أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

إستراتيجية ترمب للأمن القومي والطاقة.. أنس الحجي يقدم قراءة نقدية

أحمد بدر

أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، طرح ملف الطاقة بوصفه ركيزة للأمن القومي الأميركي، مع التركيز على النفط والغاز والفحم والطاقة النووية، معتبرًا أن وفرة الطاقة الرخيصة عنصر حاسم لخلق وظائف وخفض التكاليف ودعم التفوق التكنولوجي.

وفي هذا السياق، يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الإستراتيجية الأميركية تعطي للطاقة دورًا يتجاوز الاقتصاد، لتصبح أداة مباشرة في السياسة الخارجية وبناء النفوذ، من خلال توسيع الصادرات وتعميق العلاقات مع الحلفاء.

وأشار الحجي إلى أن ترمب يربط بين الطاقة والذكاء الاصطناعي، معتبرًا أن السيطرة على مصادر الطاقة وسلاسل الإمداد شرط أساسي للحفاظ على الريادة في التقنيات المتقدمة، وهو خطاب يبدو جذابًا لكنه يحتاج إلى قراءة نقدية متعمّقة.

وأضاف أن الخطاب السياسي حول الطاقة يوحي بقطيعة مع سياسات سابقة، إلا أن جوهر الأفكار المطروحة لا يحمل جديدًا حقيقيًا، بل يعيد تدوير أطروحات قديمة مع تغيير في الاتجاهات والشعارات المستعملة.

جاءت تلك التصريحات في حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان: "الطاقة والذكاء الاصطناعي.. رؤية ترمب للهيمنة الأميركية على العالم".

إعادة توطين الطاقة بين الشعارات والواقع

أكد أنس الحجي أن ترمب يضع إعادة توطين سلاسل إمدادات الطاقة في صدارة الأولويات، بزعم أنها ستوفر وظائف بأجور جيدة وتخفض الكلف، غير أن هذا الطرح مأخوذ شبه حرفيًا من خطابات سابقة مع اختلاف زاوية التركيز.

وأوضح أن الفكرة نفسها استُعملت في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، لكن مع ربطها بسياسات تغير المناخ والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، في حين يُقلَب الخطاب اليوم ليُقدَّم على أنه نقيض أيديولوجيات المناخ لا امتداد لها.

الرئيس الأميركي السابق جو بايدن
الرئيس الأميركي السابق جو بايدن - الصورة من براتينيكا

ويرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة أن ترمب يهاجم أيديولوجيات الحياد الكربوني، لكنه يستعمل منطقًا مشابهًا في الترويج للوظائف والوفرة؛ ما يعكس أن الخلاف سياسي وشعاراتي أكثر منه اقتصادي أو تقني جوهري.

وأشار الحجي إلى أن النتائج العملية جاءت متشابهة؛ إذ فشلت الوعود السابقة في خفض أسعار الطاقة، في حين تشهد الأسواق اليوم ضغوطًا متصاعدة بالنسبة لهذه الأسعار، رغم اختلاف الخطاب بين الإدارات المتعاقبة.

وأضاف: "الطلب المتزايد على الكهرباء بسبب الذكاء الاصطناعي رفع أسعار الطاقة داخل الولايات المتحدة، خلال وقت يسعى فيه صانع القرار إلى خفض أسعار النفط؛ ما يقلص الاستثمارات ويهدد المعروض مستقبلًا".

وخلص الحجي إلى أن السوق تنظر إلى المستقبل لا إلى الشعارات، وتدرك أن السياسات المتناقضة تقود في النهاية إلى النتيجة نفسها، بغض النظر عمّن يقود البيت الأبيض.

الغاز المسال سلاح جيوسياسي

يرى أنس الحجي أن ترمب يتعامل مع الغاز المسال بوصفه أداة ضغط في السياسة الخارجية، تُستَعمل لإجبار دول على الشراء أو لعزل خصوم عبر العقوبات والحظر، وهو توظيف سياسي مباشر للطاقة.

ولفت إلى أن هذا النهج لا يختلف جوهريًا عما يُنتقد به الآخرون، إذ تُتهم منظمة أوبك باستعمال إنتاج دولها من النفط الخام للضغط، في حين تقوم واشنطن بالأمر نفسه عبر صادرات الغاز وسياسات الحظر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - الصورة من براتينيكا

وأوضح أنس الحجي أن ترمب يقدّم هذه السياسات على أنها دفاع عن الأمن القومي، لكنها في الواقع تُدخل الأسواق في حالة عدم يقين، وتربط استقرار الطاقة بقرارات سياسية متقلبة.

وأضاف أن توسيع صادرات الغاز المسال قد يعمّق العلاقات مع الحلفاء، لكنه في الوقت نفسه يخلق توترات ويزيد اعتماد بعض الدول على مصدر واحد؛ ما يهدد أمن الطاقة العالمي.

وحذّر الحجي من أن استعمال الطاقة سلاحًا ينعكس سلبًا على الاستثمارات طويلة الأجل؛ لأن الشركات تحتاج إلى استقرار تشريعي وسعري لا إلى قرارات مفاجئة مرتبطة بالصراع السياسي.

وأشار خبير اقتصادات الطاقة إلى أن ربط الطاقة بالسياسة الخارجية بهذا الشكل يجعل الأسواق أكثر هشاشة، ويقوض الادعاءات المتعلقة بالاستقرار والوفرة المستدامة.

الوظائف والأسعار وعودة المصانع

شدد أنس الحجي على أن ترمب يروّج لخلق وظائف ضخمة في قطاع الطاقة، لكن الأرقام الفعلية تشير إلى خسائر كبيرة في وظائف النفط والغاز والطاقة المتجددة منذ بداية ولايته الثانية.

وأوضح أن انخفاض أسعار البنزين لم يواكبه تحسن شامل؛ إذ ارتفعت أسعار الكهرباء بشكل لافت، ما أثّر مباشرة في المستهلكين والصناعة وأعاد تشكيل أولويات النقاش الانتخابي.

أسعار الكهرباء في أميركا

واستحضر الدكتور أنس الحجي موقفًا سابقًا له عام 2017، حين توقع ساخرًا أن تتحول الحملات الانتخابية من الحديث عن البنزين إلى الكهرباء، وهو ما يتحقق اليوم مع تصاعد الجدل حول فواتير الطاقة.

وبحسب الحجي؛ فإن ترمب يكرر وعود عودة المصانع إلى الولايات المتحدة، غير أن الواقع يظهر عكس ذلك، إذ لم تعد المصانع، وواجهت الصناعات القائمة ضغوطًا متزايدة بسبب الرسوم الجمركية.

وفي إشارة إلى رسوم ترمب الجمركية، أشار الحجي إلى أن التعرفات على الفولاذ والألومنيوم رفعت تكاليف مشروعات النفط والغاز والغاز المسال والطاقة النووية والمتجددة، ما قوّض تنافسية الصناعة بدلًا من دعمها.

واختتم الحجي تصريحاته بالقول إن الخطاب حول الطاقة والأمن القومي مليء بالشعارات، في حين تكشف الأرقام والوقائع عن أن النتائج جاءت معاكسة، ما يستدعي قراءة نقدية بعيدًا عن الاصطفاف السياسي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق