التقاريرتقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

أسواق الكهرباء في أوروبا.. 5 تطورات مهمة في 2025 (تقرير)

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • التحول إلى التداول اليومي كل 15 دقيقة أدى إلى تغيير إيقاع السوق
  • انقطاع هائل للتيار الكهربائي تسبَّب بغرق إسبانيا والبرتغال في ظلام دامس
  • سقف أسعار الكهرباء للأسر في النرويج كان من أبرز أحداث السوق هذا العام
  • إيطاليا تستعمل سياسة التسعير لفرض دمج مصادر الطاقة المتجددة الجديدة في الشبكة

شهدت أسواق الكهرباء في أوروبا تشهد 5 تطورات مهمة في عام 2025، الذي كان مليئًا بالتحديات والدروس القاسية لنظام الكهرباء في القارة العجوز.

خلال العقد الماضي، عزّز الاتحاد الأوروبي التزامه بالطاقة النظيفة، حيث بلغت الاستثمارات ما يقارب 390 مليار دولار أميركي بحلول عام 2025، حسب مصادر تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وقد حفّزت أزمة الطاقة العالمية التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، وما تلاها من حوافز سياسية مواتية، وانخفاض تكلفة تقنيات الطاقة المتجددة، والاستثمار في الكهرباء منخفضة الانبعاثات.

وفي عام 2024، ولّدت مصادر الطاقة المتجددة 50% من الكهرباء المستخدمة في الاتحاد الأوروبي، بينما شكلت الوقود الأحفوري ما يزيد قليلًا عن 25% (أي ما يقارب نصف حصتها قبل عقد من الزمن)، ما رفع نسبة الاستثمار في توليد الكهرباء بالطاقة المتجددة.

أبرز 5 تطورات بقطاع الكهرباء في أوروبا عام 2025

أولًا: توازن الكهرباء في دول الشمال الأوروبي: تحديات وحلول تصميمية

منذ مارس/آذار الماضي، أعادت منطقة الشمال الأوروبي صياغة قوانين الاحتياطيات اليدوية.

تعمل سوق تفعيل الكهرباء الجديدة لاحتياطي استعادة التردد الكهربائي يدويًا (mFRR) على أتمتة عملية كانت يدوية لعقود.

ويُفعّل هذا الاحتياطي يدويًا بعد الاستجابات التلقائية لاستعادة توازن النظام، ما يوفر كميات أكبر من الكهرباء على مدى دقائق إلى ساعات.

وكانت هذه خطوة منطقية مع ازدياد الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة وتحول الأسواق إلى تصفية كل 15 دقيقة.

في المقابل، تُعدّ الأتمتة شرطًا أساسيًا للانضمام إلى منصة مبادرة الاحتياطيات المُفعّلة يدويًا "ماري" الأوروبية الشاملة.

في سبتمبر/أيلول 2025، بلغ حجم استعادة التردد الكهربائي يدويًا في دول الشمال الأوروبي نحو 630 غيغاواط/ساعة (وهو ما يعادل تقريبًا احتياجات الدول الأوروبية الأخرى مجتمعة)، لذا يُعدّ ضمان التصميم الأمثل قبل التكامل الكامل لمنصة مبادرة الاحتياطيات المُفعّلة يدويًا "ماري" أمرًا بالغ الأهمية.

انقطاع الكهرباء عن شوارع مدينة روندا الإسبانية
انقطاع الكهرباء عن شوارع مدينة روندا الإسبانية – الصورة من رويترز

وشهد التنفيذ بعض الصعوبات، فقد تزامن التفعيل التلقائي مع ارتفاعات متكررة في الأسعار، ما دفع بعض مشغّلي أنظمة نقل الكهرباء في أوروبا إلى التدخل، بينما آثر آخرون التريث.

وأدت التعديلات الوطنية إلى تفاوت في الأداء: فقد أضافت الدنمارك نطاقًا ميتًا قدره 25 ميغاواط عند إرسال الطلب إلى الخوارزمية، بينما تُخفّض السويد الطلب بنسبة 10%، وقامت شركة فينغريد (Fingrid)، مشغلة أنظمة نقل الكهرباء في فنلندا، بتجربة نطاق ميت قدره 50 ميغاواط.

بدورهم، يستعمل المشغّلون ووحدات التحكم بتدفّق الكهرباء في أوروبا نطاقًا ميتًا بالميغاواط لتجنُّب التفعيل المتكرر وغير الضروري للتقلبات الطفيفة، ولا يتدخل التحكم التلقائي أو اليدوي إلّا عندما يتجاوز الإنتاج النطاق الميت.

وأشار محللون إلى أن هذه الحلول المحلية تُقلّل من التقلبات الفورية، لكنها تُشتّت النهج الموحّد.

ويتطلب ذلك تنسيقًا أفضل للنطاق الميت وقواعد البيانات، ونشرًا أوضح لاحتياجات التفعيل، واختبارًا مشتركًا قبل الإطلاق الكامل لمنصة مبادرة الاحتياطيات المُفعّلة يدويًا "ماري".

وفي حال تطبيق الأتمتة بشكل جيد، فإنها ستعزز الكفاءة والأمان، أمّا إذا ساء تطبيقها، فإنها ستنقل عدم الاستقرار عبر الحدود.

ثانيًا: التداول كل 15 دقيقة: الدروس الأولى من الشريحة الجديدة

أدى التحول إلى التداول اليومي كل 15 دقيقة إلى تغيير إيقاع السوق، وليس دائمًا بالطريقة المتوقعة.

وبعد بدء التطبيق، بقي نمط التذبذب المألوف كل ربع ساعة (سلسلة متكررة من الارتفاعات والانخفاضات الحادة)، ولكنه أصبح الآن إطارًا لمجموعة جديدة من الحوافز.

إزاء ذلك، تحركت السيولة بشكل غير متساوٍ: ارتفعت أحجام التداول المستمرة خلال اليوم في بعض المناطق، في حين انخفضت بمناطق أخرى، وتحوّل نشاط مزادات الكهرباء في أوروبا مع إعادة المتداولين تحسين إستراتيجياتهم عبر مُدَد أقصر.

وقد أدى ذلك إلى تضييق فروق الأسعار خلال الساعة، وهو خبر سارّ للبطاريات قصيرة المدة، حيث تسهم المراجحة اليومية خلال الساعة، حاليًا، بشكل كبير في زيادة الإيرادات.

في الوقت نفسه، ضعف تقارب الأسعار عبر الحدود حيث ما تزال خطوط الربط البيني تعمل كل ساعة، ما يعرّض المناطق المحلية لتسعير ندرة أكثر حدّة ومحددة حسب الموقع. انخفضت أحجام عدم التوازن وتفعيل احتياطي استعادة التردد التلقائي في بعض المناطق مع تحسُّن إشارات اليوم السابق.

ويمثّل تفعيل احتياطي استعادة التردد التلقائي إشارات إرسال تلقائية تُغير إنتاج مزوّدي الخدمة لاستعادة التردد وإعادة توازن النظام خلال ثوانٍ إلى دقائق، رغم ظهور تقلبات ومستويات سعرية سلبية في أنماط جديدة.

باختصار: تنضج السوق لتصبح طيفًا متصلًا من إشارات اليوم السابق إلى إعادة التوازن، ما يوفر فرصًا جديدة للأصول السريعة والمرنة.

وهذا يتطلب بيانات أفضل، وتخصيصًا أسرع لخطوط الربط البيني، ومعايرة دقيقة لتجنّب الارتفاعات المفاجئة غير المقصودة واضطرابات توزيع الكهرباء في أوروبا.

مجمع للألواح الشمسية في مدينة ترينو بإيطاليا
مجمع للألواح الشمسية في مدينة ترينو بإيطاليا – الصورة من رويترز

ثالثًا: 28 أبريل/نيسان الماضي: عندما انقطعت الكهرباء عن شبه الجزيرة الأيبيرية

في 28 أبريل/نيسان الماضي، تسبَّب انقطاع هائل للتيار الكهربائي في غرق إسبانيا والبرتغال بظلام دامس، فقدَ ما يقارب 15 غيغاواط (نحو 60% من إمدادات إسبانيا) في غضون 12 ثانية فقط.

في الساعات الأولى، انتشرت كل النظريات، من الهجمات الإلكترونية إلى الظروف الجوية غير المتوقعة، واستُبعِدت هذه النظريات لاحقًا،

بالنظر إلى الوراء، كانت مؤشرات الخطر موجودة، وفي مثل هذا الوقت من عام 2024، كانت شركة "رد إلكتريكا" (Red Electrica)، مشغّل نظام نقل الكهرباء الإسباني، تُشغل النظام بنسبة عالية من توليد الكهرباء غير المتزامن، وأظهرت أحداث أبريل/نيسان الماضي مدى ضآلة هوامش الأمان.

وتشير تقارير الحكومة ومشغّلي أنظمة نقل الكهرباء الآن إلى ارتفاع مفاجئ في الجهد الكهربائي بجنوب إسبانيا أدى إلى تعطُّل المحطات الفرعية وخطوط الربط، وامتدّ تأثيره عبر شبه الجزيرة، وإلى عدم كفاية الاحتياطيات المتزامنة وضيق هوامش استقرار الجهد وسط إنتاج عالٍ جدًا للطاقة الشمسية.

ويرى محللون أن الحلول المقترحة واضحة في جوهرها: التزامات أكثر صرامة للتحكم في الجهد، واحتياطيات متزامنة أكبر، وتحديثات لشبكات نقل الكهرباء، وتحسين مراقبة المشغّلين وتدريبهم، لكنها ليست رخيصة ولا سريعة.

ويكشف ذلك اليوم مدى هشاشة شبكة الكهرباء في ظل التحول السريع، ومدى إلحاح تضافر جهود السياسات والأسواق والمهندسين لإعادة بناء مرونتها.

رابعًا: سقف الأسعار في النرويج: ضربة سياسية، وخسارة اقتصادية

كان سقف أسعار الكهرباء للأسر في النرويج، المعروف باسم "نورجيسبريس"، من أبرز أحداث السوق هذا العام.

وقد حقّق هذا السقف مكاسب سياسية واضحة، لكنه كان خاسرًا اقتصاديًا، ابتداءً من 1 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضمنت الدولة سقفًا سنويًا لأسعار التجزئة عند 400 كرونة نرويجية (39.68 دولارًا)/ميغاواط/ساعة (مع تحديد سقوف شهرية)، لتغطية أيّ تكاليف جملة تتجاوز هذا المستوى.

وكان هذا بمثابة إغاثة فورية للجمهور.

وفي الوقت نفسه، فإن هذا يُضعف إشارات الأسعار التي تُحفّز الكفاءة، ويمنح مكاسب غير متوقعة للأسر الميسورة التي تمتلك سيارات كهربائية وحمامات ساونا، ويُخاطر برفع الاستهلاك عندما يكون النظام في أشد حالات الضغط.

وأشار المحللون إلى زيادة في الطلب بنسبة 2-4% في الأيام الباردة، ونحو 1 غيغاواط إضافية من ذروة الأحمال في حالات الضغط، إذا تُعدّ تكلفة هذا النظام باهظة، وتواجه السياسة تدقيقًا.

وفتحت هيئة الرقابة التابعة لرابطة التجارة الحرة الأوروبية تحقيقًا بعد شكاوى، بما في ذلك من مورّدي الألواح الشمسية ومضخات التدفئة، تفيد باحتمال انتهاكه لقواعد دعم الدولة.

وقد لا تكون المفوضية الأوروبية راضيًة عن هذا الإجراء.

نتيجة لذلك، أصبحت الأسواق المجاورة قلقة، فتخفيف الطلب المحلي قد يحوّل المصدرين إلى مستوردين في سنوات الجفاف، ما ينقل التكاليف إلى الخارج.

وبالنسبة لعام 2026، فإن الدرس واضح: حماية الأسر، ولكن من خلال دعم مُوجّه، وحوافز أقوى لكفاءة الطاقة، وتخزين الكهرباء، وتسعيرها حسب وقت الاستعمال.

مصنع للصلب في مدينة دويسبورغ في ألمانيا
مصنع للصلب في مدينة دويسبورغ في ألمانيا – الصورة من بيكسلز

خامسًا: تخفيف أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي

تُشكّل أسعار الكهرباء المرتفعة ضغطًا متزايدًا على الشركات كثيفة استهلاك الطاقة في جميع أنحاء أوروبا. وقد أعلنت كل من ألمانيا وإيطاليا هذا العام عن سياسات طموحة لحماية قواعدهما الصناعية، مع اتّباع نهجين مختلفين بعض الشيء.

في ألمانيا، ينصبّ التركيز على التخفيف قصير الأجل، وتخطط الدولة لتقديم أسعار مدعومة لحماية الشركات من التقلبات الحادة في أسعار الجملة، بهدف كسب الوقت ريثما تُسهم التدابير الهيكلية (مثل تسريع نشر مصادر الطاقة المتجددة، وتحديث الشبكة، وإصلاح تصميم السوق) في خفض التكاليف بشكل مستدام.

ويرتبط جزء من هذا التخفيف بالاستثمار في كفاءة الطاقة، أو مصادر الطاقة المتجددة، أو مرونة الشبكة، لكن الهدف الأساس يبقى تحقيق الاستقرار بدلًا من التحول السريع.

أمّا إيطاليا، فتتبع نهجًا مختلفًا، حيث تربط التخفيف مباشرةً بالإمدادات الجديدة، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

بموجب برنامج "إطلاق الطاقة"، يحصل المستعملون الصناعيون المؤهلون على كهرباء بأسعار مخفضة مقابل التزامهم بتمويل وبناء قدرات إضافية للطاقة المتجددة، وفي الواقع، يُستعمل دعم الأسعار وسيلةَ ضغط لتسريع الاستثمار في توليد الكهرباء.

ويسعى كلا النهجين إلى تحقيق الغاية نفسها -حماية القدرة التنافسية مع تعزيز خفض الانبعاثات الكربونية-، لكن منطق كل منهما يختلف.

من جهتها، تُفضّل ألمانيا دعم الصناعة خلال المرحلة الانتقالية، بينما تستعمل إيطاليا سياسة التسعير أداة لفرض دمج مصادر الطاقة المتجددة الجديدة في الشبكة.

ويراقب المحللون أيّ المسارين يُحقق التوازن الأمثل بين التخفيف قصير الأجل والتحوّل طويل الأجل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. الاستثمار العالمي في الطاقة 2025، الاتحاد الأوروبي، من وكالة الطاقة الدولية
  2. 5 أحداث أعادت تشكيل أسواق الكهرباء الأوروبية في عام 2025، من منصة مونتل نيوز
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق