت الأضواء الخافتة للشموع من النوافذ، بينما انحسرت الحياة الليلية الصاخبة عادةً في عاصمة بيروت، بسبب انقطاع الكهرباء والأزمة الاقتصادية.
في هذه الأجواء حالكة السواد، يقول سليم أبي صالح -طبيب نساء ونقيب أطبّاء لبنان في مدينة طرابلس، شمال لبنان- للأسوشيتد برس: "في المنزل، أستطيع أن أعيش بشمعة، لكن ماذا أفعل في عيادتي؟"
وفي تطوّر مقلق، قالت مستشفيات خاصّة في لبنان، الثلاثاء، إنّها ستقلّل عدد العمليات، وتقتصر على الطارئة منها فقط، وستحاول تأمين الكهرباء للحالات الصعبة، كالغسيل الكلوي، وخدمات مرضى السرطان، بسبب قلّة الموارد، ومنها الوقود.
وقبل يومين، أعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي -المستشفى الوحيد الذي يعالج مرضى كوفيد-19- أنّه سيلجأ لإغلاق وحدات تكييف الهواء في منطقته الإدارية، وبعض الأروقة، لتقليل استخدام الطاقة، وضمان استمرار العناية بالمرضى كونها أولويّة. وقال المستشفى، إنّه يعمل بكفاءة 85%.
توقّف محطّات المحمول
كما توقّفت في بعض المناطق محطّات تشغيل الهواتف المحمولة، الأمر الذي تسبّب في انقطاع خدمات الاتّصالات.
تشهد شهور الصيف في بيروت معدّلات رطوبة عالية، لذا يعني انقطاع الكهرباء لجوء مزيد من الناس للنوم في الشرفات، وعلى الأرض الباردة.
يعاني لبنان منذ عقود الانقطاع المتكرّر للتيّار الكهربائي والديون العامّة الضخمة لشركة الكهرباء الوطنية، التي تشهد عجزًا يبلغ زهاء ملياري دولار سنويًا.
كما تعاني البُنية التحتية للكهرباء في البلاد الفوضى، منذ نهاية الحرب الأهلية، التي استمرّت 15 عامًا، فضلًا عن الصراع مع إسرائيل.
وفي هذه الأزمة، يعوّل لبنان -بشكل كبير- على المحروقات التي تشحن على سفن من دول لمجاورة، واستيراد الديزل من أجل مجموعة المولّدات القويّة التي تسدّ العجز في الشبكة الوطنية الكهرباء.
ساعتان يوميًا
لكن الأزمة في لبنان باتت أسوأ ممّا يتوقّع الكثيرون، حيث يُبلَّغ السكّان عن وصول الكهرباء إليهم لساعتين فقط يوميًا، في بعض الأحياء. وأغلق أصحاب المولّدات أجهزتهم لتقنين الوقود الحالي.
ليس هذا فحسب، بل رفع أصحاب المولّدات أسعارهم، بينما يقوم آخرون بتهريب بعض الوقود إلى سوريا، لأنّه أكثر ربحًا هناك.
في هذا السياق، يقول ربيع الكردلي -وهو صاحب مطعم تقليدي للحمّص- للأسوشيتد برس: "لا توجد كهرباء، ويعمل المولّد لمدّة ساعتين، ثمّ ينقطع لمدّة ساعة.. علينا التخلّص من نصف منتجاتنا".
ويلتقط صالح -طبيب أمراض النساء- طرف الحديث مرّة أخرى، بقوله، إنّه خزّن الوقود الذي يمكن أن يدوم لأيّام، وهي عادة اتّبعها بعض السكّان بسبب انقطاع التيار الكهربائي لأيّام، خلال الحرب الأهلية، التي انتهت في عام 1990، مضيفًا: "نحن الآن نعيش أسبوعًا بأسبوع، لكن، إلى متى يمكن أن يستمرّ ذلك؟"
وعادةً، لا تستطيع شركة الكهرباء اللبنانية توفير أكثر من ثلثي الطلب الصيفي على الكهرباء. كما إن الانهيار الاقتصادي الرهيب في لبنان متجذّر في عقود من الفساد الممنهج، وسوء الإدارة، من قبل النخبة اللبنانية الحاكمة، التي قال منتقدون، إنّها ترفض الإصلاح، بالرغم من الانتفاضة التي اندلعت في أكتوبر / تشرين الأوّل الماضي.
انهيار الليرة وندرة الدولار حال دون استيراد شحنات كافية من الوقود
انخرط بعض المسؤولين الحكوميين في صفقات محروقات فاسدة، وكان إصلاح قطاع الكهرباء -المطلوب بشدّة- أمرًا دائم التنحية.
وفي هذا الصدد، قال كريم شهيب -الصحفي اللبناني، والزميل غير المقيم لمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، ومقرّه في واشنطن-: "كانت سياسة الكهرباء في لبنان غير فاعلة، وغير كفء، منذ عقود، ودائمًا على حافّة الانهيار، ولكنّها ظلّت مستمرّة بمجموعة من حلول اللحظة الأخيرة".
وأضاف قائلًا: "جعلت الأزمة الاقتصادية واردات الوقود أكثر تكلفة، ما تسبّب في النقص، حيث قام مزوّدو المولّدات الخارجية برفع أسعارهم، أو البحث عن عمل في سوريا المجاورة. إنّها دعوة للاستيقاظ بعد عقود من الإنفاق الزائد، وسوء التخطيط الأساس للخدمات العامّة".
والحقيقة أن قطاع الكهرباء في لبنان ليس بمعزل عن التجاذبات السياسية، والممارسات القائمة على الطائفية والمحاصصات، حيث دأبت الحكومة منذ فترة طويلة على تعيين مسؤولين، على أساس التوافق السياسي والتوازن الطائفي، بعيدًا عن الكفاءة والخبرة التقنيّة، وكانت النتيجة هي تراكم الأزمات عامًا تلو عام، وعقدًا تلو عقد، إلى أن وصل الشعب اللبناني إلى هذا المشهد، الذي يعود بهم إلى ما يُشبه عصور الظلام.
صندوق النقد يشترط إصلاحات في القطاعات الخدمية لمدّ يد المساعدة لبيروت
تعيينات طائفية
دخول المحاصصة السياسية والطائفية في القطاعات الخدمية والاقتصادية، دفع صندوق النقد الدولي إلى اشتراط إصلاحات هيكلية، قبل أن يمدّ يد العون للبنان. وهذا ما دفع الحكومة اللبنانية إعلان مجلس إدارة جديد لكهرباء لبنان، أمس الثلاثاء، في خطوة تأجّلت كثيرًا، وهي ضمن عدد من الإجراءات، تترقّبها الدول المانحة، التي تطالب لبنان بإجراء إصلاحات.
وتريد الدول المانحة ضبط قطاع الكهرباء في إطار جهود الإصلاح، للخروج من الأزمة الماليّة الحادّة، بسبب الفساد وسوء الحوكمة على مدار عقود.
عيّن مجلس الوزراء المنعقد في قصر بعبدا، برئاسة الرئيس، ميشال عون، أعضاء مجلس إدارة مؤسّسة كهرباء لبنان، والذي يتشكّل من: طارق عبد الله، حسين سلوم، سامر سليم، كريم سابا، حبيب سرو، شادي كريدي.
ومع ذلك، شكّك بعض المحلّلين والكتّاب الصحفيّين في هذه التعيينات، ووصفوها بأنّها امتداد لروح الطائفية، وأنّها جاءت فقط لإيهام المجتمع الدولي بأن ثمّة إصلاحات قد نُفِّذت في قطاع الكهرباء.
واندلعت اشتباكات، أمس الثلاثاء، بين متظاهرين وقوّات الأمن، عند مدخل مؤسّسة كهرباء لبنان في مار مخايل في بيروت، بعد أن حاولوا الدخول إلى مبنى المؤسّسة، احتجاجا على الانقطاع الدائم للتيّار الكهربائي عن المناطق اللبنانية، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام.
التعيينات الطائفية وصفقات المحروقات الفاسدة حالت دون تطوير حقيقي في قطاع الكهرباء
ورفع المحتجّون لافتات تندد بـ "العتمة التي تلفّ لبنان، من أقصاه ألى أقصاه، والمليارات التي أُهدرت في قطاع الكهرباء، والمحاصصة السياسية والحزبية في تعيين مجلس إدارة مؤسّسة كهرباء لبنان".
خصخصة مؤسّسة كهرباء لبنان
وذهب بعض الكتّاب الصحفيّين إلى أن هناك تعمّدًا لإظهار عجز مؤسّسة كهرباء لبنان، بهدف خصخصتها في نهاية المطاف، حتّى لو كان ذلك على حساب معاناة الشعب اللبناني.
