طاقة الرياح البحرية تزرع "200 مليار دولار استثمارات" بحلول 2025
توقعات بقفزة 63 % في حجم المشروعات خلال 5 سنوات
حازم العمدة
الفجوة تضيق مع استثمارات النفط والغاز البحري
أمريكا تسجل رقما قياسيا للعام الثالث على التوالي
طاقة الرياح البحرية تنمو 15 ضعفا بحلول 2040
بالرغم من انخفاض عوائدها مقارنة بالنفط والغاز البحريين، فإن طاقة الرياح البحرية ستصبح وجهة استثمارية جذابة بشكل متزايد على طريق التحول إلى الطاقة المتجددة النظيفة.
من المتوقع أن يصل إجمالي الاستثمارات العالمية في مجال طاقة الرياح البحرية إلى 211 مليار دولار أمريكي بين عامي 2020 و 2025، وستصبح سوق الرياح البحرية أكثر جاذبية لشركات الطاقة، حسبما خلصت مؤسسة (وود ماكنزي) العالمية لأبحاث الطاقة في تقرير جديد.
على مدى السنوات الخمس المقبلة، يتوقع أن تؤدي الاستثمارات المتزايدة في الرياح البحرية إلى تضييق الفجوة مع الاستثمارات في النفط والغاز البحري، حيث من المقرر أن يستقر الإنفاق الرأسمالي في عمليات التنقيب والإنتاج عام 2022 ثم ينخفض خلال عام 2025، حسبما يرى سورين لاسن، كبير محللي الرياح البحرية، ومهايرد إيفانز، محللة سلسلة التوريد الرئيسي في (وود ماكنزي).
ويضيف المحللان "في بعض مناطق التنقيب قبالة ساحل أوروبا والصين وجنوب آسيا قد تكون هناك نقطة تقارب خلال السنوات المقبلة حيث يتناسب الاستثمار في الرياح البحرية مع النفط والغاز".
يتنافس النفط والغاز البحري الآن مع الاتجاه الحالي للاستثمارات في دورة أقصر في مشاريع النفط والغاز الأخرى، وهذا الاتجاه يقلل من الوضوح واليقين فيما يتعلق بتوقعات الاستثمار بعد عام 2022.
الحوافز الحكومية
في طاقة الرياح البحرية، تعتمد الاستثمارات في الغالب على الحوافز الحكومية، حيث يقول محللون إن 82 % من القدرة الإنتاجية المتوقعة حتى عام 2025 تقترن بخطة دعم أو في مراحل متقدمة من التطوير، مشيرين إلى أن الانتشار المرتبط بالحوافز الحكومية يحقق درجة عالية من اليقين والشفافية في توقعات الاستثمار.
ليس هذا فحسب، وإنما من المتوقع أن يقفز حجم مشروعات طاقة الرياح البحرية بنسبة 63 %حتى عام 2025، وأن يجذب اتساع نطاق العمل البحري (بيغ أويل) أو (Big Oil)- وهو مصطلح يشير إلى أضخم ست شركات طاقة ليست مملوكة للدولة- إلى سوق الرياح البحرية، وفقا لتقديرات (وود ماكنزي).
دفعت التوقعات والدراسات حول هذه السوق المستقبلية الواعدة شركة (إيكوينور) النرويجية، التي تتمتع بخبرة كبيرة العمليات البحرية في النرويج وأماكن أخرى من العالم، إلى الإعلان الشهر الماضي عن استراتيجيتها الجديدة لتعزيز استثماراتها المربحة في الطاقة المتجددة، لكي تصبح شركة عالمية رائدة في مجال الرياح البحرية.
بيد أن (إيكوينور) وغيرها من الشركات الكبرى تواجه الآن مخاطر انتقال الطاقة بالنسبة لأصول النفط والغاز العالقة ، حيث يطالب المستثمرون والمساهمون بتحركات في ضوء أزمة المناخ من قبل (بيغ أويل).
بالرغم من أن العائدات من مصادر الطاقة المتجددة لا تزال تحاول اللحاق بعائدات النفط والغاز، فإن (وود ماكنزي) تتوقع أن يكون انتقال الطاقة لجعل الرياح البحرية استثمارًا جذابًا منخفض المخاطر للشركات ذات المحافظ الاستثمارية كثيفة الكربون.
ومع ذلك، يرى رولف كراغلوند، مدير طاقة الرياح البحرية العالمية في مؤسسة (وود ماكنزي) أن انخفاض عوائد الرياح البحرية عن النفط والغاز ونقص أطر دعم تطوير الرياح البحرية قد يكون عقبة في هذه الصناعة خلال السنوات المقبلة.
وبالرغم من هذه المخاوف، تشير كثير من التوقعات إلى أن استثمارات طاقة الرياح البحرية ستشهد نموا هائلا خلال العقد الجاري.
رقم قياسي
في عام 2019، سجلت صناعة طاقة الرياح في الولايات المتحدة رقما قياسيا للعام الثالث على التوالي، حيث بلغت طاقة الإنتاج القصوى 9.14 غيغاواط.
أوائل العام الجاري، توقعت مؤسسة (ريستاد إنرجي) الدولية لاستشارات الطاقة أن تتجاوز الاستثمارات السنوية في صناعة طاقة الرياح البحرية في الولايات المتحدة 15 مليار دولار بحلول منتصف عام 2020، ومن المحتمل أن تتخطى الاستثمارات في النفط والغاز البحريين في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقال تيم بييركلوند، رئيس قسم استشارات نيويورك في ريستاد إنرجي: "على افتراض استمرار دعم الجهات المنظمة للصناعة ، ستتم الموافقة على الكثير من المشاريع في السنوات المقبلة ونتوقع أن نرى استثمارات سنوية في القطاع تتجاوز 15 مليار دولار بحلول منتصف العقد".
وأضاف بييركلوند "يجب على الموردين الأمريكيين أن يلاحظوا أن هذه الصناعة الجديدة قد تتفوق على النفط والغاز البحري خلال بضع سنوات فقط، ما يوفر الكثير من الفرص الجديدة".
وفي توقعات تعلوها الإيجابية والتفاؤل للقطاع في أكتوبر/تشرين أول، قالت الوكالة الدولية للطاقة "على الصعيد العالمي، من المتوقع أن تتوسع طاقة الرياح البحرية في الخارج بشكل مثير للإعجاب خلال العقدين المقبلين.
15 ضعفا
انخفاض التكاليف والحوافز الحكومية والتقدم التكنولوجي الملحوظ سوف تعزز طاقة الرياح البحرية في العالم 15 ضعفا وتساعدها في اجتذاب نحو 1 تريليون دولار من الاستثمارات التراكمية بحلول عام 2040، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
في هذا الإطار، بدأت شركة الطاقة الفرنسية (توتال) تعيين موظفين في مجال طاقة الرياح في بريطانيا والدنمارك استعدادا للمنافسة على عقود حكومية لإقامة محطات لطاقة الرياح في البلدين.
وذكرت شبكة بلومبرغ الإخبارية، أن هذه الخطوة تمثل دليلا إضافيا على سعي شركات النفط الكبرى في العالم إلى الدخول في قطاع طاقة الرياح.
وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، تستعد (توتال)، لدخول مزايدة تنظم لاحقا، لإقامة محطة طاقة رياح في الدنمارك بتكلفة تقديرية ملياري يورو (2.2 مليار دولار).
يذكر أن شركة توتال تعتبر في مقدمة شركات النفط التي تسعى إلى الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة من خلال استثمار أكثر من 5 مليارات دولار في تكنولوجيا الطاقة المتجددة المختلفة من صناعة البطاريات إلى محطات الرياح، ومحطات الطاقة الشمسية منذ 2015.
وتمتلك "توتال" حصصا في 3 مشروعات للطاقة المتجددة بقدرة 3 غيغاواط من الكهرباء حتى نهاية العام الماضي.
وتسعى إلى مضاعفة هذه القدرة خلال العام الحالي ثم الوصول إلى 25 غيغاواط بحلول 2025.
تلبية الطلب العالمي
وفي ضوء التطور الواعد في هذه الصناعة، خلصت دراسة حديثة نشرتها صحيفة (ديلي ميل) البريطانية مؤخرا إلى أن تركيب توربينات الرياح في المواقع البحرية في العالم سيوفر طاقة نظيفة كافية لتلبية الطلب العالمي على الكهرباء، لاسيما مع إشارة باحثين في الوكالة الدولية للطاقة إلى أن مزارع الرياح البحرية يمكن أن تصبح الأساس لإمدادات الطاقة في العالم.
استبدال الوقود الأحفوري بالطاقة المتجددة أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق الهدف المتفق عليه عالميا في اتفاقية باريس، وهو الحد من متوسط ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين في هذا القرن.
كما أن التوسع في استخدام مزارع الرياح البحرية قد يؤدي إلى خفض ما بين 5 و 7 مليارات طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من صناعة الطاقة العالمية.