التقاريررئيسيةسلايدر الرئيسيةنفط

"الالتزام"... مفتاح أوبك+ السحري لتوازن أسواق النفط

تعافي الطلب يشجّع المنتجين... والحذر "حاضر على المائدة"

خاص-الطاقة

اقرأ في هذا المقال

  • نوفاك: سوق النفط العالمية قد تحقق توازن العرض والطلب في يوليو
  • الناصر: "تجاوزنا المرحلة الأسوأ في أسواق النفط.. واستبشر خيرا في النصف الثاني
  • اهتمام أوبك ينصب على امتثال غير الملتزمين وتعويضات تجاوزات مايو ويونيو
  • البيانات القوية تدعم التفاؤل... والحذر من موجة ثانية لا يغيب عن الابصار

أصبحت كلمة "التزام" هي العمود الأساس لسياسة أوبك+ الحاليّة لتحقيق التوازن في أسواق النفط العالمية. وهذا يعني "الالتزام" بالخطّة المعلنة والمتّفق عليها بين الدول الأعضاء للأشهر القادمة والعام القادم، و"التزام" كلّ الدول الأعضاء بالحصص الإنتاجية التي جرى الاتّفاق عليها، و"التزام" الدول التي تجاوزت حصصها الإنتاجية في شهري مايو ويونيو، بتعميق التخفيض خلال أشهر الصيف.

ويميل المراقبون والمتابعون لأخبار النفط وأسواقه، إلى الاقتناع بأن دول تحالف "أوبك+" ستلتزم بخطّتها القاضية بالتخفيض المتناقص، والذي يعني أن كمّية التخفيض ستكون أقلّ، ابتداءً من شهر أغسطس / آب المقبل، وذلك اعتمادًا على تحليلات بيانات اقتصادية وصناعية آخذة في التصاعد، بكلّ الدول الكبرى، إضافة إلى تصريحات مباشرة وغير مباشرة لكبار المسؤولين في الدول النفطية الكبرى، تدلّ على أن هناك تفكيرًا جادًّا يميل إلى هذا الاتّجاه... وذلك رغم أن جميع الأطراف لا تزال تضع في حسبانها مخاطر حدوث موجة ثانية من تفشّي وباء "كوفيد-19"، والتي من شأنها أن تسفر عن انتكاسة كبيرة في الاقتصاد العالمي، ومن ثمّ في أسواق النفط، يتلوها انخفاض أسعار.

عصافير عدّة وحجر واحد

وبحسب بعض المحلّلين، فإن أوبك+ ستتّجه -غالبًا- إلى العودة لمسار الخطّة الرئيسة لاتّفاق التخفيضات، والتي كانت تقضي بتخفيف التخفيضات من 9.7 مليون برميل يوميًا، إلى 7.7 مليون برميل، بحلول شهر يوليو /تمّوز الجاري، قبل أن يجري تمديد التخفيضات المعمّقة شهرًا إضافيًا، لضبط الأسواق من جهة، ولتحقيق الهدف الآخر الذي لا يقلّ أهمّية، وهو إجبار الجميع على الالتزام بحصص التخفيضات.

ويرى المحلّلون أن "تعويضات التخفيضات المفقودة" التي تقرّر إلزام غير الممتثلين بتحمّلها مع الالتزامات الأصلية، خلال شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر، ستقوم بموازنة التخفيضات الخاصّة بـ"أوبك+"، بما يعني أن الخفض الحقيقي سيكون أكثر من 7.7 مليون برميل يوميًا، وأقلّ قليلًا من 9.7 مليون برميل يوميًا الحاليّة.. وهو ما سيفي بعدّة أغراض معًا، الأوّل، هو الحفاظ على معدّلات المعروض النفطي عند مستويات قريبة من المستوى الحالي، والثاني، هو التخفيف من الضغط على الدول الأكثر امتثالًا، وثالثًا، تحقيق العدالة من حيث إجبار الجميع على احترام الاتّفاق.

ثقة روسيّة

ولعل أكثر التصريحات الرسمية مباشرة، كان ما ورد على لسان وزير النفط الروسي الكسندر نوفاك، الذي قال اليوم الخميس إن من المتوقع أن تبدأ مجموعة أوبك+ لمنتجي النفط تخفيف تخفيضات إنتاج الخام اعتبارا من أغسطس بحسب ما اتُفق عليه في السابق. كما قال إن سوق النفط العالمية قد تحقق توازنا بين العرض والطلب في يوليو (تموز)؛ بل وربما تواجه نقصا في الخام، بينما قد لا يتعافى استهلاك النفط إلى مستويات ما قبل أزمة فيروس كورونا حتى نهاية 2021.

واتفقت أوبك+، التي تضم روسيا، على خفض إنتاج النفط إجمالا بنحو 9.7 مليون برميل يوميا، أو ما يعادل نحو عشرة بالمائة من استهلاك العالمي، لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا. وكان من المقرر أن تستمر التخفيضات القياسية حتى نهاية يونيو (حزيران)، لكن جرى تمديدها حتى يوليو الجاري.

