تحويل النفايات إلى كهرباء في الصين وجنوب شرق آسيا.. هل يراعي الاعتبارات البيئية؟ (تقرير)
نوار صبح
تتزايد التساؤلات حول ما إن كان تحويل النفايات إلى كهرباء في الصين وجنوب شرق آسيا يراعي الاعتبارات البيئية؛ إذ تُعمّق شركات حرق النفايات الصينية الرائدة انخراطها في دول جنوب شرق آسيا؛ بما فيها فيتنام وتايلاند وإندونيسيا.
ويُمثّل حرق النفايات نحو 10% من معالجة النفايات الصلبة البلدية، التي لا تزال تواجه تحديات كبيرة في إدارة النفايات، وذلك وفقًا لتقرير أسبوعي حديث صادر عن شركة سيندا سيكيوريتيز الصينية (Cinda Securities) بشأن قطاع حماية البيئة.
ودخل قطاع حرق النفايات في الصين، المتوافق تمامًا مع التنمية الخضراء والدائرية، مرحلة نضج تتسم بتحسينات في الجودة وتطوير تكنولوجي، حسب مصادر تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويشهد هذا القطاع نموًا في التعاون العابر للحدود، الذي يُمكن أن يُصبح ركيزة جديدة للتكامل الاقتصادي الأخضر الإقليمي.
إدارة النفايات الصلبة الحضرية
في السنوات الأخيرة، أصبح حرق النفايات جانبًا مهمًا من جوانب إدارة النفايات الصلبة الحضرية في الصين. تُصنف الآن منشآت الإنتاج، وقدراتها الهندسية، ومعاييرها التشغيلية ضمن الأكثر تقدمًا في العالم.
وقد انتقل القطاع من التوسع السريع في القدرة الإنتاجية إلى مرحلة تركز على تنظيم أكثر صرامة، ومعايير بيئية أعلى، وكفاءة محسّنة.
ويوجد في الصين أكثر من ألف محطة لحرق النفايات، تمثل ما يقارب نصف السعة الإنتاجية العالمية، بقدرة معالجة يومية تتجاوز 1.1 مليون طن.
وفي عام 2024 وحده، عالجت الصين أكثر من 262 مليون طن من النفايات المنزلية الحضرية، حيث عولج ما يقارب 79% منها عن طريق الحرق، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة غوانغمينغ ريباو (Guangming Ribao) في يوليو/تموز الماضي.
وتعكس هذه الأرقام التقدم التكنولوجي المنهجي والتحول الأخضر الذي يسعى العديد من الاقتصادات النامية إلى تحقيقه.

الطابع الأخضر لحرق النفايات
يعتمد الطابع الأخضر لحرق النفايات على الحوكمة.
ففي الصين، إلى جانب توسيع القدرة الإنتاجية، يشجع القطاع على توحيد العمليات والتخلص التدريجي من المنشآت القديمة من خلال معايير واضحة وصارمة بشأن الانبعاثات وكفاءة الطاقة.
ومن خلال الجمع بين التشجيع والتنظيم، تنشأ بيئة مواتية لتنمية صحية وسريعة، ما يوجه الشركات نحو عمليات أكبر وأكثر ذكاءً وكفاءة في استعمال الموارد.
وتوضح التقارير المحلية الحديثة هذا التوجه نحو التحديث، إذ تُدمج مشروعات الجيل الجديد لتحويل النفايات إلى كهرباء في مدينة تشونغتشينغ بجنوب غرب الصين، على سبيل المثال، أنظمة رقمية وأنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة الاحتراق وتوليد الكهرباء.
ووفقًا لصحيفة "ووركرز ديلي"، تقوم شركات تشغيل مثل "تشونغتشينغ سانفينغ إنفايرومنت" بنشر منصات ذكية لتحويل النفايات البلدية إلى كهرباء نظيفة بكفاءة أعلى وضوابط انبعاثات أكثر صرامة.
وتؤكد هذه المشروعات تطور القطاع نحو بنية تحتية ذكية منخفضة الكربون بدلًا من التوسع العشوائي.
قطاع حرق النفايات في الصين
لا تزال بعض التعليقات الأجنبية تُصوّر قطاع حرق النفايات في الصين على أنه مُفرط في التوسع وغير متوازن، مُشيرةً إلى أن الشركات مُضطرة للبحث عن النفايات في الخارج للبقاء.
ويتجاهل هذا التفسير حقيقتين أساسيتين؛ أولًا، ريادة الصين في مجال حرق النفايات -من حيث الحجم والتكنولوجيا- قد أثمرت حلولًا ناضجة تزداد أهميتها للدول التي لا تزال تُعاني الاعتماد على مدافن النفايات.
ثانيًا، لا ينبع الانخراط الخارجي من فائض القدرة الإنتاجية بقدر ما ينبع من الطلب الخارجي على معالجة النفايات الحديثة.
وتُقدّم منطقة جنوب شرق آسيا مثالًا واضحًا على ذلك، فقد اعتمدت دول مثل فيتنام والفلبين وإندونيسيا لمدة طويلة على مدافن النفايات، التي تواجه ضغوطًا متزايدة من التوسع الحضري والمخاطر البيئية وندرة الأراضي.

الطلب على محطات تحويل النفايات إلى كهرباء
يتزايد الطلب باطراد على محطات تحويل النفايات إلى كهرباء - التي تعزز قدرة التوليد وتلبية الطلب وتسهم في حل مشكلات الصرف الصحي.
بالنسبة للشركات البيئية الصينية، يُتيح هذا فرصًا لتصدير حلول متكاملة تشمل الهندسة والمعدات والخبرة التشغيلية والتجربة التنظيمية، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
تُجسّد مجموعة إيفر برايت البيئية الصينية (China Everbright Environment Group) هذا التوجه. وتعمل الشركة في 16 دولة في آسيا وأوروبا، بما في ذلك فيتنام وبولندا وأوزبكستان وألمانيا، وتغطي أعمالها مجالات تحويل النفايات إلى كهرباء ومعالجة النفايات الصلبة.
في مدينة هوي بوسط فيتنام، قامت شركة إيفر برايت بتطوير وتمويل محطة لتحويل النفايات إلى كهرباء قادرة على معالجة نحو 220 ألف طن من النفايات البلدية سنويًا وتوليد ما يقارب 80 مليون كيلوواط/ساعة من الكهرباء المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي.. مسح لـ"الطاقة" يشمل 12 دولة
- تحويل النفايات إلى كهرباء في الإمارات.. 3 مشروعات تدعم الطاقة النظيفة
- تحويل النفايات إلى كهرباء.. خبراء يرشحون 4 دول عربية للريادة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- تغير المناخ يفجر أزمة شوكولاتة عالمية.. ونبات بديل قد ينهي المعضلة
- قطاع الطاقة السعودي في 2025.. عام استثنائي للكهرباء المتجددة والغاز
- محطة هيدروجين أخضر "صمام أمان" لشبكة الكهرباء.. إنجاز غير مسبوق عالميًا
المصدر..