ففي مقال نُشر، اليوم الأربعاء، في صحيفة (النشرة) الإلكترونية، قال الكاتب الصحفي، محمد علوش: " منذ حوالي 4 عقود، استدانت دولة الكويت مبلغًا كبيرًا من المال، من مؤسّسة كهرباء لبنان، التي كانت المؤسّسة الأنجح والأثرى في الجمهورية اللبنانية، ولكن في السنوات الماضية، جرى تفريغ وتفشيل المؤسّسة، بغية الوصول الى اللحظة الحاسمة التي تفتح باب الخصخصة، التي تعني تخلّي الدولة عن "منجم" الذهب الكهربائي للشركات الخاصّة، والتي أظهرت التجارب أنّها ستكون موزّعة على الأحزاب والطوائف، تمامًا كما هو حال التعيينات الأخيرة، التي أقرّتها الحكومة في مؤسّسة كهرباء لبنان"، على حدّ تعبيره.
وأضاف علوش: "لم يطّلع الرأي العامّ على السير الذاتية للمتقدّمين إلى منصب عضوية مجلس إدارة مؤسّسة كهرباء لبنان، لا الناجحين ولا الراسبين، حتّى إن هويّة الذين تقدّموا للوظيفة لم تُعلن، حتّى النتائج لم تخرج للعلن، وأضيفت أسماء على الأسماء المتقدّمة، وهذه الأسماء عادةً ما تحظى بالأولويّة، كما اعتاد اللبنانيون، عملًا بالقاعدة التالية: "اللبناني يريد، والامتحان يريد، والمسؤول يختار من يريد"، كذلك جرى تجاهل قانون التعيين، الذي أقرّه مجلس النوّاب مؤخّرًا.
في السياق ذاته، رأى علوش، أن هناك "نيّة لخصخصة الكهرباء".. في عام 2002 صدر القانون رقم 462، المتعلّق بتنظيم قطاع الكهرباء، والذي ينصّ على إنشاء الهيئة المنظّمة للقطاع وتخصيصه، ولكن لتمرير الخصخصة، كان لا بدّ من توفير الظروف الملائمة، التي تتضمّن -بحسب مصادر مطّلعة في مؤسّسة كهرباء لبنان- فشل المؤسّسة تحت إدارة الدولة، بتقديم ما يلزم، وهذا الفشل كان محتومًا، في ظلّ وجود إدارة سياسية مصمّمة على فشل المؤسّسة".
خبراء: الحكومة تتعمّد تحميل الشركة مسؤولية العجز من أجل خصخصتها
يحمّل اللبنانيون مؤسّسة كهرباء لبنان مسؤولية الفشل، ولكنّهم يتناسون وجود إدارة سياسية للقطاع، عملت طوال السنوات الماضية على إغراق مؤسّسة الكهرباء، بغية تخفيض ثمنها يوم خصخصتها.
مسؤولية الحكومة
وفي هذا السياق، يؤكّد علوش أن "إقامة محطّات الإنتاج هي مسؤولية السلطة السياسية، ولم تنجزها، بل أرهقت المحطّات الموجودة، واختلفت على مواقع المحطّات الجديدة، واستعانت ببواخر الطاقة (أوّلًا)، ثانيًا، إن إجراء وإعداد وتوقيع عقود شراء الوقود من مسؤوليتها، ولم تُنجزها بطريقة شفّافة ومضمونة، بل عملت على شراء أنواع من الوقود الثقيل، ثالثًا، تطوير شبكات النقل لم يُنجز، رابعًا، مهمّة منع التعديات والسرقات لم تُنجز، وهي تحتاج الى قرار سياسي، حتّى إن السياسيّين تمنّعوا عن دفع فواتيرهم الباهظة، خامسًا، تمّ العمل على تفريغ المؤسّسة من الموظّفين، إذ ينصّ النظام على حاجتها إلى 5020 موظّفًا، بينما يعمل فيها اليوم 1560 فقط، والامتناع عن التوظيف هذا، فتح باب التعاقد لتسيير الأعمال، وتحديدًا إصلاح الأعطال والجباية".
وتقول مصادر لصحيفة النشرة الإلكترونية: "لا تنتهي هنا مسؤولية السلطة السياسية، فهي من امتنعت عن صيانة المعامل، وتشغيلها على الوقود الثقيل، بينما هي مصمّمة للعمل على الغاز، ما جعل قدرة المحطّات على الإنتاج تنخفض"، مشيرةً الى أن الأهمّ من هذا كلّه، هو الخسائر التي تعمّدت السلطة السياسية وقوع المؤسّسة فيها، جراء كلفة الإنتاج وسعر المبيع.
تتكلّف مؤسّسة كهرباء لبنان ما بين 190 الى 220 ليرة لبنانية، لإنتاج كيلو واط واحد من الكهرباء، بينما تبيعه إلى المواطن -بحسب قرار السلطة السياسية- بما يتراوح بين 98 ليرة و120 ليرة، أي إن خسارة المؤسّسة تبلغ من 70 الى 100 ليرة، في كلّ كيلو واط، وهنا لا تنظر السلطة السياسية إلى هذه الخسارة بصفتها دعمًا من الخزينة للناس، بل تحمّلها لكهرباء لبنان، تحت عنوان "عجز الكهرباء"..
ويمثّل العجز المتعلّق بمؤسّسة كهرباء لبنان، 30% من إجمالي عجز الميزانية.
وفي عام 2006، تعرّضت منشآت مؤسّسة كهرباء لبنان إلى عدوان اسرائيلي، فقامت الدولة بإصلاح الدمار من أموال المساعدات، وسجّلتها على حساب مؤسّسة الكهرباء، لتزيد خسائرها، رغم أن واجب الدولة تحمّل الكلفة، عندما يكون الضرر على منشآت الكهرباء سببه عدوان خارجي.
حكومة عون أعلنت تغيير مجلس إدارة شركة كهرباء لبنان لإقناع صندوق النقد بتجاوز الفساد المؤسّسي
في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، ومواجهة العجز الصارخ في المازوت/الديزل، الذي أصاب قطاع الكهرباء بالشلل، أعلن وزير الطاقة اللبنانية، ريمون غجر، الأسبوع الماضي، عروضًا لشراء 60 ألف طنّ من المازوت، للتسليم بمنشآت التخزين في طرابلس في الشمال، والزهراني في الجنوب.
وقال الوزير، ريمون غجر، في بيان: "اتّخذنا هذا القرار، بعدما أجرينا مناقصتين للمازوت، بتاريخ 13 أبريل/ نيسان، و18 مايو/ أيّار، ولم يتقدّم إلّا عارض واحد".
سندات اليورو
وفي وقت سابق، أوضح غجر أن أزمة نقص الديزل التي تعرّض لها لبنان مؤخّرًا، مرجعها عدم التمكّن من فتح اعتمادات بمصرف لبنان للاستيراد لصالح الدولة في الوقت اللازم، حيث كانت هناك خطورة أن تتعرّض ناقلات النفط للحجز في البحر من قبل حملة سندات اليوروبوندز، حيث تتعثّر الحكومة في دفع استحقاقات سندات يورو، التي تعادل 1.2 مليار دولار.
وكانت الحكومة اللبنانية قد أعلنت، في شهر مارس/آذار الماضي، التوقّف عن دفع جميع سندات (يوروبوندز)، وذلك للمرّة الأولى في تاريخ البلاد، واتّخاذ الإجراءات الضرورية لإدارة احتياطي لبنان المحدود من العملات الأجنبية.
وأشار وزير الطاقة إلى وجود جانب آخر تسبّب في تأخير تزويد الأسواق بالمازوت، ويتعلّق بالوقت الذي استغرقه تحليل عيّنات المازوت المستوردة، قبل إتاحتها.
وأضاف، إن هذا الأمر يتمّ في المختبرات التابعة للدولة فقط، وإنّه بسبب الإجراءات القضائية التي اتُّخذت بحقّ معظم الموظّفين في هذه المختبرات، وتعرّضهم للحبس الاحتياطي على خلفية أزمة استيراد محروقات غير مطابقة للمواصفات مؤخّرًا، فقد تأخّر هذا الإجراء، كون هؤلاء الموظّفين هم وحدهم من يمتلكون الخبرة الفنّية اللازمة لإجراء الاختبارات.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، حقّقت السلطات بقضيّة الوقود المغشوش، التي أدّت إلى توقيف ممثّل شركة "سوناطراك" الجزائرية في البلاد، طارق الفوال، و16 شخصا آخرين، في قضيّة تسليم شحنة تتضمّن عيوبًا في نوعيّة الوقود، لصالح شركة كهرباء لبنان.
وترتبط "سوناطراك"، منذ يناير/ كانون الثاني 2006، باتّفاقية مع وزارة الطاقة اللبنانية، لتزويدها بوقود الديزل وزيت الوقود (الفيول)، حيث تقوم ببيع وقود السيّارات و"المازوت" إلى مؤسّسة كهرباء لبنان.
وتشير مصادر في وزارة الطاقة إلى سبب آخر في الأزمة، يعود إلى شراء الوقود من الأسواق، واحتكاره أو تخزينه، تخوّفًا من فترة مقبلة "قاتمة".