وسيجتمع وزراء من دول رئيسية في أوبك+ في منتصف يوليو ضمن لجنة تعرف باسم لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لإصدار توصية بشأن المستوى التالي من الخفض.

وقال نوفاك خلال مؤتمر عبر الإنترنت لخبراء، إنه "لم يجر اتخاذ قرار بعد بشأن مستقبل الاتفاق"، ولكنه أضاف: "سنستأنف جزئيا التخفيضات غير المسبوقة اعتبارا من أول أغسطس (آب)".

وكانت مصادر بأوبك+ أبلغت رويترز هذا الأسبوع أنه لم يتم إجراء نقاشات بعد بشأن تمديد التخفيضات القياسية في أغسطس، مما يعني أن من المرجح بشدة تخفيفها إلى 7.7 مليون برميل يوميا حتى ديسمبر (كانون الأول).

وقال نوفاك: "سنرى كيف سيتطور الوضع، وما البيانات الفنية والإحصائيات في يونيو. لذا ستقوم اللجنة الفنية تحت رعاية أوبك بتحليل الامتثال، ووضع السوق والتوقعات". وأضاف أنه لم يجر اتخاذ قرارات بشأن أي تعديلات محتملة على الاتفاق بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمنتجين الآخرين.

كما قال نوفاك إن الاستثمارات في قطاع الطاقة العالمي ستنخفض بمقدار الثلث هذا العام، مضيفا أن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا مجددا قد يلحق الضرر بالطلب.

وكشفت وزارة الطاقة الروسية أمس أن إنتاج النفط الروسي انخفض إلى 9.32 مليون برميل يوميا في يونيو من 9.39 مليون برميل يوميا في مايو، قرب الهدف المحدد بموجب اتفاق مع أوبك+ بحسب ما أورته وكالة إنترفاكس للأنباء.

أرامكو تستبشر خيرا

وبالتزامن مع تصريحات نوفاك، قال رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين الناصر مساء الأربعاء: "لقد تجاوزنا المرحلة الأسوأ في أسواق النفط"، مشيراً إلى أن تعافي الطلب على الطاقة أمر يدعو للتفاؤل بشأن النصف الثاني من عام 2020، وأن الدول أصبحت الآن على استعداد لمواجهة أي موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا المستجد، في حال حدثت".

وأضاف الناصر في حواره مع نائب رئيس آي إتش إس ماركت، دانيال يرجين، خلال محادثات "أسبوع سيرا": "لقد تجاوزنا الأسوأ، وتجاوز سعر خام غرب تكساس الوسيط حاجز 40 دولاراً. وفي شهر أبريل كان الطلب يتراوح بين 75 و80 مليون برميل في اليوم وكان العرض كبيراً في ذلك الوقت، وحالياً يناهز الطلب 90 مليون برميل في اليوم".

وأسترشد الناصر بمؤشرات اقتصادية قوية، قائلا: "أنا أستبشر خيراً بشأن النصف الثاني من هذا العام. وخير دليل على ذلك ما تشهده الصين اليوم، حيث يصل الطلب إلى 90% تقريباً. وفي البنزين يبلغ الطلب نحو 95% في الصين. ويتجه البنزين والديزل إلى بلوغ مستويات ما قبل الجائحة؛ ولا يزال وقود الطائرات في مستوى متأخر نظراً لاستمرار انخفاض مستويات السفر جواً. وستبدأ المزيد من الدول في الانفتاح، ونرى ذلك ينعكس في الطلب على النفط الخام".

وقال رئيس أرامكو إن "هناك توقعات مختلفة تتراوح بين 95 و97 مليون برميل في اليوم بنهاية العام؛ والأمر يعتمد على ما إذا ستكون هناك موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا المستجد أم لا. ولكنني في الوقت ذاته أقل توجساً بشأن ظهور موجة ثانية لأنني أعتقد أننا أفضل من ناحية الاستعداد في الوقت الحالي، وكذلك لدى جميع الدول وجميع المؤسسات الطبية، فقد تعلمنا الكثير خلال الموجة الأولى".

وأوضح أن جائحة فيروس "كوفيد-19" أكدت من جديد على الأهمية الكبيرة لقرب سلسلة التوريد من أماكن مزاولة الأعمال. وبالنسبة للعولمة، من حيث سلاسل التوريد، فقد أثبتت نجاحها، ولكن بسبب الطبيعة الحساسة للحادث الذي وقع في بقيق وخريص أو الإغلاق الذي حدث في العديد من الدول، فإن وجود سلسلة التوريد بالقرب من المستخدم النهائي بات أمراً شديد الأهمية في الوقت الحالي.

الالتزام "كلمة السر"

ووسط تصريحات المسؤولين الرسميين، فإن كثير من التقارير التي تبحث في الأسباب، أشارت إلى أن التركيز ينصب حاليا على التزام المشاركين في اتفاق "أوبك+"، والذي أسفر تحقيق جانب واسع منه إلى عودة كثير من التوازن المفقود إلى الأسواق، خاصة مع عودة النشاط بشكل كبير إلى الاقتصاد العالمي، الذي يبدو أنه خرج بالفعل من "عنق زجاجة" أزمة "كوفيد-19".

ووفقا لمصادر داخل أوبك، فإن التحالف لم يناقش خلال الفترة الماضية تمديد الخفض المعمق لما بعد يوليو الجاري، وهو ما يعني وفقا لأغلب الآراء أن التوجه يصب في مصلحة المضي قدما في تخفيف التخفيضات وفق الاتفاق الأولي الذي جرى في شهر أبريل الماضي.. وبموجب الاتفاق، ستبقى التخفيضات عند 7.7 مليون برميل في اليوم حتى نهاية العام، ثم تتراجع إلى 5.8 مليون برميل في اليوم من يناير 2021 حتى أبريل 2022.

وأوضحت مصادر لـ"إس آند بي غلوبال بلاتس" أن المناقشات الحالية في أوبك تركز بشكل أكبر على ضمان الامتثال الكامل للتخفيضات، بما في ذلك الأعضاء الذين تجاوزوا الإنتاج في مايو ويونيو، وهم ملزمون بالتعويض عن التخفيضات الإضافية في يوليو وأغسطس وسبتمبر، مثل العراق ونيجيريا وأنغولا وكازاخستان.. فيما أشارت حسابات "إس آند بي غلوبال بلاتس" إلى أن معدل الالتزام لتحالف أوبك+ بلغ 85% في شهر مايو الماضي.

عناصر قوة

ويعضض من قوة الاتجاه لتخفيف التخفيضات عوامل دعم قوية، والتي أدت إلى ارتفاع سعر سلة نفط منظمة البلدان المصدرة للبترول فوق 40 دولارا للبرميل للمرة الأولى في أربعة أشهر، وهو ما دعم قرارات الدول المنتجة لرفع أسعار البيع الرسمية.

وفقا لبيانات من المنظمة نقلتها رويترز اليوم، بلغ سعر السلة 42.66 دولار للبرميل في أول يوليو (تموز)، بما يزيد نحو 12 بالمائة مقارنة مع اليوم السابق، وهو أيضا أعلى مستوى منذ الثالث من مارس (آذار)، بحسب الأرقام.

ومن بين عوامل القوة الاقتصادية خلال الأيام الأخيرة، ظهور بيانات أميركية قوية فيما يخص البطالة مع انخفاض حاد في مخزون الخام. إضافة إلى بيانات صناعية واستهلاكية أكثر قوة من الصين وأوروبا، تشير في مجملها إلى عودة الاقبال على الطلب النفطي، ما يعني أن الفائض الكبير خلال الأشهر الماضية في طريقه إلى التبدد قريبا.

الحذر موجود

لكن في مقابل كل عناصر القوة، فإن هناك تشككات قائمة، وبالتأكيد هي على مائدة المنتجين. وفي أبرزها بالطبع مخاوف عودة كورونا من خلال موجة تفش ثانية، خاصة مع عودة اشتداد ظهور الحالات عقب الفتح الاقتصادي في أوروبا وأميركا، ما قد يدفع إلى قرارات سياسية أليمة بعودة الاغلاق الاضطراري الجزئي.

أيضا، حذّر اتحاد النقل الجوي الدولي الخميس من أنّ إجراءات الحجر الصحي الصارمة المرتبطة بفيروس كورونا في دول افريقية وشرق أوسطية، تعرقل استئناف السفر مما يؤدّي لمزيد من الخسائر وإفلاس شركات الطيران... وبالتالي تراجع الطلب على وقود الطائرات، والذي يمثل حصة لا يستهان بها من أهم وسائل استهلاك الطاقة على مستوى العالم.

وقال محمد البكري نائب رئيس اتحاد النقل الجوي الدولي (اياتا) لأفريقيا والشرق الأوسط في مؤتمر صحافي افتراضي إن "إجراءات الحجر الصحي التي تفرضها الحكومة في 36 دولة عبر إفريقيا والشرق الأوسط تمثل 40 في المائة من جميع إجراءات الحجر الصحي على مستوى العالم".

واستأنفت بعض شركات الطيران في المنطقة عملياتها الجزئية مؤخرا ولكن وسط متطلبات صحية صارمة بما في ذلك إجراء فحوص الفيروس والحجر الصحي عند الوصول. وقال البكري "مع عدم رغبة أكثر من 80 في المائة من المسافرين السفر في حال الزامية الحجر الصحي، فإن تأثير هذه الإجراءات هو أن البلدان لا تزال مغلقة حتى لو كانت حدودها مفتوحة".

وفي أحدث توقعاته الصادرة الخميس، قال الاتحاد إنّ شركات الطيران في الشرق الأوسط ستفقد نحو 56 في المائة من إيراداتها و55 في المائة من الركاب هذا العام مقارنة بعام 2019.

وحذّر البكري من أن "الخسائر تستمر في التراكم، وتستمر شركات الطيران في النزف، إنه وضع غير طبيعي ولا يمكن تحمله ولا يمكن لأي شخص أن يتحمل هذا الإغلاق". وتابع "من المتوقع أن تخسر شركات النقل في الشرق الأوسط 37 دولارًا لكل راكب تحمله في عام 2020"، بينما تبلغ الخسارة 42 دولارًا لكل راكب في افريقيا.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق