تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةسلايدر الرئيسية

المباني والمدن الذكية.. بوّابة الخليج إلى الطاقة النظيفة

الإمارات تضمّ 40% من المباني الخضراء في المنطقة

خاص- الطاقة

مجمّع مدينة مصدر في أبو ظبي.. مسجد خليفة التاجر في دبي.. جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في السعودية.. مركز التجارة العالمي في البحرين.. مجمّع (ذا غايت) السكني والتجاري في مصر.. هذه أبرز مشروعات المباني الذكية التي تعكس تنامي ثقافة الطاقة النظيفة المتجدّدة لدى العديد من صانعي السياسات في المنطقة العربية، لاسيما منطقة الخليج العربي، وفي مقدّمتها دولة الإمارات العربية المتّحدة، التي تخطو خطوات واسعة في هذا الاتّجاه.

لا يأتي هذا الاهتمام من فراغ، فمع ازدياد تكلفة التغيّر المناخي وتداعياته وآثاره المدمّرة، حدّد عدد متزايد من المدن والدول على مستوى العالم أهدافًا طموحة للحدّ بشكل كبير من انبعاثات الكربون أو القضاء عليها تمامًا. ومن هذا المنطلق، ينظر كثيرون الآن إلى المباني الذكية بوصفها مفتاح تحوّل قطاعات الطاقة في دول بأكملها، ودخولها إلى مستقبل منخفض الكربون.

وبحسب أحدث إحصائيات المجلس العالمي للمباني الخضراء، فإن المباني التقليدية والأعمال الإنشائية مسؤولة عن نحو 39% من انبعاثات الطاقة الضارّة حول العالم، وتستهلك المشاريع الإسكانية العادية ما يتراوح بين 60 إلى 70% من طاقة الكهرباء والماء، ممّا يحتّم على الجميع إيجاد بدائل بناء وتشييد صديقة للبيئة قادرة على تحقيق انبعاثات كربونية "صفرية" في أسرع وقت ممكن قبل فوات الأوان.

عربيًا، تشير بعض التقديرات إلى أن الإمارات تتصدّر دول الخليج، بل والمنطقة، في استثمارات المباني والمدن الذكية، حيث تضمّ نحو 40% من إجمالي المباني الخضراء على مستوى الخليج.

ليس هذا فحسب، وإنما تحتلّ المرتبة الثامنة من بين 150 دولةً في قائمة الدول التي تمتلك أكبر عددٍ من المباني الصديقة للبيئة.

وتحدّد إستراتيجية دبيّ للطاقة النظيفة 2050 أهدافاً بنسبة 7 %من الطاقة النظيفة في مزيج التوليد بحلول عام 2020، و25% بحلول عام 2030، و75% بحلول عام 2050، بينما تهدف إستراتيجية إدارة الطلب على الطاقة 2030 إلى خفض الطلب على الطاقة والمياه بنسبة 30% بحلول عام 2030.

مدينة مصدر

(مدينة مصدر) التي تقع على بعد 17 كيلومتراً من وسط مدينة أبوظبي، بالقرب من مطار أبوظبي الدولي، هي من أبرز تلك الإنشاءات.

تمتدّ المدينة على مساحةٍ إجماليةٍ تبلغ 700 هكتار، يجري تطويره على مراحل ليتمّ بشكلٍ كاملٍ بحلول عام 2025. وتضمّ المدينة حالياً مباني تجاريةً، ومُجمّعات مطاعم، ومقرّاتٍ لعددٍ من الشركات والمُؤسّسات، من بينها المقرّ الرئيس (للوكالة الدولية للطاقة المُتجدّدة) بالإضافة إلى (معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا).

تستمدّ المدينة الطاقة اللازمة لها بالكامل من محطّةٍ لتوليد الطاقة الشمسية تعدّ الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط، تبلغ طاقتها الإنتاجية 10 ميغاواط، وتمتدّ على مساحة 22 هكتاراً، وتوفّر الفائض من الطاقة للشبكة الرئيسة لأبوظبي.

في هذه المدينة أيضاً، تُستخدم النفايات البيولوجية للحصول على أسمدةٍ عُضوية، فيما يجري تحويل بعض هذه النفايات -عن طريق الحرق- إلى مصدرٍ إضافيٍّ للطاقة. أمّا النفايات الصناعية -مثل البلاستيك- فيعاد تدويرها، أو إعادة استخدامها في أغراض أخرى.

والحقيقة أن المباني الذكية هي اتّجاه سريع النموّ، حيث توقَّع تقرير حديث لمؤسّسة (ماركت ريسيرش) أن تنمو سوق المباني الذكية من 60.7 مليار دولار عام 2019 ، إلى 105.8 مليار دولار بحلول عام 2024، بمعدّل نموّ سنوي مركّب بنسبة 11.7٪، وهو عبارة عن مصطلح تجاري يستثمر مدّة محدّدة لنسبة التقدّم الهندسي التي توفّر معدّل عائد ثابتًا خلال الفترة الزمنية.

مسجد (خليفة التاجر) في دبيّ، يُعدّ المسجد الصديق للبيئة، الأوّل من نوعه في المنطقة.

هذا المسجد الذي تبلغ مساحة مبناه 45 ألف قدمٍ مربّعة، ويتّسع لـ2500 مُصلٍّ، بُنِي باستخدام موادّ عازلةٍ للحرارة، وزجاجٍ مُزدوجٍ مطليٍّ بطبقةٍ معدنية تحجب حرارة الشمس عن داخل المسجد بهدف تقليل الطاقة اللازمة لتبريد الهواء.

ويستخدم المسجد أيضاً الطاقة الشمسية لإضاءة أعمدة الإنارة الخارجية، وتسخين مياه الوضوء والمياه المستخدَمة في سكن الإمام وملحقات المسجد، بدلاً من استخدام السخّانات الكهربائية.

كما زُوِّد بمصابيح (ليد) موفّرةٍ للطاقة بدلاً من المصابيح العادية، بالإضافة إلى نظامٍ للتحكّم بالإنارة وأنظمة تكييف الهواء، بحيث تعمل بشكلٍ تلقائيٍّ وفقاً لأوقات الصلاة فقط.

ويوجد حالياً 4792 مشروعاً نشطاً في دبيّ، وفقًا لغرفة تجارة وصناعة دبيّ، بما في ذلك المشاريع الضخمة، مثل إكسبو 2020 ، والتوسّعات في مطار آل مكتوم الدولي وميناء جبل علي والخطّ الأحمر لمترو دبي الذي يربط مركز المدينة بموقع إكسبو 2020.

تصنيف ليد البلاتيني

وفي السعودية مثّلت جامعة (الملك عبدالله للعلوم والتقنية) عند تأسيسها عام 2010، أكبر مشروعٍ في العالم من حيث المساحة يحصل على تصنيف "ليد" البلاتيني للمباني التي تُحافظ على البيئة، حيث تبلغ مساحة المشروع كاملاً 5.5 ملايين قدمٍ مربّعة على امتداد ٢٧ مبنى.

و حصلَت الجامعة على هذا التصنيف نتيجة توظيفها الكثير من تقنيات الطاقة النظيفة وإعادة تدوير المياه، حيث توجد محطّةٌ لإعادة تدوير المياة تقوم بمعالجة كامل استهلاك مباني الجامعة للمياه. وبالتالي، يعاد ضخّ المياه المُعالَجة، إمّا الى مباني الجامعة من جديد لإعادة استخدامها لأغراض ريّ النباتات وغيرها من الأغراض التي لا تحتاج الى مياة صالحة للشُرب، وإمّا إلى الخارج في صورةٍ صديقةٍ للبيئة.

تمتلك الجامعة أيضا ألواحًا كهروضوئية بمساحة تتجاوز 16 ألف قدمٍ مربّعة، تُنتج طاقةً كهربائيةً نظيفة تبلغ قدرتها 4 ميغاواط. كما يعتمد تصميم المباني الخاصة بالجامعة على استخدام الإضاءة الطبيعية النهارية لإضاءة 75% من المساحة الإجمالية للجامعة، مع وجود مُستشعراتٍ ضوئيةٍ تقوم تلقائياً بإيقاف عمل المصابيح الكهربائية في حال توافر إضاءةٍ طبيعيةٍ كافية.

مركز التجارة العالمي في البحرين -الذي يأتي في صورة مبنيَين مُتّصلين بإرتفاع 240 متراً- يُعدّ ناطحة السحاب الأولى في العالم التي تتضمّن بجزءٍ من تصميمها طواحين هواء عملاقة لتوليد الكهرباء باستخدام طاقة الرياح.

أنشئ المبنى عام 2008 على يد شركة الإنشاءات العالمية (إتكنز)، وزُوِّد بثلاث طواحين هواء عملاقة، يبلغ طول الواحدة منها 29 مترًا.

صُمِّم المبنى بطريقةٍ ديناميكية تزيد من سُرعة الرياح التي تمرّ بين جناحيه لتعزيز توليد الطاقة الكهربائية من خلال طواحين الهواء المُثبتة في المُنتصف، في حين يستمدّ المبنى 15% من الطاقة الكهربائية اللازمة له من خلال طاقة الرياح.

مجمّع (ذا غايت) في مصر

وفي مصر، يأتي مشروع (مجمع ذا غايت) الذي صمَّمته شركة فينسينت كاليبوت العالمية، بتكلفةٍ تبلغ 4.5 مليار جنيه مصري.

وبينما يتضمّن المجمّع السكني مساحاتٍ تجاريةً وشُققًا سكنية وفندقاً، فهو يتميّز بتصميمه الذي يتكوّن من مجمّعٍ من المباني المُتّصلة التي سيتخلّلها 9 أشجار عملاقة تعمل على إعادة توجيه الرياح للحصول على تهويةٍ كافية لجميع المباني، وهو أسلوبٌ بنائيٌّ مُستوحىً من الحضارة المصرية الفرعونية القديمة.

بالإضافة إلى ذلك، يتضمّن المشروع خلايا كهروضوئية تُغطّي مساحة أسطح المباني، ليستمدّ منها المشروع جزءاً من احتياجاته من الطاقة. كما تُستثمَر الطوابق العليا لإقامة حدائق خضراء ومُتنزّهاتٍ تهدف الى توفير طبقةٍ عازلةٍ طبيعيةٍ للحدّ من حرارة الشمس.

ولا يتوقّف هذا الاتّجاه عند المباني الإدارية وناطحات السحاب العملاقة، بل يشمل منازل عصرية ذكية للناس، كما هو الحال بالنسبة لمشروع نيوم، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعدّ حجر الأساس في "رؤية السعودية 2030"، كما أنها وُصفت بأضخم مشروع حضاري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل الذكية.

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق