قضايا تغير المناخ تفقد جاذبيتها بعد انتخاب ترمب.. ماذا حدث؟ (تقرير)
نوار صبح
- بعد عقود من الهلع المناخي تخلّى اليسار بهدوء عن قضية الطقس
- ترمب نفّذ وعدًا انتخابيًا رئيسًا بسحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ
- دعاة مكافحة تغير المناخ ظلّوا يصرخون بشأن الطقس لعقود، سواءً انتبه الناخبون أم لا
- نشطاء تغير المناخ قد شهدوا انقطاع مصادر تمويلهم بسبب إصلاحات ترمب لخفض الإنفاق
يبدو أن دوافع الاهتمام بتغير المناخ لدى اليساريين لا تتأثر بالعلم أو الحقائق، وبعد عقود من الهلع المناخي، تخلّى هؤلاء بهدوء عن قضية الطقس، ما يُثبت أن دوافعه لديهم تعبّر عن غضب يُبقي على الاحتجاج والتمرد الثقافي.
على مدى السنوات الـ8 الماضية، ظلّ مُحاورو اليسار المُختبئون في أقبية منازلهم يصرخون ويهتفون من أجل الثورة، رافعين لافتاتهم، ومُغلقين الشوارع، ومُتضرعين أمام منازل السياسيين، بحسب مقال طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتحمَّل المحافظون وعامة الناس هذه الشعارات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإذاعة، وهيمنت هذه الأوصاف الجوفاء على الجامعات، ووصلت إلى قاعات الدراسة والساحات العامة، وبرزت بوضوح في المناظرات والتسجيلات والبرامج الحوارية.
بالمثل، لا يملّ اليسار من إيجاد قضايا يُناضل من أجلها، وهو يُعلن الحرب على الغرب لأصغر الأسباب، ويُقوّض القوانين الطبيعية والواقع الأساسي، ويُقدّم السلطة على المبادئ، ويبدي استعداده لاستغلال هذه المواقف.
التذمر من مخاطر الاحتباس الحراري
على مدى الـ20 عامًا الماضية، منذ أن أصبح نائب الرئيس الأميركي الأسبق، آل غور، عاطلًا عن العمل، دأبت النُّخَب الليبرالية على التذمر من مخاطر الاحتباس الحراري، وارتفاع منسوب مياه البحار، وانفجار ثاني أكسيد الكربون في السماء، وأنه يجب فعل أيّ شيء قبل وقوع الكارثة.
في هذا الإطار، قال المدوّن الأميركي المهتم بالقضايا السياسية والثقافية، آرثر شابر: "الآن، يبدو أن لا أحد يُبالي بالطقس، خصوصًا اليسار".

من ناحيته، يرى الكاتب البريطاني مات ريدلي أن التشاؤم المستمر واليأس أرهقا الناخبين، الذين صرفوا انتباههم عن سماع عبارة "السماء تسقط!"، لأن السماء لم تكن تسقط.
وأوضح آرثر شابر أنه متأكد من أن "الادّعاءات التي دُحِضت حول اختفاء القمم الجليدية القطبية في عام 2013 قد أقنعت الناس، فهي ما تزال متوهجة، وتتجمد، وتتشكل، وتشغل مساحة أكبر في القطبين الشمالي والجنوبي".
وأضاف: "في عام 2014 وما بعده، كان الأكاديميون والخبراء والسياسيون ما يزالون يُطلقون تحذيرات واسعة النطاق بشأن تغير المناخ، بعد مدة طويلة من زوال استنتاجات نائب الرئيس الأميركي الأسبق آل غور الكارثية".
وأردف: "أتذكر حضوري فعالية انتخابية لمرشحة الكونغرس اليسارية المنتمية لحركة حزب الشاي، ماريان ويليامسون، في مدينة بالوس فيرديس بولاية كاليفورنيا، عام 2014، وكانت متحمسة للغاية لقضية تغير المناخ".
وتابع: "عندما ضغطتُ عليها بشأن حقيقة أن معظم المخاوف المُثارة بشأن تغير المناخ لم تتحقق، استشهدت بدراسة ضئيلة من صحيفة لوس أنجلوس تايمز، ثم تلقّت تصفيقًا حارًا من جمهورها المُتملق".
وقال: "بعد الاجتماع، اندفع نحوي 3 من أبناء جيل طفرة المواليد بعد الحرب العالمية الثانية، محاولين إثارة غضبي بشأن أزمة المناخ، وأننا بحاجة إلى رؤية العالم بمنظور مختلف، ومحاولة فهم مخاوفهم وشكاويهم المُتوارثة".
الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ
بعد فوز الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بولايته الرئاسية الأولى عام 2016، نفّذ وعدًا انتخابيًا رئيسًا بسحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ.
وقال المدوّن الأميركي المهتم بالقضايا السياسية والثقافية، آرثر شابر: "خرج اليساريون إلى الشوارع مندّدين بترمب، وكثيرًا ما تضمنت المسيرات الأسبوعية، التي تهتف ضده، إدانةً لإنكاره لتغير المناخ".
وأشار إلى أنه "فقط بعد الانتخابات الأميركية لعام 2024، شوهد انخفاض ملحوظ في الاهتمام بقضايا تغير المناخ، فحتى احتجاجات "لا ملوك" المناهضة لترمب لم تتطرق إليه أبدًا".
وأوضح أن "هذا التغير في المناخ السياسي يتجاوز مجرد تركيز الناخبين على قضايا أخرى كالجريمة والهجرة والاقتصاد، ففي النهاية، ظلّ دعاة مكافحة تغير المناخ يصرخون بشأن الطقس لعقود، سواءً انتبه الناخبون أم لا".
عدم اكتراث اليسار بتغير المناخ
أكد المدوّن الأميركي المهتم بالقضايا السياسية والثقافية، آرثر شابر، أن "الأمر لا يتعلق بتجاهل الناخبين لقضايا المناخ، وليست قضايا القدرة على تحمُّل التكاليف هي التي صرفت انتباه الجميع عن الطقس، وإذا أردنا فهم سبب عدم اكتراث اليسار بتغير المناخ، فلننظر إلى ناشطة المناخ السويدية، غريتا تونبرغ".
وأردف: "لا بدّ من إلقاء نظرة سريعة على قصة الفتاة السويدية المصابة بالتوحد الاجتماعي التي استُغِلَّت لأغراض دعائية يسارية".
وتابع: "في عام 2019، اقتحمت (تونبرغ) المسرح، صارخةً بغضب مصطنع: "أنظمة بيئية بأكملها تنهار، وكل ما يهمّكم هو المال! كيف تجرؤون؟!".
وقال: "صحيح أنها كانت تقرأ من نص مكتوب، وأنها كانت تُعرِّض نفسها للسخرية، لكن من السهل على شخص أحمق يملك منصة عالمية أن يقود جميع من يُطلَق عليهم "حمقى المناخ" إلى تبنّي رسالته".
وأشار إلى أنه "على مدى 4 سنوات، صرخت تونبرغ قائلةً، إنه علينا جميعًا -نحن الأنانيين- التوقف عن استعمال الوقود الأحفوري لوقف الكارثة البيئية الوشيكة، لقد استطاعت أن تسحر وسائل الإعلام الكبرى، وقامت مدينة سان فرانسيسكو برسم جدارية تكريمًا لها".

التغيرات بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023
قال المدوّن الأميركي المهتم بالقضايا السياسية والثقافية، آرثر شابر: "فجأةً، هيمن الصراع العربي الإسرائيلي على الأخبار، ونقاشات الجامعات، والمجال العام، واستحوذت الغضبات المتفاقمة تجاه إسرائيل (أو فلسطين) على كل الاهتمام مع تصاعد حدّة الخلاف".
ووجد اليسار العنصري، القائم على التعصب العرقي، قضيّته الرئيسة التي يبني عليها تراجع شعبية حركة "حياة السود مهمة".
وتابع: "دعونا لا ننسى أن نشطاء هذه الحركة وجدوا وقتًا كافيًا للتذمر من إسرائيل والمطالبة بالعدالة لفلسطين، بينما يطالبون في الوقت نفسه بتقليص موازنة الشرطة، وإلغاء السجون، وسجن جميع ضباط الشرطة".
إضافة إلى ذلك، وجد المعارضون اليمينيون المتشتتون، الذين يكنّون مشاعر مريرة تجاه اليهود، في هذا الغضب الشعبي اليساري الجديد بشأن غزة ما يروق لهم، فتحالفوا مع كراهيتهم من خلال مهاجمة الجيش الإسرائيلي، لكنهم دسّوا بعض الكراهية لليهود دون أيّ ردّ فعل".
وأردف: "الأهم من ذلك، أن غريتا تونبرغ انتقلت من الصراخ بشأن السماء وارتفاع درجات الحرارة ومستويات سطح البحر إلى التنديد بما يسمى بالإبادة الجماعية في غزة التي ترتكبها إسرائيل، بل إنها قامت بعدة زيارات إلى غزة من أجل هذه القضية!".

انقطاع مصادر تمويل نشطاء تغير المناخ
ذكرَ المدوّن الأميركي المهتم بالقضايا السياسية والثقافية، آرثر شابر، أنه: "يضاف إلى هذا التطور حقيقة أن نشطاء تغير المناخ قد شهدوا انقطاع مصادر تمويلهم بسبب إصلاحات ترمب لخفض الإنفاق.. لا شك أن تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس آيد" (USAID) قد دعم جزءًا كبيرًا من هذا التخويف المناخي".
وأضاف: "لقد انتهى كل شيء! جاء معظم التلقين للتخويف المناخي من الجامعات، وهي تواجه انهيارًا ماليًا بسبب إدارة ترمب"، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح أن "الترويج للإرهاب الإسلامي له عيوبه، بما في ذلك التخفيضات الهائلة في تمويل جميع البرامج، خصوصًا الترويج للإرهاب المناخي".
وأردف: "لا شكّ أن ارتفاع أسعار الطاقة قد دفع النشطاء المزيفين إلى إعادة النظر في مطالبهم المتعلقة بكوكب صديق للبيئة".
وأوضح أن "القضية الأساسية تكمن في التركيز المُفرط على فلسطين، إذ أشعل تحوّل ناشطة المناخ السويدية، غريتا تونبرغ، شرارة النضال الجديد، ومهّد الطريق أمام التهويل بشأن تغير المناخ".
وخلص إلى أن الغضب العارم تجاه اليهود وإسرائيل، والمعارضة الواسعة للصهيونية، هما الهاجس الرئيس لليسار الآن، إذ يُجسّدان كراهية متصاعدة للتيار السائد في أميركا والغرب، تحظى بتأييد عالمي أوسع وقاعدة شعبية أكبر بكثير مما يمكن أن يُثيره التهويل بشأن تغير المناخ.
موضوعات متعلقة..
- بسبب تغير المناخ.. 2024 أشد عام سخونة في تاريخ الدول العربية (تقرير)
- تغير المناخ يقلص مخزون المياه العذبة في جنوب ووسط أوروبا (تقرير)
- مباراة تغير المناخ وبيزنس الغرف المكيفة (مقال)
اقرأ أيضًا..
- إنتاج مصر من الغاز الطبيعي يستقر عند 4.1 مليار قدم مكعبة يوميًا
- لماذا انخفضت أسعار النفط تحت 60 دولارًا للبرميل؟ (تحليل)
- اكتشافات الذهب والمعادن في 2025.. نشاط كبير لـ3 دول عربية
المصدر:





