وحدات تخزين الكهرباء بالبطاريات تشهد انتشارًا واسعًا في أوروبا (تقرير)
نوار صبح
- وحدات تخزين الكهرباء بالبطاريات الـ88 تكفي لتزويد نحو 1000 منزل بالكهرباء لنصف يوم
- تخزين الكهرباء بالبطاريات يُساعد في منع هدر الطاقة وتقليل التكاليف خلال تقلبات الطلب
- هدف الطاقة النظيفة لدى الاتحاد الأوروبي يتطلب زيادة سعة تخزين الكهرباء بالبطاريات 10 أضعاف
- توقعات بوصول سعة تخزين الكهرباء بالبطاريات إلى 120 غيغاواط/ساعة فقط بحلول عام 2029
تُواصل وحدات تخزين الكهرباء بالبطاريات الانتشار في جميع أنحاء أوروبا، بهدف إزالة الكربون من القطاع والوصول إلى الطاقة النظيفة اعتمادًا على تقنيات حديثة ومتطورة.
وتعكس صفوف الحاويات ذات الألوان الموحّدة تُحيط بمزرعة شمسية جديدةٍ في بلدة زيربست، شرق ألمانيا، التطور السريع لنظام الكهرباء في أوروبا، بحسب تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وقد بدأت وحدات تخزين الكهرباء بالبطاريات، التي يُنظَر إليها بأنها الحل الأمثل للطاقة، بالانتشار في جميع أنحاء القارة، إلّا أن الحاجة إليها الدقيقة ما تزال غير واضحة.
ويبلغ ارتفاع كل وحدةٍ من الوحدات الـ88، 2.4 مترًا، وطولها 8 أمتار، بسعة 16 ميغاواط وسعة تخزين 57 ميغاواط/ساعة، تكفي لتزويد نحو 1000 منزل بالكهرباء لنصف يوم، بهدف معالجة مشكلة انقطاع الطاقة المتجددة.
الاستثمار في تخزين الكهرباء بالبطاريات
شهد الاستثمار في تخزين الكهرباء بالبطاريات في الاتحاد الأوروبي طفرةً كبيرة، مدفوعًا بالتوجُّه نحو ضمان أن تُشكّل مصادر الطاقة المتجددة ما لا يقل عن 42.5% من مزيج الطاقة بحلول عام 2030، سعيًا لتحقيق إزالة الكربون الكاملة من قطاع الكهرباء.
ويُساعد تخزين الكهرباء بالبطاريات في منع هدر الطاقة وتقليل التكاليف خلال تقلّبات الطلب.
ويتطلب هدف الطاقة النظيفة لدى الاتحاد الأوروبي زيادة سعة تخزين الكهرباء بالبطاريات 10 أضعاف، من 60 غيغاواط/ساعة حاليًا إلى 500-780 غيغاواط/ساعة بحلول عام 2030، وفقًا لمنصة تخزين البطاريات الأوروبية، وهي مبادرة تابعة لرابطة سولار باور يوروب (SolarPower Europe).
بدورهم، يُحذّر مُؤيدو الطاقة الشمسية من أنه من دون هذا التوسع، "يُخاطر الاتحاد الأوروبي بعدم تحقيق أهدافه في مجال الطاقة المتجددة لعام 2030".
ويتوقعون أن تصل سعة تخزين الكهرباء بالبطاريات إلى 120 غيغاواط/ساعة فقط بحلول عام 2029.
وتُعدّ ألمانيا أكبر مُنتج لكهرباء طاقة الرياح والطاقة الشمسية في الاتحاد الأوروبي من حيث السعة.

رغم ذلك، تبرز مخاوف بشأن مستقبل البطاريات، لا علاقة لها باللافتات المصنوعة يدويًا على الطريق المؤدية إلى بلدة زيربست التي تدعو إلى إنشاء حدائق طبيعية بدلًا من مجمعات الطاقة المتجددة.
وما يزال غياب أهداف واضحة لتخزين الكهرباء على المستويين الوطني والأوروبي يشكّل العائق الرئيس، وفقًا لما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويؤكد المعنيّون في هذا القطاع ضرورة الضغط العاجل من أجل تخطيط منسق، وإيرادات استثمارية متوقعة، وإدارة فعّالة للتكاليف، لضمان مواكبة نشر تقنيات تخزين الكهرباء بالبطاريات لطموحات أوروبا في مجال الطاقة المتجددة، دون المساس بالتقدُّم المحرَز.
وقال المدير الإداري لشركة إيكو ستور (Eco Stor) في ألمانيا، جورج غالمتزر، حيث تسعى الشركة إلى إنشاء 30 موقعًا بسعة تخزين تبلغ 10 غيغاواط/ساعة بحلول عام 2030، مقارنةً بنحو 350 ميغاواط/ساعة في 8 مواقع حاليًا: "لا يوجد نقص في حوافز الاستثمار، بل نقص في التخطيط الجيد، وأفضل الممارسات".
مستثمرو البطاريات في ألمانيا
حذَّر المدير الإداري لشركة إيكو ستور في ألمانيا، جورج غالميتزر، من أن العديد من مستثمري البطاريات في ألمانيا قد يصابون بخيبة أمل، إذ قد لا تتجاوز احتياجات البلاد الفعلية 80-240 غيغاواط/ساعة.
وقال، إن تطبيقات الربط بالشبكة تتجاوز الطلب بكثير، ربما بـ20 ضعفًا، لذا لن تجد جميع المشروعات سوقًا لها.
ويخشى أن تكون المشكلة قارّية، مشيرًا إلى أن هدف رابطة "سولار باور يوروي" البالغ 780 غيغاواط/ساعة هو رقم طموح سياسيًا قد يتجاوز الاحتياجات الفعلية للمنطقة بسبب ضعف الحواجز التنظيمية.
وتضيف كبيرة المستشارين لدى شركة "إنرفيس" (Enervis)، زينيا ريتزكوفسكي، أن أحد أهم معوقات العديد من مشروعات البطاريات هو نقص محطات الربط بالشبكة المتاحة، وقد تجد الشركات التي لم تُبرَم بعد مشروعات ربط بالشبكة نفسها مستبعدة.
وتشير ريتزكوفسكي إلى أن احتمال فرض رسوم على الشبكة لأنظمة تخزين الكهرباء بالبطاريات -حتى لو كانت رسومًا متغيرة- يمثّل مصدر قلق إضافيًا، لأنها تزيد التكاليف أساسًا.
وتقول: "لن يستمر الوضع على هذا النحو، أي إن تخزين الكهرباء بالبطاريات معفى تمامًا من رسوم الشبكة".
ارتفعت تكاليف موازنة الشبكة بسبب زيادة القدرة المتجددة، حيث تتأرجح أسعار الكهرباء خلال اليوم في بعض الأحيان بمئات -أو آلاف- اليوروهات لكل ميغاواط/ساعة، استجابةً لتقلّبات توليد الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية.
تحديد الأهداف
على الرغم من وجود العديد من أهداف الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالانبعاثات والطاقة المتجددة، إلّا أن تخزين الكهرباء بالبطاريات يفتقر إلى هدف محدد للتركيب.
ويؤكد قادة القطاع وصنّاع السياسات والدول الأعضاء ضرورة إعطاء الأولوية لوضع أهداف واضحة ومنسّقة لتخزين الكهرباء بالبطاريات لتسريع وتيرة التقدم.
حاليًا، 7 دول فقط هي التي وضعت أهدافًا مستقلة: كرواتيا، والمجر، وأيرلندا، وليتوانيا، والبرتغال، ورومانيا، وإسبانيا.
يقول المدير التنفيذي لرابطة الشراكة الأوروبية للبطاريات (Batteries European Partnership Association): "منذ عام 2018، بوزورغ خانباي، لم تصدر المفوضية الأوروبية خطة إستراتيجية مخصصة للبطاريات".
ويضيف أن هناك العديد من "القوانين والحوافز" التي تشكّل مجتمعةً خطة عامة أو رؤية مستقبلية للقطاع.
ووفقًا لرئيس قسم السياسات لدى رابطة تخزين الكهرباء في أوروبا (Energy Storage Europe)، جاكوبو توسوني، من المتوقع أن تضع الدول الأعضاء أهدافًا غير ملزِمة لتخزين الكهرباء بالبطاريات في غضون عام، مع احتمال أن تضع المفوضية الأوروبية هدفًا على مستوى الاتحاد بحلول عام 2027.
ويقول توسوني: "نعلم أننا سنشهد خلال الأشهر الـ12المقبلة أهدافًا وطنية إلزامية"، وتتوقع رابطة تخزين الكهرباء في أوروبا أن يتجاوز حجم تخزين الكهرباء بالبطاريات 350 غيغاواط/ساعة بحلول نهاية هذا العقد، ويضيف: "مهما كان نوع النظام الذي سنركِّبه، فسنحتاج إليه".
ويشير خانباي إلى نمو سنوي بنسبة 60% في مجال تخزين الكهرباء بالبطاريات في أوروبا. وتتركّز الشركات الأكثر نشاطًا في هذا المجال في ألمانيا وإسبانيا وبريطانيا، ويؤكد ضرورة تكيُّف أنظمة الكهرباء مع تزايد تركيب البطاريات، الأمر الذي سيتطلب تغييرات في الشبكة الكهربائية والقوانين ونماذج الأعمال.

الوصول إلى الشبكة
يقول العاملون في السوق -خصوصًا مطورو المشروعات والمستثمرون-: إنهم لا يرون حاليًا سوى طلب متزايد على النمو، بغضّ النظر عن الموقع، وعندما سُئل غالمتزر، من شركة إيكو ستور، عمّا يبحث عنه عند تقييم المشروعات الجديدة، أجاب: "أكبر منفذ ممكن في شبكة النقل".
ويقول المدير الإداري لشركة إيكو ستور (Eco Stor) في ألمانيا، جورج غالمتزر وغيره، إن مشكلة الوصول إلى الشبكة ليست تقنية، بل بيروقراطية. فبعض الدول، مثل ألمانيا، تستعمل نظام "الأسبقية في التقديم" لتقييم طلبات ربط البطاريات بالشبكة.
ويمكن لهذا النظام أن يضع مشروعًا مكتملًا خلف العديد من المقترحات التي تفتقر إلى التمويل أو التخطيط، ناهيك عن المشروعات قيد الإنشاء.
وأشار كريستوف مولر، من شركة أمبريون لتشغيل نظام النقل (TSO Amprion)، إلى انخفاض في معدلات تقديم الطلبات بنحو 65% بعد فرض رسوم قدرها 50 ألف يورو (58748.25 دولارًا).
وتوقَّع نائب رئيس قسم طاقة الرياح والطاقة الشمسية والتخزين لدى شركة ستاتكرافت الألمانية (Statkraft)، كلاوس أوربانك، نموًا "واسعًا، ولكنه ثابت" لقطاع تخزين الكهرباء بالبطاريات.
وقال: "سنشهد الكثير من مشروعات البطاريات في السنوات المقبلة"، مشيرًا إلى أن الطلب على تخزين الكهرباء "متشابه إلى حدّ كبير في كل مكان".
وفورات الحجم
تُعدّ مدة تخزين الكهرباء إحدى المشكلات الرئيسة المتعلقة بالوصول إلى الشبكة الكهربائية، إذ لا تُوفّر معظم البطاريات الطاقة إلّا لبضع ساعات فقط.
نتيجة لتقدّم التكنولوجيا، قد يُصبح التخزين طويل الأمد ممكنًا، لكنّ العوائق المالية ما تزال قائمة.
وقال المحلل لدى شركة "هرتز 50" (50Hertz) الألمانية لتشغيل أنظمة نقل الكهرباء، ماتيس برينكهاوس: "في الوقت الحالي، لا يوجد حافز سوقي أو تنظيمي للاستثمار في أنظمة التخزين طويلة الأمد هذه".
وأوضح أن "ذلك يعود إلى أنه لن يكون من الواضح أبدًا متى ستُستعمَل الكهرباء المُخزّنة على المدى الطويل، مما يُولّد خطر إنفاق مبالغ طائلة لتخزين الكهرباء دون تحقيق ربح واضح".
وأضاف: "إذا لم أكن متأكدًا من إمكان تحقيق ربح، فلن أستثمر أيّ أموال في هذا المشروع".
من جهته، أشار ممثل عن ستاتكرافت إلى مدونة استثمارية تُشير إلى سعر يبلغ نحو 600 ألف يورو(704979 دولارًا)/ميغاواط لتخزين الكهرباء بالبطاريات، بما في ذلك التركيب والتخطيط والمواد. وقد يتطلّب هذا إعادة النظر في جدوى إضافة المزيد من البطاريات إلى المشروع.
موازنة الشبكة
إلى جانب تخزين الكهرباء بالبطاريات، يستعمل العديد من مشغّلي شبكات الكهرباء الأوروبية آليات الاستجابة للطلب للمساعدة في موازنة الشبكة.
وعادةً ما توفّر هذه الآليات حوافز مالية للمستهلكين النهائيين لتعديل استهلاكهم للكهرباء أو تشغيل مولد كهربائي في مواقعهم عند الحاجة.
في بعض الأيام، عندما يكون إنتاج الطاقة المتجددة وفيرًا في جميع أنحاء أوروبا خلال فترات انخفاض الطلب، قد يلجأ مشغّلو أنظمة النقل إلى خفض الإنتاج للمساعدة في موازنة الشبكة.
خلال هذه الفترات، قد يخفض بعض منتجي الكهرباء الإنتاجَ لتجنُّب تكبُّد خسائر في حال انخفاض أسعار الكهرباء إلى ما دون الصفر.
وغالبًا ما تؤثّر هذه الإجراءات، إلى جانب آليات الاستجابة للطلب، بقرار الاستثمار في تخزين الكهرباء بالبطاريات.
وتشير نينا خارلاموفا، التي كانت تعمل سابقًا في مجموعة تحويل الكهرباء إلى منتجات وتخزينها في جامعة الدنمارك التقنية، إلى مثال مفاده أن "تجميع عدد كافٍ من البطاريات لتوفير أمن الطاقة لمصنع سيارات قد يكون مكلفًا للغاية لدرجة أنه "ربما يكون إيقاف الإنتاج أقل تكلفة من دفع ثمن البطاريات".
موضوعات متعلقة..
- مخاطر نشر محطات تخزين الكهرباء بالبطاريات في ساحات المنازل وبجوار محطات الوقود (تقرير)
- إيرادات تخزين الكهرباء بالبطاريات في ألمانيا تنمو بقوة خلال صيف 2025 (تقرير)
- قطاع تخزين الكهرباء بالبطاريات في بريطانيا يواجه تحديات (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- نشاط ملحوظ بسوق ناقلات النفط في 2025.. ودولة عربية ضمن أكبر المشترين
- فائض قدرة إنتاج الكهرباء في مصر يقترب من 20 ألف ميغاواط
- لماذا تحتاج السعودية إلى الطاقة النووية رغم توافر النفط والغاز؟ أنس الحجي يجيب
المصدر:





