إيران تعيد التلويح بورقة "إغلاق هرمز".. غير القابلة للتطبيق
قالت إنّها تعتزم تصدير النفط من خليج عمان لضمان تدفّق الخام
قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، اليوم الخميس، إن بلاده تعتزم تصدير النفط من ميناء مطلّ على خليج عمان بحلول مارس /آذار المقبل، في تحوّل لتجنّب المرور عبر المسار الملاحي مضيق هرمز، الذي يعدّ محورًا لتوتّر إقليمي منذ عقود.
وتصاعد التوتّر بين طهران وواشنطن منذ انسحاب الأخيرة في 2018 من الاتّفاق النووي، الذي أُبرم عام 2015، بين إيران وستّ قوى كبرى، وإعادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض عقوبات على إيران، بما عرقل صادراتها الحيوية للنفط.
وهدّدت إيران مرارًا بإغلاق المضيق، إذا جرى منع صادراتها من الخام بسبب العقوبات الأميركية، وهي خطوة قالت واشنطن، إنّها ستتجاوز "خطًّا أحمر" وستتطلّب ردًّا عليها. فيما أكّد محلّلون سياسيون واقتصاديون أن تلويح إيران بإغلاق المضيق لا يتعدّى كونه "ورقة ضغط غير قابلة للتنفيذ فعليًا"، لأنّه سيفتح على إيران أبواب مخاطر كبرى، أقلّها تكتّل العالم بغالبيّته في وجهها، إذا ما جرى إغلاق المضيق الإستراتيجي.
وقال روحاني، في خطاب بثّه التلفاز: "هذا قرار إستراتيجي، وخطوة مهمّة لإيران، ستؤمّن استمرار صادراتنا من النفط". وأضاف، إن إيران تهدف إلى تصدير مليون برميل يوميًا من النفط، بحلول مارس، من ميناء بندر جاسك على ساحل البلاد على خليج عمان، إلى الجنوب مباشرة من مضيق هرمز. وكانت صادرات إيران من النفط تبلغ نحو 2.6 مليون برميل يوميًا، قبل فرض العقوبات الأميركية. وقال: إن "هذه الخطوة ستطمئن مشتري النفط بأن صادراتنا من الخام ستستمرّ إذا أُغلق المضيق".
ويمرّ عبر مضيق هرمز نحو خُمس إمدادات النفط في العالم من المنتجين في الشرق الأوسط، إلى أسواق في آسيا وأوروبّا وأميركا الشمالية وأماكن أخرى، ولذلك فإن إغلاقه عبر عمل أحادي سيعدّ تحدّيًا على سيادات وأمن غالبية دول العالم.
كما إنّه من المعلوم ان أغلب ممرّات السفن تقع في الجزء العماني من المضيق، وإغلاقه يعني احتلال مياه عمانية، وهذا يفعّل الاتّفاق الدفاعي المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي.
أمّا فيما يخصّ نقطة تحويل إيران لغالبية صادراتها إلى ميناء بندر جاسك على ساحل البلاد على خليج عمان، بهدف الحفاظ على صادراتها في حال إغلاق المضيق، فيرى خبراء إستراتيجيّون ونفطيّون أن هذه الخطوة هي سلاح ذو حدّين، أحدهما يخدم طهران، لكن الآخر يسهّل على أيّ تحالف يواجهها استهداف عصب التصدير الموحّد، في حال قيام إيران بعمل أهوج، بحسب تعبيرهم.
وجرت مواجهات بين الحين والآخر، بين الحرس الثوري الإيراني والجيش الأميركي في المنطقة. وألقت واشنطن وحلفاؤها، في العام الماضي، بمسؤولية على إيران في هجمات على سفن تجارية دولية في منطقة الخليج، كما وصفوا احتجازها لناقلة بريطانيّة بأنّه غير قانوني. وتنفي طهران الاتّهامات.
وشهدت إيرادات إيران من النفط، المتضرّرة بالعقوبات الأميركية بشدّة، مزيدًا من التراجع، مع انهيار الطلب على الخام عالميًا، بسبب أزمة فيروس كورونا. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن إيرادات النفط انخفضت إلى 8.9 مليار دولار في السنة المنتهية في مارس الماضي، مقارنةً بتسجيلها 119 مليار دولار قبل ما يقرب من عقد في 2011.
ورغم إشارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في صيف العام الماضي، إلى أن مضيق هرمز لم يعد مهمًّا للولايات المتّحدة، التي أصبحت أكبر منتج للنفط في العالم، إلّا أن كثيرًا من المراقبين عدّوا هذه التصريحات بمثابة ورقة ضغط أميركية بدورها من أجل التقليل من شأن التهديدات الإيرانية من جهة، والحصول على مقابل لحماية الملاحة في الخليج من جهة أخرى. لكن في الواقع فإن الخسائر الأميركية قد لا تقلّ فداحة عن الخسائر الدولية الأخرى، في حال وقف الملاحة بمضيق هرمز، نظرًا لترابط أسواق النفط العالمية، ما يعني أن الأمن القومي الأميركي لن يسمح بمثل هذا الاستهداف.