بات التخزين العائم للنفط أحد أبرز الأدوات التي تعتمد عليها فنزويلا في إدارة أزمتها المتفاقمة مع الولايات المتحدة، في ظل حملة الحصار التي صعّدها الرئيس دونالد ترمب، وتستهدف ناقلات الخام.
وكشفت التطورات الميدانية أن شركة النفط الوطنية الفنزويلية "بدفسا" (PDVSA) عادت لاستعمال إستراتيجيات تقوم على تحويل الفائض النفطي إلى مخزونات عائمة داخل مياهها الإقليمية، تجنبًا لخفض الإنتاج أو توقُّف الصادرات بالكامل.
وبحسب وثائق داخلية وبيانات شحن اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، بدأت شركة النفط الفنزويلية تحميل ناقلات بالنفط الخام وزيت الوقود مع إبقائها قبالة السواحل الفنزويلية.
يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه مخزونات النفط في فنزويلا نتيجة مصادرة الولايات المتحدة سفنًا مرتبطة بكاراكاس في عرض البحر.
تزامن ذلك مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض ما وصفه بـ"حصار" على جميع السفن الخاضعة للعقوبات التي تدخل -أو تغادر- فنزويلا.
النفط الفنزويلي
خلال الأسابيع الماضية، اعترض خفر السواحل الأميركي ناقلتي النفط العملاقتين "سكيبر" و"سنتشريز" في البحر الكاريبي، وكانتا محمّلتين بالكامل بالنفط الفنزويلي.
ولوحِقَت سفينة ثالثة كانت تقترب من السواحل الفنزويلية، في خطوة عُدَّت تصعيدًا غير مسبوق ضد ما يُعرَف بـ"أسطول الظل" الذي يُستعمل لنقل النفط الخاضع للعقوبات.
وأثارت الإجراءات قلق مالكي السفن وشركات الشحن، ما أدى إلى تعليق -أو تأخير- أكثر من 12 شحنة نفطية داخل المياه الفنزويلية، بانتظار توجيهات جديدة.
ومع إنتاج شركة النفط الفنزويلية (PDVSA) نحو 1.1 مليون برميل يوميًا، فإن التكدُّس السريع يضغط بقوة على البنية التحتية للتخزين البري، خاصة في محطة خوسيه الإستراتيجية، التي تستقبل النفط الثقيل القادم من حزام أورينوكو.

وفي مواجهة هذا الواقع، أعادت "بدفسا" تفعيل سياسة التخزين العائم للنفط، وهي إستراتيجية استعملتها خلال أوقات سابقة من العقوبات، تقوم على تحميل الفائض إلى ناقلات تبقى راسية لمُدَد طويلة.
تهدف الخطوة إلى الحفاظ على مستويات الإنتاج وتفادي الإغلاق القسري للحقول، خصوصًا في حزام أورينوكو، الذي يُعدّ العمود الفقري لإنتاج النفط في فنزويلا.
وتُظهر بيانات شركة كبلر أن مخزونات شركة النفط الفنزويلية البرية في محطة خوسيه تراوحت بين 9 و11 مليون برميل منذ سبتمبر/أيلول، بعد أن بلغت ذروتها عند نحو 14 مليون برميل في وقت سابق من العام.
وعادت المخزونات للارتفاع خلال ديسمبر/كانون الأول إلى نحو 12.6 مليون برميل، ما رفع إجمالي المخزون النفطي في فنزويلا إلى قرابة 22 مليون برميل، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس/آب.
النفط في فنزويلا
يأتي ذلك مع استمرار صادرات المشروعات المشتركة بين شركة النفط الفنزويلية وشركة شيفرون الأميركية، التي لم تعلّق شحنات النفط حتى الآن.
وتُمثّل شيفرون نحو ربع إنتاج النفط في فنزويلا في حزام أورينوكو، أي ما يقارب 130 ألف برميل يوميًا، وهو ما خفَّف نسبيًا الضغط على مناطق التخزين الغربية ذات السعة المحدودة.
وتذهب غالبية صادرات النفط في فنزويلا، نحو 80%، إلى الصين، التي أصبحت المستورد الرئيس للخام الفنزويلي في ظل انسحاب معظم المشترين التقليديين.
ودفع تشديد الملاحقة الأميركية للناقلات إلى تردُّد بعض العملاء الصينيين للوصول إلى سواحل فنزويلا، ودفع بي دي في إس إيه إلى التفاوض على حسومات سعرية وتعديلات تعاقدية، بينما طالبَ آخرون بإعادة شحناتهم إلى المواني.
وناقش مسؤولو الشركة الفنزويلية مؤخرًا إعلان حالة القوة القاهرة على بعض الصادرات، وهو خيار قانوني يتيح تعليق الالتزامات التعاقدية لأسباب خارجة عن السيطرة، إلّا أن الشركة فضّلت التراجع عنه مؤقتًا، تفاديًا لتداعيات قانونية وتجارية أوسع.
وتُمثّل فنزويلا نحو 1% من الإمدادات العالمية، ولا يشكّل التحول إلى التخزين العام للنفط مجرد أداة تشغيلية، بل يمكن عَدُّه سلاحًا سياسيًا واقتصاديًا في معركة الصمود أمام العقوبات.
موضوعات متعلقة..
- هل يرتفع إنتاج النفط في فنزويلا حال سقوط النظام؟.. مقارنة مع تجربة العراق
- صناعة النفط في فنزويلا.. هل تعيدها الانتخابات الرئاسية إلى المربع الأول؟
اقرأ أيضًا..
- استهداف حقول النفط والمصافي.. ماذا حدث لقطاع الطاقة في السودان خلال 2025؟
- 5 حقول غاز عربية تشهد أحداثًا مهمة في 2025
- قطاع الطاقة المتجددة في 2025.. عام التقدم البطيء وخفض التوقعات





