التقاريرسلايدر الرئيسية

كيف تحوّلت مشروعات الكهرباء في مصر إلى أزمات

القطاع يسعى للخروج من مأزق فائض الإنتاج و الأعباء المالية

خاص-الطاقة

اقرأ في هذا المقال

  • تقرير صادر عن مؤسسة أبحاث بي إم آى التابعة لوكالة فيتش سوليوشنز يتوقع أن تنتج مصر 265 مليار كيلووات ساعة بحلول عام 2023 مقابل 231.5 مليار كيلووات في عام 2020.
  • من غير المرجح أن تتمكن الحكومة من تحقيق هدفها في أن تصل مساهمة مشاريع الطاقة المتجددة إلى 20% من قطاع توليد الطاقة بحلول عام 2022.
  • ستبقى مصر معتمدة بشدة على الوقود الأحفوري حتى عام 2028، إذ ستمثل محطات الكهرباء العاملة بالغاز والفحم 85% من إجمالي الطاقة المولدة،

حقّقت مصر طفرة فى مشروعات إنتاج الكهرباء لتأمين احتياجاتها من الطاقة وتحقيق فائض فى القدرات يمكن تصديره للدول المجاورة، وتعقد الحكومة آمالاً كبيرة على قطاع الكهرباء والطاقة المتجدّدة ليكون المحرّك الرئيس للاستثمار فى الفترة المقبلة، خاصة بعد جذب العديد من الشركات العربية والعالمية للاستثمار فى مصر وتأمين التغذية الكهربائية وتحقيق تنمية مستدامة .

وأصبحت مصر قبلة المستثمرين لجاذبية قطاع الكهرباء والطاقة المتجدّدة، ويسعى عدد كبير منهم للاستحواذ على محطّات كهرباء قائمة بالفعل، نفّذتها شركة سيمنس فى بني سويف والبرلس والعاصمة الإدارية الجديدة، وتلقّت الحكومة أكثر من عرض لشراء وإدارة المحطّات.
ويشهد قطاع الطاقة المتجدّدة فى مصر رواجاً وإقبالاً كبيراً من الشركات العربية والعالمية، بعد نجاح "مشروعات تعريفة التغذية فى بنبان بأسوان"، وهناك بعض المشاورات للاستثمار وشراء مشروعات قائمة بالفعل من الشركات، ومطالبات من المستثمرين لتنفيذ محطّات فى مصر.

وفى الوقت نفسه يسعى قطاع الكهرباء المصري للخروج من مأزق فائض الإنتاج الكهربائي، وتقليل الأعباء المالية، والحدّ من تدشين مشروعات الإنتاج، والاهتمام بمشروعات تحسين وتدعيم الشبكات لتطوير الخدمات المقدّمة للمواطنين.

ويبلغ متوسّط فائض إنتاج الكهرباء اليومي 18 ألف ميجاواط، مقابل 25 ألف ميجاواط أقصى استهلاك، وتبلغ القدرات الإجمالية التي تنتجها مصر 50 ألف ميجاواط، وقد خرجت بعض المحطّات من الخدمة لتقادمها، وأخرى تخضع للصيانة.

وتوقّع تقرير صادر عن مؤسّسة أبحاث بي إم آي، التابعة لوكالة فيتش سوليوشنز للربع الأول من 2020 ، أن مصر ستنتج 265 مليار كيلوواط ساعة بحلول عام 2023، مقابل 231.5 مليار كيلوواط في عام 2020، مما سيمنح مصر القدرة على تلبية الطلب المحلي، ومن المتوقّع أن يرتفع صافي الاستهلاك إلى 234.9 مليار كيلوواط ساعة بحلول عام 2023.

وفقًا للتقرير، ستبقى مصر معتمدة بشدّة على الوقود الأحفوري حتى عام 2028، إذ ستمثّل محطات الكهرباء العاملة بالغاز والفحم 85% من إجمالي الطاقة المولّدة، وستمثّل المحطات العاملة بالغاز الطبيعي وحدها، مثل محطات سيمنس ذات الدورة المركّبة 75% من إجمالي الطاقة المولّدة، في الوقت الذي تتزايد فيه إمدادات مصر من الغاز الطبيعي.

بيع محطّات كهرباء لتقليل الأعباء المالية

تلقّت الحكومة المصرية 3 عروض من شركات عالمية "بلاكستون” و”إيدرا باور” و"أكتيس" لشراء محطّات كهرباء سيمنس فى بني سويف والبرلس والعاصمة الإدارية الجديدة، بقدرة 14.4 ألف ميجاواط والتي تزيد كفاءتها عن 65% .

وأتمّت شركة سيمنس عام 2018 تنفيذ وتشغيل 3 محطات لإنتاج الكهرباء بقدرات إجمالية 14.4 جيجاواط، باستثمارات إجمالية 6 مليارات يورو، وقدّمت مصارف ألمانية تشمل دويتشه بنك والتعمير الألماني وإتش إس بي سي تمويل المشروع بنسبة تُعادل 85% من تكلفة إنشاء المحطّات الثلاث.

ووضعت الحكومة محطات إنتاج الكهرباء التي نفّذتها شركة سيمنس العالمية لصالح الشركة القابضة لكهرباء مصر تحت تصرّف صندوق مصر السيادي.

ويهدف صندوق مصر السيادي إلى إدارة الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصّة، التي ستُنقل تبعيتها إليه، ويبلغ رأسماله المرخّص 200 مليار جنيه، والمصدر 5 مليارات جنيه.

وقال وزير الكهرباء والطاقة المصري محمد شاكر وزير الكهرباء: إن عروض شراء محطّات الكهرباء التي نفّذتها “سيمنس” مازالت فى مرحلة الدراسة، وتتولى لجنة رفيعة المستوى بالتعاون مع خبراء متخصّصين تحديد الحسابات الاقتصادية لهذا الأمر، سوف تستغرق هذه الحسابات أشهرًا.
وأضاف: إن العروض التي تلقّتها الحكومة لشراء محطّات كهرباء "هائلة" بحسب وصفه، والقرار الرئيس من بيع المحطّات بتقليل الأعباء المالية على القطاع، وتخفيض الدين الخارجي لمصر.

وأكّد أن الشركات التي ستشتري المحطّات ستوقّع اتّفاقية مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء لشراء الطاقة المنتجة منها وفقاً لتعريفة سيُتَّفق بشأنها.

عقبات متعدّدة أمام التوسّع فى مشروعات الطاقة المتجدّدة

وفقاً لتقرير مؤسّسة أبحاث بي إم آي، التابعة لوكالة فيتش سوليوشنز، من غير المرجّح أن تتمكّن الحكومة من تحقيق هدفها في أن تصل مساهمة مشاريع الطاقة المتجدّدة إلى 20% من قطاع توليد الطاقة بحلول عام 2022، وفقًا لما جاء في التقرير.

وتابع التقرير: "على الرغم من توقّعاتنا المتفائلة لتطوّر مصادر الطاقة المتجددة غير الكهرومائية في السوق، فإننا نرى أن هذا الهدف غير واقعي، لا سيما بالنظر إلى الاستثمارات الضخمة التي توجَّه إلى مشاريع الطاقة الحرارية التي تعمل بالغاز".

وينتظر العديد من الشركات العربية والعالمية إقرار القواعد والضوابط المنظّمة لإنشاء محطّات طاقة متجدّدة، وبيع الكهرباء المنتجة منها للمصانع، في ظلّ رغبتهم الجامحة لضخّ المزيد من الاستثمارات وإنشاء مشروعات لبيع الكهرباء مباشرة للمستهلكين، بالتزامن مع خطة الحكومة المصرية لرفع الدعم نهائياً عن أسعار الكهرباء فى عام 2022.

وحتى الآن، لم تُقرّ الحكومة المصرية القواعد رغم إعلانها منذ أكثر من 11 شهر عزمها على خروج الضوابط والآليات إلى النور، حتى تتمكّن الشركات من إبرام عقود مع القطاع الخاصّ.

ويأتى السبب الرئيس لعدم إقرار الضوابط حتى الآن هو عدم قابلية الشبكات الكهربائية على استيعاب ونقل القدرات الكبيرة المتوقّع نقلها من محطات الطاقة المتجدّدة، بالإضافة إلى أن سعر الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجدّدة سيكون أقلّ من السعر الذى تبيع به الحكومة الكهرباء إلى المصانع، مما سينتج عنها خسارة عملاء يستهلكون كهرباء بقدرات كبيرة.

وجاءت الصدمة الكبرى للمستثمرين والشركات الراغبة فى إنشاء مشروعات طاقة متجدّدة، باعلان وزارة الكهرباء المصرية الاكتفاء بالتعاقد على مشروعات شمسية بنظام "صافي القياس" حتى 300 ميجاواط، مما دعاهم للتساؤل عن كيفية تحقيق مصر خطّتها لإنتاج 20% من إنتاجها من الطاقة المتجددة مع هذة القرارات المجحفة -بحسب تعبيرهم-.

تجميد مشروعات إنتاج الكهرباء من المحطات العاملة بالفحم

جمدت وزارة الكهرباء المصرية مشروعات إنتاج الكهرباء من المحطات العاملة بالفحم رغم إجرائها مفاوضات مع شركتي "النويس الإماراتية" و"شنغهاي إليكتريك" لتنفيذ المشروعات منذ عام 2015 ، ّوأكدت أن المشروعات مدرجة ضمن خطة الوزراة لتنويع مصادر الإنتاج.

واتخذت الحكومة خطوة مهمّة تجاه "النويس" الإماراتية، ومنحتها موافقة باستبدال محطة الفحم التى كانت تعتزم الشركة تنفيذها فى منطقة عيون موسى بقدرات تزيد عن 2000 ميجاواط، بالتعاقد على إنشاء محطات طاقة متجدّدة بقدرة 700 ميجاواط "500 محطات رياح و200 ميجاواط طاقة شمسية".

أيا المشروع الآخر الذى كان من المقرّر تنفيذه لإنشاء محطّة كهرباء تعمل بالفحم فى منطقة الحمراوين، وافقت الحكومة عليه وفُتحت العروض المالية الخاصة به، بحضور سفراء من الدول التي كانت تتنافس عليه واقتنصته "شنغهاي إليكتريكوأجرِيتْ مشاورات ومناقشات لم تسفر عن أيّ شيء حتّى كتابة هذة السطور، وأُبلِغت الشركة بتجميد المشروع.

وتوقّع تقرير مؤسسة أبحاث بي إم آي، التابعة لوكالة فيتش سوليوشنز، انحسار مشاريع توليد الطاقة باستخدام الفحم، ويرى أن نموّ تلك المشاريع سيعرقله التوسّع في محطات الطاقة التي تعمل بالغاز، وأن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في مصر فقدت جاذبيتها مرة أخرى، بعد اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي.

الربط الكهربائي مع الدول المجاورة..أمنية مصريّة لم تتحقّق بعد

مشاورات ومباحثات ومفاوضات لأكثر من 10 سنوات بشأن مشروعات الربط الكهربائى مع الدول العربية، لم تسفر عن أي تقدّم ملحوظ ، باستثناء "الربط الكهربائي بين مصر والسودان" بقدرة 300 ميجاواط، والذي لم يُشغَّل حتى الآن لأسباب غير معلنة، قد تكون فنية.

وتحاول مصر الوصول لاتّفاق بشأن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية لتبادل 3000 ميجاواط بين البلدين، وكانت هناك مؤشّرات إيجابية باختيار الشركات المنفّذة للخطوط وحسم العديد من المناقصات،الا أن تعديل مسارات الخطوط لتنفيذ مشروع "نيوم" من قبل السعودية حال دون ذلك،ومن المقرّر أن يُشغَّل المشروع فى عام 2022 .

آمال كبيرة تعقدها الحكومة على الربط مع الدول العربية لاستغلال فائض قدرات الكهرباء، ومن ضمنها أيضاً رفع القدرات التبادلية مع دول الجوار منها الأردن التي تتبادل قدرات بطاقة 450 ميجاواط، ومن المستهدف زيادتها لتصل إلى 2000 ميجاوات فى الفترة المقبلة.

وكذلك تستهدف الحكومة تفعيل اتّفاقية الربط الكهربائي مع قبرص واليونان بقدرة 2000 ميجاواط ضمن خطّتها، لتكون مركزاً إقليمياً للطاقة، وتكون محور الربط مع الدول الإفريقية والأوروبية.

والأمر نفسه بالنسبة الطاقة النووية: يستبعد التقرير إمكان إتمام مشروع محطة الضبعة النووية والبدء في التشغيل التجاري فيه خلال فترة التوقّعات التي يغطّيها التقرير حتى عام 2028.

وقال التقرير: إن تلك التوقعات المتشائمة ترجع إلى النموّ المطّرد لتوليد الكهرباء من مصادر أخرى، وارتفاع تكلفة المحطة النووية. ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن العلاقات الإستراتيجية بين مصر وروسيا من شأنها أن توفّر الزخم المطلوب لمواصلة المشروع.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق