رفع كفاءة المركبات الكهربائية لمواكبة الظروف البيئية.. تقنية مصرية مبتكرة
داليا الهمشري

يشهد قطاع النقل العالمي تحولًا سريعًا نحو المركبات الكهربائية؛ كونها أحد الحلول الرئيسة لخفض الانبعاثات الكربونية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، في ظل التحديات البيئية وارتفاع تكاليف الطاقة.
ومع تزايد الاعتماد على هذا النوع من المركبات، برزت الحاجة إلى فهم أعمق للعوامل التي تؤثّر في كفاءتها وأدائها الفعلي على الطرق، بعيدًا عن الظروف المثالية التي تُجرى فيها الاختبارات المعملية.
وتُعدّ الظروف البيئية والتشغيلية، مثل ميل الطرق، واتجاه وسرعة الرياح، ودرجة الحرارة المحيطة، من أبرز التحديات التي تواجه المركبات الكهربائية في أثناء التشغيل اليومي، إذ تؤثّر مباشرةً في استهلاك الطاقة، ومدى القيادة، وأداء البطارية والمحرك.
ومن هنا تبرز أهمية الدراسات العلمية التي تسعى إلى نمذجة هذه العوامل بدقّة، وتطوير أنظمة تحكم ذكية قادرة على تحسين الأداء وضمان كفاءة واستدامة المركبات الكهربائية في مختلف البيئات التشغيلية.
وفي هذا الإطار، تقدمت المهندسة نهى العزازي برسالة ماجستير في الهندسة الكهربائية -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- بعنوان "تحسين أداء السيارة الكهربائية في ظل شكوك النظام".
ظروف تشغيل المركبات الكهربائية
جاءت الرسالة بإشراف كلّ من أستاذ نظم القوى الكهربية ورئيس مجلس قسم الهندسة الكهربية الأسبق في كلية الهندسة بشبرا في جامعة بنها، الدكتور محمد مؤنس سلامة، ورئيس قسم الهندسة الكهربية بالجامعة الدكتور محمد إبراهيم، والأستاذ المساعد بالقسم الدكتور حسام عبد الرازق.
وضمّت لجنة الحكم والمناقشة الدكتور محمد مؤنس سلامة مشرفًا رئيسًا ومقررًا للّجنة، بجانب كلّ من أستاذ التحكم الآلي ووكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا الدكتور محمود سليمان ممتحنًا داخليًا، وأستاذ التحكم الآلي في كلية الهندسة بجامعة القاهرة الدكتور محمد مصطفي ممتحنًا خارجيًا.

وركّزت الدراسة على تحليل أداء المركبات الكهربائية في ظروف تشغيلية وبيئية مختلفة، مثل ميل الطريق، واتجاه الرياح، ودرجة حرارة الجو، موضحةً أن هذه العوامل لها تأثير مباشر في سرعة المركبة، واستهلاك الطاقة، وعزم المحرك، وعمر البطارية.
وطورت الباحثة نموذجًا متكاملًا للمركبات الكهربائية باستعمال برنامج MATLAB/Simulink، شمل المحرك الكهربائي، ونظام نقل الحركة، والبطارية، والمقاومة الهوائية، بما يتيح محاكاة واقعية لأداء السيارة على الطرق المختلفة.
تفاوت استهلاك الطاقة
أظهرت نتائج الدراسة أن قيادة المركبات الكهربائية على طريق صاعد تتطلب طاقة أكبر بكثير مقارنًة بالطريق المستوي، إذ ارتفع عزم المحرك من 10 نيوتن/متر إلى نحو 90 نيوتن/متر، وقفز استهلاك الطاقة من 15 كيلوواط إلى 38 كيلوواط.
وفي المقابل، سمحت الطرق المنحدرة بتفعيل نظام الكبح التجديدي، الذي يحوّل المحرك إلى مولّد كهربائي، مما أسهم في زيادة شحن البطارية بدلًا من استهلاكها.
كما كشفت الدراسة أن اتجاه الرياح يؤدي دورًا محوريًا في كفاءة السيارة؛ فالرياح المساندة تقلل استهلاك الطاقة وترفع سرعة المركبة، لكنها قد تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة المحرك، بينما تتسبب الرياح المعاكسة في خفض السرعة وزيادة استهلاك الكهرباء وتراجع شحن البطارية.
دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الأداء
أوضح المشرف الرئيس على الدراسة الدكتور محمد مؤنس -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن الباحثة حاولت التغلب على هذه التحديات من خلال تصميم متحكّم ذكي من نوع PI، وحُسِّنَ باستعمال خوارزمية حديثة قائمة على الذكاء الاصطناعي تُعرف باسم خوارزمية البحث الانتقالي (TSO).
وأثبت المتحكم المحسَّن قدرته على تنظيم سرعة المركبة بدقة، وتقليل الأخطاء، والتكيف مع تغير الأحمال والظروف البيئية، ما انعكس إيجابيًا على كفاءة استهلاك الطاقة واستقرار أداء السيارة.

وتؤكد الدراسة أن العوامل البيئية ليست مجرد تفاصيل ثانوية، بل عناصر حاسمة في تحديد كفاءة السيارات الكهربائية ومدى اعتمادها عمليًا، مشددةً على أهمية دمج أنظمة تحكّم ذكية في تصميم المركبات المستقبلية.
وتخلص الرسالة إلى أن استعمال النمذجة الدقيقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في تعظيم الاستفادة من الطاقة، وزيادة موثوقية السيارات الكهربائية، وتسريع الاعتماد عليها بصفتها بديلًا مستدامًا لوسائل النقل التقليدية.
كما تقترح الباحثة في الأعمال المستقبلية التوسُّع في دراسة تأثير درجات الحرارة القصوى، وتطوير أنظمة تبريد متقدمة للمحركات الكهربائية، بما يعزز كفاءة الأداء في مختلف البيئات المناخية.
موضوعات متعلقة..
- السيارات الكهربائية.. تقنية بطاريات جديدة ترفع مداها 50%
- إطالة عمر بطاريات السيارات الكهربائية.. تقنية صينية تخوض المنافسة
- شحن المركبات الكهربائية بتقنية مبتكرة لباحثة مصرية
اقرأ أيضًا..
- 2025.. عام تخزين الكهرباء في الوطن العربي بقيادة 3 دول
- تراجع مشروعات الهيدروجين الأخضر عالميًا يصيب 3 دول عربية في 2025
- 5 مشروعات أنابيب غاز قد لا ترى النور.. الجزائر والمغرب في المقدمة
- أمين عام دي-8: سرقة النفط في نيجيريا انتهت.. والمجموعة تواجه تحدي نقص الطاقة (حوار)





