تقليص القروض النفطية يدفع الشركات الأميركية إلى الهاوية
ثلث الشركات يشهر إفلاسه إذا أقدمت البنوك على هذه الخطوة
- تراجع قيمة الأصول التي تدعم تسهيلات القروض 50 %
- القروض المدعومة باحتياطيات النفط والغاز أداة التمويل الرئيسية
- التمويل يخضع لإعادة تسعير نصف سنوية وفق تغير أسعار النفط
- خبير: النفط الصخري يواجه أكبر أزمة سيولة في تاريخه
تواجه شركات الطاقة الأميركية خطر قيام البنوك بتخفيض ائتمانها، بعدما أدى انهيار أسعار النفط في مارس/أذار إلى تراجع قيمة الأصول التي تدعم تسهيلات القروض الرئيسية- وهي القروض المدعومة باحتياطيات النفط والغاز- إلى أقل من نصف ما كانت عليه قبل شهر.
سحق انهيار أسعار النفط شركات الطاقة الأميركية، ما أدى إلى تقييمات متصاعدة وضغوط على خيارات التمويل ، حيث تواجه انخفاضًا محتملًا بنسبة 20 ٪ في الطلب العالمي على النفط في الفصول المقبلة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد.
انخفضت أسعار النفط الخام الأميركي إلى نحو 20 دولارًا للبرميل ، مع تفشى كورونا عالميا وانهيار الطلب، وكذلك الحرب النفطية التي اضطرت السعودية لخوضها ضد روسيا، بعدما تسبب العناد الروسي في إفشال مؤتمر تحالف أوبك بلس أوائل الشهر الجاري والذي كان يهدف إلى تمديد تخفيضات إمدادات النفط لضبط الأسواق وإنقاذ الأسواق.
وبالنسبة لصناعة النفط الصخري تحديدا، تأتي اضطرابات السوق وانهيار الطلب في وقت سيء للغاية، حيث تواجه أداة التمويل الرئيسية لهذه الصناعة - القروض المدعومة باحتياطيات مؤكدة للنفط والغاز - مراجعة تسعير نصف سنوية.
تستخدم البنوك أسعار النفط الخام الأميركية لتقييم الاحتياطيات، ومع انخفاض النفط من 61 دولارًا للبرميل في 1 يناير/كانون الثاني، يمكن لهذه المؤسسات قطع خطوط الاقتراض والائتمان للشركات من 25 ٪ إلى 50 ٪ ، وفقًا لمقابلات مع أكثر من اثني عشر مصدرا صناعيا وماليا.
أزمة سيولة
في هذا السياق، قال شايع حسين زاده ، الشريك الإداري في شركة الاستثمار (أونيكس بوينت غلوبال مانجمنت)، التي تقدر سوق القروض المدعومة باحتياطيات مؤكدة للنفط والغاز بأكثر من 200 مليار دولار "أعتقد أنه من الإنصاف أن نقول إن النفط الصخري على وشك مواجهة أكبر أزمة سيولة في تاريخه".
يشار إلى أن العلاقة بين انخفاض أسعار النفط وحجم القروض الصغيرة ليست دقيقة، حيث تتقلب موارد الشركة عندما تكتشف وتستخرج النفط ، وتعيد تشكيل الضمان الكامن وراء القرض، في حين أن البنوك المختلفة التي تقدم التمويلات لديها قيم بديلة للخام، والتي تعدل حساباتها.
قد يحتاج ما يقرب من ثلث جميع منتجي النفط والغاز الأميركيين المدرجين علنًا هذا العام، إلى إعادة هيكلة الديون أو التقدم بطلبات حماية من الإفلاس بموجب الفصل 11 مع عدم قدرة الشركات على تحمل أي أزمة بالنسبة لتراجع قيمة الأصول التي تسهل عمليات الاقتراص، وفقًا لتوقعات مستشارين ماليين وقانونيين تحدثوا إلى رويترز بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم يناقشون قضايا حساسة.
إذا كان متوسط سعر الخام الأمريكي 30 دولارًا للبرميل في عام 2020 ، فإن صافي الدين إلى الأرباح قبل الفوائد والضرائب واستهلاك القروض بالنسبة لأكثر من نصف المنتجين الأميركيين الثلاثين سيبلغ مستواه ثلاثة أوأكثر ، وفقا لمؤسسة (ريمون جيمس) التي تتبع هذه الشركات. ويعتبر هذا المستوى تقليديا حيث تكون الشركات في وضع الرافعة المالية (وهي المبالغ التي يمكن للمتداول التداول عليها كأضعاف لقيمة الهامش المتوفر في حساب المتداول، حيث تكتب كنسبة 1:××× حيث يكون ××× هو المبلغ الذي يمكن للمتداول التداول عليه مقابل 1 وحدة من قيمة الاداة المالية التي يقوم بالتداول عليها"
بالنسبة لشركات الطاقة الممتدة مالياً، فإن هذه الأزمة تعني أن القروض الأصغر التي تقوم على احتياطات هي بمثابة قطع لخط السحب على المكشوف عند استخدامه لدفع الفواتير اليومية.
المستثمرون يديرون ظهورهم
وما يفاقم من مأزق شركات الطاقة، هو أن هناك جفافا بالفعل بالنسبة فرص التمويل خارج هذه التسهيلات الائتمانية، لاسيما الأسهم ومبيعات الديون، حيث أدار المستثمرون ظهورهم لشركات النفط والغاز الأميركية بعد أن فشلت أحجام الإنتاج القياسية في ضخ أرباح في بورصة وول ستريت.
وكانت البنوك والجهات المقرضة لشركات الطاقة تظهر بالفعل مؤشرات الحذر خلال المراجعة الأخيرة للقروض المدعومة باحتياطيات مؤكدة للنفط والغاز في الخريف الماضي، حيث قامت البنوك الكبرى مثل (جيه بي مورغان تشايس) و (ولز فارغو) بخفض قيمة احتياطيات الشركات من النفط والغاز.
وإجمالا، تقدمت 24 شركة طاقة أميركية طلبات إفلاس في النصف الثاني من عام 2019، وهو أكبر عدد في (فترة الستة أشهر)منذ عام 2016، وفقًا لشركة المحاماة (هاينس آند بوني).
ويمكن أن يتسارع ذلك المعدل مع قيام البنوك بتخفيض افتراضاتها بشأن أسعار تداول النفط لبقية هذا العام، ما سيؤثر على حجم القروض التي تقدمها.
في بداية شهر مارس/أذار، قبل الانهيار الكبير لأسعار النفط، أبلغت مؤسسة (سيتي غروب) الأميركية للخدمات المالية والمصرفية المنتجين أنها تخطط لخفض قيمة النفط بنحو دولارين دون أسعار الهبوط إلى نحو 45 دولار للبرميل، وفقًا لمصدر مطلع على خطط البنك.
ومع تواصل الاضطرابات في سوق النفط، رد بنك (جيه بي مورغان)، أحد أكبرمقرضي صناعة الطاقة الأميركية، بخفض قيمته للنفط في عام 2020 بمقدار الثلث إلى نحو 30 دولارًا للبرميل، وفقًا لمصدرين على دراية بأنشطة البنك.
وقال متحدث باسم البنك إن مؤسسة (بي أو كيه فاينانشال) للخدمات المصرية- والتي لديها نسبة قروض الطاقة أعلى من أي بنك أمريكي آخر، عدلت تقييمات الخام مرتين في مارس/أذار بسبب التقلبات الكبيرة في الأسعار.
تقييمات متحفظة للضمانات
مع تقلب أسعار النفط، سيكون من الطبيعي أن تتجه البنوك نحو تقييمات متحفظة للضمانات. ومع ذلك، فإن كل تحريك للأسعار من جانب المقرضين ستؤثر سلبا على احتفاظ المنتج بما يكفي من النقد الوارد من القروض المدعومة باحتياطيات النفط والغاز من أجل البقاء.
ورفضت سيتي غروب وجي بي مورغان التعليق.
وقد انتهكت بعض شركات الطاقة الأميركية، بما في ذلك شركتا (ليليس إنرجي) و(ألترا بتروليوم)، بالفعل الالتزامات أو اعترفت بأنها لا تستطيع سداد قروضها.
وسحبت شركات أخرى، مثل (روزهيل ريسورسز) و(ويتينغ بتروليوم كورب)، قروضها منذ هبوط أسعار النفط.
وقد تمنع موجة الإفلاس التي يتوقعها البعض المقرضين من اتخاذ إجراءات قاسية لسحب خطوط الائتمان.
وفي هذا السياق، أشار مصرفيون إلى أنه خلال تراجع أسعار النفط بين عامي 2014-2016، منحت البنوك العملاء بعض التسهيلات من خلال خطط سداد للمقترضين المتعثرين، ما منحهم بعض الوقت لاستعادة قدرتهم على الامتثال والوفاء بالتزاماتهم.
والحقيقة أن مثل هذه التسهيلات ليست من قبيل الصدقة والإحسان، حيث يتردد المقرضون في الحجز على الممتلكات ، خاصة عندما تكون سوق أصول الطاقة ضعيفة للغاية، لاسيما في ظل حالات إفلاس النفط الأخيرة.
كانت خطة إعادة هيكلة شركة ألتا ميسا ريسورسز، التي انهارت في وقت سابق من هذا الشهر، قد أعادت للمقرضين نحو نصف أموالهم، وهو حدث غير مألوف حيث تحصل البنوك تقليديًا على جميع أموالها.
وقال أحد محامي النفط والغاز إنه إذا اتخذت البنوك موقفا متشددا، فإنه ستكون هناك مبيعات متعددة من تصفية الشركات.
وأضاف أنه ليس هناك ما يكفي من المشترين، وبالتالي ستكون البنوك طرفا خاسرا.